شيفرة الشيخة موزة !! .. بقلم محمد رفعت الدومي
لا يستطيعُ الكاتبُ أن يواظب علي حراسة بوابات الصمت ، وأن يتجنَّب إغواء الهواجس ، ويضعَ نفسه علي هامش حدث باهظ ، أو حجر باهظ علي وجه الدقة ، قذفت به “الفيفا” جبهة العالم ، بلغ من القوة عتبةً ، ارتدَّ معها إلي جبهتها هي ، وحرَّض الغبار حول الشرف في وجهها الغامض ، وحرَّض أيضاً الكثير من أمواج الصخب علي كل ساحل !!
وبالإضافة إلي هذا ، فإنَّ الكاتب حين يتحدَّث عن الغريب ، فهو يتحدَّث عن الإطار الذي يحدده بغضِّ النظر عن الدوائر غير المكتملة !!
من العدالة ، قبل أن أحكي شكوكي ، أن أوقِّعَ إعجابي بـ “قطر” ، برغم أنها ، وربما بفضل أنها ، إحدي دول القبيلة وحَرَج الأفق والبعد الواحد ، مع هذا ، فقد استطاعت أن تمتلك رؤية روحية تسمح لها بتفهم الواقع وتجاوز مظاهره ، وتدرك أن الغاية ليست بلوغ السماء بمواجهة التجارب والصعاب فقط !!
وكما أن في ارتفاع شجرةٍ شبهة البحث عن روحها ، فإن في ارتفاع “قطر” السريع شبهة البحث عن روحها أيضاً ، وترميم جرحها الذي تناسل في دمه الكثيرون بالسخرية من ذلك “التواليت” القديم في طريق الحجيج الذي أصبح الآن “قطر” ، وأصبح المحور الذي تدور حوله سياسة الوطن من الماء إلي الماء !!
إنَّ من اللياقة ألاَّ يمنعنا الغرور أن نعترف بأنَّ قطر قد ارتقت ذروة فادحة لا تتَّحدُ بغباء موقعها أو ضمور تاريخها ، كما من اللياقة أيضاً أن نتسائل علي أيِّ زندٍ تواصل ارتفاعها ؟
إنَّ قطرة من غيوم الهجوم والسخرية والتشكيك في نزاهة التصويت التي سالت تعقيباً علي فوز “قطر” باستضافة كأس العالم للعام “2022” ، كانت محرضة ولامعة بالقدر الذي يكفي ليلهمني ما وراء كواليس هذا الفوز الممتاز !!
وهل الواقع إلاَّ منظومة شكوك تمَّ التحقق من صحتها ؟!!
ذكرت صحيفة “الجارديان” البريطانية في سخرية لاذعة أن ستاد “الوكرة” الذي تمَّ الكشف عنه كأول الملاعب التي سوف تستضيف مباريات المونديال ، مثل “المهبل” العملاق ، وخاصة حينما تمَّ التقاط صورة بانورامية له من أعلى !!
لقد أدهشني كيف مرَّت هذه الصورة المضيئة بكاتب المقال ، إنجليزيِّ الجنسية الذي أنفق عمره ، ككلِّ إنجليزيٍّ ، في قلب جزيرة عامرة بصخب “البنَّائين الأحرار” ، دون أن تلمس في عقله شيئاً !!
زعم القطريِّون أن فكرة الشكل مستوحاة من قارب قديم كان يجوب الخليج ، وهذا ليس صحيحاً علي الإطلاق ، ولا ينبِّه نظرية ، وإنما هو تكريمٌ مبرر وضروي ، لأحد أهم الرموز الماسونية علي الإطلاق ، المهبل ، أو الكأس المقدسة !!
كأنَّ اتفاقاً مبيَّتاً حدث بين “رعاة الماسونية العالمية” و “قطر” ، بأن تفتح الأخيرة للكأس المقدسة ، مقابل الدعم الطليق حول موائد التصويت المدبَّر ، بوابات الجزيرة العربية ، علي بعد حزمة من الأميال من موطن الكأس المقدسة الأصلي ، جهاريِّاً ، ولأول مرة ، ثم العمل بعد علي أن يحرس البدو البوابات ، والوطن يغط بأوجاعه ، والردة تبدأ في العقول علي الدوام !!
وهم لها ، وهم المرابون الممتازون ، وهم الذين يتجوَّلون بأحذيتهم ، ووحدهم ، في عقل الكون من القطب إلي القطب ، وهم المستشارون وإن غابوا في لمن تذهب جوائز “نوبل” ، لكن صناعة الحرب أكبر أعمالهم مدعاة لفخرهم علي الإطلاق !!
ما هي – والتأنيث هنا متعمد – الكأس المقدسة ؟!
وأري من الواجب تكريماً للغة هذيل أن يكون السؤال هكذا : من هي الكأس المقدسة ؟! ، ولا أري بأساً في المزاح الثقيل لبعض الوقت ، وإن كانت أعتاب حواسي النقية كلها قد انهارت !!
الكأس المقدسة في الميثولوجيا المسيحية ببساطة ، هي الكأس التي استخدمها “يسوع” في العشاء الأخير ، وأكمل وأنا مزدحم عن آخري ، لكن بما لايتَّسع لانسكاب اللعنات ، أنَّ “يسوع” ظهر لتلميذه السرِّي “يوسف الرامي” وأعطاه هذه الكأسَ ليحملها إلي خرافه من اليسوعيِّين في بريطانيا ، ويزعمون بعد ذلك أن “يوسف الرامي” جمع بها قطرات من دم المسيح قبل أن يفرَّ بدينه إلي هناك ، وخبَّأها هناك تحت حراسة مشددة !!
أسطورة جميلة ككلِّ الأساطير ، ومشحونة الحيِّز لتداخلها مع الأساطير البريطانية والأسكتلندية الموجودة من الأساس ، مع الأخذ في الاعتبار امتداداتها الطبيعية من تلقائها ، لكن ، يكفي للحكم علي أسطوريتها أن نعرف أن علاقة “يوسف الرامي” بالكأس تعود إلي رواية من القرن الثاني عشر ، وعلي لسان الشاعر الفرنسيِّ “روبرت دي بورون ، ويجب الأخذ في الاعتبار لقب الشاعر إلي مدي بعيد ، وربما إلي مدي أبعد فرنسيته !!
ولقد تناسلت في دم هذه الأسطورة الكثير من الأساطير أشهرها أسطورة “الملك آرثر” المتجددة ، ذلك الرجل الذي كرَّس فرسانه فقط للبحث عن الكأس المقدسة ، وكرَّس مقعداً لمن يعثر علي الكأس المقدسة عُرِفَ بالمقعد الخطير !!
وتنسب بعض الأساطير بكرم زائد عن الحدِّ للكأس المقدسة مهاماً مضحكة ، فهي تقدم الطعام ، وتخدم في بلاط الملوك دون خدم !!
وعليَّ أن أتغابي وأصدق أنَّ “برسيفال” كان بطل الكأس للحظة لها ما بعدها ، حيث يقول “فولفرام فون اشنباخ” في قصة “برسيفال” :
(إنَّ الكأس ممثلة في حجر ثمين أنزلته الملائكة إلى الأرض ، وعهدت بحمايتها إلى ملك الكأس ونسله )!!
إنَّ القلب ليكاد ينفطر حزناً من اصرار التراثيِّين علي إجهاد الملائكة وتكليفهم بمهام تفوق طاقة البشر!!
لكن من هو ملك الكأس ونسله ؟! ، وهل يعنون ملكاً بعينه ؟! ، لعلهم !!
من المهم أن أذكر أيضاً أن اسم الكأس المقدسة بالإنجليزية مشتقٌّ من أصل لاتيني يعني “الطبق” ، لكن الأهم ، بل الأكثر أهمية ، أنَّ اسمها في الإسبانية القديمة يعني “الكأس التي لها شكل الهاون” ، وهنا لابدَّ أن يضئ الأمر مباشرة ماذا يعكس شكل الهاون في الذاكرة ، المهبل بالضرورة !!
ثم اتخذت الكأس المقدسة منذ ميلاد تنظيم “فرسان الهيكل” ، النواة الأولي للماسونية ، بعداً منوطاً بأن يطعن الظاهرة المسيحية في الصميم ، وهذا ما حدث تقريباً أو يكاد ..
من المؤكد أن “فرسان الهيكل” كانوا خط الدفاع الأول عن المسيحية لعقود ، وأنهم كانوا يسكنون بالقرب من هيكل سليمان ، وأنهم أيضاً قاموا ، لسبب ما ، بحفائر بالقرب منه ، ولابدَّ أنهم وجدوا شيئاً جعلهم لا يتشككون في تعاليم المسيحية فحسب ، وإنما جعلهم يتحولون إلي أشدّ أعدائها خشونة !!
هل وجدوا جثمان “مريم المجدلية” كما اقترح السيد “دان براون” في شيفرة دافنشي ؟ ، هذا لا يعنيني الآن ، وكلُّ ما يعنيني الآن ، أنَّ المهبل وهو من أشهر رموزهم ، يشير إلي عبادة الإلهة الأنثي ، جوهر تعاليم الماسونية الممتاز !!
وسوف أنهي كلامي هذا بتوقيع تهنئتي لـ “قطر” بالإلهة الجديدة ، وإن كانت عبادة الأنثي هناك شهيرة ، فلا يخفي علي أحد أن “الشيخة موزة” هي حاكم “قطر” من خلف حجاب ، وبتصرفات مرتفعة !!
كما أهنئهم أيضاً بانخراطهم في الكون الكبير ..
وتعقيباً علي النهاية ، أنهي كلامي بنص لـ” بودلير” ، خصصه للموسيقي “فاجنر” ، وهو من أشهر الماسونيين علي الإطلاق ، كما ازدحمت أعماله بالتبتل في الإلهة الأنثي ، وأوبرا “النايات الساحرة” علي وجه الخصوص ، التي يقال أنها مستوحاة من الأسطورة المصرية “إيزيس وأوزوريس” ، ولعل هذا أسلوبه في الإسقاط علي “المجدلية ويسوع” ، يقول “بودلير” ، وهي يتغزل في “الشبح المضئ” الذي هو الإلهة الأنثي بكل تأكيد :
( منذ الألحان الأولي انغمرت روح الناسك التقي الذي ينتظر الكأس المقدسة في الفضاء اللا نهائي ، وشيئاً فشيئاً رأي شبحاً آخذاً في التشكل ، وعندما اتضح الشبح مرت عصبة الملائكة الرائعة ، تحمل في وسطها الكأس المقدسة ، يقترب الموكب المقدس ، وشيئاً فشيئاً يرتفع قلبُ المختار من الله ، ينتفخ القلبُ ويتمدد ، تحركه أشواقٌ مقدسة ، ويستسلم لمتعة متزايدة ، وعندما يقترب من الشبح المضئ ، وعندما تظهر في النهاية الكأسُ المقدسة ذاتها في وسط الموكب فإن القلبَ ينغمر في افتتان منتشي وكأن العالم كلَّه قد اختفي فجأة )
ولقد صدقت نبوءة “بودلير” واختفي العالم فجأة عندما ظهرت الكأس المقدسة في “قطر”، ففازت بتنظيم كأس العالم للعام (2022) !!
أكرر تهنئتي ..
سيريان تلغراف | محمد رفعت الدومي
(المقالة تعبر عن رأي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)