لقد أسس الكيان الصهيوني ثلاثة أورام خبيثة لتكون هي الأركان الرئيسية لحمايته و دعمه . و كانت أول دولة إسلامية تعترف بهذا الكيان الصهيوني هي دولة أتاتورك في تركيا . أما الورم الثاني فكانت الجامعة العربية بالظاهر و العبرية بالباطن . أما الورم الثالث و هو الأخبث قيام مملكة آل سعود بالدعم المباشر من الإمبراطورية البريطانية . و بسقوط هذه الأركان الثلاثة يسقط الكيان الصهيوني .
حكام السعودية و قطر في العلن يحاربون سورية و يريدون إسقاط نظام الأسد ، أما في الباطن ، و هي الحقيقة أنهم يحاربون ايران عن طريق سورية لكسرها و الاستفراد بها لاحقاً كونها أصبحت دولة قوية استراتيجياً و اقتصادياً و عسكرياً و طورت من أسلحتها و امتلكت السلاح النووي الذي هدد أمنهم و استقرارهم و أمن اسرائيل و استقرارها .. و باتحاد ايران مع سورية شكلت قوة في الشرق الأوسط يصعب اختراقها من العرب و الغرب .
و ما زاد الطين بلة هو اتحاد هاتين الدولتين مع رجل هزم اسرائيل بهدوئه و ذكاءه و هو سماحة السيد حسن نصر الله ، فشكلوا باتحادهم هرم المعادلة الصعبة التي عجز الصهاينة عن اختراقها . و بدأ المخطط الصهيوأميركي منذ مقتل الحريري بالعمل على تدمير هذه الكتلة المقاومة .
و كانت خطتهم تسعى لتدمير كل قوة من هذا الهرم المقاوم على حدة فبدأوا بحزب الله و عملوا على تشويه صورته بأنه سيزج لبنان في حروب و يكبدها خسارات كبيرة ستكون عبئا كبيرا على الدولة و يجب نزع السلاح منه لأنه لا يحمي لبنان بقدر ما يهدد أمنها و استقرارها .
و بدأ السياسيون في لبنان يحكيون خيوطهم العنكبوتية لإدانة حزب الله خاصة بعد حرب 2006 . و حاولوا مراراً و تكراراً إدانة ايران كونها تملك السلاح النووي و لم يستطيعوا فروّجوا لفكرة الربيع العربي الذي بدأ جولته في الوطن العربي حتى وصل إلى سورية محور المقاومة و الممانعة .
و كان لا بد لهم من الاستعانة بملوك النفط قطر و السعودية لشن الحرب بالوكالة عنهم … فهم يضربون عصفورين بحجر واحد : أولاً : يستغلون سذاجة عقول هؤلاء الحكام في الوصول إلى أهدافهم بتدمير الوطن العربي ثانيا : استغلال أموالهم لشراء الأسلحة حتى يقتلوا بها أبناء جلدتهم و استغلال نفطهم بالوقت نفسه و لم يكلف الصهاينة هذا الأمر شيئاً على الاطلاق سوى بيع هؤلاء الحكام وعودا في الهواء حتى تنتهي مهمتهم و من ثم يرمون بهم في محرقتهم . و بما أن الرئيس الأسد له شعبية كبيرة ، فلم يجدوا سبيلا للخلاص منه إلا عن طريق تجييش الرأي العام ضده ليتم إسقاطه بالقوة .
و هذه الطريقة تحتاج إلى خطة ذكية جداً و هي استغلال الأشخاص المحيطين به و المقربين منه بالسلطة للاستفادة من معلوماتهم و استخدامهم كدليل لإقناع الرأي العام عبر قلب الحقائق و نشرها في قنوات الفتنة الممولة خليجياً كالجزيرة … بأنه رئيس ديكتاتوري و لا يصلح للحكم كي يتم إسقاطه و استبداله بدمية يسهل عليهم التحكم بها كما حصل في مصر… و بالتأكيد عروض الإغراء بالمال و الكرسي ستلعب دوراً كبيراً في شراء ذمم ضعاف النفوس و الخونة كالأخوين طلاس و خدام و الكثير من أبناء المسؤلين اللذين استفادوا من النظام و ملؤوا كروشهم و أصبحوا يحلمون بالكرسي … و طبعاً لا ننسى شريكهم المريض بانفصام الشخصية أردوغان .
و هنا بدأ مسلسل الانشقاقات و تسريب المعلومات للاستخبارات الأميركية و الموساد ، و بدأت حملة تسويق المناداة بالحرية و زرع عصابات الاخوان بالتدريج بين الجيش الحر ، لأن وجودهم هو مجرد جسر للوصول إلى أهداف أخرى . فالعالم العربي لا يؤمن بإحتلال العقل قبل إحتلال الأرض … إنه يعترف فقط بالغزو المسلح … و الخطة الصهيوأميركية اعتمدت على احتلال العقول الضعيفة بين المسلمين … و هي استغلال الثغرات بين السنة و الشيعة لاغراق الوطن العربي بمستنقع الطائفية .
و هنا جاء دور شيوخ الفتنة لنشر التعصب الديني و زرع الأفكار الشيطانية بين الشباب غير المثقف و الجاهل المتعصب دينياً … و إحدى هذه الفتاوي أنه عندما تقتل شبيحة الأسد ستدخل الجنة و ستجد حورية بانتظارك … و جهاد النكاح وغيره … و حللوا الحرام و حرموا الحلال . و بظهور الفيلم المسيء للرسول توسع النزاع الطائفي بين المسلمين على مستوى الوطن العربي بشكل ملحوظ .
إلى هنا كانت الخطة الصهيوأميركية تسير في طريقها الصحيح حتى بدأ الارهاب يرتد على الدول التي جعلت من حدودها مرتعاً للارهابيين و انتفضت الشعوب بالداخل لتنبذ الارهاب من أرضها كما حصل في تركيا و مصر و لبنان . و بعض الدول العربية انتفض شعبها ، و لكن الحكام حاولوا السيطرة على هذه الشعوب بقمع انتفاضتهم و منعوا تسريب الحقائق عبر الفضائيات و لكن لن تطول مدة القمع ، فالشعب هو صانع القرار ، و من هذه الدول هي المغرب و السعودية و قطر .
و انتفاضة الشعوب العربية لم تكن في حسبان الصهاينة … فالربيع العربي بدأ يسلك الطريق المعاكس ليرتد على صناعه ، و المفاجئات التي تنتظرهم من حزب الله و الأسد و ايران هي دمار شامل على مستوى الشرق الأوسط و العالم إن حاولوا تكرار السيناريو الذي حصل في العراق و ليبيا .
فهزيمة سورية تعني تفتيت الوطن العربي و تدميره بالكامل … و سقوط الأسد هو سقوط سورية و الوطن العربي . و لو لم تكن أميركا على ثقة بأن أسود المقاومة الاسلامية لهم بالمرصاد لما انتظروا عامين و أكثر من أجل إيجاد الحل السياسي للأزمة بل لكانوا اتخذوا القرار منذ زمن بهذا الشأن … و عدم تدخلهم العسكري حتى الآن هو أكبر دليل على إنهزامهم و انتهاء جميع سيناريوهاتهم .
و بعد هذه المماطلة سنرى التوافق من جميع الأطراف على بقاء الأسد في السلطة حتى لا تطالهم نيران فتيل الحرب التي أشعولها في سورية لأن العالم أدرك من صمود الشعب السوري و من قوة الجيش العقائدي في الدفاع و الهجوم و من ثبات مواقف الأسد أن سورية انتصرت على مؤامرتهم و الرئيس الأسد قرأ الواقع السوري بجدارة و راهن على عامل الوقت و الانسان و انتهج خط الممانعة و المقاومة في التشبث بمواقفه البطولية … فالرئيس الأسد هو حجر عثرة في طريق أمريكا وإسرائيل قلّ أن يوجد أمثاله بين الحكام العرب … و معه سورية ذاهبة إلى النصر و ملوك النفط إلى مزابل التاريخ .
سيريان تلغراف | دنيز نجم
(المقالة تعبر عن رأي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)