مقالات وآراء

وثيقـة العهـد … الدين لله والوطـن لجرجس وياسين !! .. بقلم خالد صادق عبد العزيز

هل سمعت من قبل عن وثيقـة العهـد……؟؟

أنها رقعة من الجلد موجودة داخل مكتبة  “مخبأ العقيدة ” الذي تحول فيما بعد إلى دير سانت كاترين في العصر المسيحي, ويرجع تاريخ هذه الوثيقة الي السنة السابعة للهجرة الموافق 629م  وهي عهد أمان للنصارى يؤمنهم فيه الرسول على أرواحهم وأموالهم وتجارتهم, وهذه الوثيقة تعتبر علامة بارزة في التسامح والتساهل وحسن المعاشرة بين المسلمين والمسيحيين.

وإليكم بعض الاحداث والوقائع الهامة في حياة الرسول صلي الله عليه وسلم .

وثيقة العهد النبوية :

كتب هذه الوثيقة على بن ابى طالب بخط يده  فى المسجد النبوي الشريف, ووقع عليها من الصحابة ابو بكر الصديق ، عمر بن الخطاب ، عثمان بن عفان ، على بن أبى طالب ، عبد الله بن مسعود ، العباس بن عبد المطلب ، الزبير بن العوام ، رضي الله عنهم , وأليكم بعض ما جاء في هذه الوثيقة

“هم في ذمتي وميثاقي وأماني  من كل مكروه .. لا يغير أسقف من أسقفيته ولا راهب من رهبانيته ولا يهدم لهم بيت .. ولايباع لهم سكن ولا يدخل شئ من كنائسهم فى بناء مسجد .. ولا يحمل على الرهبان والأساقفة ولا من يتعبد جزية ولا غرامة .. ولا يجادلوا إلا بالتى هى أحسن ويخفض لهم جناح الرحمة ويكف عنهم أذى المكروه حيث ما كانوا وحيث ما حلوا .. ومن يحتمي بهم يدخل في ذمتي وفي أماني ويعاونوا على تجارتهم وصوامعهم .. ولا يلزمون بالخروج في حرب .. فمن فعل شئ غير ذلك فقد نكث عهد الله وخالف رسوله “.

وكان رد رهبان دير سانت كاترين, في هذا الوقت هوبناء مسجد للمسلمين بجوار الدير, وحول هذا الدير يرقد جسدا نبينا موسي وهارون وهناك جبل المناجاه الذي صعد عليه سيدنا موسي ليتلقي عن ربه الواح الوصايا.

نبـوءة الرهبان النصـاري بنبوة سيـدنا محمـد صلـي الله عليه وسلـم :

هناك علاقة وطيدة بين المسيحيين والاسلام  حتي قبل بداية الرسالة المحمدية, وحسب ما ذكرته السيرة النبوية لم تقتصر علاقة سيدنا محمد بالنصاري ببعض نبوءات الرهبان المسيحيين مثل الراهب ” بحيري ” الذي تنبأ لعم الرسول أبو طالب بنبوة محمد منذ صباه وأن هذا الصبي سيكون له شأن عظيم, ونتذكر ورقة بن نوفل وهونصراني الديانة وبن عم السيدة خديجة بنت خويلد أول زوجات الرسول, وهذا الرجل أول من بشر السيد ة خديجة بمكانة زوجها العظيمة, ثم بعد نزول الوحي علي سيدنا محمد هوالذي أكد وبارك للسيدة  خديجة  بصدق الرسالة المحمدية وبأن زوجها هو الرسول المنتظر ونبي هذه الامة.

 هجـرة المسلمين الاولي الي أرض الحبشـة في ظـل حكـم النجـاشـي :

عندما بدأ الرسول الكريم دعوته الي الاسلام وقف المشركون في وجه هذه الدعوة بكل شدة وعنف, وضيقت قريش الخناق علي المسلمين الاوائل وحولت حياتهم الي جحيم, فأخذ المسلمون يبحثون عن مكان أمن يلجئون إليه, حينها طلب الرسول من أتباعه الهجرة الي الحبشة لان بها ملكا لايظلم عنده أحد, والمعروف أن النجاشي ملك الحبشة كان نصرانيا, ولكن الرسول اطمأن الي عدله وحسن معاملته وكان في هذه الهجرة خير للمسلمين إذ استطاعوا الحفاظ علي إنفسهم ودينهم في بلد يدين بالمسيحية .

 وبعد سنوات من الاستقرار وأنتشار الدعوة الاسلامية, علم الرسول صل الله عليه وسلم بوفاة النجاشي فحزن عليه و طلب من أتباعه الصلاة بالمسجد “صلاة الغائب ” علي روح هذا الملك وكان ذلك أول حداد أسلامي, تكريما لهذا الملك المسيحي .

وفي حديث صحيح عن الترمذي : حدثنا أبو سلمة …. قال لنا رسول الله صل الله عليه وسلم ” إن أخاكم النجاشي قد مات فقوموا فصلوا عليه, قال عمران : فقمنا فصففنا كما يصف علي الميت وصلينا عليه كما يصلي علي الميت “

 ” سنن الترمذي – كتاب الجنائز – باب ما جاء في صلاة النبي علي النجاشي – حديث رقم  1039″

ولاشك أن هذا العمل الذي قام به الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم كان تقديرا وأعترافا منه بما قام به النجاشي من الحفاظ علي حياة المسلمين ودينهم  في ظل حماية تامة لايؤذيهم  أحد, يعملون ويمارسون حياتهم الطبيعية  وشعائرهم الدينية في حرية تامة .

زواج النبي مـن مـارية القبطيـة :

كما تزوج الرسول صلي الله عليه وسلم من امرأة مسيحية, وهي السيدة مارية بنت شمعون القبطية التي أهداها إليه المقوقس ملك مصر, وذالك حين دعاه سيدنا محمد الي الاسلام, وأنجبت السيدة مارية إبراهيم إلا أن الطفل لم يعش طويلا .. وتوفيت السيدة مارية في عهد عمر بن الخطاب وصلي عليها بنفسه وكان يحشر الناس الي جنازتها ودفنها بالبقيع .

وفـد نصـاري نجـران :

بعد هجرة الرسول صلي الله عليه وسلم الي المدينة, جاء وفد من نصاري نجران لزيارته وكان عددهم ستون رجلا, وأستقبلهم الرسول بالمسجد النبوي وقد حانت صلاتهم, وقال أميرهم للرسول نريد أن نصلي, فقال النبي صلي الله عليه وسلم لاصحابه دعوهم يصلوا, وبالفعل صلي هذا الوفد النصراني داخل حرم المسجد النبوي الشريف .

بعد سرد هذه المواقف والاحداث, نحن في حاجة الي رؤية تطرح كل القضايا بشفافية كاملة, رؤية تنهض بقيم المواطنة والمساواة, رؤية تحترم العقائد والمعتقدات الدينية, وتؤمن أن مصر للمصريين, وأن نبني سويا مجتمعا أنسانيا يعيش فيه كل فرد حياة كريمة وحرة في إطار من المساواة والعلاقات الانسانية الحقيقية بين الطرفين, وعلينا ان ننظر الي إختلافنا بصورة إيجابية وحضارية في إطار من التسامح واحترام الاخر, وقبوله كما هو بلا عنف او أحتقار, ونعلم جميعا أن الثقافة القبطية جزءا من ثقافة المسلم كما تمثل الثقافة الاسلامية جزءا من هوية المسيحي, واطلق سبحانه وتعالي الحرية لكافة الناس أجمعين في الاستجابة أو الرفض.

وفي النهاية … نتذكر أخلاق الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم, كما وصفه رب العزة بالخلق العظيم والسنة النبوية الشريفة بما فيها من تسامح ومودة ورحمة, أن معني السنة هي الافعال الدالة علي القيم والاخلاق وليست اي افعال اخرى .

سيريان تلغراف | خـالـد صـادق

(المقالة تعبر عن رأي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock