العلاقات المصرية الروسية : عهد جديد ؟ .. بقلم مريام الحجاب
إنتهت في 14 تشرين الثاني/نوفمبر زيارة وزيري الدفاع والخارجية الروسيين لمصر. تباحث سيرغى شويغو وسيرغى لافروف مع المسؤوليين المصريين تعزيز التعاون الإقتصادي والعسكري والفني بين البلدين بالإضافة إلى تنسيق السياسي. وتناولت المباحثات آفاق إنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط وتعزيز دور مصر في تأمين الإستقرار في المنطقة وكذلك تنسيق الموقف تجاه كيفية تسوية الأزمة السورية.
تم في القاهرة لقاء وزيري الدفاع والخارجية الروسيين مع نظرائهما المصريين عبد الفتاح السيسى ونيبل فهمى ويعد لقاء أول من نوعها في تأريخ العلاقات بين البلدين. ووُصف هذا اللقاء بأنه مثمر وناجح. وعلى الرغم من أن لم يتوصل الطرفين بعد إلى توقيع وثيقة محددة تم الإتفاق على إستمرار التنسيق في إطار اللجنة الحكومية المصرية الروسية المشتركة.
وتجدر الإشارة أن المباحثات تمت على خلفية جمود في العلاقات بين الحكومة المصرية وواشنطن عقب إطاحة الجيش المصري بالرئيس السابق محمد مرسي وهو من أبرز زعماء الإخوان المسلمين. وقرر الرئيس الأمريكي براك أوباما بتعليق مساعدات عسكرية لمبلغ 1,3 مليارات دولار ما إجبر الدول الأوروبية إلى إلغاء عدد البرامج الإقتصادية والعسكرية المهمة لمصر.
يشير المحللون السياسيون في الشرق الأوسط إلى أن المباحثات المصرية الروسية هي نوع من الرد المصري على القرار الأمريكي ولكن هناك إمكانية إتخاذ الخطوات الحقيقية على طريق التعاون مع روسيا. تهتم مصر بتعديل سد أسوان العالي الذي تم إنشائه بمساعدة الإتحاد السوفيتي وكذلك بمشاركة الشركات الروسية في بناء السكك الحديدية والمنشآت الصناعية الإخرى بالإضافة إلى إستعادة إمداد الأسلحة والمعدات العسكرية الروسية إلى مصر.
وأثناء لقائه بنبيل فهمي قال سيرغي لافروف إن روسيا مهتمة بعودة مصر للقيادة في جامعة الدول العربية والعالم الإسلامي وشدد على أهمية دور الحكومة المصرية في إنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط وتم إقتراح إنشائها من قبل المملكة العربية السعودية.
يتفق سياسيون الشرق الأوسط على أن روسيا قد أحرزت تقدما كبيرا في تنامي نفوذها في المنطقة بفضل سياستها الخارجية المثمرة. يأتي دعم سوريا في مكافحة الجماعات الإرهابية والحفاظ على السيادة وسلامة أراضيها مثالا للتعاون الإستراتيجي و الحفاظ على الصداقة بين البلدين في الظروف الصعبة. ويشير المحللون إلى الأهمية الإستثنائية للمكالمة الهاتفية بين فلاديمير بوتين وبشار الأسد خلال إجراء المباحثات في مصر. في هدا الصدد أكد سيرغي لافروف أن روسيا مهتمة بمشاركة مصر في مؤتمر “جينيف-2” حول الأزمة السورية.
ويتفق العلماء السياسيون العرب على وجود إمكانية تطوير التعاون المتعدد الأطراف بين مصر وروسيا ليس فقط بفضل الخبرة التأريخية بل لأن مصر تتمتع بدعم السلطات السعودية التي تواجه “فتورا” في العلاقات مع الولايات المتحدة. قد تتقدم المملكة دعمها المالي لمصر من أجل تعزيز موقف الحكومة الجديدة التي حلت محل الإخوان المسلمين. وتأمل روسيا بأن مصر سوف تتغلب على أزماتها الحالية وعلى مشاكل داخلية متعلقة بها.
تدعم الحكومة المصرية الجديدة الحل السلمي للأزمة السورية ويطابق هذا الموقف مع مصالح روسيا. هذا ولاقت إطاحة الإخوان المسلمين وحظر عملهم في مصر إستقبالا حارا في المملكة السعودية التي كانت تخاوف من إلغاء إتفاقيات السلام مع إسرائيل من قبل المتشددين المصريين وبالتالي إزدياد حدة التوتر في الصراع العربي الإسرائيلي و العواقب الأخرى لا يمكن التنبؤ بها.
هذا هو ما أضطر السلطات السعودية إلى تقرب مع الحكومة المصرية على الرغم من إستمرار دعمها للحل العسكري للأزمة السورية. وكان سبب ذلك جمود في العلاقات بين الرياض وواشنطن اللتي رفضت إجراء العملية العسكرية رغم من جاهزية السعودية لتعويض التكاليف الأمريكية.
مع كل ذلك ومن المبكر تنبوء نجاح الدبلوماسية الكامل: القاهرة لا تزال متعلقة بواشنطن في المجالات الحيوية بالإضافة إلى أن المملكة السعودية تتعارض للتقرب المصري الروسي وقد تستخدم تأثيرها المالي.
من المؤمل أن ستكون نتيجة المباحثات التعاون المثمر. وتتوقف نتائج المباحثات بين البلدين على نسبة الواقعية للحكومة المصرية.
سيريان تلغراف | مريام الحجاب
(المقالة تعبر عن رأي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)