رحلةٌ في دفاتر الحقيقة .. في سوريا أبوين وجنين وذات حروف الإسم .. بقلم نمير سعد
ليس أصدق من الكلام الذي يسافر من محطات الوجدان وساحات الضمير ، ليلقي التحية على العقول التي ترافقه أو تلك التي يلتقيها في رحلته على الطريق ، أو حتى تلك التي لا تهوى السفر لكنها لا تمانع أن تتلقى بطاقاتٍ بريدية من هذا المسافر أو ذاك . يسرد كلٌ على طريقة وجدانه حكايته ومشاهد طريق رحلته . تسعدني صحبتكم ،، لكن جعبتي للأسف خاليةٌ من كل أنواع الشعر والطرب والغناء والموسيقى والحكايا التي تهوون ، وليس فيها ما يسر الخاطر عدا بضع كلماتٍ إختبأت في قعرها ، لكن كل ما فيها ، سواده وبياضه ليس سوى بعضٌ من سواد أو بياض الحقيقة .. لكم أن تكونوا واثقين . في البدء كان التزاوج .. عقد لواطٍ بين صهيوني يهودي الديانة إسمه عبري ، و صهيوني وهابي العقيدة إسمه عربي ، وكان الحمل في رحم الشيطان ، فما كان للذرية أن تكون سوى شياطين ترعرعت في أحضان وكنف الشيطان الأكبر . وكان آخر تلك الشياطين نتاج لواط صهينة عربي وعبري فكرة إبليسية سمية الهدف والفعل والأثر ، بذرةٌ تبحث لها عن تربةٍ خصبة ، و كان لها ما أرادت .. وحشٌ اختاروا له ذات حروف إسميهما فأسموه ربيع . تصخب في ذهني كما ملايين السوريين منذ ولادة ربيع الوحش أسئلة عديدة تعيد طرح نفسها بلا كلل ولا ملل ، فلا حواجز تعترضها ولا عوائق تقف بينها وبين أجوبتها الواضحة التي تعلن عن نفسها بالبداهة والبرهان والدليل ، وهي تتعلق في معظمها بربيع .. ربيع القادم من جحيم الأرض أو جحيم ما يفترض أنه عقول أبنائه .. ظنه البعض رائعاً ساحراً مشرقاً سيغير وجه العالم بقدراته الخارقة ، سعى هذا البعض جاهداً لإقناع نفسه وغيره بأن ربيع منةٌ من الله أنعم بها على عباده الصالحين . وخص بها المؤمنين به من المسلمين ، ” فقط المؤمنون بمذهب ربيع وطائفته ” ، أنزلوه منزلةً إلهية ، ألبسوه قبعةً تشي غيفارا حين الضرورة ،و فصلوا له قرآناً على مقاسه ساعة حانت غير ضرورة ، و جعلوه ديناً جديداً من آمن بغيره فهو ملحدٌ كافرٌ زنديق ، دمه وماله و عرضه و جسده و روحه حلالٌ .. حلال . وكان للبعض الآخر في هذا الخصوص غير رأي وغير موقف وإعتقاد ، لم يشكل ربيع بالنسبة لهؤلاء سوى أقذر وأبشع وأنذل وأحقر ما عرف البشر من المؤامرات عبر تاريخهم القديم والمعاصر ، و أنا اليوم إذ أعطيه توصيف التوحش فإنني أعيد بعض عباراتي التي كتبت مباشرةً بعد الإعلان عن ولادة الفعل الحرام المدعو .. ربيع ..!!
لاحظوا أن “الصدفة العمياء ” قررت أن تكون الكارثة المسماة بالربيع العربي قبل كل شيء ” ثورةً ” وهذه حقيقة !! ، وما كذب ربيع ولا أبواه عبري وعربي في هذا الخصوص . لأنه كان ثورة ساحاتها العقل والوجدان والضمير والأخلاق ، ثورةٌ قلبت كل ما زين تلك الساحات على مر الزمان من قواعد وكل ما إفترشها من مفاهيم ، لاحظوا أيضاً أنه غزا شعوباً بعينها ” أو بعض مجاميع تلك الشعوب ” ، لاحظوا مثلاً أنه إستثنى كل أشباه الدول القبلية البدوية الأميرية و الملكية لبني هذا الآل أو ذاك . لكنه لم ينس أن يقوم ما إستطاع بعملية قتل ودفن ودثر مصطلحاتٍ بعينها وعباراتٍ إستهدفت فيها قيمتها الأخلاقية وأثرها الإنساني الإيجابي في الوعي الجمعي لشعوب المنطقة كالقومية والوحدة العربية والوطنية والتآخي والمحبة والتسامح والتعايش والسلم الأهلي والإخلاص والشرف والوطنية والإنتماء للأرض والتراب والوطن قبل الإنتماء لهذه الديانة أو تلك الطائفة ، وإستهدف شعارات بذاتها كالوطن أولاً ، أو نموت نموت ويحيا الوطن ، أو كلنا للوطن .. لكنه في المقابل خلق وإبتدع و نبش من الصفحات القذرة لكتب التاريخ الإنساني والأعرابي على وجه الخصوص مصطلحات وعبارات بديلة وفرضها ممارسة يومية مقروءة ومسموعة ومتناقلة عبر الأحاديث اليومية لبعض أبناء هذه الشعوب ، لتصبح جزءًا من حياتهم اليومية وتركيبة أدمغتهم وحجر الأساس في بنائهم الفكري والأدبي والأخلاقي . كان أهم من قام من المقابر وغادر الساحات الخلفية للأدمغة ليتصدر خشبة المسرح اليومي ويفقأ أعيننا ويخرم آذاننا مراتٍ عديدة في اليوم الواحد عبارات كالتكفيرالربيعي والفتاوى الربيعية وإقامة ” شرع الله ” بالجهاد على طريقة نهج آل ربيع ، الجهاد بالقول والسيف والبندقية .. والجهاد بالأعضاء التناسلية ، جهادٌ تكون ساحاته المخادع والأسرة ، وتمسي من خلاله كل أنواع الدعارة حلالاً زلالاً لها ثوابها يوم القيامة !! ، وكان أشهر من نهض من كفنه بعد أن دفنه التاريخ وووارته الذاكرة في رمالها .. ذلك السلوك البدائي الهمجي الطائفي الدموي القديم الجديد ، الذي كان أشهر ما أتانا به هو ” ربط ذبح الإنسان بالبسملة و ربط القتل والتدمير والإغتصاب بالتكبير … إنها القنابل الجرثومية الذكية التي تسللت عبر خلايا الجسد وشرايينه ، عبر حاستي النظر والسمع ،، لتستوطنه كما جزيئات النانو المتناهية الصغر بعد أن وصلت إلى العقول ، العقول التي خيضت في أزقتها أقذر المعارك وأكثرها لا إنسانية و وحشية-….
ولكن .. أليس من حق ربيع علينا من باب الإنصاف والموضوعية إن نحن تناولناه ألا نقف فقط عند عيوبه وعثراته وعوراته وآثامه وقذارته ودمويته ونذالته وقبحه وكفره وفجوره ومجونه ، ألا يحق لربيع أن يسائلنا ، لماذا نركز في أحاديثنا عنه على عمالة من رتبوا له أحرفه ووضبوا له حقائب السفر وأطلقوه وحشاً يسافر بيننا وفينا ويستوطن شوارعنا وأزقتنا ويقيم في بيوتنا ويندس في أسرتنا ويلقي برأسه العفن على وسائدنا ، ويصادر منا نومنا ويعوي إن غافلناه وسرقنا إغفاءةً قصيرة فيقتحم عالم أحلامنا كالغول ليحول كل ما كان له أن يكون حلماً عفوياً بسيطاً بريئاً أو ” غير بريء ” ، وردياً أو أبيضاً أو أزرقاً ، إلى مجرد كابوسٍ أسود ،، وأسود دائماً .. يتكرر ويتكاثر ويتناسل لينجب كوابيس سوداء هي الأخرى لكنها تتخذ لنفسها أسماء أخرى فمرةً أولاد ربيع ، ومرةً أيادي ربيع ، ومرةً عيون ربيع ، و مرةً دماء ربيع ، ومرةً فضلات ربيع . لما نشكو غزواته لعقولنا جميعاً .. ؟ أليس حرياً بنا أن نفخر بأن مقابل ما سقط أمام غزواته من قلاع بعض تلك العقول هنالك غير عقول تقاوم شروره بعد أن أقسم أصحابها على الصمود حتى آخر خلية من خلايا الدماغ أو آخر رمق من روح صاحب الدماغ … .
دعونا إذاً لا نذهب جميعنا بعيداً ..وبعيداً جداً في إسترسالنا ووصفنا لقبح ربيع ووحشية ربيع وتعداد موبقاته ، دعونا نفتش له عن ” مزايا أو حسنات ” دونما عجبٍ أو غرابة ، ولنتحدث بصراحة عن مهاراته وإمكاناته بشيء من الإيجابية .. الإيجابية المغرقة بالألم و المنقوعة بسائلٍ هو المرارة ولا شيء غير المرارة والمغمسة بعلقم الحقيقة ، فحقيقة حال العالمين العربي و الإسلامي كما تعرفون لها طعمٌ واحد .. هو العلقم . ولنبدأ بالتساؤل .. ألم يأت الربيع بحلة جديدة وألوانٍ جديدة بعيداً عن ألوان الخضرة وزاهيات الورود والأزهار ؟ ، ألم يصادر دور الخريف حين شن حملة تعرية لم تعرف لها الأرض ومن يقيم عليها مثيلا ؟ ألم يتفوق أيضاً على كل عوامل التعرية البيولوجية التي عايشتها الطبيعة ؟ ألم تتساقط فيه ومن خلاله أوراقٌ يفوق وزنها ” المعنوي ” أوزان كل ما سبق أن تساقط في الفصول الخريفية من الأوراق منذ بدء الخليقة ؟ ، ألم يتفوق أيضاً على كل ما إبتدعه عقل راقصات الستربتيز وبطلات حفلات التعري ؟ و هو الذي بدأ بنفسه فعرى ذاته من كل ما يعيق نظر الناظر أو يعطل أجهزة العقل في أدمغة متابعيه ” اللهم إلا من آثر هو أي يكون لفترة من حياته أو ربما لباقي سنوات عمره … كفيف العقل أو أعمى البصر والبصيرة ” وهذا فريقٌ كان في البدء واسع الطيف إن أردنا قول الحقيقة .. أقله خارج حدود الوطن السوري ، لكنه بدأ بالإضمحلال والذوبان مع تقدم ربيع في السن وتكشف عوراته حتى لكل أعمى القلب والعقل والنظر .. .
ألم يعري ربيعهم أصحاب الدشاديش حتى بانت منحنيات كروشٍ ثورية و تكشفت أوابد أعضاءٍ ثورية يصر أصحابها على ترميمها وإظهارها بالمظهر المتألق لزوم الجهاد ؟ ، ألم يسقط ربيعهم كل ما كان يعتلي الرؤوس عن الرؤوس ؟ بدءًا بالغترة والعقال إلى الطرابيش بكل انواعها ومقاساتها وموديلاتها وصولاً للقبعات الفريدة الشكل والطراز كالقبعة الأمريكية السامة و قبعة أحفاد الفاتح نابليون و باروكات ورثة الإمبراطورية التي عشقتها الشمس يوماً فلم تغب عنها ، و قبعة نسل الرايخ الثالث ، و لم ينس صديقهم ربيع أن يسقط كل القلنسوات الصهيونية التي كانت تختبئ تحت ما ذكرت من القبعات أو الطرابيش أو الغترات والعقالات الأعرابية ، ألم يسلخ ربيع عن أجساد العقول جلودها الإحتياطية ؟ ، ألم يدخل إلى صالات عقول آخرين ليرمي بكل ما ملكت أيمانه من أثاثها في مكبات القمامة ؟ .. ألم ينجح في مهمته حين رمى ستائر العقول وأرائك العقول ومكتبات العقول في مجارير الصرف الصحي ؟ ، ألم يحول عقول بعض ” المثقفين والصحفيين والكتاب و الإعلاميين ” إلى كباريهاتٍ للرقص و التعري الفكري و الأخلاقي ؟ .. بلا لقد فعل .. ورب ربيع … .
بقدر ما نحن متألمون ومفجوعون لمآسي وضحايا ثورة الكفر على الأرض السورية ، بقدر ما يجب أن نكون ممتنون وفخورون بحالة التفرد التي ظهرت بها الحالة السورية التي تميزت وتمايزت واختلفت بها عن كل حالات ودول وشعوب وأزمات وحروب الأرض ،، قديمها وجديدها ، فمشوار ربيع كان سهلاً كجريان الماء نحو عمق الوديان في غير بلدان وكان صاعقاً للعقول وأسراً للأدمغة التي ركبت أمواجه وسلمت له المراكب ودفة القيادة عن طيب خاطر . في سوريا ركبت الجموع مراكبه بدايةً بشكلٍ غريزي قطيعي ، ليغادر بعضها في بعض الموانئ المفصلية من رحلته ، وليرمي آخرون بأنفسهم من المركب مفضلين الموت حرقاً أو غرقاً على أن تسمهم وتصمهم صفة ثوار ربيع . كانت رحلته في سوريا رحلة بتذكرة ذهاب دون إياب ودون إقامة ، فلا أمل له أو لذويه بمكوثه على هذه الأرض .. فطهرها ببساطة لا يحتمل نجاسته ، وصمود أهلها لا يترك له ساحاً يمارس فيها دعارته كما يهوى ، وبأس أسودها يقصم ظهره ويقطع نسله .. فلولا صمود سوريا لما سقط ربيع مرسي الإخونجي ولولا صمود سوريا لما تآكلت الأرض تحت كرسي أردوغان وحزبه الإخونجي ، ولولا صمود سوريا لكان الحال غير الحال في تونس وليبيا واليمن ، ولولا صمود سوريا لما عاش صهاينة الغرب والبادية كابوس الهزيمة الذي يقض مضاجعهم …
أنها ثورة ربيع ، تلك التي أقامت بعض الألقاب الأعراس فرحاً وغبطةً ساعة وجدت ضالتها فيها لتعقد قرانها عليها ، وتلتزم معها برباطٍ ثوري ربيعي مقدس ، القابٌ فريدة .. كالثورة العميلة والثورة الخائنة والماجنة والداعرة ، والثورة التي يشرب ثوارها دماء أبناء الوطن نبيذاً ، الثورة التي تثمل وتعربد وترقص فوق جثامين وأشلاء ضحاياها من أبناء الوطن ، والثورة التي ترتمي على كل سرير لتضاجع كل عابر سبيل ، والثورة التي تهوى الإنحناء حتى تمشي على أربع ، وحتى يمتطيها هذا الدخيل أو ذاك العميل … . إنه ربيع الذي صال وجال في مشارق الأرض العربية ومغاربها قبل أن يحاصره حتفه على الأرض السورية الطاهرة ، ربيع الذي فاحت في الكون روائح عفنه بعد أن أعمل بواسل الجيش السوري رصاص بنادقهم في أنحاء جسده ليحولوا ما أريد له يوماً أن يكون جسداً إلى أشلاء تغرق في جراثيم كفر أصحابها ، لتنهش الجراثيم بعضها بعد أن أصاب الجنون والإيدز الثوري أبوي ربيع .. عبري الصهيوني ،، وعربي الوهابي …
سيريان تلغراف | نمير سعد
(المقالة تعبر عن رأي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)