صحيفة “موسكوفسكيي نوفوستي” تقول يوم 21 مارس/آذار إن الاضطرابات التي تشهدها سورية دخلت عامها الثاني، وهي الفترة الزمنية الأطول بين ثورات الربيع العربي، إذ لم يتمكن أي من الزعماء العرب أن يحتفظ بالسلطة مثل هذه المدة، بعد اندلاع الاحتجاجات في بلاده.
فما هي أسباب ثبات النظام السوري حتى الآن ؟هناك أسباب عديدة مكنت النظام من البقاء ومواجهة الاحتجاجات، منها تزايد الحضور الإسلامي في جميع الدول التي شهدت سقوط أنظمتها الديكتاتورية العلمانية. علما بأن هذا الأمر أثار شكوكا لدى الغرب، حول جدوى الإمعان في دعم مطالب قوى المعارضة.
وبالإضافة إلى ذلك، أدت التجربة السابقة في تمرير قرار أُممي يجيز التدخل العسكري في ليبيا، أدت إلى تغيير موقف موسكو وبكين من الامتناع عن التصويت في الحالة الليبية، إلى الاعتراض على تمرير أي قرار يحتوي على مجرد تلميح باستخدام القوة في الحالة السورية.
فموسكو وبكين تريان أن الناتو وغيره من المشاركين في العملية العسكرية على ليبيا، أساؤوا استخدام التفويض الممنوح من مجلس الأمن، واستغلوا القرار كغطاء لتغيير النظام بشكل سافر.
لم تتعرض روسيا، منذ وقت طويل، لهذا الكم من الانتقادات الحادة بسبب موقفها من الأزمة السورية. فهي اليوم متهمة بالتواطؤ مع النظام السوري في قتل المدنيين، من منطلق تعاطفها مع الطاغية بشار الأسد، ومن حرصها على جني أرباح من مبيعات السلاح.
فقد تحدثت ممثلة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة سوزان رايس عن ذلك صراحة، بعد استخدام روسيا حق النقض ـ الفيتو. وهناك أطراف أخرى انتقدت موقف موسكو، وأعربت عن استغرابها من الدعم الروسي لنظام ينتظره مصير محتوم؛ هو السقوط.
في حين كان بإمكان موسكو أن تنوع من اتصالاتها، وأن تقيم جسورا للتواصل مع بقية أطراف المعادلة السورية تحسبا للمستقبل. لكن موسكو اتخذت موقفا صلبا. ولم تلتفت للتحذيرات من وقوعها في العزلة.
الأزمة السورية مازالت بعيدة عن الحل، وروسيا ما زالت هي الرابحة، علما بأن هدفها لا يتمثل في الحفاظ على العقود التي أبرمتها مع دمشق، وإنما في الحفاظ على مكانتها في الساحة الدولية، وعدم الإذعان للضغوط النفسية والدبلوماسية التي تمارس عليها. روسيا برهنت أنها، وبغض النظر عن فقدانها لموقعها في الشرق الأوسط (سورية هي الشريك الأخير المقرب من موسكو)دولة مؤثرة، لا يمكن التوصل إلى أية حلول للقضايا الساخنة دون الرجوع إليها.
ليس واضحا بشكل كاف ما إذا كان الغرب وتركيا والدول العربية مستعدة للتدخل في سورية. لكن الدبلوماسية الروسية واضحة تماما ولا تحتمل ثنائية التفسير. فقد أعلنت بكل وضوح أنها لن تسمح بشرعنة التدخل في سورية من بوابة مجلس الأمن.
ولا توجد هناك أطراف راغبة بالتدخل في سورية من دون غطاء دولي، على الرغم من دعوات المعارضة السورية المتكررة.
في المحصلة، وبالرغم من كل ما قيل ويقال، هناك أصوات في واشنطن تقول إن مواقف كل من روسيا والولايات المتحدة بدأت تتقارب، وجامعة الدول العربية بدأت بمحاورة روسيا.
المصدر : روسيا اليوم