أوقفت مديرية الاستخبارات في الجيش، قبل أيام في مدينة بعلبك، الشاب محمود ص. (مواليد 1970 أردني الجنسية)، وضبطت في حوزته بطاقة مزوّرة خاصة باللاجئين الفلسطينيين باسم أحمد حجير (مواليد 1981). ولدى التحقيق مع الموقوف، تبيّن أنّه ناشط على خط تمويل المجموعات الإسلامية الجهادية المتطرّفة وتسليحها. وقد فاجأ المحققين اعترافه، بصراحة تامة ومن دون ضغط، لا بل بفخر، بـ«ارتكابه أفعالاً جرمية وانخراطه في نشاطات مسلّحة وإرهابية» كفيلة بلف حبل المشنقة حول رقبته في أي دولة أخرى.
ويملك الموقوف الحائز شهادة دراسات عليا في الشريعة الإسلامية شركات للمقاولات في كل من قطر والإمارات العربية المتحدة والسعودية، وهو يرأس جمعية «مكّيّون» التي أسّسها مع الأردني حسين حمدان، وقد أفاد خلال التحقيق بأنّه سبق له أن انتمى إلى حزب التحرير.
وأوضحت مصادر التحقيق أن الموقوف «أقرّ خلال استجوابه بتسلّمه مبلغ مليونين ومئتي ألف دولار من مسؤول الهلال الأحمر في قطر الدكتور خالد دياب ليُسلّمها للشيخ اللبناني ع. ع. (مواليد 1983)، المقيم في بلدة بر الياس البقاعية، والذي ينتمي إلى جمعية «مسلمون بلا حدود». وقد تمكّن بواسطة الشيخ من شراء 30 قاذف آر بي جي بمبلغ 900 ألف دولار، و300 قذيفة بمبلغ 300 ألف دولار، تم إدخالها إلى داخل الأراضي السورية بواسطة مُهرِّب سوري يُدعى أنور مجهول باقي الهوية، ويُعرف بأبي صلاح. وسلّم المهرّب الأسلحة إلى السوري أبو عبد الله في منطقة الغوطة في ريف دمشق». كما «اشترى أسلحة حربية من نوع كلاشنيكوف عدد 100، إضافة إلى صندوق ذخيرة، من مخيم عين الحلوة ودفع ثمنها 40 ألف دولار فقط، من أموال كان قد أرسلها إليه شقيقه المقيم في قطر». وحول هوية الشخص الذي باعه السلاح، أجاب بأنه يُعرف باسم «أبو محمد»، كاشفاً أنّه دخل إلى المخيم برفقة السوري محمد عبد الله المعروف بـ«أبو حمزة»، بحجّة توزيع مساعدات إنسانية للنازحين من سوريا. وحول كيفية إخراج هذه الكميّة من الأسلحة عبر حواجز الجيش التي تحيط بالمخيم الفلسطيني الأكبر في لبنان، لفتت مصادر أمنية متابعة إلى أنّ معظم صناديق المساعدات الإغاثية للنازحين لا يتم تفتيشها نظراً الى استحالة ذلك، في ظل الكميات الضخمة من المساعدات.
وبحسب المصادر، «دخل الموقوف إلى الأراضي السورية قبل حوالى شهر، آتياً من تركيا عبر معبر باب الهوا، برفقة خمسة أشخاص أردنيين في إطار نشاط إدخال الأسلحة لدعم مسلّحي المعارضة السورية». وقد اعترف بأنّه «جاهد» في سوريا في صفوف «كتيبة الحبيب المصطفى» الناشطة في كل من درعا وإدلب، وعاد الى لبنان ليحضر أسلحة حربية إلى مدينة طرابلس في إطار تعزيز «قوّة المجموعات الجهادية التي تقاتل حلفاء النظام السوري». وفي هذا السياق، ذكر أنّه دفع مؤخراً مبلغ خمسين ألف دولار أميركي لشيخ سلفي معروف في مدينة طرابلس ليواصل أنصاره القتال في باب التبّانة ضد جبل محسن. وقد تولّى، بحسب اعترافاته، توفير الدعم المادي والسلاح للناشطين ضد النظام السوري بإيعاز من جمعية «ساند» القطرية.
الموقوف من أصل فلسطيني، ولد في الأردن قبل أن ينتقل برفقة ذويه إلى لبنان عام 1974، حيث أقام في محلة الرويس في الضاحية الجنوبية. ثم انتقل للسكن في منطقة عائشة بكّار. وهو ارتاد مدارس الرويس في المرحلتين الابتدائية والمتوسطة، قبل أن ينتقل إلى ثانوية رمل الظريف ثم يُنهي دراسته الجامعية. وفي عام 1995، غادر لبنان إلى دولة الإمارات، حيث عمل في تجارة المعدات البصرية قبل أن يتفرّغ منذ عام 2003 لشركات المقاولات العائدة له في كل من الإمارات وقطر والسعودية.
وقال الموقوف إنه مع بدء الأزمة في سوريا «قرر مساعدة الثوار على قدر استطاعته. فبدأ يتردد إلى لبنان منذ نحو سنة ونصف بهدف توزيع مساعدات إنسانية على النازحين السوريين. واستقرّ في لبنان مؤقتاً كي يستغل كامل وقته على خط دعم الثورة، وصار يتنقّل بين مناطق الضنية وعرمون وبر الياس ومخيم عين الحلوة. وفي بعض الأحيان، كان يغادر لبنان مثلما فعل عندما قصد تركيا وغيرها في إطار النشاط نفسه، وأنّه يتواصل مع عدد من الجمعيات في لبنان وتركيا بهدف التنسيق لتوزيع المساعدات على اللاجئين السوريين».
تجدر الإشارة إلى انتهاء التحقيق مع الموقوف لدى استخبارات الجيش، وأن الملف أحيل إلى النيابة العامة العسكرية لإجراء المقتضى القانوني بحقّه.
سيريان تلغراف