الأنامل الناعمة تعزف لحن الموت فوق جسد المواطن السوري .. بقلم دنيز نجم
شعوب العالم كله تحلم بالمستقبل إلا الشعب السوري يحلم بعودة الماضي من كثر ما عاناه في هذه الحرب الدموية باسم الحرية والديمقراطية.
الموت لم يعد قدر في سورية بل أصبح حكم لأنه كالشبح يلاحق السوريين في كل مكان فمن ينجو من الإنفجار تلاحقه القذائف و إن لم تنل منه في الشوارع ستنال منه و هو في وسط منزله و إن لم يمت من الجوع فسوف يموت من الأمراض التي يعاني منها جراء هذه الحرب اللعينة القاسية التي لم يشهدها التاريخ من قبل فعلى الرغم من أنها حرب كونية إلا أنها لم تكن سوى حرب قتال شوارع من محترفي الإرهاب و الإجرام .في العالم الذين قدموا من جميع البلاد ليعيثوا خراباً و دماراً على أرضها و في ظل الفوضى و غياب الرقابة استغل تجار الموت هذه الأزمة ليضاعفوا من ثرواتهم و تاجروا بكل شيء حتى بالمواطن نفسه فقتلوا الشعب السوري الفقير مرتين.
سورية تعاني من حرب كونية و من الطبيعي جداً أن تسوء حالة الشعب الصحية من الظروف الصعبة المحيطة بهم و الضغوط الخارجة عن إرادتهم و لكن الغير طبيعي في الأمر هو أن يستنزف الأطباء المواطن السوري مادياً ليتاجروا بأغلى ما يملكه و هو صحته.
و قد ارتفعت رسوم العيادات الخاصة و أسعار الخدمات بالمستشفيات الخاصة بشكل جنوني فاق الخيال ليستنزفوا كل ما يملكه المريض وأهله و هذا كله لا يقارن بالجرائم اللاإنسانية و اللاأخلاقية التي يتبعها أصحاب هذه المستشفيات بحق الجرحى و المصابين الذين نجوا من حادث ما ليموتوا على أبواب مشافيهم من قلة الضمير و الوجدان و على سبيل المثال في العاصمة دمشق سجل مشفى هشام سنان الرقم القياسي في تجارة أرواح الأبرياء لأن الأطباء العاملين فيها لا يعترفون بأن مهنة الطب هي مهنة إنسانية قبل شيء فقانونهم هو إما الدفع أو الموت و على عكس ذلك سجلت مشفى الفرنسي في دمشق بصمتها في قلب كل من توجه إليها بحالة خطر.
المشافي الحكومية قدمت و لا تزال تقدم ما بوسعها للشعب السوري من خدمات مجانية و لكن في ظل هذه الحرب و الحصار الشامل على سورية أصبح هناك نقص كبير في الأدوية هذا عدا الكثيرين من الأطباء الذين هاجروا إلى الخارج أو إلى دول الخليج بعقود عمل و من بقي في الداخل يمارس مهنته إما في المشافي الحكومية أو في مستشفياتهم و عياداتهم الخاصة ليجمعوا ثرواتهم فوق أجساد أبناء شعبهم و لا ننسى أيضاً أن هناك بعض المشافي التي تعرضت للعمليات الإرهابية كمشفى الكندي و المشافي التي سيطر عليها المجرمون القتلة.
ما يتعرض له المواطن السوري من عمليات إجرامية ربما هو قضاء و قدر و لكن ما يرتكبه أصحاب العيادات و المشافي الخاصة بهم هو حكم محتم عليهم بالموت فقاتل الجسد محكوم عليه و قاتل الروح لا أحد يدري به و مهنة الطب لم تكن في يوماً من الأيام كغيرها من المهن لأنها مهنة إنسانية أخلاقية بالدرجة الأولى و لكن هناك من باعوا ذممهم للشيطان و تحكموا بحياة البشر لأنه لا يوجد رقيب و لا حسيب في ظل الفوضى و الحرب و اعتبروا أن هذه المشافي هي من ممتلكاتهم الخاصة و لهم كامل الحق في اتخاذ أي قرار يتناسب مع مصالحهم الشخصية و لكن مشافيهم موجودة على أرض سورية الجريحة و من أوليات واجباتهم استقبال الجرحى و المصابين و لكنهم للأسف أغلقوا أبواب الأمل في وجه كل فقير و مغلوب على أمره.
لذلك نطالب سيادة الرئيس الدكتور بشار الأسد بفرض أقصى العقوبات على كل من امتلك مركز صحي و رفض استقبال الجرحى و المصابين و تسبب بموتهم تحويل هذه المراكز الطبية لمشافي حكومية تابعة للجيش العربي السوري لأنهم قدموا أرواحهم في سبيل الوطن و هناك عدد كبير من الجرحى و المصابين من أفراد هذا الجيش بحاجة ماسّة إلى العلاج.
إن لم يوضع حد لهذه الكارثة فسوف ينتفض الشعب في الداخل من جديد ليدمر سورية بكل ما فيها لأنه ضاق ذرعاً من الحرب و من الفساد المتراكم لسنين طويلة و هذه المشافي تم بناؤها لتقديم العلاج للمرضى و ليس لنهبهم و سرقتهم أو لسرقة أعضائهم فالباطن أعظم مما ظهر للعلن من أساليبهم الوحشية التي يرتكبونها بحق المواطن.
الشعب السوري صمد صمود الأنبياء في هذه الحرب و ربما سيصبر حتى يقضي الجيش العقائدي السوري على آخر مسلح إرهابي دنس أرض سورية الطاهرة و لكنه لن يصبر على من يقتله كل يوم و هو يمتص دمائهم الأبية و مهما علا شأن هؤلاء الأطباء يجب أن يخضعوا للقانون فمن يعطي الحق لنفسه بأن يقتل النفس البشرية فهو لا يفرق كثيراً عن المجرمين القتلة لأن كلاهما تلطخت أيديهم بدماء الأبرياء و إن كان الوطن فوق الجميع فسورية فوق الكون و صوت الحق يعلو و لا يعلى عليه و .إن لم تطالهم يد العدالة فيد الجبار لهم بالمرصاد لأنه يمهل و لكنه أبداً لا يهمل …. و كما تدين تدان.
سيريان تلغراف | دنيز نجم
(المقالة تعبر عن رأي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)