تشارك السيد الرئيس بشار الأسد عشية ليلة القدر طعام الإفطار مع فعاليات المجتمع السوري من أحزاب وسياسيين ومستقلين ورجال دين مسلمين ومسيحيين ونقابات واتحادات ومجتمع مدني.
وقال الرئيس الأسد في كلمة له خلال طعام الإفطار إن السوريين وحدهم القادرون على إنهاء الأزمة بأنفسهم ولم يبق أمامنا سوى خيار واحد هو أن ندافع عن أنفسنا وبلدنا بأيدينا.
وأكد الرئيس الأسد أن القوات المسلحة تمكنت من تحقيق ما يشبه المستحيل في ظل الظروف الصعبة والهجوم من مختلف الدول الكبرى مع عملائهم والإرهابيين وأن لا حل مع الإرهاب سوى أن يضرب بيد من حديد.
وأشار الرئيس الأسد إلى أن المواجهة هي بين الوطن وأعدائه وبين الجيش والإرهابيين وبين الدولة والخارجين عن القانون وأي عنوان آخر لم يعد مقبولاً على الإطلاق.
وأكد الرئيس الأسد أن الخير لن يأتينا من بعض الدول العربية أو الإقليمية القلقة جداً على كل مدينة وقرية صغيرة في سورية ولكنهم مطمئنون جدا لوضع القدس ومستقبل أبنائها في الأحضان الإسرائيلية، مشيراً إلى أن الخير سيأتينا من كل الشرفاء الذين وقفوا معنا في أماكن مختلفة من العالم ومن أولئك الأبطال الذين يذودون عن وطنهم ويدافعون عن شعبهم ومن عائلاتهم الصابرة على غيابهم في ساحات القتال ومن دماء شهدائنا وأهاليهم.
وأضاف الرئيس الأسد إنه بتوحد الجيش والشعب والقضاء على الإرهابيين نعيد الأمان والاستقرار إلى سورية التي كانت نموذجاً للأمن والأمان.
فيما يلي النص الكامل للكلمة :
قال السيد الرئيس بشار الأسد في كلمة له خلال تشاركه عشية ليلة القدر طعام الإفطار مع فعاليات المجتمع السوري: يسعدني أن ألتقي بهذا الجمع الوطني الكبير في هذه الليلة الرمضانية المباركة ليلة القدر حيث نلتقي على الخير ومحبة الوطن ونلتقي على العهد وتجديده للدفاع عن الوطن ولمواجهة التحديات مهما كبرت بالمزيد من العزيمة والتصميم ونلتقي اليوم لنتذكر بأن هناك رجالاً ضحوا بحياتهم من أجل رفع شأن الوطن وإعلاء كلمة الحق ونلتقي لنتضامن مع عائلاتهم التي فقدت أغلى ما لديها وهم يسيرون على طريق المجد والفخر ولنتضامن أيضا مع المعوزين والمحتاجين الذين يواجهون أعباء الحياة المتراكمة بالصبر والإيمان.
وأضاف الرئيس الأسد إننا نلتقي لكي نتضامن مع كل هؤلاء ولكي نؤكد لهم بأن الوطن لا يتخلى عن أبنائه في الملمات والمحن بل على العكس يقف معهم معنوياً ومادياً.. كما نلتقي اليوم ليس من أجل الاحتفال فلا الظروف تسمح بالاحتفال وقد دخل الحزن إلى كل بيت ومنزل ولأن الأسى والألم أصابا كل نفس على امتداد ساحة الوطن ولا لأن شهر رمضان هو شهر للاحتفال كما يمارس طقوسه البعض بل هو شهر للعبادة نطهر فيه النفس من الشوائب التي تراكمت عبر الأيام وعلى مدار العام وهو شهر للتربية نكرس فيه الأخلاق الحميدة ونرمم ما تآكل منها ونحاول أن نستعيد ما فقدناه منها وهو شهر لتكريس إنسانية الإنسان.. نشعر فيه بالآخرين وبالجائع والمحتاج والمعذب وبكل صاحب معاناة في سورية.
وأوضح الرئيس الأسد أن شهر رمضان هو شهر للمغفرة والرحمة والتواصل والتضحية والفداء والجهاد بالمعنى الصحيح أي جهاد العمل والإنجاز والبناء والمحبة ونلخصه بأنه شهر لإصلاح الإنسان والنفس والجسد.. والنفس والجسد هما كالفرد والمجتمع لا يمكن أن يصلح أحدهما من دون إصلاح الآخر فمعافاة المجتمع هي من سلامة الفرد وقوة الفرد من صلاح المجتمع فإذا أردنا أن نصلح المجتمع لا بد لنا من الحوار بين أفراده وأطيافه ولكي يكون هذا الحوار مفيداً ومثمراً وله معنى وجوهر لا بد أن يكون حواراً صريحاً وشفافاً.
نحن بحاجة لحوار صريح بعيد عن كل المجاملات
وتابع الرئيس الأسد: كم نحن بحاجة للشفافية والصدق الذي كرسته ورفعت من شأنه وقيمته الأديان السماوية وخاصة في هذه الظروف وإذا أردنا اليوم أن نتحدث عما يحصل في الوطن وأسبابه والحلول المقترحة فنحن بحاجة لحوار صريح بعيد عن كل المجاملات التي هي في مثل هذه الظروف بالنسبة للمجتمع كالنعامة التي تدفن رأسها في الرمال لكي لا ترى ما الذي يحصل من حولها.. ودفن الرأس في الرمال من قبل المجتمع الآن يعني دفن الوطن في الرمال.
وقال الرئيس الأسد: لذلك وكما هي عادتي أتحدث بصراحة مطلقة بعيداً عن كل المجاملات مع الأخذ بالاعتبار أن الصراحة الآن أصبحت أسهل لأن الحديث بنفس المنطق قبل سنتين وبضعة أشهر من الآن كان صعباً لأن الهجمة كانت كبيرة والخداع كان كبيراً وكثير من السوريين خدعوا وسقطوا في فخ فهم ما الذي يحصل.. وكلكم تذكرون عندما كنا نتحدث في البدايات عن مؤامرة أو تدخل خارجي كان الكثير من السوريين يقولون.. ما هذا.. كلما حصل شيء يلقون باللوم على الخارج… ولكن اليوم ما يحصل هو العكس فهم يقولون لنا إن هناك مؤامرة ونذكرهم بأن هناك أسباباً داخلية لهذه المؤامرة.
وأضاف الرئيس الأسد: إذا علينا أن نرى الأمور بعينين لكي تكون الرؤية ثلاثية الأبعاد ونحن نستطيع أن نتحدث كثيرا عن أشياء مرتبطة بالأزمة التي تمر بها سورية ولكن أنا دائماً أنطلق من الأسئلة التي تطرح في الشارع سواء معي مباشرة أو أسمعها بشكل غير مباشر عبر أشخاص آخرين ولكن أعتقد بأننا نستطيع أن نختصر ونلخص كل هذه الأسئلة بسؤال وحيد كان يطرح منذ الأيام الأولى بل ربما الساعات الأولى للأزمة في سورية وهذا السؤال كان.. متى تنتهي الأزمة.. وهو يختصر كل شيء آخر ولكن نحن لا نستطيع أن نحدد متى تنتهي إن لم نكن قادرين على تحديد من ينهيها أولاً وهذا يعني أنه يجب أن نعرف من هو المسؤول عن إنهائها وكيف.. وبعدها يأتي سؤال متى.
لا أحد قادر على إنهاء الأزمة إلا أبناء الوطن بأنفسهم وأيديهم
وتابع الرئيس الأسد: لنبدأ بالتسلسل المنطقي فمن ينهي الأزمة هو نحن السوريون.. لا أحد آخر قادر على إنهائها إلا أبناء هذا الوطن بأنفسهم وأيديهم.. صحيح أن العوامل الخارجية قوية ومؤثرة وكلنا الآن يعرف هذه الحقيقة ولكن دور الخارج مهما اشتد فهو دور مساعد أو معرقل.. يسرع الحل أو يطيل أمد الأزمة وهذا الدور الخارجي كما تحدثنا مراراً وتكراراً يعتمد على الثغرات الخارجية الموجودة لدينا في سورية.
وقال الرئيس الأسد: لو كنا نتحدث الآن مع أجانب لشرحنا لهم بشكل موسع عن الإرهابيين الذين يأتون إلى سورية بعشرات الجنسيات وعن دور الدول العربية والإقليمية والغربية ولكن نحن نتحدث الآن مع أبناء مجتمع واحد وعندما نضع كل العوامل الخارجية جانبا ونقول إن هناك إرهابياً ولصاً ومرتزقاً يقتل من أجل المال ومتطرفا سوريا فهل هذا إنتاج خارجي.. هذا إنتاج المجتمع السوري.. ويجب أن نكون واضحين حول هذه النقطة وهذه واحدة من الثغرات ولولا هؤلاء لما أتى الآخرون من الخارج.
في الوطن لا يوجد سوى طيفين أبيض مع الوطن وأسود ضد الوطن
وأوضح الرئيس الأسد هناك نموذج آخر وأنا هنا أمر على أمثلة فقط والتفاصيل كثيرة.. الرمادية الوطنية.. أنا تحدثت في السابق عن الرمادية السياسية وقلت في السياسة هناك أطياف كثيرة ويحق لأي مواطن أن يختار الطيف الذي يريده في السياسة أما في الوطن فلا يوجد سوى طيفين أبيض مع الوطن وأسود ضد الوطن.. هناك من لم يكن لديه الوعي الوطني الكافي في ذلك الوقت لينتبه لهذه النقطة فاختار موقع الرمادية الوطنية والرمادية الوطنية عمليا هي حاضن للفوضى والإرهاب.. وهذه الحاضنة أو تلك الحاضنات أطلقت الوحوش إلى الساحة والكثير من هؤلاء يعرفون الآن أنهم على خطأ وتراجعوا عنه وعادوا إلى الموقع الصحيح ووقفوا مع الوطن ولكن متأخرين.. فالوحوش خلقت حاضناتها الخاصة بها ولم تعد بحاجة إلى حاضنات وبدأت تتكاثر وتطلق وحوشا أخرى وتستورد أخواتها من الوحوش من خارج حدود الوطن.
وأضاف الرئيس الأسد: أعود وأؤكد أن هؤلاء لم يوجدوا تلك الحاضنات عن قصد أو دراية بل عن قلة معرفة ولكن في النهاية نحن من يتحمل مسؤولية كل ذلك كمجتمع وفي النهاية الدولة جزء من المجتمع ولكن المجتمع هو المظلة الأكبر وهذا لا يعني أنني ألوم المجتمع وأنفي المسؤولية عن الدولة.. لا.. أنا أقول إننا كلنا الآن كأعضاء في بيت واحد هو البيت السوري نتحمل المسؤولية مع تفاوت المسؤوليات بحسب موقع كل واحد فينا.
وقال الرئيس الأسد: في هذه النقطة لو عدنا إلى التاريخ لا توجد دولة كبرى أو بالأحرى دولة عظمى تمكنت من هزيمة دولة صغرى عندما كانت هذه الدولة الصغرى موحدة لأن البعض يتحدث في هذا الموضوع ويتحدث عن الوضع الخارجي ويقول دول كبرى ويسلم أمره لله.. يعني على مبدأ التواكل وليس على مبدأ التوكل.. على مبدأ التوكل عندما نقوم بواجبنا فالله سيكون معنا بمعنى أننا سننتصر لذلك إذا تكون الوعي الكافي لدينا الآن حول هذه النقطة ووقفنا كلنا يدا واحدة أبيض ضد الأسود فأنا متأكد من دون أي تردد ومن دون مبالغة وأنا لا أبالغ بأننا سنتمكن بسهولة وليس بصعوبة مع كل هذا الثمن القاسي والدماء التي سفكت سنتمكن بسهولة من الخروج من هذه الأزمة.
لا يوجد استثناءات لأي وسيلة يمكن أن تساعدنا في الخروج من هذه الأزمة
وأضاف الرئيس الأسد: بكل بساطة وبكل مرونة وبكل براغماتية وبكل الوسائل الممكنة إذا كان المطلوب الخروج من أزمة وطنية تؤثر على الجميع سلبا وتدمر الوطن فلا يوجد استثناءات لأي وسيلة يمكن أن تساعدنا في الخروج من هذه الأزمة وأنا أقول كلاما مطلقا لذلك هذا ما اتبعناه منذ بداية الأزمة.
وتابع الرئيس الأسد: في البداية هناك من قال إن المشكلة هي القوانين فقلنا لنبدل القوانين لا يوجد مشكلة وهناك من قال إن هناك فقرة في الدستور فقلنا لنبدل كل الدستور وكان هناك استفتاء شعبي على هذا الدستور.. والبعض من هؤلاء طرح هذه الطروحات عن قلة معرفة ودراية ولكن هناك ايضا من طرحها عن خبث وسوء نية ومع ذلك سرنا بالحل انطلاقا من هذه الفكرة لأننا لا يجوز لنا كدولة أن نقول لن نسير بحل إذا كان هناك في سورية من يعتقد بأنه يؤدي إلى تحسين الوضع.
لن نسمح لأحد بمس السيادة
وقال الرئيس الأسد: ظهرت مبادرات من الخارج أيضا تعاملنا معها بنفس الطريقة مع الأخذ بالاعتبار السيادة السورية فلن نسمح لأحد بمس السيادة عدا عن ذلك قلنا لن نقول لا لأي مبادرة وبدأنا بالمبادرة العربية وكلكم يعرف النوايا التي كانت تقف خلف الدول الأساسية بالمبادرة العربية وطلبوا إرسال مراقبين ووافقنا وتم إفشال هذه المبادرة.
وأضاف الرئيس الأسد: عندما قررنا أن نتجاوب معها وعندما لم تتمكن من إدانة سورية بالطريقة التي كانت تفكر بها بعض الدول العربية المساهمة فيها أتى كوفي عنان وأتى معه مراقبون وتعاونا معهم وتم إفشال هذه المبادرة بنفس الطريقة عبر الجامعة العربية.. ثم أتت مبادرة جنيف ومعها الأخضر الابراهيمي وتعاملنا بنفس الطريقة وقلنا سنذهب إلى جنيف مع أننا نعرف بأننا من سنفاوضهم.. يقال إن شخصا لا يمثل الشعب لا يمثل سوى نفسه.. هؤلاء لا يمثلون حتى أنفسهم يمثلون الدول التي تمول والتي أوجدتهم والتي تقول لهم ماذا يقولون وماذا يفعلون وماذا لا يقولون وماذا لا يفعلون.
وتابع الرئيس الأسد: مع ذلك قلنا سنذهب وسنحاور بالرغم من أن هؤلاء كما تعرفون يدعون بأنهم يمثلون الشعب السوري وبنفس الوقت يطالبون بالتدخل الخارجي.. فعندما يكون عندي دعم الشعب لست بحاجة إلى دعم أحد لأن الشعب هو أقوى شيء وهذا كلام ليس إنشاء هذه حقيقة ويبررون بأن الجيش يقتل الشعب لذلك هم بحاجة إلى دعم خارجي لدعم الشعب.. أي جيش في أي تجربة في العالم عندما يحاول أن يعتدي على الشعب أو يقتل الشعب كما يطرحون فهذا الجيش ينهار فورا لأن أي جيش مكون من المجتمع لا يستورد ولا يصنع في معمل من المعامل.
وأضاف الرئيس الأسد: إذا بالرغم من معرفتنا بالنوايا الحقيقية التي تقف خلف كل هذه الطروحات كنا مرنين.. ليس سذاجة ولم يكن لدينا أوهام لكن أولا لأننا نؤمن بالعمل السياسي.. هذه قناعة لكن بشرط أن تكون النوايا التي تقف خلف العمل السياسي هي نوايا صادقة ولا ننكر بأن عددا من الدول التي ساهمت في هذه المبادرات كان لديها المصداقية ولديها الرغبة الصادقة بأن يكون هناك حل ولكن لم تتمكن من ترجمة هذه المصداقية على الواقع .. أيضا التجاوب مع كل هذه المبادرات كان ضروريا للمساعدة في جلي الحقيقة الغائبة عن ذهن ورؤية بعض السوريين الذين كانوا يعتقدون بأن العمل السياسي هو الحل السياسي والعمل السياسي يختلف عن الحل.
وتابع الرئيس الأسد: الحل موضوع آخر.. الحل موضوع أشمل من العمل السياسي ربما يكون العمل السياسي مساعدا في الحل ولكن هو ليس حلا هو جزء من الحل فكان التعامل السوري مع هذه المبادرات ضروريا لإجلاء الحقيقة بالنسبة للمواطنين السوريين المغرر بهم أو المخدوعين.
وقال الرئيس الأسد: بنفس الوقت هناك دائما في كل مجتمع خاصة في مثل هذه الظروف من يعيش على كلمة لو.. ويضع الفرضيات على كلمة لو.. ويقول لو قاموا بكذا لما حصل كذا.. ولو فعلوا هذا لوجدوا ذاك وتبنى الفرضيات على هذا الأساس وتصبح الفرضيات حقيقة غير قابلة بالنسبة لهم للتفنيد.. طبعا هي غير قابلة للتفنيد.. لأنها أساسا غير موجودة على الواقع لذلك سرنا بكل هذه الأمور لكي نقطع الطريق على أي مبرر لاستخدام كلمة لو.
المرونة السورية ساعدت كل أصدقاء سورية في أي مكان من العالم سواء كانوا أفراداً أم أحزابا أم دولا لأن يكون لديهم القدرة للدفاع عنها في مختلف المحافل
وأضاف الرئيس الأسد: إن الأهم من ذلك أن المرونة السورية ساعدت كل أصدقاء سورية في أي مكان من العالم سواء كانوا أفراداً أم أحزابا أم دولا لأن يكون لديهم القدرة للدفاع عن سورية في مختلف المحافل وبالمحصلة مع كل هذا الأداء السوري لم أكن في موقع ان أقول للسوريين مخادعا.. عليكم أن تبنوا آمالا على كل ما يحصل لسبب بسيط.. لأن المعطيات الملموسة لدينا لم تكن تدل على أن هناك فرصا للنجاح لأن الطرف الآخر الطرف المعادي لا يريد أي حل سياسي بالعكس كلما استجبنا لمبادرة أو لطرح كانوا يصابون بالإحباط والبعض منهم يصاب بالهيستيريا خاصة بعض الدول العربية المعروفة.
وتابع الرئيس الأسد: إذا المعطيات كانت معاكسة تماما ومع الوقت هذه المبادرات والتعامل السوري معها أدى إلى فضح تلك الدول ومسؤوليها وسقطت الأقنعة بشكل كامل وظهر بأن من كان يقول إن الدولة السورية تبنت الحل الأمني هو من تبنى المسار الإرهابي من أجل تدمير سورية فقط ولا اعتقد أن هناك إنسانا عاقلا يعتقد بأن الإرهاب يعالج بالسياسة ربما يكون للسياسة دور في التعامل مع الإرهاب قبل أن ينشأ .. يعني الوقاية من الإرهاب أو منع ظهور الإرهاب يمكن أن يتم من خلال السياسة.. من خلال الإعلام والثقافة.. من خلال التربية.. من خلال الحوار.. من خلال التنمية الاقتصادية والخدمات.. هناك أساليب كثيرة أما بعد أن يظهر الإرهاب ويبدأ بالتخريب والقتل والتدمير وينتشر فلا حل مع الإرهاب سوى أن يضرب بيد من حديد.
لا بد من ضرب الإرهاب لكي تتحرك السياسة بشكل صحيح
وقال الرئيس الأسد: إن الأهم من ذلك أن الإرهاب والسياسة هما نقيضان بشكل كامل لا يمكن أن يكون هناك عمل سياسي وتقدم على المسارات السياسية والإرهاب يضرب في كل مكان فلا بد من ضرب الإرهاب لكي تتحرك السياسة بشكل صحيح.. هذا لا يمنع أن يكون هناك مسار مواز.. إذا كنا نضرب الإرهاب وهناك مسار سياسي يسير بالتوازي لا يوجد مانع من دون أن يكون هذا مبررا للتوقف عن مكافحة الإرهاب.
وأضاف الرئيس الأسد: إن محصلة هذا الكلام إننا إذا أردنا أن نبحث عن حل فلا بد أن ينطلق الحل من الوقائع وليس من الوهم كما يفعل البعض.. يعيش في الأحلام والتمنيات ويريد أن تحل الأمور من خلال تمنياته.. نحن نفهم انه في الظروف الصعبة البعض يتعلق بقشة ولكن لا تستطيع الدولة أن تتعلق بقشة وتعلق معها المجتمع بقشة وتسقط القشة وتسقط معها الدولة ويسقط المجتمع.. لا بد أن ننطلق من الواقع وهذا الواقع باختصار.
وتابع الرئيس الأسد: هناك وضع دولي هذا الوضع الدولي فيه دول صادقة ثابتة على مواقفها انطلاقا من مبادئها وهذه المبادئ تتطابق مع المصالح وهذا شيء عظيم .. فإذا لا يوجد فقط مصالح هناك مبادئ ومصالح وهناك دول تائهة استعمارية معادية تاهت لأنها قدرت الأمور خطأ ولأنها اعتمدت على عملاء أعطوها معلومات خاطئة أكثر فورطوها أكثر واليوم هي في حالة ضياع كامل.. أما إقليميا فمعظم الدول الإقليمية العربية وغيرها بدلت رؤيتها.
وأشار الرئيس الأسد إلى أن معظم الدول الإقليمية العربية وغيرها بدلت رؤيتها باتجاه الواقع بعد سنتين ونصف السنة تقريبا وأصبحت الأمور شبه واضحة لها ما عدا عدد قليل منها ذات الفكر الوهابي والنهج الإخواني فهي ما زالت مستمرة وستستمر في سفك الدم السوري وفي غيها لأنها تعتبر ما يحصل في سورية فرصة مواتية لتكريس النهج الإخواني الفتاك ولذلك يعيشون حالة هيستيريا مع تبدل الوضع الإقليمي والدولي.
على الصعيد الداخلي نواجه عصابات تقوم بقطع الأرزاق أو بقطع الأعناق أو بكلا الأمرين
وقال الرئيس الأسد: إننا على الصعيد الداخلي نواجه عصابات تقوم بقطع الأرزاق أو بقطع الأعناق أو بكلا الأمرين ومن هؤلاء مرتزقة يقومون بذلك حسب الأموال التي تدفع لهم من الخارج أو من الداخل ومن هؤلاء لصوص فارون من وجه العدالة منذ سنوات ومن هؤلاء متطرفون دينيون أو ما يسمى بالتطرف الديني وطبعا هؤلاء لا علاقة لهم بالدين ولا بالإسلام.
وأضاف الرئيس الأسد: على الصعيد السياسي لدينا في سورية معارضة وطنية زجت بنفسها منذ الأيام الأولى في العمل السياسي والوطني وجزء من هذه المعارضة يتواجد معنا في هذه القاعة وهناك معارضة لا وطنية لم يكن لها هدف سوى تحقيق المكاسب وهناك معارضة حاولت أن تبتزنا في بداية الأزمة تحت عنوان نحن نوقف المظاهرات مقابل أن تعطونا مواقع في الدولة والحكومة وطبعا لم يكن لهم علاقة حقيقية بالمظاهرات.. البعض منهم قبض الأموال من دول خليجية بشكل مباشر أو غير مباشر عبر بعض المسؤولين في الجامعة العربية لكي لا يقال إنه مرتبط بتلك الدولة أو تلك وبعدها بدأ يغازل المسلحين ويلوم الدولة على الإرهاب بدلا من لومه للمسلحين.. وتغيرت المواقف مرات عدة من قبل تلك المعارضة بحسب تغير الأوضاع الأمنية والعسكرية في الداخل أو بحسب تغير الأوضاع الدولية.. والبعض منهم يرفض الحوار والبعض الآخر يريد أن يحاور الدولة سرا لكي لا يغضب الآخرين ولكن بالمحصلة هذه المعارضة لا يعول عليها وهي ساقطة شعبيا وأخلاقيا ولا دور لها في حل الأزمة لأنها تسعى فقط للمكاسب.
وتابع الرئيس الأسد: أقول هذا الكلام ليس هجوما على الآخر.. لم أهاجم المعارضة في أي كلمة أو خطاب سابقا ولكن لا نستطيع إلا أن نكون صريحين عندما نريد أن نتحدث عن الشأن الداخلي وبالتالي لا بد أن نعطي المواطن السوري كل ما هو موجود أمامنا من معطيات وأقول إني لم أهاجم لأني لم أذكر أسماء ولو أردت الهجوم لذكرت بدقة من منهم هؤلاء الأشخاص.. أنا لا أذكر.. أنا أتحدث عن وقائع فقط.
وقال الرئيس الأسد: بالمحصلة لم تتحسن الأمور على الإطلاق ومع كل المرونة السورية والبراغماتية تجاه كل ما طرح من الخارج والداخل كانت الأمور في حالة تصاعد مستمر وكل سوري بغض النظر عن الانتماء السياسي أو الجغرافي أو العرقي أو الديني أو أي انتماء آخر دفع الثمن وبدأت المجازر المتنقلة تحصد أرواح السوريين.. بدأت بجسر الشغور وانتقلت إلى كرم الزيتون وحطلة وخان العسل وفي أماكن كثيرة أخرى وكانت القضية في الحقيقة حسب ما ظهرت واتضحت بالنسبة للجميع هي أن تكون سورية أو لا تكون.. أن تكون حرة مستقلة أو أن تكون مطية بيد الأعداء.. أن تكون دولة يحكمها القانون والمؤسسات أو تكون دولة يحكمها اللصوص وقطاع الطرق.
المواجهة هي بين الوطن وأعدائه وبين الجيش والإرهابيين وبين الدولة والخارجين عن القانون
وأشار الرئيس الأسد إلى أن العناوين أصبحت واضحة فالمواجهة هي بين الوطن وأعدائه وبين الجيش والإرهابيين وبين الدولة والخارجين عن القانون وأي عنوان آخر لم يعد مقبولا على الإطلاق في هذه الحالة ولم نعد في وارد أن نجامل بعض الغافلين عن الحقائق أو فاقدي الوعي الوطني والسياسي ولو قمنا بمجاملة هؤلاء فنحن نعمل على تدمير الهوية الحضارية وتدمير النسيج الوطني لسورية إلى الأبد وهذا الكلام ليس فيه مبالغات ولذلك يجب أن نكون واعين لأنه في هذا النوع من المعارك كسوريين إما أن نربح معا أو أن نخسر معا ولا توجد أطياف في هذا الموضوع.
وأوضح الرئيس الأسد.. كل الطرق جربت ولم يبق سوى خيار واحد هو أن ندافع عن أنفسنا وبلدنا بأيدينا وفي مثل هذه الحال الكل يتطلع بشكل طبيعي وبديهي إلى القوات المسلحة ويبني أمالا عريضة جدا عليها والكل يتمنى لو أن هذه المؤسسة تستطيع أن تحسم الوضع وتنهي الأمور كليا اليوم قبل غد وأن يكون كل مقاتل سوري عبارة عن إنسان جبار قادر على سحق الإرهابيين.. كلنا نحلم ولكن بالمحصلة الحلم لا يقفز فوق الواقع لو أردنا أن نقيم ما قامت به القوات المسلحة حتى الآن.
ما قامت به القوات المسلحة أقرب إلى المستحيل
وقال الرئيس الأسد: أعود وأؤكد مرة أخرى أنني لا أحب الحديث الإنشائي ولا المبالغات.. أنا شخص علمي وأحب الحديث من خلال الواقع.. ما قامت به القوات المسلحة أقرب إلى المستحيل فهذه المؤسسة بنيت منذ الاستقلال وخاصة بعد نشوء إسرائيل بناء على جبهة محددة وبطول وعمق معين وجغرافيا معينة وهي بنت بنيتها القتالية ووضع تكتيكها واستراتيجيتها وتسليحها من أجل خوض معركة من نوع محدد مع هذا العدو وفجأة وجدت نفسها في مواجهة شيء مختلف تماما عما تعرفه وعن أي شيء واجهته أي دولة وأي جيش ربما في عصرنا الحديث فكان المطلوب منها أن تقوم بعملية تأقلم سريعة في ظروف الحرب.
وأوضح الرئيس الأسد أن أصعب شيء هو أن نغير البنى في ظروف المعركة ومع ذلك تمكنت القوات المسلحة من القيام بهذا الشيء ببراعة كبيرة وبنجاح باهر وتمكنت من تحقيق إنجازات كبيرة في هذا المجال.
وأضاف الرئيس الأسد: من جانب آخر نحن نقرأ في التاريخ والروايات عن البطولات ودائما الحديث عنها يظهر حالة خاصة بأن شخصا أو مجموعة أشخاص كانوا أبطالا ولكن دائما هذه الحالة هي الأقل وهي الحالة النادرة والحالة المتميزة جدا.
وتابع الرئيس الأسد: أقول بصدق لكم إن نسبة الأعمال البطولية التي قامت بها القوات المسلحة خلال العامين وبضعة الأشهر الماضية هي نسبة من الصعب أن تصدق وهي تشمل نسبة الأبطال والأعمال الجريئة ومستوى التضحية.. شخص يعرف أنه ذاهب إلى الموت وينفذ المهمة وقد يصاب وقد لا يصاب.. هناك مقاتلون ضباط أو صف ضباط أو أفراد أصيبوا مرة ودخلوا إلى المشفى وقضوا فترة نقاهة وعادوا في المرة الثانية بعزيمة أكبر وثالثة ورابعة ومنهم ما زال مستمرا في القتال والبعض منهم استشهد لاحقا فالبطولة هي حالة رمزية.
وقال الرئيس الأسد: لو أردنا أن نبحث عن رمز لوجدنا صعوبة لأن الرموز كثيرة.. فمن يكون رمزنا.. وبالتالي هذه الحقيقة يجب أن نفخر بها اليوم وفي المستقبل وعلى مدى أجيال .. كنا نسمع عنها ونتخيلها وهي موجودة بلا شك ولكن ليس بهذه النسبة.. وطبعا هذه النسبة تعكس نسبة البطولة لدى الشعب السوري فالمؤسسة العسكرية ليست منعزلة عن المجتمع.. فإذا أردنا أن نقيم القوات المسلحة أقول إنها تمكنت من تحقيق شيء ما يشبه المستحيل في هذه الظروف الصعبة وفي ظل هجوم من مختلف الدول الكبرى مع عملائهم ومع الإرهابيين.
وتابع الرئيس الأسد: لو أردنا أن نقيم الإنجازات على الخارطة السورية فمن الطبيعي أن نرى أن هناك تفاوتا بين منطقة وأخرى لأن هناك عوامل متعددة تلعب دورها في أي معركة فهناك العامل الذاتي المرتبط بالتشكيل من حيث نوعية الأفراد والضباط الموجودين فيه أي العامل البشري وهذا شيء طبيعي وهناك البيئة المرتبطة بالمكان وهناك عوامل عسكرية تقنية وعوامل جغرافية إضافة إلى عوامل كثيرة تؤثر في إنجاز أي تشكيل من التشكيلات ومن الطبيعي أن تتفاوت هذه العوامل ومن البديهي أن يتفاوت معها الإنجاز ولكن أهم عامل يؤثر في هذا الإنجاز هو العامل الشعبي.
وأضاف الرئيس الأسد: كان يقال قبل الأزمة إن المقاومة في لبنان انتصرت ويتحدثون عن السلاح وعن التكتيك وعن كل هذه الأشياء وأنا كنت أقول لهم إن المقاومة انتصرت بشعب المقاومة لأنه لو صرخ هذا الشعب لصرخت المقاومة.. الآن نرى هذه الحقيقة في سورية.
الاحتضان والدعم الشعبي موجود وبشكل واسع ورأيناه منذ الأيام الأولى لزج القوات المسلحة في مكافحة الإرهابيين
وأوضح الرئيس الأسد أن هذا الاحتضان والدعم الشعبي موجود وبشكل واسع ورأيناه منذ الأيام الأولى لزج القوات المسلحة في مكافحة الإرهابيين وهو في تزايد وتصاعد مع تزايد وعي الناس لحقيقة ما يحصل ولكن هناك أنواع من هذا الدعم فهناك المعنوي وهو متوفر ولا نريد أن نبالغ ونقول ان هناك إجماعا بل أقول إن هناك شبه إجماع على هذا الدعم والمعروف بأن الدعم المعنوي أو الوضع المعنوي للمقاتل في أي جيش من جيوش العالم هو نصف المعركة والبعض يقول إنه ثلاثة أرباع المعركة فإذا هذا النصف متوفر لكن المناطق التي تم فيها إنجاز أفضل من مناطق أخرى هي المناطق التي أضيف فيها إلى الدعم المعنوي الدعم العملي وعندها تمكن رجال القوات المسلحة من إنجاز المهام بشكل أكثر تميزا من باقي المناطق.
وأشار الرئيس الأسد إلى أن الحرب التي يواجهها الجيش العربي السوري والقوات المسلحة بشكل عام هي حرب عصابات وأغلبية الناس تعرف أن حرب العصابات هي من أصعب الحروب وأخطرها على أي جيش مهما كان قويا وهناك حرب وحيدة تتفوق على حرب العصابات هي الحرب الشعبية وهذه الحرب الشعبية هي الجيش مع المواطنين وهذا ما حصل وهذا ما نجحنا فيه حتى الآن. وقال الرئيس الأسد “الذي حصل في عام 2013 بالنسبة للقوى المعادية التي شعرت بأنها لن تتمكن من تحقيق انتصار حاسم كما كانت تفكر.. كانت هناك 14 معركة لتحرير دمشق قبل رمضان وفي العام الماضي كان هناك ثلاث أو أربع معارك والأسبوع الماضي كانت هناك معركة بدر وبالأمس كانت معركة الأبابيل ولكن فشلوا فيها كلها ولذلك فهذه الدول وصلت إلى قناعة بأن هذا الحسم الذي يبحثون عنه غير ممكن والحل هو أن تطيل أمد الأزمة بحرب استنزاف تستهلك فيها سورية وتتآكل وتضعف ونحقق نفس النتيجة بغض النظر عن إسقاط الدولة السورية”.
الحسم للأزمة هو فقط في الميدان
وأضاف الرئيس الأسد: إن الحل في هذا الموضوع هو الحرب الشعبية التي تحدثت عنها.. صحيح أن المعركة تخاض في الإعلام والمواقع الاجتماعية وحتى في المجتمع ولكن الحسم للأزمة هو فقط في الميدان.. المعاناة الاقتصادية التي نعاني منها جميعا والخدمات المتراجعة وكل الأمور اليومية التي نعاني منها كسوريين مرتبطة بالوضع الأمني ولا حل لها سوى بضرب الإرهاب لذلك إذا نجحنا في هذه الحرب الشعبية وكانت هناك مساهمة أكبر في باقي المناطق فأنا أستطيع أن أقول إن الحل سيكون سهلا وستكون سورية خلال أشهر قادرة على الخروج من أزمتها وضرب الإرهاب لأن يد الله مع الجماعة كما يقال وهذه حقيقة من دون مبالغة.
وتابع الرئيس الأسد: الآن في الإعلام لو سمعوا هذا الكلام سيقولون إن الرئيس السوري ألقى خطابا ودعا الشعب السوري إلى الحرب الشعبية.. نحن لا ندعو إلى ذلك لأن هذه الحرب بدأت منذ أكثر من عام وهي موجودة على الأرض والشعب السوري ساهم فيها بدافع ذاتي وليس بدعوات ولكن أنا أضع النقاط على الحروف لكي تكون الأمور واضحة.. كيف يمكن أن ننهي هذه المعركة ونقلب الطاولة على الآخرين ونعيد الأمان والاستقرار إلى سورية التي كانت نموذجا للأمن والأمان ليس على مستوى العالم العربي أو على مستوى الشرق الأوسط بل على مستوى العالم.. بهذه الطريقة.. بتوحد الجيش والشعب والقضاء على الإرهابيين.
وأوضح الرئيس الأسد: أقول هذا الكلام انطلاقا من تجربة ولا أخترع فكرة أو أتصور أو أتوقع.. ما أقوله هو ما طبق وما نجح.. وفي المحافظات التي طبق فيها هذا الشيء الوضع فيها أصبح جيدا وفي بعض الأماكن جيدا جدا وأكثر من ذلك.
وأضاف الرئيس الأسد: ونحن نتحدث في ليلة القدر في الأسبوع الأخير من شهر رمضان شهر التسامح لا بد أن نمر على موضوع التسامح وفي أكثر من كلمة وخطاب ومناسبة ولقاء إعلامي تحدثت عن هذا الموضوع وأكدت بأننا كدولة سنستمر بالسير بهذا النهج بالتوازي مع ضرب الإرهاب.
التسامح هو مع من غرر به وليس مع من ارتكب أعمال قتل وسفك دماء وإرهاب
وأوضح الرئيس الأسد أن التسامح هو مع من غرر به وليس مع من ارتكب أعمال قتل وسفك دماء وإرهاب وغيرها وبالطبع الكثير من السوريين وخاصة ممن عانى من الإرهاب لم يكن مع هذه النقطة في البدايات لأنه كان يعتقد بأن في هذا تشجيعا للإرهابيين ولكن بعد هذه الفترة الطويلة للأزمة أستطيع أن أقول إن هذا التسامح أعطى نتائج جيدة على الواقع.. هي ليست نتائج مطلقة.. دائما هناك شخص يعود للانحراف وإلى مكانه اللاوطني ولكن النسبة الأكبر عادت إلى مكانها الصحيح والطبيعي.
وقال الرئيس الأسد: في الإعلام تسمعون من وقت إلى آخر أن هناك أشخاصا قاموا بتسليم أنفسهم للسلطات المختصة وتسوية أوضاعهم وهذه النسبة هي في تزايد مستمر بسبب تثبيت مصداقية الدولة التي شكك بها في البداية من قبل هؤلاء أو من قبل من كانوا يقولون لهم لا تسلموا أنفسكم لأن الدولة ستنتقم منكم ولكن الدولة السورية أثبتت أنها حاضن لكل السوريين بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية.
وتابع الرئيس الأسد: ولكن مع تراجع الحاضنة مؤخرا أصبحنا أمام حالات تعطي المزيد من البياض على هذه اللوحة السوداء ففي عدد من المناطق لم يكتف أولئك الشباب بتسليم أنفسهم أو أسلحتهم إلى الدولة بل قاموا بالقتال مع القوات المسلحة في الصفوف الأمامية ضد الإرهابيين وسقطوا شهداء فتخيلوا الفرق بين أن يسقط هذا الشخص مجرما وأن يموت شهيدا.. الفرق كبير في الدنيا والآخرة.
وأضاف الرئيس الأسد: أنا أعتقد بأن علينا أن نشجع موضوع التسامح المرتبط بالحوار والمبادرات الاجتماعية والسياسية التي قام ويقوم بها عدد من السوريين لأنها أساسية في إنجاح العفو والتسامح.. ونحن قمنا بأكثر من عفو والجزء الأكبر منه غير معلن فالقضية ليست قضية دعاية وإنما قضية إنجاز على الأرض وكنا نربط هذا العفو وهذا التسامح مع المبادرات التي تقوم بها الفعاليات الشعبية وكانت نسبة الإنجاز جيدة ولذلك أنا أؤكد أولا على تشجيع هذه المبادرات من دون كلل أو ملل.. قد لا ننجز اليوم ولكن من الممكن أن ننجز غدا.. وأشجع الكثير من المترددين الذين يتواصل معهم كثير من السوريين ويقولون لهم نحن نريد أن ننهي هذه المحنة وأن نعود إلى بيوتنا وقرانا وحياتنا الطبيعية ولكننا خائفون.. أشجعهم على العودة إلى المكان الطبيعي فهذه المعارك ليس لها نهاية بهذا الشكل ونحن نخسر والرابح الوحيد هو العدو الإسرائيلي.
الخير لن يأتينا من بعض الدول العربية أو الإقليمية القلقة جدا على كل مدينة وقرية صغيرة في سورية ولكنهم مطمئنون جدا لوضع القدس ومستقبل أبنائها في الأحضان الإسرائيلية
وقال الرئيس الأسد: نحن في شهر الخير وعلينا أيضا أن نبحث عن الخير فالله أعطانا الخير ولكن إذا أردنا أن نحصل عليه فلا بد من أن نسعى إليه فلا يمكن أن يأتينا بشكل منفعل وعندما نسعى يجب أن نعرف أين وكيف وألا نسعى في المكان الخاطئ فالخير لن يأتينا من بعض الدول العربية أو الإقليمية القلقة جدا على كل مدينة وقرية صغيرة في سورية ولكنهم مطمئنون جدا لوضع القدس ومستقبل أبنائها في الأحضان الإسرائيلية.. ولا يمكن أن يأتينا من تلك الدول المتحمسة جدا للديمقراطية التي يجب أن تعمم على الشعب السوري ويريدون مساعدتنا في هذا الموضوع ولكنهم يمنعون عن شعوبهم الحد الأدنى من الحقوق الإنسانية بل إنهم مصممون على أن تبقى هذه الشعوب تعيش في دول تنتمي أنظمتها السياسية إلى العصور الوسطى وربما إلى العصور الجاهلية فلا برلمانات ولا انتخابات ولا مشاركة في القرار ولا في الثروة ولا في الوطن ولا في أي شيء.
وأضاف الرئيس الأسد: إن هذه الدول تريد أن تدخل التاريخ.. نعم ستدخل التاريخ بكل تأكيد.. ولكن التاريخ سيفرد لها بابا خاصا في كتابه عنوانه القتل والتدمير والتخلف والجهل.. هذا ما ملكته هذه الدول عبر تاريخها وهذا الشيء الوحيد القادرة على أن تعطيه للبشرية.. لن يأتنيا الخير من أصحاب الفكر الظلامي الذي أسس له الوهابيون بالدم والقتل وسيسه الإخوانيون بالنفاق والكذب والخداع.. أولئك الذين استخدموا قناع الإسلام من أجل ضرب الإسلام ففرغوه من الداخل واستبدلوه بكل ما يناقضه من نفاق وعنف وإجرام.
وأكد الرئيس الأسد أن هذا الفكر هو أول من دق الإسفين بين العروبة والإسلام في الوقت الذي جمع بينهما القرآن والرسول الكريمان وأن أولئك هم من دق ثاني إسفين بين المسلم والمسلم وثالث إسفين بين المسلم والمسيحي عبر طروحات طائفية بغيضة مقيتة فتانة في الوقت الذي حرمت الأديان السماوية كلها الفتنة بين الناس.
وأوضح الرئيس الأسد أن هذا الفكر هو الذي نقل الصراع من عربي إسرائيلي إلى عربي عربي وأن أولئك قاموا بالاعتداء على رموز العروبة ومقاومة الاستعمار وضربهم والوقوف في وجههم وهاجموا الجيوش العربية كما يحصل الآن في سورية ومصر وتعاونوا مع جيش العدو الإسرائيلي ونافقوا لإسرائيل وتذللوا لأمريكا فقط من أجل الحصول على الكرسي.
وتساءل الرئيس الأسد: ماذا نسمي هؤلاء… هؤلاء هم “الإسلاميون الجدد”.. لقد استخدم الغرب “المسيحيون الجدد” من أجل خدمة إسرائيل تحت عنوان المسيحية والآن هو يستخدم هؤلاء “الإسلاميون الجدد” لتكريس الإسلام عبرهم لخدمة إسرائيل.. والحقيقة ربما أن كلمة “إسلاميون” لا يجوز أن نستخدمها والأصح أن نسميهم “الجاهليون الجدد”.. هذه هي الحقيقة.
وتابع الرئيس الأسد: إن الخير لن يأتينا من كل هؤلاء.. الخير سيأتينا من كل الشرفاء الذين وقفوا معنا في أماكن مختلفة من العالم.. في العالم العربي والإسلامي وفي كل مكان آخر.. وقفوا معنا قولا وفعلا.. رفعوا العلم السوري.. وقفوا مع الجيش السوري في معاركه ضد الإرهاب.. وقفوا مع الشعب السوري في دفاعه عن استقلال بلده.
الخير سيأتينا من السوريين المنتمين لوطنهم الملتزمين بدينهم مسلمين ومسيحيين
وأضاف الرئيس الأسد: الخير سيأتينا منكم أيها السوريون.. الخير سيأتينا من السوريين المنتمين لوطنهم الملتزمين بدينهم مسلمين ومسيحيين الواعين والعارفين والمؤمنين بأن الأديان أو الشرائع إنما أنزلت لهدف وحيد هو أن تجعل حياتنا أفضل وعندما لا تتمكن الأديان أو الشرائع من أن تجعلها.. على العكس ربما تجعلها أسوأ.. فالمشكلة فينا كبشر وليست بالدين ولا في الشرائع التي أنزلت علينا.
وأكد الرئيس الأسد أن الخير سيأتينا من أولئك الأبطال الذين يذودون عن وطنهم ويدافعون عن شعبهم ومن عائلاتهم الصابرة على غيابهم في ساحات القتال ومن دماء شهدائنا وأهاليهم الذين زغردوا عندما سمعوا أن الابن الأول استشهد فارسلوا الابن الثاني ليكمل المهمة ومن هؤلاء يأتينا الخير من قوتهم وصلابتهم وإيمانهم ووطنيتهم.
وقال الرئيس الأسد: في الختام أتمنى أن يأتي رمضان المقبل وتكون سورية قد استعادت عافيتها ويكون الأمن والأمان قد عم ربوع هذا الوطن الغالي علينا جميعا.. أقول لكم كل عام وأنتم بخير بمناسبة عيد الفطر الذي يقبل علينا خلال الأيام القليلة القادمة.
سيريان تلغراف