الأشجار لغةٌ تستعير مخيلتي .. إلى سوريا قائداً وجيشاً وشعباً .. بقلم غالية خوجة
ليست الثلوج هي العواصف، بل الوقت الذي لا ينام
فوق الثلج شِعرٌ مجروح مثل حمامةٍ فرتْ من الجحيم
وخلفي، تركتُ بعضي رماداً،
وبعضي سَحاباً..
فمن ضمّ الكلمات والمعاني برياحي؟
ومن رأى شرودي حبّاتِ شكِّ تذوب بين الجراح والأرواح؟
أخبرتني الوشوشة الغائبة،
كيف تستعير الأشجار مخيلةَ الأمطار،
والحواس تتراكم ثلوجاً فوق الرماد،
والرماد يطير إلى مواقد اللحظة ليتدفّأ الكونُ بهواجسي..
وزعتُ على الماء بعض الجمرات،
فحملت الأعشابُ بنسياني،
وتاهت الفصول حتى تذكّرتْ ما رميتهُ من الأسئلة فوق الشعلات..
كيف أورثتُ الليلَ رياحي،
وخبّأتُ النهارَ في المصابيح،
فأشعلَ الأطفالُ شموعَ الميلاد..
وقريباً،
من موجة لا تعرف السكونَ ولا الضجيج،
هطلَ الزمانُ،
وتحولتْ نوايا الظلام سراخسَ..
بعدُ،
ما زالت الريح تنسحبُ من أوردتي،
والنار،
من نبضاتي…
والموسيقا،
من كلمةٍ لن تعرفها اللغةُ قطّ..
وتماوجتُ،
داخل المعاني المشتعلة،
خارج الوقت النائم،
تماوجتُ،
في اللا مكان واللا زمان..
ونسيتُ العواصف على الأرض..
إن الكونَ لا يهاجر إلا مني إليّ..
ويشير إلى الكلمة أنْ ترتقَ المعنى الأخير للشرر..
وغادرتُ الوقتَ،
غادرتُ قصيدةً تغادرني..
والرموز،
إلى متى،
تغازل رموزي تلك الآلام اللا مرئية للرياح؟
بعدُ،
فوق الموج، عشبٌ، مقولاتٌ، فواصلُ، واحتمالات..,
بعدُ،
أتهاطلُ من مجرّاتِ اللا مألوف..
أزرعُ الجراحَ،
فتنبتُ القصائد..
ويكسر الأطفال المصابيحَ،
فينزوي الليل في الإشارة..
إيقاعٌ آخر…
والعبارة،
تغادر السؤال..
هي،
مثل السنابل التي لن تنبت،
لا تعرف،
متى تغادرني،
متى غادرتُني،
ومتى سأعود لأغادرني…
وقتٌ آخر،
والكلمة،
تتباطأ،
تـَ ـتـَ باطأ..،
مثل جحيم على وشك الشك،
أو مثل قصيدة على وشك البصيرة…
لكنني،
أنا..،
زمن لا يأتي..
أعرّح على رؤىً تنعطف إليّ..،
أتلو على الثلوج برقاً ورعداًُ،
وأترك على الموسيقا،
بعضاً من ظنون النيران،
وبعضاً من ظنوني..
هاجسٌ آخر،
وينبثق الغيم،
تستضيء التحولات،
وأغيب في وطن لا يغيب عن الثلج،
والنار،
والعشب،
والفصول،
والموسيقا،
وأقف،
في سدرة السؤال سؤالاً يتساءل عن وطن لا يريد أن يحترق
وطني..،
شعرٌ مذبوح مثل حمامة هاربة من الجحيم
مثل قصيدة تحرق من يخونها،
وتُشعل الزمن بأبدية جديدة…
وطني..،
أشجارٌ أزلية،
ولغةٌ تستعير مخيلتي..
فينبت للرماد أجنحة..
وللأناشيد فضاءات،
وللكون وقتٌ جديد..
***
سيريان تلغراف | غالية خوجة
(المقالة تعبر عن رأي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)