في سورية الجديدة لا بد من ذهنيات جديدة .. بقلم عبد الرحمن تيشوري
– دور الرقابة الإدارية في تحسن اداء القطاع العام في سورية الجديدة من اجل اعادة الاعمار وعدم العودة الى النفق ..
اهتم علماء الإدارة والإداريون المحدثون بموضوع الكفاءة والفاعلية الإدارية ودورهما في تحقيق أهداف المنظمات الإدارية . والرقابة الإدارية من أهم ركائز الإدارة وإحدى وظائفها المهمة والأساسية ، وهي المؤشر الحقيقي لنجاح أي عمل إداري ، حيث تسعى إلى توحيد الإمكانيات المادية والبشرية وتوجيه جهودها لتحقيق الأهداف المخطط لها . والرقابة الإدارية تشمل جميع أنواع الرقابة التي تمارسها المنظمات للتأكد من تحقيق الأهداف بأكبر قدر من الكفاءة وفي الوقت المناسب وكشف أي خطأ أو تقصير أو انحراف . ويشير الباحثين في الإدارة إلى أن ” الرقابة تعني الضبط في أوسع معانيه ، وفي المفهوم الإداري يقصد بها التأكد من مدى تحقيق النشاط الإداري للأهداف المقررة ، أي التحقق من أن ما يتم إنجازه هو مطابق لما تقرر في الخطط الموضوعة ” . ويقسم الباحثون الرقابة الإدارية إلى رقابة داخلية تمارسها كل وزارة أو هيئة أو مؤسسة على أوجه النشاط الذي تؤديه من خلال مستويات التنظيم المختلفة ، ورقابة خارجية تمارسها أجهزة مستقلة منها الوزارات والهيئة المركزية الرقابة والتحقيق .
وتواجه أجهزة الرقابة الإدارية بعض العقبات في سبيل تنفيذ مهامها ، عقبات تتعلق بالجوانب التنظيمية والإجرائية للأجهزة الإدارية ، أو بالسلوك الوظيفي للعاملين بتلك الأجهزة الإدارية في تطبيقها لنظم وقوانين العمل .
إن الرقابة الإدارية كبقية عناصر العملية الإدارية تهدف إلى زيادة الكفاءة والفاعلية الإدارية ، ولكن المهم هو وضع معدلات ومعايير محددة للأداء تستطيع الإدارة في ضوئها قياس الأداء الفعلي لمعرفة مدى اتفاقه مع الخطط الموضوعة ، وتحديد الانحرافات والأخطاء المصاحبة للتنفيذ في مراحلها الأولى ، واقتراح الخطوات والإجراءات التصحيحية التي تكفل إعادة العمل إلى مساره الصحيح ، وهذا بالطبع هو جوهر العملية الرقابية الإدارية .
– دور الدولة في النشاط الاقتصادي وهنا مربط الفرس إن التوجهات الجديدة في الاقتصاد والمال والتجارة والعلاقات الدولية والتي عرفت باسم ” العولمة ” ، تؤكد على تحرير الأسواق وتقليص تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي ، بحيث يقتصر دور الدولة على دعم تحسين أداء القطاع العام والخاص وزيادة كفاءتهما وفاعليتهما من خلال :
– قصر تدخل الحكومة على تحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية بما لا يتعارض مع القواعد الأساسية لنظام الاقتصاد الحر ، وآليات السوق .
– التنسيق بين الأهداف الاقتصادية والاجتماعية لتحسين الأداء الاقتصادي .
– توزيع الموارد الاقتصادية لزيادة الاستثمار العام في البنية التحتية الاقتصادية والاجتماعية (الأمن والتعليم الأساسي والصحة والرعاية الاجتماعية) .
– توفير السلع والخدمات التي لا يمكن إنتاجها بواسطة القطاع الخاص أو في الحالات الاستثنائية .
– تعزيز مشاركة القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي .
– استخدام السياسات المالية والنقدية لتوجيه قوى السوق وليس للتحكم فيها .
– المرونة في استخدام أدوات السياسة المالية والسياسة النقدية بما يخدم الاقتصاد القومي بشكل عام .
– تحديث الأنظمة والقوانين والتأكد من تطبيقها وتفعيلها بما يخدم الأهداف القومية .
– تأسيس وتنظيم مؤسسات السوق المالية ووضع المعايير والأنظمة الخاصة بها ومراقبتها .
– استقطاب رؤوس الأموال وتوفير المناخ المناسب للاستثمار .
– ضمان المنافسة لتشجيع الابتكار .
– ضمان الشفافية ونشر المعلومات ذات المصداقية عن الشئون الاقتصادية بشكل عام ، والسوق المالية بشكل خاص .
– الاستنتاجات
من العرض والتحليل المتقدمين أعلاه يمكن أن نستخلص النتائج التالية :
– يتمتع القطاع العام بتوافر البنى التحتية اللازمة لإدارة الإنتاج والأداء وذلك بفضل ما أقامته الدولة من تجهيزات ومنظمات وقوانين في جميع الميادين الإنتاجية والخدمية وما يدعمها من خدمات وتجهيزات مساعدة .
– مستوى الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص دون المقبول في سوريا لقصور الإعانات الحكومية والدعم المقدم من الدولة لنشاطات القطاع الخاص في ميادين الصناعة والزراعة والتجارة والتدريب والتوظيف وحماية المنتجات الوطنية .
– لا تزال إدارة الأداء، والإنتاج والخدمات ، وأساليب الرقابة المالية والإدارية عليها ، ومستوى المتابعة والمساءلة والشفافية في غالبية أجهزة القطاع العام دون المؤمل منها طبقاً للمعايير التي يتطلع إليها ولاة الأمر، وتلك التي يتطلع إليها المواطنون المستفيدون من خدمات هذا القطاع .
– التوصيات
التوصيات التي تساعد على رفع وتطوير مستوى الأداء في النواحي المشار إليها في القطاع العام لزيادة رضاء المستفيدين ، وتحسين الأداء في الاقتصاد الوطني .
بناءً على الاستنتاجات السابقة ، ومن أجل تحقيق أداء أفضل للقطاع العام فإنه يمكن ذكر التوصيات التالية
– دعم التوجه القائم لتنويع مصادر الدخل القومي في الدولة .
– إعادة النظر بسياسات الإنفاق العام القائمة بهدف إعادة التوازن بين النفقات الجارية والنفقات الاستثمارية في الميزانية العامة للدولة .
– دعم التوجه نحو ترشيد الإنفاق العام عن طريق تشكيل فريق عالي المستوى من حيث الخبرات والتأهيل العلمي ، لإجراء دراسة تهدف إلى إعادة النظر بالسياسات المتبعة في تحديد أولويات الإنفاق العام على النشاطات المختلفة ، والتأكد من جدواها الاقتصادية والاجتماعية ، وصولاً إلى الاستخدام الأمثل للموارد المالية المتاحة .
– العمل على تحسين كفاءة وفاعلية أداء وإنتاجية الأجهزة العامة وتحسين وتطوير الخدمات التي تقدمها للمستفيدين في كمها ونوعها وتوقيتها وأساليب مناولتها ، وذلك من خلال الآليات التالية :
– تحديد ما ينبغي وما لا ينبغي أن تقوم به الدولة من نشاطات ، وطرح ما لا ينبغي أن تقوم به الدولة للاستثمار الخاص بهدف تحسين الخدمات ، وخفض تكاليف ومديونية القطاع العام ، وزيادة مستوى الشراكة بين القطاعين العام والخاص .
– دعم التوجه نحو تقييم أداء البرامج والمشروعات العامة عن طريق أجهزة الرقابة المالية ، للوصول إلى تحقيق ما يعرف بالتقييم المؤسسي .
– إعادة النظر بمفهوم وفلسفة وأهداف الخدمات التي تؤديها الجهات العامة ، وتوجيهها نحو إرضاء المستفيدين منها من حيث كم وكيف وأسلوب مناولة الخدمة ، ومن حيث تأثيرها الموجب في تحقيق تطلعاتهم ، وزرع هذه المفاهيم في نفوس موظفي الأجهزة العامة ، وتدريبهم على التعامل معها بقناعة وإيمان وإخلاص . وهذا الدور ينبغي أن تقوم به الأجهزة الرقابية الإدارية آخذة في الاعتبار التدريب ، والتحفيز (الثواب والعقاب المبرر) .
– وضع مقاييس عملية للإنتاجية وخطط تنفيذية يشارك الموظفون في تصميمها إلى جانب القيادات والمشرفين ، واتخاذها أساساً للمساءلة والمكافأة والترقي في السلم الوظيفي .
– تفعيل دراسات واستشارات تسهيل إجراءات العمل في الأجهزة العامة والاستمرار في تكرارها ، وإشراك الموظفين في صنع قرارات وبناء خطط هذه الدراسات والاستشارات .
– تفعيل التوجه نحو تحديث الأنظمة والقوانين الإدارية والمالية والتأكد من تطبيق هذه الأنظمة والقوانين بشكل عام .
– دعم وتفعيل استفادة جهات القطاع العام في الدولة من التجارب الدولية في نظريات وأساليب وإجراءات التغيير والتطوير في الأداء والإنتاجية مثل : تجربة تمكين العاملين ، تجربة إعادة الهندسة أو الهندرة ، تجربة الهندسة القيمية ، تجربة إدارة الجودة الشاملة ، وتجربة التفوق المقارن
– الاعتناء بإعادة التنظيم والهيكلة على المستوى الجزئي في كل جهاز حكومي بشكل مستمر، وإعادة الهيكلة الشاملة لأجهزة القطاع العام كل عشر إلى خمس عشرة سنة ، بهدف تحسين الأداء والإنتاجية وتقوية الاقتصاد الوطني ، والاستفادة من التجارب الدولية في هذه الميادين .
– تدعيم التوجه نحو استخدام تقنية الحاسوب والإنترنت في أجهزة القطاع العام ، واستثمارها في توصيل الخدمات العامة عبر ما يعرف بالحكومة الإلكترونية الفعلية – مو حكي ومؤتمرات – ، ووضع خطة مدروسة ومرحلية لهذا الغرض تشتمل على التوعية والتدريب على هذا الأسلوب من توصيل الخدمات .
اعادة تقييم تجربة المعهد الوطني للادارة والاستفادة من الخريجين في شركات القطاع العام والجهات العامة لان الخريجين درسوا جيدا مبادئ الادارة الرشيدة التعديل الفوري لقانون العاملين لجهة الرواتب والاجور والفئات الوظيفية والترفيع والتقييم وخلق التنافس في الوظيفة العامة وتصنيف الكفاءات ووضع قواعد بيانات وسلك مديرين وهيئة موارد بشرية حكومية تدير العقول والخبرات وليس الملفات والورق كما نفعل نحن في كل الادارات السورية.
سيريان تلغراف | عبد الرحمن تيشوري
(المقالة تعبر عن رأي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)