يتمكن الانسان العادي الذي لم يتعرض الى اصابات في رأسه، أن يحدد بسهولة فيما اذا كان في وعيه ام لا. أما مع المرضى فالامر مختلف، فهناك حالات يبدو فيها الشخص في كامل صحته، ولكن دماغه لا يعمل، أو بالعكس، الانسان لا يتحرك ولا يبدي شعورا بالاحساس، إلا انه يعي كل ما يجري حوله. وهذا يسمى بمتلازمة “المنحبس”.
ومنذ سنوات طويلة يقترح الاطباء طرقا مختلفة للتواصل مع المرضى الذين ليس بمستطاعهم التفاعل مع الكلام او اللمس او أي شيء أخر يثير رد فعل الانسان العادي. فمثلا اقترح علماء من المانيا طريقة سهلة ولكنها فعالة جدا للتواصل مع المرضي بمساعدة الرياضيات.
إن حالة الغيبوبة تنتج عادة بسبب اصابات ادت الى حدوث ضرر في الدماغ. وتكون مختلفة في درجة شدتها. ولوضع تشخيص صحيح ومتكامل واختيار العلاج المناسب، من الضروري تحديد اجزاء الدماغ التي تعمل بصورة غير مرضية، وهل يشعر الانسان بما يجري حوله أم لا. لقد بحث مارتشيلو ماسيميني ومجموعته العلمية من جامعة ميلانو الايطالية هذه المسألة ووضعوا طريقة جديدة لتحديد درجة وعي الشخص المتعرض لاصابة شديدة في رأسه. استندت هذه المجموعة في عملها على فكرة كون الوعي مرتبط بمدى تناسق عمل اجزاء الدماغ، وهل تستجيب للمعلومات وتتفاعل معها، وحتى في حالة عدم وجود رد فعل جسدي. ويحصل هذا حتى لدى الاشخاص الاصحاء، فعندما يكون الشخص في نوم عميق، فانه لا يستيقظ بسبب الضوضاء والاصوات العالية، ولكن دماغه في جميع الاحوال يتفاعل معها بصورة ما.
اعتمادا على هذه المعارف، فكرت مجموعة مارتشيلو ماسيميني، في كيفية تحديد درجة الوعي بدقة عالية باستخدام ادوات واجهزة بسيطة. ولاجل ذلك استنتجوا معادلة رياضية لتحديد مستوى العلاقة بين الاشارات الواردة من مختلف اجزاء الدماغ، واطلق موسيميني على الناتج النهائي “مؤشر تعقد التدخل – PCI”.
اختبرت فعالية الطريقة الجديدة بمشاركة 52 شخصا من ايطاليا وبلجيكا والولايات المتحدة الامريكية بين اعوام 2005 – 2009 . كان ضمن المشاركين 32 شخصا اصحاء تماما و20 تعرضوا الى اصابات مختلفة في رأسهم. ولفهم مختلف الحالات المحتملة، درسوا دماغ الاشخاص الاصحاء في اربع حالات مختلفة (في حالتي نوم وحالة اليقظة الكاملة وتحت التخدير الشامل).بينت نتائج الاختبار، بأن اثنين من المرضى المصابين بمتلازمة “المنحبس” اظهرا تقريبا نفس مستوى نشاط دماغ الاصحاء في حالة اليقظة، حيث تراوح مؤشر PCI بين 0.51 و 0.62 . أما الاشخاص الذين شخصت عندهم سابقا حالة الغيبوبة فانهم اظهروا نشاطا قريبا من النشاط الذي اظهره الاصحاء تحت التخدير الشامل، حيث تراوح مؤشر PCI بين 0.19 و 0.31 .
ويقول ماسيميني “إن طريقتنا تسمح ليس فقط بوضع تشخيص صحيح واختيار العلاج اللازم، بل وايضا مراقبة التحسن أو السوء الطفيف في حالة المريض”.
سيريان تلغراف