مواصلاتنا .. عدادات التاكسي غائبة .. وتسعيرات “السرافيس” على مزاج السائق
كانت بعض وسائل النقل مخصصة لذوي الدخل المحدود ليتقوا شر عداد سيارات التاكسي، إلا أن هذه الوسائل لم تعد متاحة إلى بعض المناطق، خاصة ريف دمشق، فسيارات التاكسي قاطعها معظم المواطنين قسراً لارتفاع أجرتها، ليجدوا أنفسهم اليوم مضطرين لدفع أجرة كبيرة جداً ليستخدموا “السرفيس”، ولم تعد “الفراطة” ذات قيمة عند استخدامهم له، حيث إن قطع عدة طرق رئيسية إلى مناطق ريف دمشق نظراً لتوتر تلك المناطق، دفع السائقين إلى استخدام طرق جانبية تمر في البساتين، وطرق غير صالحة للاستخدام، وبالتالي سمح لهم بالتحكم الكامل في الأجرة، حيث لم تعد أجرة 50 ليرة التي كان يدفعها المواطنون ليصلوا من دمشق إلى بعض مناطق الريف كافية، حيث قام السائقون برفعها من تلقاء أنفسهم حتى 150 ليرة، نظراً لتغيير الطريق على حد قولهم، ومن لم يرغب في الدفع من سكان ريف دمشق، فعليه أن يبقى في دمشق أو أن يطير قاصداً بيته، لأن سائقي وسائل النقل لن يتنازلوا عن ليرة واحدة من التعرفة الجديدة، مستغلين بذلك قطع الطرقات الرئيسية وحاجة المواطنين الماسة للذهاب إلى دمشق والعودة منها.
وكذلك الأمر بالنسبة إلى سيارات الأجرة “التاكسي”، حيث إن التعديل الذي أجرته الجهات الرسمية لم ينفع في إنقاذ المواطنين من الاستغلال، وبالرغم من أن العدادات تم تعديلها، بحيث يدفع المواطن ضعف ما يظهر على شاشتها، إلا أن ذلك لم يكن عذراً كافياً للمواطن، حتى لا يدفع كل ما في جيبه من نقود؛ فأغلب سيارات التاكسي لا تعترف بعداداتها ولا تشغلها.
4 وسائل نقل للوصول
مواصلات منطقة جرمانا من باصات وسيارات أجرة، أصبحت أسعارها خمس نجوم، فمن لم يشأ أن يدفع 500 ليرة ليصل من جرمانا إلى ساحة الأمويين، سيتوجب عليه أن يستقل 4 باصات، من جرمانا حتى باب توما ومن ثم باب توما-البرامكة ومن البرامكة يستقل أحد الباصات الواصلة إلى منطقة السومرية، إن كان يرغب في أن يقصد منطقة المزة أو السومرية أو دوار المواساة.
البساتين طريقاً ..
وبالنسبة إلى الباصات الواصلة إلى قطنا والجديدة، فإن التسعيرة الثابتة لها هي 150 ليرة، إلا أنها قابلة للزيادة متى شاء السائق، لأن السائقين لا يستخدمون اليوم الطرق الأساسية المقطوعة لأسباب أمنية، وإنما يستخدمون طرقاً جانبية تمر في صحنايا ومن ثم عدة بساتين قبل أن تعود إلى قطنا، لتصل أخيراً إلى وجهتها في منطقة جديدة عرطوز والفضل، وبالتالي ليس هناك من يحاسبهم، في حين إن الأمر بات غير مقبول لا مادياً ولا جسدياً، فبعد أن كان المواطنون يصلون إلى منطقة الجديدة وقطنا بظرف 40 إلى 50 دقيقة، بات الحد الأدنى للوقت الذي يمضونه على الطريق لا يقل عن ثلاث ساعات.
أما طريق ضاحية حرستا، الذي بات يستغرق تقريباً نفس الوقت، حيث يمضي الركاب وقتاً لا يقل عن ساعتين إلى ثلاث ساعات للوصول إلى الضاحية، الأمر الذي جعل استخدام سيارات التاكسي أمراً غير وارد بالنسبة إلى المواطنين إلا ما ندر.
المبيت عند الأقارب اختصاراً للعناء
مصطفى سليمان أحد العاملين في قطنا، يقول: لم أعد أقصد دمشق إلا للأمور الضرورية، وعندها أضطر للمبيت عند أحد أقاربي، لأنني ما عدت أحتمل الوقت الذي أمضيه في الطريق من قطنا إلى دمشق وبالعكس، وكثيراً ما كنت أضطر للاستعجال بكل ما أقوم به لألحق بالباصات قبل أن تتوقف عن التحرك بين دمشق وقطنا، ولهذا اختصرت الجهد والعناء، وبت أنام عند أخي في مدينة دمشق، وفي الصباح التالي أتوجه إلى قطنا.
مناوبات على العمل
من جهتها تقول “أم مجد “موظفة في مديرية مالية دمشق، إن أجرة النقل للباصات أصبحت غير معقولة، لهذا أضطر لأن أختصر الأيام التي أقصد بها العمل، واتفقت مع زميلتي في العمل على التناوب، لنداوم في الأيام المعاكسة لبعضنا، حيث تقوم هي بعملها وعملي معاً عندما أتغيب، وأنا أقوم بالمثل، وإن لم نفعل ذلك، فإن الراتب الشهري لن يكفينا حتى نهاية نصف الشهر أجور مواصلات فقط، لأن الأجرة إلى منطقة الجديدة أصبحت 150 ليرة وأضطر إلى دفعها ذهاباً وإياباً أي 300 ليرة يومياً دون أن أشتري أي شيء من حاجيات المنزل والعائلة، و مبلغ 300 ليرة يومياً لقاء ركوب الباص غير منطقي على الإطلاق.
لست مالكاً للباص
في حين قال سامر الآغا الذي يعمل سائقاً على أحد باصات النقل الواصلة إلى قطنا: أنا لست مالكاً للباص وإنما استثمره فقط، وهذا يعني أنني مرغم على دفع مبلغ مقطوع أسبوعياً لمالك الباص، سواء حصّلت هذا المبلغ أم لم أحصّله، هو لا علاقة له بالأمر، ولهذا يقع على عاتقي مهمة أن أحصّل الأجرة الأسبوعية للباص، وأن أحصل على هامش ربح ليكون المصروف الذي أعيل أسرتي به.
أجرة الباص قبل تأمين طعام الأسرة
واشتكى سامر قائلاً: يشتكي الناس من سائقي الباصات وكأنهم المسؤولون عن ارتفاع الأسعار، ولا يخطر في بال أحد الجهد الشاق الذي نبذله لنحصّل لقمة العيش، فأنا يترتب علي تأمين أجرة الباص لمالكه قبل أن أفكر حتى ماذا سأطعم أسرتي، متناسين أن الوقود قد تضاعفت أسعاره بشكل لا يصدق والأعطال التي تحدث في الباص هي من مسؤوليتي أحياناً، وهذا كله يستدعي إنفاق الكثير من المال، ناهيك عن الطرقات التي بتنا نضطر لاستخدامها، بعد أن قُطع الكثير من الطرقات الرئيسية، ما يعني صرفاً زائداً للوقود، وأعطالاً أكثر جراء استخدام الطرقات غير المعبدة التي نضطر أحياناً للمرور فيها حتى نصل إلى المنطقة التي نعمل على خطها.
عبور المناطق الخطرة يستحق التعويض
مصدر مطلع على شؤون وزارة النقل، أكد أن الأجرة التي يتقاضاها سائقو الباصات وسيارات الأجرة هي غير قانونية، إلا أنه لو نظرنا إلى الأمر بشكل منطقي، لوجدنا أن هؤلاء السائقين يعبرون المناطق الخطرة يومياً، ما يزيد نسبة إصابتهم بشكل كبير، وأحياناً يسلكون طرقاً طويلة جداً ليلتفوا حول المناطق المقطوعة ويصلوا إلى المناطق المحددة، ما يؤدي إلى استهلاك مضاعف للوقود، وهذا يستدعي أن تتضاعف أجرة النقل من 50 إلى 80 ليرة، وفي رأيهم مخاطرتهم هذه تستحق التعويض، وحسبما قال بعض السائقين، فإن مخاطرتهم هذه في سبيل أن تبقى الحركة المرورية وألا تتوقف، تستحق التعويض المادي من الركاب؛ فلولا استمرارهم في العمل لما استطاع أهالي المناطق المقطوعة من الوصول إلى أعمالهم.
وتبقى الأزمة هي المسبب الرئيس لكل الإجراءات غير المنطقية، وإذا نظرنا إلى الموضوع بشكل حيادي، وجدنا أن الظالم ليس السائق أو الراكب، وإنما كلاهما ضحية أحداث حاولت جاهدة أن تعطل الحياة اليومية في سورية، إلا أن إصرار السوريين من موظفين وسائقين وعاملين على الخروج يومياً إلى أعمالهم، هو ما هزم الركود الذي يسعى الفاسدون والمتلاعبون إلى إحلاله في سورية عبر زيادة الضغط على الشعب السوري بكل فئاته، ولكن كما العادة، يبقى الشعب السوري يتفنن في إيجاد المخرج من كل الأزمات.
سيريان تلغراف | كمالا جلال خيربك – بلدنا