مقالات وآراء

من الجولان يأتيكم الخبر اليقين ومن مناجم الذهب ، خبرٌ صداه في كسب .. بقلم نمير سعد

أصيخوا السمع أكثر لأخبار جبهة الجنوب .

لا يشغلنكم الضجيع الإعلامي الصهيووهابي عن جبهة الشمال والساحل، ولا تكترثوا لأمر سيطرة القطعان الجهادية الصهيووهابية على هذا الحي أو ذاك من أحياء كسب العريقة، كسب .. وأهل كسب، وصفحات عار وشنار أجداد أردوغان، ومن يقف وراء وجانب وتحت أردوغان، ولا تكترثوا لصورةٍ تذكارية لبعض ضباع تتباهى بخلفية الصورة، حيث مياه المتوسط تطل من بين جبال كسب. إنه الإعلام الذي يطيب لصناعه وأدواته أن يطبلوا ويزمروا ويهللوا ويكبروا ويرقصوا على نشاذه وزيفه وتضليله وعقول ضحاياه. والصور وإن كان بعضها حقيقياً إلا أنها تجتمع تحت صفات – وقتية، ظرفية، آنية، و مرحلية – ، أصيخوا السمع أكثر لناحية الجنوب فمنها يأتي الجواب ومن على ثراها يأتيكم الخبر اليقين، ومن ذراها ترسل الإشارات ذات المغزى والمضمون الأهم. نعم جبهة الجنوب ، الجولان والقنيطرة، ودرعا القريبة من ديار من يعمل في خدمة كل صهاينة الكون، ولا يكترث لمصالح الجار أو الشقيق أو حتى أبناء وطنه أو ” مملكته ” . إنه الجنوب الذي يتحفنا كلما عصف بنا صقيع الهوان العربي،  بحرارة الدماء المقاومة،  لتعيد الكساء للحروف التي أضاعت نقاطها و”أرقامها”، ولتهدي وترشد المبادئ التائهة التي فقدت بعض أصحابها إلى غير رجعة. الجنوب المقاوم الذي كانت محطته الأبرز اليوم واحدةٌ من درر “جبل عامل”. ماذا تقول أنباء الأرض والسماء من هناك ؟ ماذا تقول رسائل الجنوب من الجولان المحتل؟.. .

الجيش-العربي-السوري

. منذ عامٍ تماماً وجه  ” أوباما ” رسالته للصهاينة أثناء زيارته للقدس قائلاً : لن تحميكم القبة الحديدية، لن تهبكم سلاماً ، ولن توفر لكم أمناً. الرجل الذي  تزداد عتمة إستراتيجيته وضبابيتها ساعة يتعلق الأمر بسوريا، كان يغمز إلى ما تعلنه أجهزة استخباراته وخلاصات واستنتاجات مراكز أبحاثها العسكرية والأمنية عن القدرات الصاروخية للجيش السوري وحزب الله.  وكان يعلم كما هو حال من يخدع شعبه من قادة الإحتلال، بأن الحديث هنا لا يدور حول بضعة عشراتٍ من الصواريخ تطلقها كتائب الجهاد الإسلامي نحو من إغتصب الأرض من المستوطنين ، لكن الحديث كان يشير ضمناً لما سيتجاوز عديده الألف صاروخ على أقل تقدير، في رحلة عشيةً وضحاها، أو رحلة الليل والنهار . إنها  القبة التي لن تقي حينها حتى رؤوس من يقف قربها من  بارود وحمم صواريخ الجيش السوري التي تتوق للحظة إنفلاتها وإطلاق حريتها وفك قيودها لتدك معاقل بني صهيون. وأصحاب القباب الحديدية يرقبون ويرصدون كل رمزيةٍ أو إشارةٍ تأتيهم من الشمال، – من شمالهم أو جنوبنا – . في الجهة المقابلة  .. فقد عمد الجيش السوري الوطني بشراكة حزب الله المقاوم إلى تغيير معادلات الصراع وقواعد الإشتباك مع العدو من خلال فتح جبهة الجولان للعمل المقاوم،وكانت البداية من خلال العمليات الثلاث الأخيرة التي استهدفت جنود العدو بالقرب من السياج الشائك في الجولان وفي مزارع شبعا، وهو ما وعد به الرئيس الأسد من قبل وبات اليوم واقعاً معاشاً وكابوساً يقض مضاجع سكان المستوطنات القريبة من الحدود، وينذر بإحتمالية التحول إلى توسيع إطار المواجهة لتشمل الأصيل بشكل مباشر إلى جانب وكلائه،  إنها المواجهة التي  قد تشابه وصفة الكي الذي يكون آخر العلاج، المواجهة التي قد لا يكون من دواء سواها يشفي المنطقة من الوباء الثوري التكفيري الجهادي الوهابي الاخواني الصهيوني، الوباء الذي يتحكم في قطعان جراثيمه ويوجهها، طرزان إبن سام وربيبته ” إسرائيل ” … .

طرزان وربيبته يشكلان بدورهما الثنائية التي تستمتع بنسج المواجهات اثر المواجهات مع خصومها في محور المقاومة، شرطها كان منذ هزيمتها المذلة عام  2006 في مواجهة مقاومي حزب الله، أن يكون تالي مواجهاتها  ” خارج ملعبها وبعيداً عن حدودها “، ودائماً عبر ومن خلال الأدوات والأجراء والوكلاء واللقطاء و تجار الأوطان و الذمم، وهي والحق يقال برعت خلال السنوات الثلاث الماضية في جمع وموالفة وهابية بنو الآلات في صحراء نجد والحجاز وتوابعهم من الأعراب مع إخوانية كل من “أردوغان آل عثمان” ، الساقط قريباً مع حزب عدالته وتنميته، ومرسي الذي سبقه ومعه حزبه الإخواني، وراشد الغنوشي وحزب نهضته التونسية  وباقي القيء الثوري الإخواني الذي أفرزه ربيع غير أوطان، لتضيف إلى هذا الفريق الوضيع أصدقاء “إسرائيل” في لبنان من فريق 14 آذار. ونجحت في سوق هذا الخليط المتآمر إلى إعلان إنتمائه الوقح المشين للنادي الصهيوني أولاً وقبل أي إنتماء آخر، وهابياً كان أو اخوانياً أو آذاري ، وما كانت هذه الثنائية تحتاج لبذل أية جهود إضافية حتى تحصل من مكونات هذا الخليط ومن يتبعهم، على عهدٍ وقسمٍ بالولاء، و بذل مصالح الشعوب والأوطان التي يحكمون، كرمى لعيون حكام البيت الأبيض، و مملكة بني صهيون، وقرباناً لأحذية الحاخامات، هنا وهناك .. .

إلا أن ذات الطرزان، وذات الربيبة التي ترتمي على صدره، بات كلاهما اليوم  يتحسب للحظة خروج الأمر عن السيطرة، لأن تخيل تبعات هكذا تطور ليس بالأمر الصعب، ولأن الصورة آنذاك سيكون عنوانها، الجحيم والهشيم، وحيث أن الأصيل الأمريكي والشريك الناتوي أدركا مبكراً أن حرباً كلاسكية نظامية ضد سوريا ستأتي بما كان في الصورة وما أتى به الخيال، فقد أحجما عن هكذا جنون وحمق، إلا أن حكومة الإحتلال تدرك في ذات الوقت أنها مع أية عملية عسكرية ضدها إنطلاقاً من الجولان، سوف تكون أمام الخيار المر، بين الرد المحدود الذي قد يعطي إقراراً بنجاح محور المقاومة في فرض تغيير قواعد الإشتباك، و بين إختيار الرد الذي سيستدعي رداً ويشعل ناراً لحرب شاملة سوف تنال من سوريا التي تعاني الدمار أصلاً، إلا أنها ستوزع دمارها ونارها و جحيمها بالمقابل على كامل الخارطة التي ترأسها هذه الحكومة، كما على خرائط كل دول الجوار على أقل تقدير. اليوم .. ما يعرفه الكل، أن دخول عديد الأفرقاء على خط الحرب إن اندلعت هو أمر شبه حتمي، وإتساع دائرتها هو أمرٌ مؤكد، وتحولها إلى إقليمية، هو المخافة التي تسبق ما يليها. لهذه الأسباب جميعها، لن يكون من السهل على من تحالف من أعداء سوريا شمالاً وجنوباً إعلان هكذا حرب، أو خوض غمارها، و ما ذكرناه عن دولة الإحتلال ينطبق تماماً على الساقط المتسلطن .. رجب الأردوغاني… .

سطور فضيحة المؤامرة التركية، أردوغان، والفرصة الأخيرة.

 لهذا ، فإن قرار الحرب ليس فردي ولن يكون مسموحاً لا لحكومة الإحتلال ولا للسلطان العثماني أن يضغط على أزرار تشغيل البراكين والزلازل دون تنسيقٍ عالمي تسبقه حسابات دقيقة وإستعدادات أدق. ولهذا أيضاً فإن قرار فتح جبهة كسب ليس مرشحاً للتحول إلى صيغة الحرب الشاملة إلا بشرط توافر الإرادات العدوانية التي تعلو مستوى أردوغان الصغير، المفضوحة نواياه للرأي العام التركي والعالمي. الذي باتت مكشوفةً لكل من يقرأ ألف باء السياسة، حوافزه ودوافعه وخطته وآماله وأهدافه من هذا العدوان. أردوغان الذي يتمنى في أعماقه أن تهبه القيادة السورية طوق النجاة .وتمد “من حيث لا تعلم”  في عمره السياسي ، ساعة ترد على مصادر النيران بمثلها ، ليمارس هو هوايته من جديد بلعب دور القائد الوطني العتيد المحارب. على أية حال فإن ما قام به الرجل المريض هو مشاكسة وقحة للعدو القديم الدائم .. روسيا، مشاكسة القزم للمارد، وإنعاشٌ لحلم إسترجاع القوة والهيبة العثمانيتين، وتذكيرٌ بما كان من أجداده في سالف العصر والزمان، من عداءٍ وحروبٍ ونزاعاتٍ مع قياصرة روسيا. فقد حمل إستخدامه لإرهابيي القوقاز والشيشان في فتح جبهة الشمال الغربي لمدينة اللاذقية رسالةً واضحة لروسيا تقول مفرداتها : “إن  المتسلطن العثماني الواهم، الأجير، المستزلم، والأداة،لايجرؤ على النظر في عيني القيصر بوتين، ولهذا فضل مخاطبته عن طريق كسب” . ولم يك تسليمه في هذا الإطار  قيادة “غزوة الأنفال” للإرهابي الشيشاني  “أبو موسى” بعيداً عن ذات المغزى والمضمون. وما قام به الرجل المفضوح هو من ناحية أخرى، بحسب كل الأعراف والنواميس والقوانين، إستكمالٌ لمسيرةٍ امتدت لأعوامٍ ثلاث، عناوينها، فجرٌ وعهرٌ وإرهابٌ وإجرام بحق سورية التي يسعى اليوم لمزيدٍ من دمارها فيما أتخم عيوننا وثقب آذاننا على مدار سنواتٍ ثلاث، ببكائياته عليها وعلى “شعبها الصديق”..

من نافل القول هنا أن حالةً من التخطيط المتواصل تجمع بين أفرقاء صهاينة العدوان على سورية على مر الدقائق والثواني، وأن تنسيق أجهزة مخابرات واشنطن وتل أبيب وأنقرة والرياض والدوحة وغيرها هو في هذه الأيام في أعلى مستوياته، وأن غرفة العمليات بهذا المعنى واحدة،وما تقوم به الحكومة الإخونجية الأردوغانية هو عملية تكامل مع المجهودات والأهداف والخطط الموسادية لحكومة الإحتلال، وتنفيذ ما يرسم لها من الأدوار، فخصم هذا الحلف العدواني هو نفسه، والأهداف هي ذاتها، وما إشعال أردوغان لجبهة الشمال سوى دليل على تجنب وتحاشي وخشية الحلف من أية شرارات قد تشعل جبهة الجنوب مع دولة الإحتلال ، فمن هناك تحديداً، ويعلم الجميع، تفتح بوابات الجحيم التي لا يجرؤ”بنيامين نتنياهو” ولاوزير حربه “موشيه يعالون” ،  ولا “أوباما”  ولا وزير حروبه “تشاك هيغل” على التكهن بنهاياتها وآجالها ومسارها ونتائجها .. .

وما هو مؤكد أن السلطان الصغير الجعجاع ما كان ليجرؤ على نوبة الجنون الأخيرة في “كسب ” لولا تلقيه ضوءًا أخضراً من واشنطن ،لكن ما هو مؤكد أيضاً أن للمغامرة في حسابات واشنطن حدود وأضواء حمر، فلا هي مستعدة لتحويل المواجهة مع محور المقاومة وداعمه الرئيس،  “روسيا” إلى حربٍ نظامية شاملة، ولا حلفاءها في صدد دعم هكذا توجه إن وجد ، ولا كلا الطرفين على إستعداد للمغامرة بأمن وسلامة الربيبة “إسرائيل”.   كان واضحاً هنا أن من يعيش وهم السلطنة تجاوز، ربما،  أو كان بصدد تجاوز حدود،  الخطوط الحمر – حسب تفاصيل فضيحة التسريب الأخير لإجتماع قيادات خارجيته مع أركان حربه ومخابراته – ، وأن الكشف عن ذلك التسجيل كان ذي دلالات عديدة قد يكون أهمها إرادة أكثر من طرف لسحب البساط من تحت قدميه التي تقف على شفير الهاوية. بدا واضحاً أن الرجل أصيب بحالة من العته السياسي والتيه والضياع حتى بات يؤمن حقاً أنه وريث عرش السلطان، وأن مسألة إستعادته لأمجاد أسلافه باتت قاب قوسين أو أدنى، وأن ساعاتٍ قليلة قد تفصل بينه وبين المسجد الأموي، فيكون له ما منى به نفسه، ووعد به جمهور مجاهديه ، صلاةٌ في محرابه، ينتقل بعدها في نزهةٍ عثمانيةً جديدة،بعربةٍ تجرها الخيول في أحياء دمشق. أي نوعٍ من الجنون سيطر على الرجل؟ يعجز الجواب عن الإجابة.. .

سيبقى الذهب ذهباً أيها الخشبيون .

إنه السيد الذي لا تملك أن تقاوم حالة المتعة التي تجتاح عقلك وصدرك ساعة تستمع إليه ، ولا تملك أن تقف في وجه إبتسامة رضاً ونشوة ساعة يتبسم ، ولا تملك إلا أن تهب صوته ومفرداته كل ما تمتلكه من تركيز و إنتباه وإحترام .. سماحة المقاوم الأول . أطل علينا اليوم من عيون الماء في عيناتا، و فاح عطر نبضه المقاوم ليلقي التحايا على “مارون الراس” و”بنت جبيل”، وأنار كما عادته بعض القناديل في حالك سواد أيام أهل المنطقة . سأسمح لنفسي بذكر بعض ما جاء على لسان سماحته “بتصرفٍ محدود ” . حرص السيد على التأكيد لمن لا يعلم، أو لا يريد أن يعلم، أن المقاومة نجحت في تحرير الأرض ، حيث فشل العالم كله، و إن الكون بأسره لا يستطيع أن يتجاهل لبنان بعد اليوم،  .. إنها المقاومة التي فضل رجالاتها وأبطالها الموت ألماً ومرضاً ونزفاً على الإستشفاء في مراكز العدو الطبية.. وبشر جمهور نهجه بأن المقاومة اليوم هي أقوى من أي زمنٍ مضى ، ولو فكر العدو الصهيوني بشن حربٍ على لبنان لفتح على نفسه أبواب الجحيم  … وقادته يعلمون ذلك ويعون هذه الحقيقة . وأردف سماحته في مكان آخر قائلاً :إن في لبنان ذهباً أثمن من الذهب ، وسيبقى الذهب ذهباً يزين الزمان والمكان .  غمز السيد بطريقة لماحة وطريفة من زاوية هذه النقطة تحديداً إلى خشبيات ” فخامة ” الرئيس ميشيل سليمان قائلاً : ما من ضمانة في هذا الزمن سوى الذهب ، وليس أغلى ولا أنقى ولا أصفى من ذهب المقاومة .. وأما الخشب … فقد صنع منه المقاومون توابيتاً لجنود العدو الصهيوني الذين دخلوا إلى لبنان عمودياً وغادروه أفقياً ..  إنه الخشب الذي سيبقى موجوداً في إنتظار كل غازٍ ومحتل لهذه الأرض المقدسة .. ليختم سيد المقاومة في الشأن السوري بوصلةٍ هزلية كوميدية ساخرة من العثماني أردوغان ، ساعة قارن الدواعي المصيرية والأسباب الجوهرية لمساندة رجال حزب الله للجيش السوري ،، ومشاركتها في البدايات في حماية المقدسات الإسلامية ،، التي لا يجادل في شأن قدسيتها وأهميتها إلا كل جاهل في الدين والتاريخ . وبين تلفيقات وحجج أردوغان  الواهية فيما خص إحتمالية مهاجمة وتدمير مقام “صاحب القداسة والجلالة والإكبار”الجد الأول لآل عثمان .. “سليمان … أفندي .. شاه” .  كم من شعوب الأرض تتمنى أن يمتلك حاضرها أو ماضيها بعضاً من المكتبة الفكرية والوجدانية والأخلاقية لشخص سماحته .. للسوريين أن يفخروا مرتين، فعشق هذا النهج المقاوم يعيش في وجدانهم، و يسري في دمائهم، نهجٌ رسم لوحته، مربعٌ، أضلاعه، أسدٌ رحل، وأسدٌ يحمي العرين، و نبيهٌ يقود الأمل ، ونصرٌ من الله .. .

سيريان تلغراف | نمير سعد

(المقالة تعبر عن رأي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock