عفواً أيها القانون … فأنا ابن الوزير و هو جندي فقير .. دنيز نجم
دافعوا عن الوطن بصمت و رحلوا عنه بصمت و من ماء الروح رووا ترابه المقدس و بماء العين توضئ قلمي قبل أن يكتب حروف أساميهم الطاهرة إنهم الشهيدين هادي جركس و علي حسون … تسجد الحروف لعظمة أساميكم المتكأة على كتف السطور يا جنودنا الأبطال الرحمة و الخلود لأرواحكم الطاهرة شهداؤنا الأبرار .
في يوم الأحد بتاريخ 02-03-2014 استشهد الجنديين هادي جركس و علي حسون في الحرس الجمهوري بحادثة مروعة تعرضا لها أثناء تأدية الواجب الوطني في العاصمة دمشق و قد انتشر الخبر بسرعة البرق بين الصحف و على صفحات التواصل الإجتماعي الفيسبوك و ربما اختلف أسلوب الكتابة بالتعبير من شخص لآخر و لكن الخبر كان هو نفسه فالحادثة ارتكبها ابن وزير العدل السيد نجم الأحمد و البالغ من العمر 15 عاماً فقط و المعارض للنظام السوري قد قام بدهس هذين الجنديين الذين كانا يستقلا دراجة نارية عند طريق القصر بدمشق بسيارته الكامري الزرقاء اللون حسب ما ورد عن شهود عيان و قد استشهدا بعد أن تم نقلهم إلى المستشفى و بعد فترة قصيرة من الزمن تكتمت جميع المواقع الإلكترونية عن نشر أي جديد بهذه الحادثة .
هذه الحادثة ليست بجريمة عادية كي يطويها أي كان مهما علا شأنه لأنها تعتبر جريمة قتل لأشخاص غير عاديين إنها جريمة شنعاء سواء كانت بقصد أو دون قصد ارتكبت بحق جنود عقائديون يدافعون عن تراب سورية لأنها عرضهم و شرفهم يقاتلون العصابات الهمجية القادمة من كل أنحاء العالم و المدعومة بالسر و العلن من اسرائيل و أذنابها لتغتصب أرضنا و تنهب خيراتنا و بكل أسف هم لم يقتلوا برصاص العدو بل قتلوا بيد واحد من أبناء وطنهم الذين يدافعون عنه و يسهرون على حمايته و المؤسف أن يكون هذا الشخص هو ابن وزير العدل و الذي اتضح مؤخراً بأنه لا يعرف عن العدل سوى الإسم فقط و ربما تم إلصاق هذه الجريمة بأحد السائقين الموظفين لدى معاليه لتبعد الشبهات عنه و عن ابنه .
إن محاربة اسرائيل أهون ألف مرة من محاربة الفساد في الداخل و الذي كان هو أحد أسباب اندلاع هذه الثورة الدموية اللعينة فكيف ستنتصر سورية على الصهاينة إن كان صهاينة الداخل متغلغلين بين أبناء الشعب يخفون حقيقتهم بأقنعة تليق بمظهرهم أمام المجتمع .
الأدلة القاطعة غير موجودة لأن الإعلام يتكتم على الأخبار و يحاول طي الحقيقة و طمسها و يبقى الإعتماد على الإفتراضات المأخوذة من الحادثة الواقعية لتكون بداية الخيط الذي سيوصلنا إلى الحقيقة :
1- لنفترض أن ابن الوزير ليس له علاقة بالجريمة فما الذي أجبره على مغادرة الأراضي السورية بعد تاريخ حدوث الجريمة على الفور و قد انتشر في الصحف و المواقع الإلكترونية خبر سفره خارج سورية .
2- ابن الوزير معارض للنظام السوري و الشهيدين هما من الحرس الجمهوري و هذا ما يرجح بنسبة 60 بالمئة صدق ما جاء ببعض الصحف بأن الحادث كان مقصود .
3- الحادثة تمت في الصباح الباكر و هذا ما يدل على أن المجرم اختار التوقيت بدقة عالية عند بزوغ الفجر كي ينفذ جريمته بعيداً عن الأنظار في وقت يكون فيه غالبية الشعب نيام .
4- و إن لم تكن الحادثة مقصودة فهذا لا يمنع من وجود أدلة تدين المجرم ابن الوزير A- قيادته للسيارة و هو في سن ال 15 عاماً يعتبر مخالف للقانون لأن المعترف عليه دولياً أن شهادة السواقة تمنح لمن بلغ من العمر ال 16 عاماً و هو ما زال تحت السن القانوني B- حين ترتطم سيارة بدراجة نارية من المفروض أن يقع سائق الدراجة على الأرض و أن يتعرض إلى رضوض في الرأس و الأطراف و يبقى على قيد الحياة هذا إن كانت السيارة تسير بالسرعة المحدودة و لكن إن كانت تسير بسرعة جنونية فهذا ما سيؤدي إلى موت محتم لمن يقود الدراجة النارية بسبب قوة الدفع العنيفة الناتجة عن سرعة السيارة الجنونية و الجنديين استشهدا بعد أن وصلوا إلى المستشفى على الفور و هذا يعني أن الضربة التي تعرضوا لها كانت ضربة قوية و من المحتمل أن تكون قد أدت إلى عدة إصابات غالبيتها كانت في الرأس و تسببت في كسر الجمجمة مما أدى إلى نزيف حاد مما أدى إلى الموت بعد عدة ساعات من الحادث .
و السرعة الجنونية التي كان يقود بها السائق سيارته في الصباح الباكر عند بزوغ الفجر تؤكد بأن السائق لم يكن نائماً بل كان صاحياً و واقع تحت تأثير المخدر ( مشروب كحولي أو مخدرات ) لأنه لم يكن بوعيه الكامل فلم يستطع التحكم بالسرعة أو السيطرة على السيارة لأن حالة الطقس في دمشق بهذا التاريخ تثبت عدم وجود ثلوج قد تكون هي العامل الذي أدى إلى إنزلاق السيارة و فقدان السيطرة عليها و التحكم بها و لو افترضنا أن السائق المجرم هو شوفير عسكري يعمل عند الوزير و لا يخفى على الجميع بأن سائق الوزير يتم اختياره بدقة و لو شعر ابن الوزير بأن هذا السائق كان في حالة غير طبيعية لكان قد أوقفه في الحال و لو افترضنا أن السائق فاقد لتركيزه و واقع تحت تأثير مخدر ما فمن أين له أن يحصل على هذه المشروبات أو المخدرات و هو عسكري يؤدي خدمته و حتى لو افترضنا أنه حصل عليها فهو لن يتناولها أثناء تأدية واجبه الوطني خاصة و هو يدرك وجود المسلحين و العصابات الهمجية و جنود سورية هم جنود عقائديون يلتزمون بالنظام و يطبقون القانون أثناء تأدية خدمة العلم أكثر من غيرهم و من المعروف أيضاً بأن غالبية أبناء المسؤولين فاسدين أخلاقياً و يعشقون حب الظهور و النفوذ و السيطرة على الضعيف بأنهم هم الأقوى الأقوى و الأدلة كثيرة .
4- عرضت بعض المواقع الالكترونية صورة ابن الوزير مع صديقه يرفعان علم الإنتداب الفرنسي و هذا دليل واضح بأنه معارض للنظام و أحد الجنديين الذين استشهدوا هو من القرداحة التي عُرف عن أهلها بأنهم من المؤيدين للنظام و الداعمين له و هذا ما يثير الشكوك حول ما ورد ببعض الصحف من اتهام ابن الوزير بارتكاب جريمته عن سبق إصرار و ترصد بهدف الإنتقام أثر خلاف وقع بينه و بين أحد الجنديين الشهيدين .
5- أهالي الجنديين الشهيدين كانوا أصحاب أخلاق عالية تنازلوا عن حقهم و لم يقوموا برفع أي دعوة و هذا ليس ضعف منهم إنما لأنه لا يوجد ما يعوضهم عن فقدان أبنائهم الشهداء و لأنهم مؤمنين بالقضاء و القدر و لكن هذا سبب غير كافي لكي يمتنعوا عن رفع أي دعوة أو تقديم أي شكوى لأنه من سخرية القدر أن يرفعوا قضية ضد ابن (( وزير العدل )) الذي لم يعدل من نفسه بحق من يخدم وطنه و يدافع عنه و يحميه .
6- إن كان ابن الوزير معارض فكيف يكون والده بهذا المنصب ألم يدرك معالي الوزير أن ابنه معارض أم أنه مستهتر بتربية ابنه و لا يعرف عنه سوى أنه يحمل اسمه بالهوية فقط .
7- منذ بداية الحرب على سورية و الإنشقاقات العسكرية بدأت تنتشر و لم يعد هناك أي شيء اسمه مستحيل فكل شيء وارد و جائز و معارضة ابن الوزير للنظام و دعمه للثورة الدموية على العلن و وقوع هذه الحادثة كلها أمور تثير الشكوك حول سلوك معالي الوزير نفسه .
8- قضية كهذه ستفتح باب الفتنة على مصراعيه لتكون حرب أهلية علنية ضد أهل القرداحة و كأنه حكم عليهم بأنهم إرهابيين فقط لأنهم مؤيدين و داعمين للنظام إنهم أسود سورية الأصيلين الذين قدموا الكثيرين من الشهداء و من كل بيت هناك شهيد أو اثنين أو حتى أربعة لأنهم يعشقون تراب سورية و يتسابقون على الشهادة من أجل حماية ترابها المقدس الذي تعبث به أيادي الصهاينة و المتصهينين إنهم شعب حرّ أبيّ يفضل الموت بشرف على العيش بالذل .
دمار اسرائيل هو أسهل ألف مرة من محاربة الفساد الذي تغلغل بين الشعب العربي و تناقلته الأجيال جيل بعد جيل و كأنه أصبح جزء من تراثنا العربي و من الصعب جداً أن يكون من نحاربه هو نفس الشخص المفترض أن يكون هو القدوة التي نعتمد عليها في تحقيق العدل و المساواة و من المضحك المبكي أن يأتي وزير آخر و يعّدل بالقانون فيصدر قرار جديد يمنع فيه الجنود العقائديون من استقلال دراجة نارية .
إن هذه الحادثة ليست فيلم هندي و لا فيلم أكشن أميركي بل قصة حقيقية واقعية حدثت في سورية و على أرض دمشق العروبة في زمن الحرب و الخيانة و الغدر ألا يكفي أن يترك هذا الجندي بيته و أهله و يودع أيامه الجميلة لأنها ربما لن تعود و يترك وراءه كل أحلامه ليلبي خدمة العلم بعقيدته القتالية التي يؤمن بها فإما أن يعود رافعاً رأسه شامخاً يحمل بيده راية النصر أو ينال وسام الشهادة ليروي تراب وطنه المقدس بدمائه الأبية و يكون علم الوطن هو أغلى ما يحصل عليه كوسام شرف يحضن جثمانه بعد استشهداه إنه يسهر على راحتنا و يدافع عن كرامتنا و يصون عرضنا و شرفنا و نأتي نحن أبناء وطنه بقذراة ضميرنا و نفوسنا الضعيفة و فكرنا المعاق لنكافؤه بعد استشهاده بجريمة كهذه بصمتنا القاتل الذي يقتله مرتين .
كل إعلامي و صحفي و سياسي صمت عن النطق بكلمة الحق بهذه الجريمة المرتكبة بحق هذين الجنديين الشهيدين فهو خائن لشرف مهنته و شريك بهذه الجريمة لأن الساكت عن الحق شيطان أخرس و الزمن دوار لا يستمر على نفس الحال فربما تتكرر هذه الجريمة ليكون أحد أبنائهم هو الشهيد فهل سيصمتون أيضاً أم أنهم باتوا في غابة كالوحوش الكاسرة يمارسون الفحش اللإنساني و اللأخلاقي بغرائزهم الحيوانية القذرة لا يخافون الله سبحانه و تعالى و لا يعرفون معنى الإنسانية ضميرهم ميت و شرفهم معدوم .
متى ستكون عادلاً يا معالي وزير العدل و تعدل بحكمك على الأرض بحق هذين الجنديين الشهيدين قبل أن تطالك عدالة السماء فيد الجبار لا ترحم لأنه يمهل و لكنه أبداً لا يهمل و مع كل الاحترام و التقدير لشخصك الكريم نطالبك بأن تجعلنا نحترمك من خلال موقفك في هذه القضية لأن الإنسان موقف و الحياة وقفة عزّ و ربما قد يكون في المستقبل هناك مشروع تعديل وزاري و ربما سيتم فيه استبدالك و تسقط عنك الحصانة و لكن هذا لن يجدي أي نفع لأي كان بأن يقوم بتقديم شكوى ضدك أو يرفع قضية ضد ابنك الهارب من يد العدالة لأنهم سيرفعون عليك قضية من نوع آخر ينالون فيها مطلبهم حين يرفعون رؤوسهم الشامخة إلى رب العباد و يقولون بحقك هذه العبارة ( حسبي الله و نعم الوكيل ) التي ستقلب ليلك نهار و نهارك إلى ليل دامس و تأكد بأنك ستدفع الثمن غالياً عاجلاً أم آجلاً لأن الله سبحانه و تعالى ينصف المظلوم و لو بعد حين و يضرب الظالم بأغلى ما لديه و يجعله يتمنى الموت و لا يراه و أخيراً و ليس آخراً أتركك لضميرك و أترك هذه القضية للرأي العام كي يصدر حكمه على معاليك يا سيادة الوزير و على ابنك الهارب من العدالة و إن كان الوطن فوق الجميع فسورية الأسد فوق الكون و لا أحد فوق القانون و صوت الحق يعلو و لا يعلى عليه .
سيريان تلغراف | دنيز نجم
(المقالة تعبر عن رأي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)