ما هو إختلاف بين الثورة المصرية و الثورة الأوكرانية ؟ .. بقلم مريام حجاب
بدأت في أوكرانيا في نوفمبر العام الماضي المظاهرات السلمية من أجل توقيع إتفاقية الشراكة مع الإتحاد الأوروبي ثم تم تحويل هذه الإحتجاجات إلى الإشتباكات بين المتطرفين و الشرطة. و قال زعماء المعارضة الأوكرانية في البداية عن فكرة الإلتحاق بالإتحاد الأوروبي و لكن بعد 2-3 أسابيع ظهرت التصريحات عن الإنقلاب و إسقاط السلطة في البلد.
يؤكد الخبراء أن زعماء المعارضة فقدوا السيطرة على المتطرفين الذين اليوم يضربون قنابل المولوتوف تجاه الشرطة و يحرقون الدواليب و يقيمون الحواجز في الشوارع و يقتحمون المباني الحكومية. يقوم الرجال في الشوارع بالإحتجاجات ضد النظام و ضد زعماء المعارضة و يعترفون بسلطة زعماء الشارع فقط.
من المستغرب أن إنتظرت و شهدت السلطات الأوكرانية بالصبر كيف يقوم المتطرفون بإستيلاء على السلطة في المناطق الغربية. يشرح الرئيس الأوكراني موقفه بعدم وجود رغبة الدماء عنده و لكن في فترة ما بين نوفمبر العام الماضي و الوقت الراهن يتوفر في المستشفيات كثير من الناس مع الإصابات المختلفة. و بينهم يوجد المتظاهرون المحتجون و رجال قوات الأمن.
في تلك الأيام تم إعتقال عدة محتجين و فتحت التحقيقات في القضايا الجنائية لكن لم تحول هذه القضايا إلى عقوبة السجن. قدمت السلطات تنازلات للمتظاهرين حسب إتفاق يتمثل في إفراج عن جميع المعتقلين بشرط إخلاء المباني الحكومية التي استولى عليها المعارضون و فتح وسط مدينة كييف للمرور. قد إنتهى موعد العرض في تأريخ 17 فبراير.
غادر المتظاهرون كل المباني مساء الأحد المناسب لتأريخ 16 فبراير و بعد ذلك في تأريخ 18 فبراير بدأت الإشتباكات بين المتظاهرين و الشرطة في وسط العاصمة الأوكرانية. خلال يوم واحد حاول المعارضون إستيلاء على مكاتب الإدارات الإقليمية في المناطق الغربية الأوكرانية. في الوقت من 18 حتى 19 فبراير قتل 25 شخصاً و أصيب أكثر من ألف شخص أثناء الإشتباكات في كييف.
بدأ كل الشيء من البداية وأصبحت المعارضة إحتجاجها بالشكل الأكبر. لكن عند السلطات يتوفر الحق المعنوي لإقامة النظام في كييف.
من المرجح أن يانوكوفيتش حاول حتى الآن التوازن بين الولايات المتحدة و أوروبا و روسيا من أجل عدم حصول على الإنتقادات من الجانب الواحد و عدم فقدان التمويل من الجانب الآخر. و في الواقع ظهرت الإنتقادات بشكل أكثر مما كان قبل ذلك. قررت روسيا إيقاف تسليم الشريحة التالية بمبلغ ملياري دولار و كان من المقرر تقديم هذا المبلغ من أجل شراء سندات اليورو. و في النتيجة يقع الرئيس الأوكراني في الحالة غير المفيدة له.
الحالة الراهنة في أوكرانيا حيثما توجد الإحتجاجات في الشوارع و قنابل المولوتوف و الدواليب الحارقة و الحواجز و كذلك يتوفر رئيس البلد غير المريح للغرب ها هي حالة متشابهة للحالة التي شهدناها في مصر حيث بمساعدة و جهود الولايات المتحدة تم تنظيم الثورة التي سمحت للإخوان المسلمين بإستيلاء على السلطة في البلد.
من الممكن تأكيد تشابه السيناريوهات المصرية و الأوكرانية بالصفات التالية: تشابه في الأساليب تنظيم الإحتجاجات و تشابه في التفاصيل مثل إستعلامات حول الملابس و الحاجات الشخصية أثناء المظاهرات. هنا صورة و نشوف عليها تشابه الإرشادات. لكن يوجد إختلاف واحد: الورقة باللغة العربية تم نشرها في عام 2011 في ميدان التحرير بالقاهرة و الورقة باللغة الأوكرانية تم نشرها في عام 2013 في ميدان الإستقلال بمدينة كييف.
إن ليوم الوضع في أوكرانيا خطير. ليس خطر في تغيير الرئيس أو الحكومة: تم تغيير سلمي للسلطة في أوكرانيا أثناء الثورة البرتقالية في عام 2004. و في الواقع يوجد خطر في أن أوكرانيا تقف الآن قريباً من الحرب الأهلية و الإنقسام على بلدين – أوكرانيا الغربية و أوكرانيا الشرقية. بينما يدعم أهل المناطق الغربية الإحتجاجات والمتطرفين و في نفس الوقت أهل المناطق الشرقية ضد الإحتجاجات بصورة كاملة.
لم يوجد في مصر إنقسام البلد على المناطق الغربية و الشرقية و لكن مع ذلك تم إنقسام البلد بالصورة الواضحة على مؤيدي الإخوان المسلمين و معارضين لهم: إنتصر محمد مرسي في الإنتخابات بالتفوق الأقل و ترأس البلد في الفترة غير الطويلة.
في الوقت الراهن المجتمع الأوكراني متفرق بالشدة فليس معنى لإجراء الإنتخابات المبكرة لأن نتيجة هذه الإنتخابات غير متوقعة بالشكل الكامل. و بالصورة الأقصى توجد الأمكانية حيثما المتطرفون الذين اليوم يدمرون مدينة كييف و يطلبون إسقاط رئيس يانوكوفيتش فهم سيخرجون بعد الإنتخابات إلى الشوارع وسيقومون بنفس الإحتجاجات حتى ضد الزعماء الحاليين للمعارضة.
سيريان تلغراف | مريام الحجاب
(المقالة تعبر عن رأي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)