من هو أبو سليمان المهاجر .. أمير جند الشام المتهم بتجنيد مجموعة تلكلخ السلفية
ما خاب ظنّه في تنفيذه في لبنان، من “إنشاء دولة إسلامية يكون على رأسها أمير” كما قال خلال التحقيق الاستنطاقي معه في قضيّة الاعتداء على أمن الدولة الداخلي في جرد الضنية حيث كان عنصراً في الصفوف الخلفية داخل تنظيم بسّام الكنج الملقّب بـ”أبو عائشة”، حمله خالد المحمود إلى سوريا، آملاً في تعويض ما فاته، مستفيداً من الانفلات الأمني هناك، فأطلق تنظيم “جند الشام”، ونصّب نفسه أميراً عليه، وذلك للقتال إلى جانب “جبهة النصرة والجهاد في بلاد الشام” السلفية المتطرّفة ضدّ الشعب السوري.
وهو لتحقيق رغبته و”دولته” وليس إمارته كما يسمّيها، أخذ يجنّد شباناً لبنانيين للإنضمام إليه بعد إخضاعهم للكثير من الدروس الدينية، وذلك من بيئته الحاضنة للأفكار السلفية في باب التبّانة في طرابلس ومحيطها، حيث تسكن أسرته وحيث ترعرع أيضاً، فاستطاع إنشاء تجمّع شبابي سلفي من دون تهيئته الكاملة من الناحية التدريبية العسكرية، للمشاركة في القتال في الأحداث الجارية في سوريا، غير أنّ الدفعة الأولى والأكبر منه، قضت في الكمين المنصوب لها في منطقة تلكلخ السورية.
ومن يدرس شخصية خالد رياض خالد المحمود (والدته هناء العبّاس، مواليد مشتى حسن في العام 1977)، وأفكاره، يجد أنّه كان متوقّعاً تحوّله من عنصر عادي جدّاً في المجموعة الإسلامية التي اشتبكت مع الجيش اللبناني في جرد الضنيّة في 31 كانون الأوّل من العام 1999، بقيادة بسّام الكنج الآتي من صلب تنظيم “القاعدة” في أفغانستان حاملاً مجد الجهاد هناك، إلى “أمير” يرأس تنظيماً أصولياً ولكنْ ليس في لبنان هذه المرّة وإنّما في سوريا، على أمل العودة إلى لبنان لإقامة “دولته الإسلامية”.
ومجرّد عودة بسيطة إلى متن شهادة خالد المحمود أمام المحقّق العدلي في أحداث جرد الضنية آنذاك القاضي حاتم ماضي، تعطي صورة واضحة عن نيّته في “الجهاد المقدس” حتّى تحقيق “الدولة الإسلامية” ولو اقتضى الأمر سفك الدماء والبدء بالاعتداء على الجيش اللبناني كما حصل فعلاً في المخيّم التدريبي الذي نظّمه بسّام الكنج تحت ذريعة إحياء الليالي الأخيرة من شهر رمضان في التنسك والعبادة.
قال خالد المحمود في إفادته أمام القاضي ماضي، وليس أمام الضابطة العدلية في التحقيق الأولي، إنّ أحد عناصر تنظيم “أبو عائشة” وهو سعيد ميناوي جنّده مع شقيقه بلال في شهر كانون الأوّل من العام 1999، فوافق خالد على الانضمام إلى التنظيم المذكور، “لأنّه يريد فعلاً أن يكون في لبنان دولة إسلامية، وإنّ إقامة مثل هذه الدولة تستوجب الجهاد المقدّس، ولهذا السبب وافق على المشاركة في المخيّم في الجرد، وتلقّي الدروس الأمنية والدينية تمهيداً للبدء بالعمل المسلّح ضدّ النظام القائم من خلال الجيش الذي يحمي هذا النظام، وأنّه كان على استعداد لمقاتلة أيّة جهة أمنية أخرى من الجهات التي تحمي النظام بهدف استلام الدولة، وبعد استلامها سوف يسعون لإقامة الدولة الإسلامية في لبنان على الرغم من قلّة عددهم، لأنّ كان يعتقد كما قيل له، إنّ الجهاد الأفغاني بدأ بخمسة أشخاص، لكن لا توجد دولة إسلامية نموذجية تصلح للاقتداء بها، وإنّ الدولة التي كانوا يفكّرون فيها هي دولة إسلامية يحكمها القرآن والسنّة، ويكون على رأسها “أمير” هو ذاته الخليفة، ويكون الحكم شورى، أيّ لا مجلس نوّاب ولا مجلس وزراء، والقضاء يجب أن يكون إسلامياً، وكذلك القوى المسلّحة. أمّا المسيحيون فيعاملون معاملة أهل الكتاب، ولهذا فإنّ المخيم الذي شارك فيه يشكّل النواة الأولى لهذه الدولة الإسلامية، وكان مقرّراً التوسّع نحو مناطق أخرى، والصمود في وجه الجيش لمدّة شهر واحد، ثمّ تأتيهم المساعدة من كلّ مكان، كما حصل في أفغانستان. أمّا السلاح الثقيل، فكانوا سيستولون عليه من الجيش بعد إرغامه على الاستسلام”.
وخالد هو كبير إخوته، وقد ورد اسمه أوّل اسم في طليعة المتهمّين في قضيّة جرد الضنيّة كما ورد معه في القرار الاتهامي الموقّع من القاضي ماضي في 10 تموز 2000، اسم شقيقه بلال المولود في العام 1981، والملقّب بـ “أبو جندل”، وشقيقه الآخر محمّد المولود في العام 1979 والملقّب بـ “أبو ثابت”، وقد قتلا على مرحلتين فمحمّد قتل على يد عناصر من حركة “فتح” في مخيّم عين الحلوة في العام 2002 مهّدت لوقوع اشتباكات بينهم وبين” موقوفي الضنية”، بينما بلال قتل على يد عناصر من قوى الأمن الداخلي خلال محاولتهم توقيفه في محلّة باب التبّانة في طرابلس بسبب علاقته بحادثة السطو المزعومة على فرع “بنك البحر المتوسّط” في بلدة أميون (قضاء الكورة) والتي سبقت اندلاع الاشتباكات بين الجيش اللبناني وتنظيم “فتح الإسلام” في العام 2007.
ولم يبال خالد المحمود بالعودة إلى السجن الذي خبره على ثلاث دفعات منفصلة كانت الأطول بينها عند اعتقاله في قضيّة جرد الضنية والتي استمرّت منذ توقيفه وجاهياً في 6 شباط من العام 2000، إلى حين خروجه من السجن بموجب العفو الصادر في 18 تموز من العام 2005، ضمن الإسلاميين المعفى عنهم بالتزامن مع العفو عن سمير جعجع المحكوم باغتيال رئيس الحكومة الأسبق رشيد كرامي.
وعندما كان مع مجموعة الكنج، سمّى خالد المحمود نفسه “أبو سليمان وائل”، ثمّ اقتصر على الكنية الأولى أيّ “أبو سليمان” كما يتحدّث القرار الاتهامي في قضيّة الاعتداء على أمن الدولة الداخلي في مخيّم نهر البارد الذي أعطاه الرقم 135 بين أعداد المتهمّين، وهو “كان من ضمن جماعة المخربطين وهندس اللقاء بين المدعى عليهما عبد الناصر سنجر وشاكر العبسي”.
و”جماعة المخربطين” تسمية أعطاها شاكر العبسي لإحدى مجموعاته في تقسيماته ضمن تنظيمه، ويعرّفها المحقّق العدلي القاضي غسّان عويدات على انّها “الفئة التي انتصرت لجماعة “فتح الإسلام”، أو تعاطفت معها، أو ساندتها، ومنهم من قام بتأمين الدعم اللوجستي لها، أو الاتصال بالمنتمين إليها، أو بمساعدتهم وبدعمهم وبتهريبهم”.
وقد أوقف المحمود وجاهياً في أحداث نهر البارد في 11 شباط من العام 2008، وأخلي سبيله في 9 آب من العام 2011. وهذه الفترة الزمنية إلى حين اتكشاف أمر قتلى كمين تلكلخ، كانت كافية أمام خالد المحمود لإعادة ترتيب وضعه وإعداد مقاتلين لسفك دم الشعب السوري بهدف إقامة “الدولة الإسلامية”.
وبين حادثتي جرد الضنيّة ونهر البارد، أوقف خالد المحمود وجاهياً في القضاء العسكري في 12 شباط 2007، وصدر بحقّه قرار قضى باتهامه واتهام شاكر العبسي وآخرين بتأليف “جمعية أشرار بهدف ارتكاب الجنايات على الناس والدولة”.
وآثر المحمود تطوير إطلالاته الإعلامية غير الصريحة، بعدما كانت مقتصرة على تصويره في قفص الاتهام في المجلس العدلي جالساً إلى جانب رفاقه في قتل العسكريين من الجيش اللبناني، فانتقل إلى الاستفادة من مواقع التواصل الاجتماعي وتحديداً”اليوتيوب” مقلّداً المسؤولين في تنظيم” القاعدة”، فظهر في شريط فيديو مصوّر معلناً عن إنشاء تنظيمه الحديث “جند الشام”، ومنصّباً نفسه أميراً عليه، ومضيفاً كلمة”المهاجر” إلى اسمه الحركي القديم ” أبو سليمان”، وداعياً في بلاغه الرقم واحد، إلى” الجهاد لتمكين حكم الله في الأرض”.
وقد اتخذ المحمود من قلعة الحصن الواقعة في محافظ حمص السورية مكاناً لمهاجمة الجيش السوري، ومنطلقاً لتهجير الشعب السوري، حتّى تثيبت دعائم إمارته و”دولته الإسلامية”.
سيريان تلغراف | وكالات
لي طلب بسيط من الجيش السوري ..الا وهو ان يكون القازوق هو الحكم الذي ينفذ بحق هذا الكلب