توظيف الإعلام في خدمة السياسة وتضليل العقل .. بقلم حيدر شحود
في عصر غابت فيه الحدود وباتت العولمة سمة الحاضر والمستقبل وفي ظل ما نشهده من تطور نوعي وتقني معلوماتي حديث ظهر الاعلام كمحرك للأحداث وبات له الدور الأكبر في التأثير بالرأي العام وتغير اتجاهاته , حيث يسجل للإعلام حضوره الرائد لدى الإنسان أكثر من أي وسيلة وبسب هذا عمدت الكثير من الدول والقـوى السـياسـية إلى تسخير كـل امكانتها لاسـتغلال وسائل الإعلام المختلفة لأغراض بغيضـة تخدم مصـالحها وأنانيتها بشكل يخالف أحيانا بل ينتهك كل المعايير المهنية والأخلاقية ويذكرنا بذلك تسويق الولايات المتحدة الأمريكية إعلامياً ملكية العراق لأسلحة الدمار الشامل وقدمت للعالم أجمع أدلة على ملكية العراق لهذه الأسلحة، معتمدة على صور.. تحليلات.. وفيديوهات مفبركة.. ماذا حدث؟! تم احتلال العراق بقرارات دولية والولايات المتحدة الامريكية دمرت ..قتلت .. نهبت.. ثم اعترفت بأنها ضللت العالم بمعلومات كاذبة
ولا نستطيع بحديثنا عن الإعلام وتوظيفه في خدمة السياسة وتضليل العقل إلا وأن نتحدث عن قناة الجزيرة القطرية وتعاطيها الموتور مع الأحداث التي شهدتها المنطقة المنطقة العربية ولا سيما الأزمة السورية إذ تحولت إلى قناة مهمتها الأساسية إشعال الحروب الطائفية والأهلية والتحريض عليها من خلال دس سمومها في عقلية ونفسية المتابع باعتماد كل وسائل التضليل والتشويه والكذب والتزوير لحرف الرأي العام وتشويشه وإدخاله في دهاليز معتمة خدمة للمخطط الصهيو-أمريكي المتجسد في مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي لا يمكن له أن يتحقق إلا من خلال التأثير بعقل المواطن العربي وتعطيله وإعادة ترتيب أولوياته وحرف بوصلته عن العدو الصهيوني وإظهار أيران بأنها العدو الحقيقي له وللشعوب و من خلال اعتماد التشويه والعبث بمفاهيم أساسية وراسخة في الوعي الشعبي “المقاومة مثلا” كمحاولة لتغيير دلالاتها ونزع القدسية عما تقوم به من إنجازات على مستوى الوطن والأمة بما يتفق وتوجهات مجموعة من النظم السياسية التي تعمل في خدمة الكيان الصهيوني، وقد نجحت قناة الجزيرة في إيصال الصورة التي أرادتها اسرائيل ولكن كشفت بذلك عن هويتها السياسية بعد سنوات من التخفي وراء شعارات كاذبة أقنعت فيها الشارع العربي بأنها الصوت الحر الذي يعمل لمصالحه ويهتم بقضاياه
فقد اعتمدت قناة الجزيرة منذ بدء اليوم الأول للأزمة السورية العزف على وتر الهيجان العاطفي الشعبي و وتجميع كل أوراق الكذب والخداع والتضليل والتزوير والفبركة وفتاوى الفتنة والقتل وزجت بها في الساحة السورية للتلاعب بعقل المشاهد السوري والعربي والعالمي، فقدمت على شاشتها بورصة أرقام تتاجر فيها بدماء السوريين بلا حسيب ولا رقيب ,فكانت تغطيتها لما يجري في سورية حاقدة وموتورة تعج بكل أشكال التحريض والتلفيق والتزييف والتضليل والانتقائية فسخرت الكلمة والصورة والتحليل والاختلاق وكل ما تزخر به مصطلحات الإعلام والدعاية لإسقاط الدولة السورية وإشعال حرب أهلية فيها ، وهذا ما أصبحت تؤكده يومياً وسائل الإعلام الغربية ومنها «راديو اوستن» النرويجي الذي قال: لقد تحولت قناة الجزيرة القطرية إلى قناة فضائية تابعة لجماعات مسلحة باتت تمتلك أرشيفاً مرعباً من القتل والذبح وتدريب الأطفال على القتل وتفجير السيارات المفخخة وسط حشود المدنيين في سورية، ومازالت قناة «الجزيرة» تصر على وصف كل هؤلاء القتلة القادمين بفتاوى من «تنظيم القاعدة» من دول عربية ودول أخرى بأنهم «ثوار» يسعون إلى تحقيق الديمقراطية ورعاية حقوق النساء والأطفال!! بل وأشارت التقارير الغربية الى فشل القناة القطرية في إقناع المشاهد العربي بأنها على مسافة واحدة في تناول الأحداث في المنطقة بدليل تجاهلها عن عمد الوضع في البحرين تنفيذا لأوامر خليجية وغربية في مقابل تأجيج الوضع في سورية وتضخيم الأحداث فيها.
وأوضحت التقارير الغربية أن انخفاض نسبة مشاهدي قناة الجزيرة برز بشكل كبير في سورية والعراق ولبنان والسعوديةوالبحرين والجزائر والسودان حيث انخفضت ما بين 60 إلى 90 بالمئة نتيجة افتضاح أمر القناة عند شعوب تلك الدول وارتباطها بمشروع أمني وسياسي له صلة بالمخابرات الأميركية وتنفيذ سياسة إعلامية تخدم مصلحة الكيان الصهيوني
ويبدو أن هذه القناة بلغ فيها جنون العظمة حد الذروة، واعتقدت أنها هي فعلا من يصنع الأحداث وهي من أطلقت ما يسمى “الثورات العربية”، وأسقطت الأنظمة وجلبت الحرية للشعوب، فيما الحقيقة الفجة أنها مجرد أدوات رخيصة في لعبة أكبر منها بكثير مرسومة بدقة وعناية يجري تنفيذها اليوم، لكل له فيها دور، ودور الإعلام أساسي بهذا الشأن، كونه أصبح العامود الفقري لتزييف الحقائق في مخططات أصحاب المشاريع المشبوهة.
سيريان تلغراف | حيدر شحود
(المقالة تعبر عن رأي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)