مقالات وآراء

كيت بلانشيت و سيمون فيليب .. والبدايات المضللة !! .. بقلم محمد رفعت الدومي

“جلادريل” في سلسلة “سيد الخواتم” من عام “2001” إلي عام “2003” ،،

 أو “كاثرين إليز بلانشيت” ، أو “كيت بلانشيت” ، ممثلة أسترالية ولدت في الرابع عشر من مايو للعام “1969” بمدينة “ملبورن” ، وبطلة باقة من أشهر الأفلام ، “إليزابيث” و “بابل” و “إنديانا جونز” و “مملكة الجمجمة الكريستالية” و “حالة بنجامين بوتون الغريبة” ، ذهبت إليها مؤخراً جائزة الأوسكار كأحسن ممثلة عن دورها في فيلم “ياسمين أزرق” ..

سيد-الخواتم

 وسام آخر ، وليس الأخير بالتأكيد ، يضاف إلي العديد من الأوسمة التي أحرزتها “كيت” فيما مضي ، مثل ، نجمة على ممر الشهرة في هوليوود وجائزة “نقابة ممثلي الشاشة” وجائزة “جولدن جلوب” وجائزة “بافاتا” ، بالإضافة إلي حصولها علي جائزة الأوسكار كأحسن ممثلة ثانوية عن تجسيدها لدور سميتها “كاثرين هيبورن” في فيلم “الطيار” للمخرج “مارتن سكورسيزي” ، فخالص التهنئة وكل المجد ..

 أحد أسبابي لاتهام هذه النجمة باستحقاقها لكل هذه الأوسمة الثرية ، بالإضافة إلي حضورها المستبد طبعاً ، وملامحها الأليفة ، هو أنها لم تخجل في حديث لها عن مسيرتها أن تعترف بتواضع الأنقياء أن أول خطواتها للصعود إلي النجمة التي تسكنها الآن بدأت من “مصر” التي جاءت إليها كسائحة معدمة تسكن غرفة في فندق متواضع من فنادق وسط “القاهرة” ، بعد عدة أشهر من الصعلكة !!

 وأضافت :

 ” تعرفت على شاب أسكتلندي في الغرفة المجاورة لي ، يعمل في تزوير النقود وجوازات السفر، وعرض عليَّ العمل ككومبارس في فيلم سينمائي عن الملاكمة اسمه “كابوريا” ، مقابل خمس جنيهات ووجبة ، كان العمل مرهقاً للغاية ، وكنت أجلس مع المجاميع على الأرض لمدة تزيد على ست ساعات لتجهيز مشهد واحد ، وسط حالة من الزحام والضجيج والأتربة ، لكنني كنت سعيدة بأكل الفلافل ” !! ..

 لم يحدث أن أبدي المحاور دهشته من هكذا تصريح لا يضيف لها شيئاً كان بمقدورها كتمانه ، كما لم يسألها السؤال التقليدي السخيف : أين ترعرعت مولاتي؟ ، ولا هي قالت : نشأت وترعرعت في سراية دادي الباشا ، وعيلة محافظة وذلك الكلام المحفوظ ، كتصريحات أغلب نجماتنا القادمات إلي الفن إما من باب رقص البطن في الموالد الشعبية ، أو ، فتاة ليل ، أو ، أداة من أدوات  “أبونا الذي في المباحث” ..

 أشياء صغيرة ولكنها تلمس في الذاكرة فروقاً جوهرية تصلح معياراً للمسافة بين حضارة متقدمة وحضارة لا تزال في طور البدائية الأولي ..

 كم للحياة من تصرفات غير متوقعة !!

 النجمة العالمية “كيت بلانشيت” تقف تحت الأضواء لأول مرة في فيلم “كابوريا” بطولة الفنان الراحل “أحمد زكي” وإخراج “خيري بشارة” ، وترقص مع فتيات المجاميع خلف “أحمد زكي” وهو يغني “أز أز كابوريا” !!

 تأمل “كيت بلانشيت” كيف صارت ، وكيف صار أبطال “كابوريا” الجوهريين وأبشر مثلي بالدهشة !!

 ذهب “أحمد زكي” إلي الخندق الآخر قبل أن يتناثر غباره مثلها علي كل القارات ، كذلك “رغدة” ، الشاعرة ، وذابت “سحر رامي” في تجاعيد الغياب وآثرت أن تكون فقط زوجة للأستاذ “حسين الإمام” ، أحد أهم مقدمي برامج “المقالب” في مصر الآن ، فقط !!

 مع ذلك لا يصلحُ أيٌّ من هؤلاء للمقارنة بـ “كيت بلانشيت” لدي من يريد أن يكتب عن البدايات المضللة ، لأن بدايات كل هؤلاء كانت أيضاً متواضعة ..

 لابد إذاً أن نفتش الذاكرة عن فنان لم تحطم بدايته تابوهاً فقط ، بل كادت أن تكون نهاية مطاف وبداية انطلاقة !!

 فنان لم يصعد السلم خطوة فخطوة ليطال نجمة يأوي إليها ، إنما هبطت عليه مباشرة نجمة كبيرة لتسكنه ، ثم .. لا شئ بعد ذلك سوي الذكريات التي برائحة الياسمين الأزرق !!

 إنها “سيمون” طبعاً ، ثم بعد ذلك الفراغ ؟!

 كان ظهورها في النصف الثاني من عقد ثمانينات القرن العشرين حدثاً أعطي “مصر” وعداً بنجمة ولدت لتسكن سماءً حقيقية ، وولدت أيضاً كـ “داليدا” في حيِّ “شبرا” ، وحملت اسماً حديث الرنين وغير مطروق كاسمها ..

 كان ظهورها حدثاً وقع علي إثره كلُّ المراهقين في تلك الفترة أسري الجنون !!

 اسأل أي مراهق من مراهقي تلك الأيام الخوالي عن “سيمون” ، سوف يخبرك بالتأكيد أنها البنت التي سرقت من “ليلي علوي” مساحة هائلة من أحلام يقظته ، وأنها البنت التي لها في ذاكرته ركنٌ سُكَّريٌّ لا ينهار ، يخصها وحدها ، وحدها بالتأكيد الزائد عن الحد ..

 لقد دخلت القلوب بحرية ، بلا تذكرة دخول ، كغيمة عطر خفيف تساقطت في بحيرة من مياه قديمة ومستهلكة دخلت القلوب ..

 كل شئ يمت إليها ، كل شئ  ، مهد لها الممرات نحو قلوب الآخرين بسهولة ، حاجباها المميزان ، وطفولة وجهها الذي يختصر كل ملامح نساء دول البحر الأبيض المتوسط في امرأة واحدة ، وأظنها بالفعل تحتفظ في عروقها ببعض دماء الإغريق الذين استوطنوا “صعيد مصر” أثناء حكم البطالمة ثم ذابوا في نسيج السكان الأصليين ، جنباً إلي جنب مع بعض الدماء القبطية ،،

 ولعل حنين هذه الدماء الإغريقية إلي عناصرها الأولي هو السبب الذي لا تعرفه هي نفسها ، والذي دفعها للمشاركة في مهرجان الصداقة المصرية اليونانية بأغنية باللغة اليونانية في أول خطواتها في عالم الفن ، من يدري ، ربما ..

 لذلك ، كانت دماء المراهقين تصرخ في العروق لمجرد ظهورها ، وتصدر قلوبهم حفيفاً تكريماً لعروس الأحلام المجسدة فيها ، وكانوا يتفقدون بلهفة كل ما ينتمي إليها ، بل كانوا يغارون عليها كما يغار الرجل علي نساء عائلته !!

 أتذكر بوضوح أكثر مما ينبغي خبراً نشر في إحدي الصحف الصفراء عن “سيمون” تسبب للكثيرين في قسط باهظ من الألم ، ليس خبر موت أبيها بالطبع ، وإنما خبر عن ” مادونا مصر ” ، وهو أحد ألقابها ، زعم كاتبه أنها ، تشبهاً بـ “مادونا الأمريكية ” تعتزم نزع كلَّ ملابسها علي المسرح ثم تواصل الغناء عارية تماماً ..

 المراهقات أيضاً لم يسلمن من تأثيرها الأخاذ ، وأصبحت خيارهنَّ الأول للأزياء وأشياء “الحواجب” ، ورددن بحفاوة “خاف مني” و “ما تقولش لحد”  ..

 لقد علمونا أن وجود الشاعر “أبو الطيب المتنبي” أخمل ذكر “500” شاعر مجيد وضعهم الحظ العاثر في عصره ، وهذه رواية صحيحة ، فمن ذا الذي يقول شعراً في وجود شاعر كـ “المتنبي” وتلتقط اسمه الذاكرة بسهولة !!

 كذلك كانت “فاتن حمامة” ، ليس من السهل أن تقف إلي جوارها كلُّ امرأة في حيز واحد وتمتصها العيون بسهولة ، غير أن “سيمون” استطاعت أن تفعلها في الفيلم الذي جمعهما معاً “يوم مر ويوم حلو” !!

 ومن الغريب أن هذا الفيلم أيضاً من إخراج “خيري بشارة” ، مخرج أول ظهور للنجمة “كيت بلانشيت” !!

 وهذه ليست شهادتي وإنما شهادة “فاتن حمامة” نفسها ، بالإضافة إلي أنها أيضاً توقعت لها مستقبلاً بطعم النجوم  ، وكانت هذه إحدي نبوءات الفنانة العبقرية المطبوعة “سعاد حسني” أيضاً !!

 ولعل أحداً لم ينس حتي الآن مشهدي ما قبل نهاية “يوم مر ويوم حلو” ، وهي مع “محمد منير” في الغرفة ، ثم وهي تشعل النار في نفسها عقب اكتشاف أختها العلاقة المريبة بينها وبين زوجها !!

 لم يصلنا من “سيمون” الكثير ، ولكن الكثير من القليل الذي وصلنا منها كان ذهباً ، مع الأخذ في الاعتبار بعض أخطاء البدايات ، فهي تكاد لا تعرف سوي الإجادة فالإجادة فالإجادة فالتكرار ..

 من يستطيع أن ينسي أغنية “تاكسي” أو أغنية “ماشية في حالي” ؟

 أو ينسي دورها في فيلم ” آيس كريم في جليم ” مع “عمرو دياب” ، أو دورها في فيلم “الهجامة” مع “ليلي علوي” ؟

 أو أدوارها في مسلسلات أحدثت الكثير من الصخب مثل ، “حلم الجنوبي” ، “زيزينيا” ، “فارس بلا جواد” ، “أبو العلا البشري” ؟

 لكن أثرها في المسرح كان أكثر أعمالها استحقاقاً لفخرها علي الإطلاق ، كما كان شاهد نضجها  في “كارمن” و “لعبة الست” و “سكة السلامة” !!

 بداية غنية ومرشحة لنهاية شديدة البياض ، فما الذي حدث ؟ ، ولماذا انطفأت هذه النجمة مبكراً ولم  يبق منها وهي علي قيد الحياة ، ومحتفظة بكامل لياقتها ، حتي إشعار آخر ، سوي نقاط مضيئة تصدر من جنبات الماضي وظلال الذاكرة فقط ؟!

 يجيبنا علي هذا السؤال الأديب النمساوي “ستيفان زفايج” ، يقول :

 ” ليس لدى التاريخ وقتٌ ليكون عادلاً ، إنه يحصي فقط ، ببرودة المؤرخين ، النجاحات وحدها ، ولا يعترف إلا بالمنتصرين ويضع الخاسرين في الظل ، لا يرى حرجاً في أن يواري الجنود المجهولين في قبر النسيان ، من دون شاهد يمتدح تضحياتهم ” ..

 هل كانت “سيمون” خطأ نفسها وارتكاب ذاتها ؟

 لا شك أنها ضالعة علي نحو ما في المؤامرة علي ما أوتيت من موهبة ،

 لكن هناك بالتأكيد عوامل أخري ، لعل أهمها أن المبدع لكي يبرز إبداعه لابد له من خلفية تشجعه علي الإبداع ، وهذه الخلفية في “مصر” لا وجود لها !!

 لذلك ، لا يمكن أن يحصل علي الضوء أو يستمر فيه سوي الباحثين عن الضوء بأنفسهم داخل إطار لعبة الضوء ووفق قواعدها المتعارف عليها لدرجة أنها أصبحت عرفاً دارجاً ، وكلنا يعرف تفاصيل قواعد تلك اللعبة ..

 وسوي الذين يجيدون الرقص الرخيص بحكم شهرته في إرضاء قلب “أبونا الذي في المباحث” و “أبونا الذي في المخابرات” ..

 وهذان الجهتان هما أكبر منتج للسينما والتليفزيون والمسرح وحتي الثقافة في مصر منذ عقود طويلة !!

 لكي تتأكد من هذا ، كل ما عليك أن تحصي أفلام ما بعد ثورة “يناير” ، وسوف تكتشف علي الفور أن كل الأفلام التي لمست ثورة “يناير” صنعت عن عمد لتنتمي إلي فن المناسبات الذي لا يترك أثراً !!

 وسوف تكتشف أن بعض المتحمسين ظنوا خطأ أن القادم سوف يجب ما قبله وصنعوا فيلماً كـ “الفاجومي” وأحرزوا الخيبة والخسارة !!

 سوف تكتشف أيضاً ، وهذا هو الأهم ، أن فيلم “المصلحة” ، وهو أحد أهم أفلام ما بعد الثورة كتب خصيصاً لتجميل وجه الداخلية في الأذهان ، وارهاص مبكر يمهد القلوب للحرب التي تدور الآن رحاها في سيناء !!

 “سيمون” فنانة متزنة في زمن أصبح فيه معظم الفنانين في مصر أقلية لا تتمتع باحترام كبير من جراء موقفهم المضاد للثورة ووقوفهم في خندق عدوِّ الشعب الذي منحهم عن طيب خاطر لقب “الفنان” من الفراغ !!

 ويا ليتهم اكتفوا بالوقوف في خندق الحاكم فقط ، بل رأينا بعض المنجِّدين بدرجة (فنانين) ، وبعض العاهرات بدرجة (فنانات) يهاجمون متظاهري التحرير ويرجمونهم بأحط التهم ويحرضون علي حرقهم !!

 لقد أسقطت اختبارات الثورة كل الأقنعة وما زالت ، حتي بعض الفنانين القلائل الذين ربحوا بانضمامهم إلي صفوف الثوار شلالاً من الضوء ما كانوا ليحصلوا عليه أبداً بالعمل لسنوات طويلة كـ “فنانين” فقط ، انضموا الآن إلي صفوف المتلونين !!

 مع ذلك ، واظبت “سيمون” ، وهي من خندق “ميدان التحرير” ، علي حراسة اتزانها حتي الآن علي الأقل ، بالرغم من أنها لم تتربح كالآخرين ، ضوءاً علي الأقل ، من التجارة بالنزول إلي الميدان ، بالعكس ، فما من شك في أنها عازفة بقرار داخلي عن الظهور وهو الآن بالذات هين ، بل أصبح بمقدور كل شئ قرأ ثلاثة أعداد متعاقبة من مجلة “الكواكب” أن يفوز بنصيب من الضوء الرخيص بدرجة “محلل سياسي” ..

 “سيمون” أيضاً سيدة عمق لكنها ليست سيدة أفق ، وهذا تعقيب ضروري علي تفاقم الإحساس المرهف داخلها وتفاقم الإحساس بالذات داخلها في الوقت نفسه ، وهو مزيج من الأحساسيس يندر أن يجتمع في عمق واحد ، ولكنه ،علي هذا ، مزيج شهير بين المبدعين عامة !!

 من المؤسف أن هذا المزيج ينجم عنه غالباً طبعٌ يظنه الآخرون ضعفاً في الشخصية أو رومانسية مسرفة ..

 وهكذا سيدة لا يمكن أن تستمر حتي النهاية دون محور تدور حوله ، بمعني آخر ، محور يديرها هي نفسها ، لأنها ببساطة فاشلة في إدارة موهبتها وتسويقها ، وأكاد أجزم أن العظيمة “فيروز” ما كانت لتصل إلينا العظيمة “فيروز” التي نعرفها الآن لولا أن الطبيعة التي منحتها ذهب الحنجرة ، منحتها أيضاً وجود حارس لهذا الذهب الذي انصهر ايقاعات خالدة ، أقصد “عاصي الرحباني” ، فشكراً للطبيعة !!

 أيضاً ، هكذا سيدة لابد أن تصاب بفوبيا التقدم في العمر واختبارات التجاعيد إلي حد تحصي معه كل يوم يمر من عمرها عاماً يسطو علي الكثير من فتنتها ومن رصيدها في قلوب عاشقيها ، دون أن يدور ببالها أن اليوم الذي مر من عمرها مر أيضاً من أعمار عاشقيها ونال منهم ما نال منها !!

 وهي في هذا تتماهي مع نجمتين من أجمل نجمات الفن المصري علي الإطلاق ، وهما “سعاد حسني” و “هند رستم” ، “سعاد حسني” علي وجه الخصوص ، ربما لأنها ولدت هي الأخري نجمة مباشرة !!

 ولا يخفي علي أحد من المهتمين أن هاتين النجمتين لم تربيا كالأخريات من العمل بالفن ثروة ، كما آثرت كلتاهما  الغياب والعزلة تحت ضغط الإحساس بانحسار الشباب عنهما ، حتي عندما أقنع البعض “سعاد حسني” بضرورة العودة إلي جمهورها في فيلم “الراعي والنساء” ، حدث أن حسم ارتباكها أمام الكاميرا الكثير من لياقتها التمثيلية ،،

 كما لا يخفي علي أحد أن أكبر لطمة وجهت إلي “سعاد حسني” هي موت الشاعر “صلاح جاهين” ، ذلك أنها كانت تري فيه ، لسبب ما ، المحور الذي تدور حوله ، ولها حول تلك العلاقة النادرة أقوال مشهورة ، ويروي بعض من لمسوها عن قرب في آخر أيامها أنها كانت في قرارة نفسها ترثي كل يوم نفسها ببعض من أشعار “جاهين” ، وهي كلمات تلخص كل ما أردت أن أقول :

 آدي اللي كان / وآدي القدر / وآدي المصير / نودع الماضي بحلمه الكبير / إيه العمل في الوقت ده يا صديقي ؟

 “هند رستم” أيضاً ، لعب المخرج “سيف الدين شوكت” دوراً مفصلياً في صنع أسطورتها الجهمة ، لكنها ، برغم بدايتها التي تتشابه إلي حد كبير مع بداية “كيت بلانشيت” ، فقد بدأت ككومبارس أيضاً في فيلم “غزل البنات” ، تردد مع فتيات المجاميع خلف الفنانة “ليلى مراد” أغنية “اتمخطري واتمايلي يا خيل” ، برغم بدايتها المتواضعة اختارت الانسحاب إلي ركنها المنعزل لإحساسها المرضيِّ بانحسار جمالها !!

 وهذا الإحساس مرضي كما قلت سابقاً ، وغير مبرر ، وهو ناجم قبل كل شئ عن هواجس مضللة ،،

 أتذكر أنني ، عندما رأيت في برنامج للفنان “سمير صبري” لأول مرة الفنانة “لبني عبد العزيز” في هذا الطور من حياتها ، بعد مساحة شاسعة من الغياب ، أصبت فعلاً بصدمة ميسرة ، لكن ذلك لم يشوه بأي شكل صورة الفنانة الشابة “لبني عبد العزيز” المحفورة في ذاكرتي ، إنما شوه صورتي أنا ، فقد اكتشفت أنني لم أعد ذلك الطفل الذي يخجل من كل الغرباء الذين يزورون بيتنا من أقربائي ، وربما تطور الأمر إلي البكاء خجلاً عندما يحاول أحدهم تشجيعي علي مصافحته ، هذا كل شئ !!

 في النهاية ..

 هذه دعوة مفتوحة لـ “سيمون” ، بالنيابة عن كل مراهقي منتصف الثمانينيات وبداية التسعينيات ، الذين أصبح الآن معظمهم آباءً وأمهات لمراهقين ، لاستئناف أسطورتها ، ليس من أجلها هي إنما من أجل كل قلب لها فيه غابة من الذكريات التي بلون الياسمين الأزرق ، هناك عند كل شئ ، ورائحة الصبا الأخاذة ..

 مع الأخذ في الاعتبار قبل كل شئ أن هذه المساحة الشاسعة من الغياب لا يمكن أن يملأ فراغاتها سوي عمل كبير للسينما أو التليفزيون أو المسرح ، ليس الغناء خارج إطار الدراما علي كل حال ، فقد خرج من عباءتها جيل من الفنانات سيدات آفاق ، يجدن فن التسويق لما يقدمن بشتي صوره ، ويقبلن عن طيب خاطر كل ما تمليه عليهن قواعد اللعبة ..

سيريان تلغراف | محمد رفعت الدومي

(المقالة تعبر عن رأي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock