الصراع بين علماء دمشق وتكفيريو الامة الاسلامية ليس على النظام .. عشتار
يحكي التاريخ أن دمشق (عاصمة سورية) أقدم عاصمة مأهولة في العالم وأنها عاصمة أكبر حضارة انسانية وعاصمة اكبر امبراطوية اسلامية عرفها التاريخ ..جعلها معاوية عاصمة للدولة الاسلامية بدل الكوفة التي بدورها كانت عاصمة للخلافة بدل المدينة في عهد الإمام أمير المؤمنين علي (ع) ..ويحكي التاريخ ايضاً حصلت في عهد هذه العاصمة الاسلامية أكبر الفتوحات الاسلامية وفي عهدها شيدت المباني العظيمة ولا تزال العمارة القديمة الفاخرة تشهد على ذلك التاريخ العريق ومنها المسجد الاموي الكبير..
أصبحت دمشق فى عصر الدولة الأموية نظراً لرمزيتها العلمية الدينية معقل و منارة العلم والعلماء من فقه واصول وشريعة ،وبنيت المساجد بكثرة فيها وباتت منطلق الحضارة الاسلامية التي كان يرتادها طالبي العلم الاسلامي من شتى انحاء العالم ومنها تخرج أكبر علماء الامة الاسلامية على مر التاريخ ومازال أكثر عموم مسلمي العالم اليوم من طالبي العلم الاسلامي يرتادون جامعاتها من أجل تلقي هذه العلوم ويشهد التاريخ أغلب علماء الشريعة تخرجوا على يد علماء الدين في دمشق..فكانت المرجع الروحي إن التعبير\الدمشقي العلمائي الاسلامي الجامع\ ومنها بالمقابل أطلقت أحكام عديدة بحق (علماء مسلمين) عدة على خلفية دينية (عُدُّوا ) بالعرف الاسلامية خارجين عن الخط الاسلامي السليم وعن فقه المذاهب الاربعة في إخراج فتاواهم التي لا توافق العرف الاسلامي العام ….وعليه وعلى هذا الاساس ونظرا لهذا الدور المهم لعلماء دمشق المسلمين فحين قامت ما يسمى ثورة سورية كانت العين على دمشق وعلمائها من اعلى هرم لهذه المرجعية فمادون نظراً لما جعلوا من أولويات شعارات هذه الثورة هو رفع شعار الدين الاسلامي وأحكامه ثقةً منهم على ان شعار الدين هو الاقوى في العرف الانساني لأنه يُصَوَّر لتابعيهم على انه الخلاص لهم والنجاة من جهنم ودخول جنة الحوريات ,,, (فراهنوا) على هؤلاء العلماء واعتقدوا باستمالتهم وتحريضهم على اخراج الفتاوى التي باعتقادهم سيصدرونها والتي بدورها كفيلة بقيام الاغلبية الساحقة من الطائفة السنية الكريمة في تكفير الدولة السورية وبالتالي اجازة الخروج على الحاكم وبالتالي اسقاط النظام بأسرع ما يمكن ..
ولكن الذي حصل عكس ذلك تماماً فقد كان علماء سورية بشكل عام عقلاء الى حد كبير جداً ومنفتحين وفاتحين الابواب والمساجد للجميع وجعلوا منها يرفع فيها اسم الله بدل اسم الشيطان الذي يأمر بالمنكر وينهى عن المعروف الذي رفعه الصياصنة وغيره من شيوخ الفتنة في سورية والخارج وعملوا على الحض على كلمة سواء بين السوريين فهُدِرَ دمهم من قبل مشايخ الفتنة جميعاً وخاصة ممن وضع نفسه وصياً على المسلمين
شيخ الفتنة عبد بني صهيون القرضاوي
فكان عبر فتاواه التكفيرية أجاز هدر دم السوريين جميعاً دون استثناء بما فيهم رجال الدين متهمهم إياهم ومحرضاً الشعوب العربية والاسلامية على انهم مدافعون عن النظام السوري فيهدر دمهم ولحقه بذلك همج رعاع ينعقون مع كل ناعق ونفذوا الفتاوى بحذافيرها عبر قتل رموز علماء المسلمين في سورية أو التوجه لاغتيال ابنائهم كما حدث مع ابن سماحة مفتي الجمهورية الشيخ بدر الدين حسون الشهيد سارية رحمه الله
ولا ننسى فاجعة سورية في تفجير المسجد بمن فيه فقتلوا الشيخ العلامة البوطي رحمه الله وأباحوا ايضاً فعل كل ما لم يأمر به الدين الاسلامي الحنيف..
.هؤلاء التكفيريون ومن معهم في العالم كله جعلوا من النظام السوري ومعاداتهم له شماعة يسلطون الضوء عليها وكلما أرادوا اتهام هؤلاء العلماء بشيء دنيء يسيء اليهم والى تاريخهم المشرف روجوا لدعاية أن علماء الدين في سورية يدافعون عن النظام السوري وصاروا مجوس ورافضة ووووالخ وجعلوا أغلب جمهور العالم الاسلامي يعتقد ويصدق ذلك ،إلا انه في الحقيقة هؤلاء العلماء كانوا وما يزالون يقومون بواجبهم الذي يمليه عليهم ضميرهم الوطني والديني ..
أعمال التكفيريين هذه وخاصة اقناع العالم على ان علماء دمشق خرجوا عن العباءة الاسلامية وانضووا تحت لواء النظام الكافر حسب تعبيرهم أيقن حينها علماء الشام أن الحقيقة هي ليست في دعاية انهم يوالون النظام بل بهدرهم دماءهم بهذه الطريقة الاجرامية البربرية وتكفيرهم واخراجهم عن الاسلام بهذه الطريقة المهينة ومحاولة اغتيالهم وذويهم فهم يخرجونهم ويخرجون الشعب السوري كله عن العباءة الاسلامية كلها وليس فقط اتهامهم بالموالاة للدولة …
فعملوا على وحدتهم مع باقي علماء الدين في سورية من طوائف أخرى وترسيخ الوحدة الوطنية عبر الدفاع عن سورية ودورها المقاوم أولاً ودورها الاساسي في أن عاصمتها تفخر انها المرجعية الوحيدة لعموم الاسلام والمسلمين في العالم وانها منها تخرج اغلب علماء مسلمين حول العالم وما تزال وعليهم الحفاظ على هذه الهوية الاسلامية الحضارية لدمشق …
فمسألة دفاعهم عن سورية ورمزية دمشق الحضارية الفكرية الدينية ليست مسألة نظام سوري لأنه ليس بحاجة لمن يدافع عنه لطالما وقف في صف وطنه ودافع قيادة وجيشاً وشعباً عن هذا الوطن ولكن دفاعهم هو دفاع عن اسلامهم و دينهم ودين الشعب الذي يريد هؤلاء التكفيريون سلبهم إياه وهو دفاع عن دمشق ومرجعيتها الدينية ورمزيتها في أنها أكبر مرجع روحي للأمة الاسلامية تلك المرجعية التي يريد القرضاوي وامثاله من التكفيريين سرقتها وشد البساط من تحت دمشق عاصمة الاسلام والمسلمين عبر التاريخ وأنهم هم الأحق دون غيرهم بهذا الارث الاسلامي القديم الحديث.,
والمحافظة بالتالي على الثوب المرجعي الديني لدمشق عاصمة الاسلام على مر التاريخ فكان الشعب بأغلبيته الساحقة هو الحاكم على هذا النظام ومسألة بقائه أو عدمه…لأنهم أيقنوا المؤامرة بدورهم ..
وبالتالي هو دفاع عن اسلام نشروا مبادءه على اسس سليمة ومن منطلق دين جامع للأمة الاسلامية وليس ديناً جاهلياً مفرقاً لها ، في وقت ينشر القرضاوي وغيره من جمهوره التكفيري في هذا العالم ديناً متطرفاً تكفيرياً يجيز قتل المسلم الآخر وقطع رأسه لمجرد أنه لا يوافق دينه الصحيح دينهم المعوج …
إذن الصراع بين علماء دمشق وتكفيريو الامة الاسلامية ليس على النظام بل على من يحق له ان يحوز على مرجعية الاسلام في دمشق وهذا ما لن يسمح به علماء سورية لأنهم يعتبرون أنفسهم على انهم بيدهم مفاتيح دمشق الدينية وليست بيد القرضاوي التكفيري وأمثاله
ختاماً
إن الرئيس بشار الاسد وممارسته الشعائر الدينية الاسلامية بوجهها السليم والاصرار على إئتمامه بأئمة مسلمي دمشق ولا يتقدم عليهم وإسلامه المستقيم الذي ظهرت صحته للقاصي والداني ومن ثم تذكيره في كل خطاباته ومقابلاته بدءاً من نفسه الى كل السوريين دون استثناء على انهم لن يسمحوا كسوريين بتدمير سورية الحضارة وأن دمشق عاصمة أقدم حضارة في التاريخ وعلينا الحفاظ على هذا الارث العظيم وعلى أن دمشق كانت وستبقى رمز هذه الحضارة ووجهتها وبوصلتها وبوصلة العالم الحضاري اليها ومن جملة تاريخ هذه الحضارة الحضارة الاسلامية هو الذي أحبط أي محاولة في إحداث أي شرخ بينه وبين علماء الدين في سورية وهو الذي ساعد على وحدة السوريين بعمله على تماسك الشعب السوري وحدة جامعة واحدة تحت ظل الدين لله والوطن للجميع ما جعل عمل علماء الدين أسهل مايكون بين إن جاز التعبير الرعية في سورية وبالتالي أدى الى انتصار سورية شعبياً ودينياً على كل محاولة تكفير لها ككل وبقيت بذلك دمشق وستبقى عاصمة الحضارة الانسانية و الاسلامية للأمة الاسلامية ترجع بأصولها الى تلك الحضارة الانسانية الفكرية العريقة عمرها 7 آلاف سنة “عموم”يرجع إليها المسلمين وكل طالب علم واصول وفقه وحضارة وفكر عريق وكل من يبحث عن حقيقة الوجود الانساني على هذه الارض .
سيريان تلغراف | عشتار
(المقالة تعبر عن رأي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)