تحقيقات وتقارير

العام الدراسي الجديد .. “كالنقش في الحجر” !

العام الدراسي الأصعب على سورية..

ارتفاع أسعار كافة المستلزمات والجهات المعنيّة تحاول إنجاز ما تستطيع

لن يمرّ هذا العام الدراسي بسهولة على الطلاب السوريين وذويهم؛ لأن الأعباء المادية ازدادت كثيراً بالمقارنة بين العام الحالي والسابق، فأسعار كل ما يتصل بالمستلزمات المدرسية تضاعفت، والحديث الوحيد الذي تسمعه من الأهل هو كيف سيقومون بتأمين كلّ ما يتطلّبه العام الدراسي الجديد في ظلّ هذا الغلاء الشديد.

من جهتها، حاولت الحكومة، من خلال مؤسسات التدخل الإيجابي التابعة لها، ومن بينها مؤسسة سندس، توفير مستلزمات العام الدراسي بأسعار مدروسة، وبفارق كبير عن الأسعار المتداولة في الأسواق المحلية، ودون تحقيق أي ربح، خدمة للمواطن وللقيام بواجبها كمؤسسة حكومية تهتمّ بتحقيق مصالح المستهلكين.

ويبرّر القائمون على هذه المؤسسات أسباب الارتفاع الحاصل في الأسواق بأنّ التجار لم يقوموا، هذا العام، باستيراد مستلزمات جديدة، إنّما أخرجوا ما هو موجود في مستودعاتهم، وعرضوه في الأسواق بأسعار مضاعفة حتى إنك لتجد القطعة ذاتها في مؤسسة سندس وخارجها بفارق سعريّ كبير، سواء كانت البدلة المدرسية أم القرطاسية.

أما بالنسبة إلى الكتاب المدرسي، الذي تضاعفت، أيضاً، تكلفته بسبب ارتفاع أسعار المواد الأولية، كالورق، إضافة إلى ارتفاع أجور النقل بين المحافظات، فقد حافظت الوزارة على واجبها في توفير الكتاب المدرسي لجميع الطلاب، وإيصاله إلى كلّ محافظات القطر بشتى الطرق الممكنة.

العام-الدراسي-الجديد

الكتاب المدرسي خط أحمر

إلى جانب كلّ ما يتطلبه العام الدراسي، يعدّ تأمين الكتاب المدرسي أمراً ذا أولوية كبيرة، حيث يقسم العمل على توفير هذا الكتاب لجميع الطلاب السوريين بين طباعة هذا الكتاب من جهة، والعبء الآخر الذي فرضته الظروف الحالية من القدرة على إيصال هذا الكتاب إلى كافة المحافظات السورية من جهة أخرى، ما يترتب على ذلك من صعوبة كبيرة في تأمين وسائل النقل، وعدم تعرضها لأيّ اعتداء، ريثما تصل إلى المحافظة، كما يقدم الكتاب المدرسي مجاناً، وتمّت طباعة 80 مليون كتاب مدرسي، موزعة بين 300 عنوان للتعليم العام، ورياض الأطفال، والمركز الوطني للمتميزين، إلى جانب 700 عنوان للتعليم المهني.

كما يوضح مدير عام المؤسسة العامة للطباعة، زهير سليمان، أنّ جميع الجهات المعنية، ولاسيما رئاسة مجلس الوزراء، تعتبر تجهيز الكتاب المدرسي خطاً أحمر، ويتمّ رصد ميزانية له، لذلك جرى تأمين كافة مستلزمات الكتاب المدرسي، وقدّمت تسهيلات كبيرة جداً لأجل هذا الغرض، لكنّ المعاناة، التي واجهت المؤسسة، ليس لجهة ما يمكن تقديمه، بل بمجريات العمل من خلال وجود مطابع جاهزة لطباعة الكتب المدرسية والكوادر العاملة، إضافة إلى وسائل النقل الآمنة.

وبحسب سليمان، حتى نكون قادرين على تأمين وسائل النقل، أصدرت رئاسة مجلس الوزراء تعميماً يطلب من كلّ محافظ في محافظته تأمين سيارات لنقل الكتب المدرسية ووصولها آمنة، فيما كانت الكتب تنقل سابقاً عن طريق مكتب الدور، ويؤكد سليمان على وجود الكتب، لكنّها توزع بشكل متفاوت بين المحافظات، وقد بدأ توزيعها ضمن خطة عمل مدروسة.

ومن وجهة نظر سليمان، فإنّ عملية توزيع الكتاب المدرسي، وايصاله إلى جميع المحافظات، ليس بالأمر السهل، حيث حصلت اعتداءات كثيرة على مستودعات الكتب والعاملين، وهناك مطابع عامة وخاصة توقفت منذ الشهر الثاني عن العمل، لذلك حاولنا بذل الكثير من الجهد حتى أمنّا طباعة الكتاب المدرسي، كما فقدت المؤسسة 20 شهيداً وشهيدة من العاملين فيها.

ويضيف سليمان: أمّا بالنسبة إلى ارتفاع أسعار الكتب المدرسية، فيعود السبب إلى ارتفاع أسعار المواد الأولية، وأجور الطباعة، حيث ارتفع سعر الطن الواحد من الورق من 50 ألف إلى أربعة أضعاف، كذلك الحال بالنسبة إلى أجور النقل، فعلى سبيل المثال، كانت أجرة نقل الكتب إلى محافظة الحسكة تكلّف 35 ألفاً، اليوم ارتفعت الأجرة إلى 300 ألف.

عام دراسي بتكلفة عالية

يتحمّل أهالي الطلاب السوريين، خلال العام الدراسي الحالي، أعباء كبيرة لناحية تأمين كافة مستلزماتهم من قرطاسية وكتب ودفاتر، إضافة إلى اللباس المدرسي، ويتحدّث معظم الأهالي عن وجود فروقات كبيرة في أسعار اللوازم المدرسية بين العام الماضي والحالي في كلّ ما يتعلق بالعام الدراسي، والهم الأكبر سيتحمّله من لديه أكثر من طفل، وفي مراحل دراسية مختلفة تتطلب شراء لباس مدرسي مختلف لكلّ منهم، هذا إلى جانب أقساط المدارس التي ارتفعت إلى الضعف هذا العام، مقارنة بما كانت عليه العام الماضي.

يتحدّث تمام، وهو لديه طفلان عليه تحضيرهما للعام الدراسي الجديد، عن حال سوق المستلزمات الدراسية، وكيف أصبحت هذا العام، حيث وجد فارقاً في أسعار اللباس المدرسي بين محلّ وآخر، فعلى سبيل المثال، يقول: دفعت سعر صدرية المدرسة للطفل الواحد 2500 ليرة سورية، مع أنّ نوعية القماش سيّئة للغاية، وهناك تفنّن في تحديد سعر اللباس المدرسي، ففي حال كان شعار طلائع البعث الموضوع على اللباس المدرسي أكبر قليلاً بين لباس وآخر، يصبح سعر الصدرية 3000 ليرة سورية، وكذلك في حال تغيّر شكله لناحية معيّنة، أمّا الحقيبة المدرسية، فوصل سعرها إلى 1500 ليرة سورية، هذا عدا ما يشير إليه تمام من ارتفاع في أقساط التسجيل في الروضات المدرسية، حيث دفع مبلغ 50 ألف ليرة كقسط مدرسيّ، بعد أن كان القسط في العام بحدود 20 ألف ليرة، هذا إلى جانب ارتفاع أجور النقل للباصات من 9000 ليرة إلى 18000 ليرة.

وهناك قسم من الأهالي لجأ إلى التفصيل بدلاً من شراء البدلات الجاهزة، كما توضح أم قصي، حيث اشترت قماشاً للبدلة بنوعيّة جيدة، مع كافة مستلزمات الخياطة، ووصلت تكلفة خياطة البدلة إلى ما يقارب 5000 ليرة، وتضيف أم قصي: أمّا الحذاء المدرسي، فقمت بتأجيل شرائه إلى مرحلة أخرى حتى لا أشعر بأنّني دفعت مبلغاً كبيراً مرة واحدة، لأنّ أسعار الأحذية تصل إلى حدود 4000 ليرة سورية.

الدولة تتدخّل إيجابياً في أسعار اللوازم

يوضح مدير عام مؤسسة سندس، شفيق العزب، أنّ وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك قامت بافتتاح معرض متخصّص في شارع 29 أيار لبيع المستلزمات المدرسية المختلفة من قرطاسية وبدلات مدرسية، واستطاعت المؤسسة أن تحقّق فارقاً في الأسعار بين المستلزمات المدرسية، التي تباع في هذا المعرض، وبين أسعار المواد ذاتها المباعة من خلال المحلات التجارية الأخرى داخل السوق المحلي، وعلى سبيل المثال، البدلة المدرسية التي تباع في المحلات المتوزّعة في الأسواق بسعر يتراوح بين 11-12 ألف ليرة سورية تقوم مؤسسة سندس ببيعها بسعر 4500 ليرة سورية، والأمر كذلك من ناحية وجود فروقات سعرية بالنسبة إلى أسعار الدفاتر المدرسية، حيث وضعت المؤسسة سعر الدفتر 60 ليرة سورية، أمّا المكاتب في الأسواق، فتجد سعر الدفتر لديها 150 ليرة، ونتيجة لهذه السياسة وصلت مبيعات مؤسسة سندس، خلال يوم ونصف، إلى مليونين و200 ألف ليرة سورية، وهناك قسم من البضائع بيع بالكامل، وستستمرّ المؤسسة في توريد البضائع طالما يوجد استمرار في الطلب.

ويحدّد العزب نسبة الفارق في الأسعار بين المؤسسة والأسواق المحلية بما يتراوح بين 30-40 %، وهذا يشمل المنافسة في الأسعار لجميع القرطاسية والبدلات والحقائب؛ أي كلّ ما يتعلق بما يحتاج إليه الطلاب لدخول العام الدراسي الجديد.

كما يبرّر العزب سبب هذا الارتفاع في الأسعار بأنّ التجار لم يقوموا، خلال العام الحالي، باستيراد بضائع جديدة من القرطاسية، إنّما قاموا بطرح ما لديهم من بضائع مخزّنة في مستوعادتهم من العام الماضي، وفي ظلّ الظروف الحالية، لن يفكّر أيّ تاجر في الإقدام على استيراد المستلزمات المدرسية؛ لأنه لو قام أيّ تاجر باستيراد بضائع جديدة، يصبح السؤال: أين سيتمكّن من توزيع هذه البضائع، كونه لا توجد، في الوقت الحالي، منافذ بيع معتمدة يستطيع من خلالها التجار تصريف ما لديهم من بضائع، هذا إلى جانب توقف عدد من المعامل الموجودة في مدينة حلب عن تصنيع مثل هذه المستلزمات، وبالتالي لو استورد التاجر كميات جديدة من المستلزمات المدرسية، فهو غير قادر على ضمان توزيعها بسبب خطورة الطرقات ونقلها من محافظة إلى أخرى، كما أنه لن يضمن أنّ الموزع لهذه البضائع سيلتزم بتسديد قيمتها؛ لأنّه ربما يأخذ البضاعة ويهرب أو يتذرّع بأنها سرقت.

وبحسب العزب، قامت مؤسسة سندس بالشئ ذاته، كما فعل التجار، وأخرجت البضائع من مستودعاتها، لكنّها عرضتها بأسعار معقولة، وقامت، أيضاً، باستجرار المزيد من البضائع من هؤلاء التجار، لذلك سيجد المستهلكون  البدلة ذاتها المعروضة في المؤسسة تباع في محلات القطاع الخاص بفارق سعريّ كبير، وحافظت المؤسسة على أسعارها خدمة للمواطن، كونها أحد مؤسسات التدخل الإيجابي، وليس لديها غاية في تحقيق الأرباح، والدليل على انخفاض الأسعار طلب إحدى الجمعيات الخيرية 1000 بدلة من المؤسسة، كذلك قامت المؤسسة بإرسال 1000 بدلة إلى مركزين في محافظة اللاذقية، كما تمّ افتتاح مركز في حمص، وحتى منتصف الشهر سيكون لمؤسسة سندس مركز بيع معتمد في كلّ محافظة.

ويتوقع العزب، في ما يتعلق بارتفاع أسعار الكتب المدرسية، أنّ السبب يعود إلى طباعة جزء من الكتب في الخارج، والسبب الآخر غلاء سعر الورق، فعلى سبيل المثال، ماعون الورق وصل سعره بالمفرق إلى 900 ليرة، بينما يمكن أن يباع بالجملة بسعر يتراوح بين 750-800 ليرة، كذلك بالنسبة إلى رول التجليد، يباع في المؤسسة بسعر 500 ليرة، وكانت المؤسسة رفعت سعره من 250 ليرة إلى 500 ليرة، وهو سعر منخفض إذا ما قورن مع سعره في السوق، الذي وصل إلى 1300 ليرة.

الوزير يوجّه بتوفير ما يلزم

وكان وزير التربية، هزوان الوز، وجّه بالعمل على إيصال الكتب المدرسية إلى جميع المحافظات قبل بدء العام الدراسي 2013-2014 المقرّر في 15 أيلول القادم.

كما أشار وزير التربية، خلال اجتماع مع مديري التربية في المحافظات، إلى أنّه تمّ تأمين توزيع الكتاب المدرسي في المناطق الآمنة، وتذليل الصعوبات التي نجمت عن قيام المجموعات المسلحة بحرق كميات كبيرة من الكتب في المستودعات، والتعرّض لشاحنات الكتب أثناء نقله.

بيّن الوز أنّه تمّ التواصل مع الجهات المختصة في المناطق الشرقية لإرسال الكتب والأدلة، وتتراوح نسب التوزيع ما بين 50-80 في المئة، لافتاً إلى وجوب متابعة توزيع الكتب المدرسية على المناطق جميعها، ليكون الكتاب المدرسي بين أيدي الطلاب منذ اليوم الأوّل لافتتاح العام الدراسي.  وأكّد وزير التربية، في وقت سابق، أنّ الوزارة ومديرياتها في المحافظات جميعا تتابع كافة الاستعدادات والإجراءات اللازمة لبدء العام الدراسي الجديد 2013-2014، إضافة إلى متابعة إنجاز أعمال التشكيلات النهائية للأطر التدريسية والإدارية، بعد أن وافقت الوزارة على نقل 3035 عاملاً وعاملة في قطاع التربية.

سيريان تلغراف | رولا سلاخ – بلدنا

مرفقات :

الحقيبة الإلكترونية للكتب المدرسية وزارة التربية

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock