تبدو إمكانية إقامة علاقات متنوعة، بما في ذلك عاطفية مع أشخاص كثر، وتبادل الأخبار والصور معهم، خاصة بالنسبة للشريحة الشبابية منهم مغرية للكثير من نشطاء الانترنت، وذلك لتعويض انعدام القدرة على التواصل الحقيقي، مما يؤدي إلى أن النشطاء يمضون جل أوقاتهم في الشبكة العنكبوتية بهدف التواصل مع الأصدقاء الافتراضيين، مما يمكن كل مستخدم من تكوين مئات الأصدقاء في مختلف أرجاء العالم.
يقول أحد نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي إنه في السابق كانت تواجه الراغب بالتواصل مشكلة الفرز، أي أن يجد أشخاصا يشاركونه الاهتمامات والأفكار وتشكيل جماعات متجانسة فيما بينها، إلا أن الناشط الآن يعاني بسبب كثرة هذه المجموعات.
إلى ذلك تشير الإحصاءات الأخيرة إلى تراجع أعداد المشتركين في مواقع التواصل على غرار “فيسبوك” و”تويتر” في السنة الأخيرة، إذ بدأت تجتاح الكثير من هؤلاء الرغبة بالتواصل الحقيقي و”الحي”، وفقا لما تؤكد وكالة الإعلانات الأمريكيةLeo Burnett Worldwide.
وقد أجرت الوكالة هذه الدراسة في أنحاء كثيرة من العالم حول تأثير الانترنت على السلوك البشري والعلاقات بين الناس، وشملت فئة عمرية محددة تتراوح ما بين 16 و50 عاما، لتنتهي بتصريح مفاجئ على لسان كبير خبراء الوكالة في قسم التخطيط الاستراتيجي ميك ماك كيب حول رغبة النشطاء بالتخلص من الإدمان الرقمي بحسب وصفه، والعودة إلى الحياة الحقيقية، مشيرا إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي استهلكت ذاتها وبدأت تفقد رونقها.
إلى ذلك كشفت البحوث عن معاناة الكثيرين بسبب “الإدمان الرقمي” لما يسببه لهم من مشاكل في حياتهم العملية، أبرزها الشعور بالوحدة، حتى أن 20% من هؤلاء عبر عن رغبته بالابتعاد عن الكومبيوتر، إلا في الحالات النادرة التي تجبرهم على القيام بذلك، فيما تتزايد أعداد من يتركون هواتفهم الذكية في مواقع العمل.
كما أعرب 20% ممن شملتهم الدراسة عن نواياهم الجادة بإغلاق صفاحتهم في مواقع التواصل، بينما أكد 35% أنهم يكرسون يوما في الشهر بدون “فيسبوك” أو “تويتر”، وهو ما تحول إلى مفهوم آخذ بالانتشار يُطلق عليه تعريف (Facebook & Twitter free day)، بينما أكد 40% أنهم لا يشغلون الكومبيوتر أثناء الإجازة.
هذا وقد أعلن موقع “فيسبوك” أنه فقد في السنة الأخيرة 4 ملايين مستخدم من مختلف أرجاء العالم و3 ملايين مستخدم في أمريكا. بالإضافة إلى ذلك يفيد علماء النفس بأن مستخدم الـ “فيسبوك” يعتقد أنه في حالة تواصل مستمرة مع أصدقاء، علما أنه في معظم الأحيان يخفي مشاعره الحقيقية خلف وجوه “سمايلي” التي يلجأ لها، وذلك على الرغم من أن الأحاسيس الحقيقية التي تنتابه لا تعكس غالبا السعادة.
علاوة على ذلك يرى المختصون أنه كلما ازداد معدل التواصل عبر مواقع الانترنت كلما تراجع الشعور بالثقة بالنفس لدى المستخدم، فيما تتحسن الحالة النفسية بعد التواصل الحي وليس الافتراضي.
سيريان تلغراف