السعودية ورياح التغير .. هل نحن على أبواب المملكة الثانية؟ .. بقلم محمد الخليفة
لا يختلف اثنان أن أبرز ما يميز التطورات السياسية في السعودية هو السهولة النسبية في الوقوف خلف الدوافع وموجبات أي حدث طارئ أو قرارات جديدة
جملة من التطورات الجدية التي يمكن أن توصف بغير الاعتيادية تناوبت على الظهور في الأشهر القلية الماضية داخل أروقة البلاط السعودي ما يؤشر بأنها مقدمات تمهيدية لحدث أبرز يفسر ما قبله..
ربما يكون القرار الملكي الذي اقر بموجبه تعين الأمير مقرن بن عبد العزيز ولياً لولي العهد وملكاً بغياب الاثنين قراراً احترازياً في ظل تدهور صحة الملك السعودي ورحلة علاج ولي عهده التي لا يبدو أنها تنتهي قريباُ, ولكن ما حدث في الأمس بإعفاء الأمير بندر من رئاسة الاستخبارات لا يمكن تفسيره كما سرى بين الأوساط الإعلامية مرده بسبب إخفاق بندر في إدارة الملفين الإيراني وإسقاط النظام السوري أو بناءاً على طلبه كما جاء في بيان الإعفاء ,نظراً لكون خليفة بندر هو الرئيس الأول للاستخبارات من خارج إطار العائلة الحاكمة منذ ما يقارب ثمان وثلاثون عاماُ,قد جرى تعويمه من قبل الملك السعودي في مناسبتين قبل تكليفه بالقرار الملكي أولها حين تم ترقيته لرتبه فريق أول ومن ثم تعيينه نائباً لبندر في رئاسة الاستخبارات العام الماضي والمعروف بأن القاعدة التوريثية في المملكة الوهابية تنص على أنه لا يمكن التوريث من الأصغر للأكبر ,أي أنه لا يمكن أن يتورث أحد من أبناء عبد العزيز بعد الأمير مقرن وبالتالي الملك المفترض بعد مقرن هو أحد أحفاد عبد العزيز وليس من أبناءه وإقصاء بندر جاء بما ليدع مجالاً للشك ليعزل تأثير المخابرات عن تجاذبات العائلة وهيئة شورى الحكم وربما لتفسح مجالاً أمام الأمير متعب نجل الملك السعودي ووزير دفاع المملكة وقائد الحرس الوطني حالياً للتوريث مستقبلاً…
على جانب أخر داخلياً لا يمكن إغفال الدعوات التي بدأت تظهر بين الأوساط العشائرية في المملكة والمطالبة بتحسين أوضاع الشباب السعودي ..في تحدي واضح لنظام الشرهات أو الشهريات التي بموجبه تنال زعامات العشائر مبالغ مادية مقابل تقديم الولاء للعائلة الحاكمة فظهر عدد من السعوديين من أبناء العشائر الكبيرة في تسجيلات مصورة تحمل تهديدات واضحة كمقطع الشاب عبد العزيز الدوسري الذي وجه كلاماً مباشرة للملك السعودي”ياعبد الله بن عبد العزيز أعطونا حلالنا لسنا بعاجزين بالمواتر (أي السيارات) أن نفجر بها لسنا عاجزين ” ومثلها حملات عديدة كحملة الراتب لا يكفي ,ودعوا الشعب يقول كلمته التي نالت مشاهدات عريضة على موقع اليوتيوب
إقليمياً بدأت المملكة تنحُ منحىً تصاعدياً في أغلب الملفات الأساسية في المنطقة لا سيما في سوريا ,فلا يستغرب أحد أن يكون حدث الأمس على الحدود السورية الأردنية جاء بمقتضى التنسيق السعودي الأردني إن لم نقل امتثالاً للأوامر السعودية ,قيام القاذفات الأردنية بالإغارة على آليات من المؤكد أنها تابعة لفصائل مقاتلة سورية ما هو إلا تجسيد لقرارات السعودية التي وضعت عدة فصائل وجهات إسلامية متشددة تقاتل في سوريا على قائمة الإرهاب على رأسها النصرة وداعش وبالتالي الضغط السعودي لتمويل هؤلاء وتسهيل مرورهم عبر الأردن هو بتذكرة الذهاب فقط وهنا تكمن حقيقة الفهم السعودي لمصطلح مكافحة الإرهاب في ظل انتشار مخاوف بارتداد هؤلاء الإرهابيين الذين يتغذون بالمال والفكر الوهابي إلى السعودية عبر الأردن ,وهو ما تأكد بعد مشاهد تظهر بعض المقاتلين السعوديين في سوريا يجاهرون بالنية للعودة للسعودية لمقاتلة آل سلول (أي آل سعود) ..وطبعاً هذا بالضبط ما ينطبق على الأردن الذي يشكل الشريط الممتد مع سوريا خزاناً حيوياً للقاعدة السلفية الجهادية بما لا يقل عن ألفي مقاتل ..يتم التخلص منهم عن طريق تسهيل عبورهم نحو سوريا عبر الحدود وبتر أي محاولة لارتدادهم نحو الأردن في الخلف …
زيارة أوباما لم تحفل للسعوديين بالرضى المطلوب فيما يخص الملف السوري فلم يصعد الرئيس الأمريكي ضد النظام السوري ويطلق برنامج كبير لتسليح المعارضة ..كما كان متوقعاً ولذلك بادرت السعودية بفتح مخازنها وتسليح الإرهابيين (المعتدلين) قذائف أمريكية مضادة للدروع من طراز تاو.. في محاولة لإحراج الأمريكيين وتوريطها ليبدو أن الولايات المتحدة هي راعية عملية التسليح وكانت البداية من الشمال السوري في محاولة لسحب البساط من تحت الأتراك شمالاً الذين يشرفون مباشرة على معركة كسب..
في الملف الإيراني ..لم يتبقى بيد السعودية أوراق كافية وبالأخص التضامن الخليجي في وجه المد الإيراني كما يحلو للسعودية تسميته ودول الخليج فالخليج منقسم على نفسه بعد الخلاف مع قطر عمان أنهت مؤخراً مناورات بحرية منفردة مع إيران الأمارات تؤكد على العلاقات الجيدة مع إيران والرغبة على مواصلة تطويرها وكذلك الالتفاف القطري على العزلة الخليجية نحو العامل الإيراني من جديد حتى في العراق ,التذبذبات الانتخابية يبدو أنها ليست على موجه التعويل الكبير على الدعم السعودي فقد غمز إياد علاوي رئيس الوزراء العراقي الأسبق والقيادي في القائمة العراقية المحسوبة على الجناح السعودي والعلاقة مع الخليج .أن لسوريا دوراً في تحديد نتائج الانتخابات النيابية القادمة من خلال الإشادة بالعلاقات الجيدة مع سوريا الممتدة من أيام الراحل حافظ الأسد وعلى تلازم مصير العراق وسوريا وهي نقاط تسجل للتحالف الاستراتيجي السوري الإيراني ومحور المقاومة
مما تقدم نستخلص أن أياً ما ينتظر حدوثه في الصعودية لا يمكن أن يبقي الوضع على حاله في المملكة ولعل من المنتظر أن تلوح علائم التغير السعودي من بوابة الخارجية السعودية..!؟
لا يختلف اثنان أن أبرز ما يميز التطورات السياسية في السعودية هو السهولة النسبية في الوقوف خلف الدوافع وموجبات أي حدث طارئ أو قرارات جديدة
جملة من التطورات الجدية التي يمكن أن توصف بغير الاعتيادية تناوبت على الظهور في الأشهر القلية الماضية داخل أروقة البلاط السعودي ما يؤشر بأنها مقدمات تمهيدية لحدث أبرز يفسر ما قبله..
ربما يكون القرار الملكي الذي اقر بموجبه تعين الأمير مقرن بن عبد العزيز ولياً لولي العهد وملكاً بغياب الاثنين قراراً احترازياً في ظل تدهور صحة الملك السعودي ورحلة علاج ولي عهده التي لا يبدو أنها تنتهي قريباُ, ولكن ما حدث في الأمس بإعفاء الأمير بندر من رئاسة الاستخبارات لا يمكن تفسيره كما سرى بين الأوساط الإعلامية مرده بسبب إخفاق بندر في إدارة الملفين الإيراني وإسقاط النظام السوري أو بناءاً على طلبه كما جاء في بيان الإعفاء ,نظراً لكون خليفة بندر هو الرئيس الأول للاستخبارات من خارج إطار العائلة الحاكمة منذ ما يقارب ثمان وثلاثون عاماُ,قد جرى تعويمه من قبل الملك السعودي في مناسبتين قبل تكليفه بالقرار الملكي أولها حين تم ترقيته لرتبه فريق أول ومن ثم تعيينه نائباً لبندر في رئاسة الاستخبارات العام الماضي والمعروف بأن القاعدة التوريثية في المملكة الوهابية تنص على أنه لا يمكن التوريث من الأصغر للأكبر ,أي أنه لا يمكن أن يتورث أحد من أبناء عبد العزيز بعد الأمير مقرن وبالتالي الملك المفترض بعد مقرن هو أحد أحفاد عبد العزيز وليس من أبناءه وإقصاء بندر جاء بما ليدع مجالاً للشك ليعزل تأثير المخابرات عن تجاذبات العائلة وهيئة شورى الحكم وربما لتفسح مجالاً أمام الأمير متعب نجل الملك السعودي ووزير دفاع المملكة وقائد الحرس الوطني حالياً للتوريث مستقبلاً…
على جانب أخر داخلياً لا يمكن إغفال الدعوات التي بدأت تظهر بين الأوساط العشائرية في المملكة والمطالبة بتحسين أوضاع الشباب السعودي ..في تحدي واضح لنظام الشرهات أو الشهريات التي بموجبه تنال زعامات العشائر مبالغ مادية مقابل تقديم الولاء للعائلة الحاكمة فظهر عدد من السعوديين من أبناء العشائر الكبيرة في تسجيلات مصورة تحمل تهديدات واضحة كمقطع الشاب عبد العزيز الدوسري الذي وجه كلاماً مباشرة للملك السعودي”ياعبد الله بن عبد العزيز أعطونا حلالنا لسنا بعاجزين بالمواتر (أي السيارات) أن نفجر بها لسنا عاجزين ” ومثلها حملات عديدة كحملة الراتب لا يكفي ,ودعوا الشعب يقول كلمته التي نالت مشاهدات عريضة على موقع اليوتيوب
إقليمياً بدأت المملكة تنحُ منحىً تصاعدياً في أغلب الملفات الأساسية في المنطقة لا سيما في سوريا ,فلا يستغرب أحد أن يكون حدث الأمس على الحدود السورية الأردنية جاء بمقتضى التنسيق السعودي الأردني إن لم نقل امتثالاً للأوامر السعودية ,قيام القاذفات الأردنية بالإغارة على آليات من المؤكد أنها تابعة لفصائل مقاتلة سورية ما هو إلا تجسيد لقرارات السعودية التي وضعت عدة فصائل وجهات إسلامية متشددة تقاتل في سوريا على قائمة الإرهاب على رأسها النصرة وداعش وبالتالي الضغط السعودي لتمويل هؤلاء وتسهيل مرورهم عبر الأردن هو بتذكرة الذهاب فقط وهنا تكمن حقيقة الفهم السعودي لمصطلح مكافحة الإرهاب في ظل انتشار مخاوف بارتداد هؤلاء الإرهابيين الذين يتغذون بالمال والفكر الوهابي إلى السعودية عبر الأردن ,وهو ما تأكد بعد مشاهد تظهر بعض المقاتلين السعوديين في سوريا يجاهرون بالنية للعودة للسعودية لمقاتلة آل سلول (أي آل سعود) ..وطبعاً هذا بالضبط ما ينطبق على الأردن الذي يشكل الشريط الممتد مع سوريا خزاناً حيوياً للقاعدة السلفية الجهادية بما لا يقل عن ألفي مقاتل ..يتم التخلص منهم عن طريق تسهيل عبورهم نحو سوريا عبر الحدود وبتر أي محاولة لارتدادهم نحو الأردن في الخلف …
زيارة أوباما لم تحفل للسعوديين بالرضى المطلوب فيما يخص الملف السوري فلم يصعد الرئيس الأمريكي ضد النظام السوري ويطلق برنامج كبير لتسليح المعارضة ..كما كان متوقعاً ولذلك بادرت السعودية بفتح مخازنها وتسليح الإرهابيين (المعتدلين) قذائف أمريكية مضادة للدروع من طراز تاو.. في محاولة لإحراج الأمريكيين وتوريطها ليبدو أن الولايات المتحدة هي راعية عملية التسليح وكانت البداية من الشمال السوري في محاولة لسحب البساط من تحت الأتراك شمالاً الذين يشرفون مباشرة على معركة كسب..
في الملف الإيراني ..لم يتبقى بيد السعودية أوراق كافية وبالأخص التضامن الخليجي في وجه المد الإيراني كما يحلو للسعودية تسميته ودول الخليج فالخليج منقسم على نفسه بعد الخلاف مع قطر عمان أنهت مؤخراً مناورات بحرية منفردة مع إيران الأمارات تؤكد على العلاقات الجيدة مع إيران والرغبة على مواصلة تطويرها وكذلك الالتفاف القطري على العزلة الخليجية نحو العامل الإيراني من جديد حتى في العراق ,التذبذبات الانتخابية يبدو أنها ليست على موجه التعويل الكبير على الدعم السعودي فقد غمز إياد علاوي رئيس الوزراء العراقي الأسبق والقيادي في القائمة العراقية المحسوبة على الجناح السعودي والعلاقة مع الخليج .أن لسوريا دوراً في تحديد نتائج الانتخابات النيابية القادمة من خلال الإشادة بالعلاقات الجيدة مع سوريا الممتدة من أيام الراحل حافظ الأسد وعلى تلازم مصير العراق وسوريا وهي نقاط تسجل للتحالف الاستراتيجي السوري الإيراني ومحور المقاومة
مما تقدم نستخلص أن أياً ما ينتظر حدوثه في الصعودية لا يمكن أن يبقي الوضع على حاله في المملكة ولعل من المنتظر أن تلوح علائم التغير السعودي من بوابة الخارجية السعودية..!؟
سيريان تلغراف | محمد الخليفة
(المقالة تعبر عن رأي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)