عالميمحلي

لافروف : تقلقنا التصريحات بشأن حق استخدام القوة من أجل ضمان المصالح الذاتية بالشرق الأوسط

أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في كلمة ألقاها أمام الدورة الـ 68 للجمعية العامة للامم المتحدة يوم الجمعة 27 سبتمبر/أيلول أن روسيا قلقة من التصريحات المتكررة بشأن حق بعض الدول في استخدام القوة من أجل ضمان المصالح الذاتية بمنطقة الشرق الأوسط.

وقال لافروف: “من المقلق سماع تصريحات بشأن الحق في استخدام القوة العسكرية من أجل ضمان المصالح الذاتية في منطقة الشرق الأوسط تحت ذريعة “بقاء الحاجة للزعامة” في الشؤون الدولية. ولكن مجمل تاريخ الفترة الأخيرة يدل على أن أي دولة، مهما كانت كبيرة أو مؤثرة، لا تستطيع أن تقف في وجه التحديات التي تواجهها الإنسانية حاليا لوحدها”.

وأشار لافروف الى أنه “في الآونة الأخيرة يتكرر بشكل متزايد القول بأن استخدام القوة أو التهديد بها – الأمر الذي يحظره بشكل مباشر ميثاق الامم المتحدة –  يكاد يكون السبيل الأكثر فعالية لحل القضايا الدولية، بما في ذلك تسوية النزاعات الداخلية”. وأضاف أن هناك “محاولات لتطبيق هذا الموقف على الوضع في سورية. وهذا على الرغم من أن خبرة كافة التدخلات العسكرية تظهر أنها غير فعالة وخالية من أي جدوى وفتاكة، وأن هذا هو طريق خطير للغاية يؤدي إلى تخريب أسس النظام العالمي المعاصر، وتقويض أنظمة حظر انتشار أسلحة الدمار الشامل”.

وأشار الوزير الروسي الى أنه “بالتأكيد، توجد هناك حاجة للزعامة. ولكن هذه الزعامة لا يمكن أن تكون إلا جماعية، ومبنية على أعمال منسقة للدول الرائدة في المجتمع الدولي، مع الاحترام الصارم لمبادئ ومعايير القانون الدولي”.

وتابع الوزير قائلا إن “التفهم المتزايد لهذا الواقع فتح الطريق نحو التوصل الى الاتفاق الروسي الامريكي حول وضع السلاح الكيميائي السوري تحت الرقابة الدولية وإتلافه لاحقا. وهذا الامر اصبح ممكنا بفضل قرار دمشق بالانضمام الى معاهدة حظر الاسلحة الكيميائية والاسراع بتنفيذ تعهداتها في هذا الشأن. ونعول على ان تساهم قرارات المجلس التنفيذي لمنظمة حظر الاسلحة الكيميائية ومجلس الامن الدولي في إنشاء الاطار الضروري لاتلاف الترسانة الكيميائية في سورية”.

لافروف تقلقنا التصريحات بشأن حق استخدام القوة من أجل ضمان المصالح الذاتية بالشرق الأوسط

لافروف : لا يمكن حل القضايا المعاصرة الرئيسية إلا عبر الامم المتحدة

وجاء في كلمة لافروف كذلك أن “العلاقات الدولية تصبح أكثر تعقيدا وتنوعا في أبعادها، فيما يصبح تطور الأحداث في العالم أكثر سرعة وأقل قابلية للتنبؤ بنتائجها. وفي هذه الظروف، تكتسب أهمية غير مسبوقة مهمة الاتفاق على ردود جماعية على القضايا المعاصرة الرئيسية. وليس بوسع أحد حل هذه المهمة إلا منظمة عالمية مثل الأمم المتحدة. كما لا يمكن أن تكون الجهود المشتركة ناجحة إلا في حال عكست كامل طيف وجهات نظر المجتمع الدولي بشأن التحديات والأخطار العالمية، وكذلك كل الخبرات التاريخية والتنوع الثقافي والحضاري للعالم المعاصر”.

واستطرد الوزير قائلا: “وبالنسبة لغالبية أعضاء الأمم المتحدة يعتبر هذا الموقف أمرا لا شك فيه. ولكن توجد توجهات أخرى أيضا، يجري في إطارها فهم الأنشطة المشتركة على أنها إجماع في وجهات النظر لمجموعة من الدول قبل كل شيء. ومثل هذه الآراء تظهر في مجالات مختلفة، وتحديدا في مسائل الأمن الدولي، والتعامل مع النزاعات، وفيما يتعلق بالشؤون الاقتصادية واختيار نماذج التطور والقيم”.

وقال لافروف إن الكثير من مشاكل العالم المعاصر وجدت انعكاسا لها في الوضع المأساوي بسورية، وفي تطور الأحداث في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بشكل عام. وأعاد الى الأذهان أنه “منذ بداية الاضطرابات في تلك المنطقة، دعت روسيا باستمرار إلى وضع موقف موحد للمجتمع الدولي، يجمع بين المساعي لدعم الشعوب العربية في سيرها على طريق التغيير، وبين الإدراك بأن التغيرات ستتسم موضوعيا بطابع بعيد الأجل حينا، ومؤلم حينا آخر. وأكدنا على أهمية العمل بشكل متزن، والأخذ بعين الاعتبار أن الحديث يجري عن ظواهر معقدة ترتبط مع بحث صعب عن حلول وسط بين الطوائف المختلفة التي تشكل فسيفساء المجتمعات العربية. ووقفنا بإصرار مع خيار سبيل التنمية لتطور الأحداث وحل الخلافات بالطرق السلمية”.

وتابع الوزير: “فيما كانت هناك وجهة نظر أخرى تضمنت محاولات لتحديد مَن هم قادة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الذين يتمتعون بالشرعية، ومَن منهم لا يملكونها، وتضمنت أيضا فرض الآراء حول ما هي الأطراف التي يجب دعمها في النزاعات الداخلية للدول، وفرض حلول خارجية جاهزة للتغيير الديمقراطي”.

وأشار الى أن المساعي لتصوير ما يحدث في العالم العربي بشكل مبسّط على أنه صراع بين الديمقراطية والاستبداد، أو بين الخير والشر حجب ولفترة طويلة رؤية المشاكل الحقيقية التي تتعلق بتصاعد موجة التطرف التي تؤثر الآن على مناطق أخرى. إن حدة هذا الخطر أظهرها من جديد العمل الإرهابي في نيروبي. ومن المعروف عموما أن أكثر المجموعات المسلحة قوة في سورية هي المجموعات الجهادية التي تضم العديد من المتطرفين الذين جاؤوا من كل أرجاء العالم، والأهداف التي يسعون لتحقيقها ليست لها أي علاقة بالديمقراطية، وهي تقوم على مبادئ التعصب، ويهدفون إلى تدمير الدول العلمانية، وإقامة خلافة إسلامية. ومن الصعب وصف سياسة ما ببعيدة النظر في الوقت الذي تجري فيه تارة محاربة المجموعات المتطرفة باستخدام القوة، كما جرى في مالي، وتارة أخرى، بالعكس يقدم الدعم للمتطرفين، مثلما نراه في سورية”.

لافروف : استخدام الاسلحة الكيميائية مرفوض

وشدد وزير الخارجية على أن “استخدام الأسلحة الكيميائية أمر مرفوض. ولكن ذلك لا يعني أنه يمكن احتكار القرار بشأنها من دون بحث مناسب في الحيثيات، ومن دون معرفة حقيقة ما جرى. وكل الحوادث المتعلقة باستخدام السلاح الكيميائي في سورية يجب أن ينظر فيها مجلس الأمن الدولي على أساس الحقائق حصرا، وليس الافتراضات”.

وأشار كذلك الى أن “التقدم في نزع السلاح الكيميائي السوري يراد منه أن يعطي دافعا جديدا للعمل على تنفيذ الاتفاقيات التي تم التوصل اليها سابقا حول عقد مؤتمر دولي لجعل الشرق الأوسط منطقة خالية من اسلحة الدمار الشامل ووسائل نقلها. وهناك مجموعة من العوامل التي تعقّد مشاركة بعض دول المنطقة في المؤتمر، غير أنه لا يمكن استخدام هذه العوامل كحجج (لعدم اطلاق العملية) بلا نهاية. وفي الظروف الراهنة بالذات لا بد من القيام بالدور القيادي وابداء الارادة الحقيقية”.

وتابع قائلا: “يقتل الناس يوميا في سورية وتستمر معاناة المدنيين. ويحصد هذا النزاع الذي يكتسب طابعا طائفيا أكثر فأكثر، ضحاياه من الاقليات الدينية، لا سيما المسيحية منها. واليوم ليست هناك إمكانية لوضع حد للنزاع إلا من خلال إنعاش عملية التسوية السياسية للازمة السورية عبر عقد مؤتر سلام يعتمد على مرجعية بيان جنيف الصادر في 30 يونيو/حزيران عام 2012. وسنواصل جهودنا الحثيثة من أجل عقد مؤتمر “جنيف-2″ في أسرع وقت. ونأمل بأن المعارضة السورية، على غرار الحكومة السورية، ستتخذ موقفا بناء من هذه المهمة”.

لافروف : الأزمة السورية يجب ألا تحجب ضرورة تسوية القضية الفلسطينية

وشدد لافروف على أن الازمة السورية يجب الا تحجب ضرورة حل القضية الفلسطينية. وأضاف: “نعول على أن القادة الاسرائيليين والفلسطينيين سيضطلعون بمسؤولياتهم حول مستقبل شعبيهما في المرحلة الراهنة الحرجة عقب استئناف المفاوضات المباشرة بين الطرفين بعد مرحلة الانقطاع الطويلة. ونشيد بالجهود الامريكية في التسوية الشرقاوسطية، ونعتقد بانه من الضروري تفعيل دور اللجنة الرباعية التي تعتبر آلية معترف بها دوليا لدعم عملية السلام في المنطقة بناء على مرجعية قرارات الامم المتحدة ومبادئ مدريد ومبادرة السلام العربية. ومن المهم ايضا انضمام الدول العربية الى عمل الرباعية وبشكل وثيق”.

لافروف : يجب تسوية القضيتين النوويتين الايرانية والكورية عبر المفاوضات

وأشار الوزير الى أن “أسلوب المفاوضات هو ما نحتاج اليه فيما يتعلق بالملفات الأخرى، بما فيها الملف النووي الايراني والملف النووي الكوري. وكما اشار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مقاله الذي نشر مؤخرا في صحيفة “نيويورك تايمز”، ينبغي التخلص من استخدام لغة القوة والعودة الى طريق تسوية النزاعات بناء على الوسائل السياسية والدبلوماسية المتحضرة، الامر الذي من شأنه أن يساعد على تحسين المناخ الدولي، ويساهم في تكثيف جهود المجتمع الدولي الهادفة الى مواجهة التحديات العالمية، بما فيها الارهاب وتجارة المخدرات. وتعتزم روسيا تركيز اهتمامها على حل هذه القضايا اثناء رئاستها لمجموعة الثماني في عام 2014”.

واستطرد لافروف قائلا: “اليوم، وبعد زوال الهيكل المتين للنظام العالمي ذي القطبين بدأت تظهر بوادر تعزيز المبادئ الديمقراطية ليس داخل الدول فحسب، بل في العلاقات الدولية أيضا. وهذا يعني ضرورة ترسيخ حقوق الشعوب في تقرير مصيرها بنفسها واختيار اشكال الانظمة السياسية والاجتماعية الاقتصادية لبلدانها، كأسلوب يجب أن يتمسك به الجميع. ومن الضروري التخلي عن عادة تفوق التقاليد القومية، بل الاسترشاد بالمعايير العالمية التي تم ترسيخها في الاعلان العالمي لحقوق الانسان، وذلك مع احترام القيم التقليدية المشتركة لجميع الاديان السماوية”.

وأضاف لافروف أنه “من البديهي ان الشراكة الحقيقية لا يمكن تحقيقها من دون الاعتماد على التعاون الاقتصادي. وتتعاون الغالبية الساحقة من دول العالم في اطار منظمة التجارة العالمية، ومن هذه الناحية فإن لدى تلك الدول فضاء اقتصاديا مشتركا، الامر الذي يخلق مقدمات للعمل على تطوير التكامل الاقتصادي في مختلف انحاء العالم والتخلي عن محاولات التمييز والفصل بين الدول. وتنطلق بلادنا من ذلك في التعامل مع شركائنا على انشاء الاتحاد الاقتصادي الاوراسي”.

وأكد لافروف أن “روسيا تعير اهتماما بالغا لتحقيق أهداف الألفية للتنمية والانطلاق نحو الأجندة العالمية في مجال التطور للفترة ما بعد عام 2015. والأولويات الرئيسية هي استئصال الفقر ودعم النمو الاقتصادي من خلال توسيع امكانيات الاستثمار وتوفير فرص عمل جديدة، ومن بين المسائل الملحة يبقى تعزيز البنية التحتية في قطاعي الطاقة والمواصلات ومكافحة الأمراض المعدية والأوبئة وتعزيز سلامة المرور”. وأضاف أن التعاون بين الدول ينبغي أن يعتمد على الآليات الفعالة وقاعدة الموارد الكافية. وفي هذا السياق نحرص على تفعيل دور وإمكانيات وقدرات المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة. وتطبق روسيا بشكل متواصل أثناء فترة رئاستها لمجموعة العشرين نهجا يرمي إلى تطوير تعاونها مع الامم المتحدة. نعتبر قرار الجمعية العامة حول العلاقات بين الأمم المتحدة ومجموعة الدول العشرين برنامجا واقعيا للتعاون في المستقبل”.

وأعرب وزير الخارجية الروسي عن قناعته بأنه “من خلال توحيد الجهود على أساس الاحترام الحقيقي وأخذ مصالح كل شخص والجميع بعين الاعتبار سنتمكن من التقدم نحو تحقيق الأهداف العليا المعلنة في ميثاق الامم المتحدة”.

سيريان تلغراف

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock