حين يفيض الوطن بالضفادع .. تصير سورية مستنقع كلّ مشتهي ..؟؟ .. بقلم بلال فوراني
في الفترة الاخيرة لاحظ الكثير من متابعين حرفي السياسي أني ما عدت أكتب مقالات طويلة , ولا عدت أعلق على الاحداث الجارية على ساحة الأرض السورية , والحقيقة في الأمر أني رأيت الكثير من الاسهال السياسي والتخبط الاعلامي الذي جعل الكثير من ضفادع الأزمة يطفحون على سطحها , فتحول بعضهم الى محللين سياسين والبعض الآخر الى ( وطنجية ) بعدما كانو من فئة النأيّ بالنفس . وهذا الفيضان الإعلامي الذي أقرأه كل يوم من أشخاص لا يعرفون رأسهم من قدمهم , جعل الأزمة السورية مسرح سخيف ورخيص لكل من يشتهي العزف على أوتار الوطن , وكأن أصابعهم قبل ثلاث سنوات كانت معصومة عن الكتابة لأجل الوطن , واليوم استفاقت أصابعهم من الكهف الذي كانوا مختبئين فيه مثل الفئران .
وقد تابعت في الفترة الأخيرة الكثير من الأقلام التي كانت وما زالت أقلام فولاذية في وجه الغدر الذي يحوم حول سوريا , وهؤلاء الذين لم يحيدوا يوماً عن موقفهم الثابت في الدفاع عن البلد وشعب البلد وقائد البلد , رغم وجبات السخافة التي نتناولها من بعض السوريين الذين يظنون أن البلد بلد أمهم , وعلى هذا الأساس يتعاطون معنا وكأننا أبناء زوجة الأب الغير شرعي , وهؤلاء هم أنفسهم من كانوا يطبلون ويزمرون لرموز اعلامية وفي لحظة انقلبوا عليهم مثل الكلاب السعرانة .وهم أنفسهم من كانو يمجّدون الأشخاص ثم حقدوا عليهم وباعوهم في سوق التخوين . وهو الأمر الذي أثبت أن السوريين من أشطر الشعوب العربية حين يتعلق الأمر بالتجارة في سوق النخاسة الوطنية .
إن المشكلة الأساسية في التعاطي مع الأزمة السورية , كانت وما زالت في العقول التي تمارس إجهاض فكري متعصبّ ضد كل من لا يعجبهم كلامه أو رأيه , حتى لو كان هذا الشخص يملك تاريخ يشهدّ عليه أنه كان من أولّ الناس التي جندّت قلمها ضد المؤامرة التي تجري في سوريا , ولكن كل هذا التاريخ سيمسحونه بمؤخراتهم لأجل رأي لم يعجبهم أو قولة حقّ لم تروق لنفاقهم , وشاهد العيان ترونه بالانقلابات الخطيرة على بعض الكتّاب أو المحللين السياسيين أو حتى الرموز الاعلامية ووصل الأمر الى بعض القنوات التي لولاها لكنا خسرنا نصف المعركة الإعلامية , وهو ما يثبت يوماً بعد يوم أن الكثير من العقول السورية ( الوطنجية ) صارت مثل الكلاب السعرانة التي تعض اليد التي تمتدّ لها بالخير .
وحفاظاً مني على يدي التي أكلوا نصف أصابعها , احتفظت بالبقية المتبقية كي أكتب ما يروق لي بعيداً عن موائد الشيطان الذي صارت تقام على شرفه , واكتفيت بالمراقبة والمتابعة لمسلسل السخافات والخيانات وبيع صكوك الوطنية , ولا أنكر أني أضحك كثيرا من الأعماق حين أرى الضفادع تنقّ على سطح الأزمة السورية وهم يعتقدون أنفسهم عصافير الجنة , ولا أخفي عليكم أني كثيراً ماشعرت بالشفقة على أولئك الذي يظنون أنفسهم أبطال المواجهة في حين كانوا بالأمس مجرد قطيع يأكل فتات الخبز الذي كنا نرميه في الطرقات الاعلامية .
واليوم أكتب تقديراً لأولئك الذي يفتقدوني ويفتقدون حرفي اللاذع, وإطلالتي هذه ما هي سوى تحية لتلك العقول التي ما زالت تحافظ على مكانها الجغرافي الطبيعي فوق الرأس , ولا أعلم متى أعود الى محراب المقالات الطويلة , خاصة أن الصلوات فيه صارت لكل من يتوضأ بالوطنية المتأخرة عن موعد آذانها . ويكفيني اليوم أن أشاهد فقط ما يحدث دون أن أغمس نفسي في التعليق على ما يحدث , لأني أؤمن أن البوصلة الحقيقية هي فلسطين والمنارة هي سورية , وأن الرصاصة الوحيدة التي يجب اطلاقها هي الرصاصة التي تعفنتّ في جيوب العرب الخونة , وأن الدين الاسلامي في خطر طالما صار النحر والذبح هو الشرع الوحيد الذي يفهمونه كي يقيموا دولة التخلف والجهل .
\
/
على حافة الوطن
ليس بالضرورة أن تكون سورياً كي تدافع عن سورية فأكثر من دافع عن سوريا هم أولئك الذين لا يملكون هوية سورية لكن كانت عقولهم وقلوبهم وأقلامهم ومواقفهم بالحدّ الأدنى أشرفّ بكثير من أبناء سورية الذين باعوا شرفهم لأجل ثورة الحرية
سيريان تلغراف | بلال فوراني
(المقالة تعبر عن رأي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)