تحولات، يبدو أنها عميقة، بدأت تبرز في طبيعة الدور الإقليمي لمصر كما تراه الولايات المتحدة، وتحولات أخرى، أخف وطأة، لـ”تحالفات” القاهرة مع الدول العربية.
الإشارة إلى “العميقة” جاءت بصورة غير مباشرة في نفي السفيرة الأميركية في القاهرة آن باترسون، بعد اجتماعها بوزير الخارجية محمد كامل عمرو، أمس، أن تكون قد بحثت مع الديبلوماسيين المصريين عملية السلام في الشرق الأوسط،، في الوقت الذي يصل وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى العاصمة الأردنية عمان، حيث يشارك في اجتماع “مجموعة أصدقاء سوريا”، ثم يزور رام الله وتل أبيب ليبحث مع المسؤولين الفلسطينيين والإسرائيليين عملية السلام.
باترسون أكدت أن مباحثاتها مع عمرو تركزت على بحث الأزمة السورية، وهي، بنفيها وتأكيدها، تلفت الانتباه لدلائل تحول في نظرة واشنطن لدور مصر الإقليمي. تحول ظهرت ملامحه الأولية في”التجاهل” المتكرر للديبلوماسية الأميركية للقاهرة في الشهور الثلاثة الماضية، فيما يتعلق بملف مباحثات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وبرز التحول في التحالفات مع ظهور خلافات عربية حادة شهدها اجتماع المندوبين الدائمين لدى الجامعة العربية في القاهرة الخاص ببحث الأزمة السورية واتخاذ موقف عربي موحد من مؤتمر “جنيف 2” الذي دعت له الولايات المتحدة وروسيا، سعيا لحل سياسي للأزمة السورية، وذلك قبل يوم واحد من مؤتمر الدول الداعمة للمعارضة السورية في عمان، حيث انقسمت الدول العربية إلى فريقين، الأول يضم: مصر والجزائر والإمارات والعراق والأردن، إضافة للأمين العام للجامعة نبيل العربي، والذي يرى ضرورة المشاركة القوية في مؤتمر”جنيف 2″، باعتباره فرصة جيدة لحقن الدماء والبحث عن حل سياسي للأزمة السورية. الفريق الثاني، وعلى رأسه قطر، يرى أن المعارضة لن تجني شيئاً من المؤتمر.
التحول ظاهر إذا من تباين موقف كل من مصر وقطر من مؤتمري عمان وجنيف، وهو تباين عبر عنه مندوب مصر الدائم لدى الجامعة العربية ورئيس مجلس الجامعة السفير عمرو أبو العطا، حيث قال إن “اللجنة الوزارية العربية ستعقد اجتماعاً الخميس لبلورة موقف عربي موحد، قبل مؤتمر جنيف 2، باعتباره الفرصة الأخيرة للوصول لحل سياسي للأزمة السورية”.
ودان مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين، في بيان، “كافة أشكال العنف والقتل ضد المدنيين في سوريا من أي جهة كانت ومهما كان مصدرها”، مطالبا “كافة الأطراف بتوفير المناخ المناسب لإنجاح الجهود المبذولة لإقرار الحل السياسي كأولوية لحل الأزمة السورية ودعم التطلعات والمطالب المشروعة للشعب السوري في الحرية والديمقراطية وحقه في رسم مستقبله السياسي بإرادته الحرة”.
هكذا تتضح التحولات في دور مصر الإقليمي: “تضاؤل” في ملف السلام بحيث يقتصر الدور على التعهد بضمان هدوء غزة، ثم تباعد في المواقف بين الدوحة والقاهرة في ما يتعلق بالملف السوري.
هذا الرصد لدرجة التحولات في دور مصر لا يجد الكثير من المؤيدين، فهناك تزايد في تقدير أن “التحولات أعمق بكثير”. ونفى ديبلوماسيون أن تكون سوريا هي محور الحديث بين عمرو وباترسون. وقال أحدهم “لا يعقل أن تكون سوريا محور الحديث، في وقت تتصاعد الأحداث في سيناء مع خطف الجنود المصريين، كما أن واشنطن عبرت عن قلقها من تدهور حرية التعبير السياسي في مصر في تقرير الحريات الدينية” الذي تصدره وزارة الخارجية الأميركية.
وأضاف “في الوقت ذاته زادت الولايات المتحدة من تأمين عدد من سفاراتها في العالم العربي، أبرزها القاهرة وصنعاء”. وتابع “كل هذا يمنع أن تكون سوريا محور الاجتماع المصري الأميركي”.
ونفى مصدر ديبلوماسي مسؤول أن يكون الاجتماع بين عمرو وباترسون قد تناول أوضاع مصر الداخلية، مشددا على أن سوريا كانت محور اللقاء، موضحا “واشنطن تريد موقفاً مصرياً مطابقاً لموقفها”. وأضاف “هناك عدم ارتياح غربي من عدم وضوح الموقف المصري من سوريا، وخاصة مع التغيير في الموقف الغربي، من ضرورة رحيل (الرئيس السوري) بشار الأسد، إلى السعي نحو حل سياسي”.
وعلى صعيد متصل، وصف المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، باتريك فنتريل، توجيه تهم السب والقذف إلى صحافيين انتقدا الرئيس محمد مرسي بأنها “خطوة للوراء.. لا تتفق والتزامات مصر الدولية”.
سيريان تلغراف