الإعلام الذكي في قضايا الإجرام .. بقلم عيد كوسى
وضعت مذيعة قناة الجزيرة – المجرمة هي وقناتها صورة طفل وكتبت حرفياً : “بالله عليك بالله عليك امانة في رقابتك ليوم القيامة لا تغلق الفيس بوك الا وانت عامل لايك وكاتب الله يرحمه” هذا هو النص الحرفي لما كتبت هذه المجرمة على صفحتها .
طيّب ، هلّا لو سمحتم أن تعيدوا القراءة مرات عديدة ؟
أولاً : تكرر خديجة عبارة : “بالله عليك” مرتين ، وهذا له فائدة مهمة جدا إعلامياً ، إذا أن التكرار يضعها أمام موقف “المُتَسوَل منه” أي أن خديجة هنا وقفت موقف المتسولة منك ، والتسول أهم نقاطه هو إظهار حالة مأساوية ، مرفقة بتكرار عبارات فيها كلمات “الله” والله هنا أداة استعطاف ، فيحن قلبك وتدلي بدلوك .
ثانياً : ذكرت المجرمة عبارة “أمانة في رقابتك” وهي عبارة تثير الشهامة في الروح ، وتجلعنا في اللاوعي تنتفض فينا الروح العربية “التي يُقال عنها أنها تتميز بالشهامة” فينبري من شعر بهذا الشعور بالإدلاء بدلوه فيما يخص الشهامة .
ثالثاً : ذكرت المجرمة أيضاً : “ليوم القيامة” وهنا تذكير صارخ بالمعاصي التي ارتكبتها ، وهي تستصرخ فيك الأمل ، فريما لو كتبت “الله يرحمه” فإن الله سيرحمك أنت ، لأن الإنسان “محكوم بالأمل” فتنبري أيضاً لتدلي بدلوك .
رابعاً : اتبعت المجرمة : “لا تغلق الفيس بوك الا وانت عامل لايك وكاتب الله يرحمه” هذه النهاية وهي : تأنيب الضمير أنك لم قد تخرج دون أن تترحم على هذا الطفل ، وهذا استصراخ للعودة إلى المنشور لتقوم بضغط “لايك” وتكتب “تعليق” يريح ضميرك ، وتقول : لقد قمت بما علي ، فتكون بذلك قد أدليت بدلوك .
ولا أدري ما علاقة الفيس بوك بالله ! ولا أعلم تماما إن كان الله سيحاسب الناس على صفحة المجرمة خديجة .
طيّب، فكر معي قليلاً ، لو كنت بدل مجرمة قناة الجزيرة ماذا كنت ستفعل؟ ستضع الصورة وتعبر عن سخطك وتقول : “الله يشل ايد من قتل هذا الطفل” و “الله يرحمه” أو مثلا: ” ما ذنب الطفولة”.. ولكن لن يخطر ببالك أبدا أن تقوم بهذا التركيب المعقد جدا ، إلا اذا كنت تستخدم موت الطفل لهدف شخصي.. هذا ما فعلته المجرمة تماما، إنها تستخدم موت الطفل فيما يلي:
أولاً : أن تزيد من شهرتها .
ثانياً : أن تظهر بمظهر الرقيقة، المرهفة، التي لا يتحمل قلبها أن ترى جرحا بسيطا في يد انسان.
ثالثاً : أن تتعامل معك من عقلها إلا اللاوعي فيك، محركة فيك كل شيء إلا عقلك، فتسيطر عليك كما يسيطر إنسان على نعجة، فتتابع هي ومن معها بمخططها.
رابعاً : هي تحاول إظهار قناتها على أنها قناة المظلوم وأن قاتل هذا الطفل هو من تختصمه قناة “العهر” الجزيرة .
ملاحظة : يكفي أن تكون عاملة في قناة الجزيرة حتى تكون “مجرمة” .
سيريان تلغراف | عيد كوسى
(المقالة تعبر عن رأي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)
لم نصل إلى ما وصلنا إليه من فراغ , صفحات النت من مدونات ومواقع تواصل اجتماعي وغيرهافي الفضاء المفتوح سمحت لكل العابثين اللعب بالعقول والعواطف فشوّهت الأخلاق ودمرت البنية الإنسانية دون أن يدري الكثيرون أنهم تركوا أجيالاً من فلذات أكبادهم تُسيّر عبر الفضائيات وصفحات النت
خديجة وجزيرتها نموذج قذر لتشويه الحقيقة وعسى أن يتعلّم من لم يعتبر بعد من الدروس التي ندفع أثماناً باهظة لها في سورية