أكدت مصادر عسكرية روسية لصحيفة “الجمهورية” أنه “استناداً إلى معلومات دقيقة من الداخل السوري، بعد بدء الأزمة مباشرة، تم رصد تحركات لخلايا مشبوهة في مناطق ريف حلب، وذلك من خلال محاولات بعض الناشطين المتطرّفين تشكيل مجموعات مسلّحة لا تلتزم أوامر ما يعرف بـ”الجيش الحر”، وقد رُصدت عمليات إرهابية عدة ضد مدنيين لا تنسجم من الناحيتين العسكرية والجغرافية مع الخطط العسكرية التي كان يعمل “الجيش الحر” على تنفيذها، كما لوحظ أسلوب جديد في العمل المسلّح على الأراضي السورية، وقد أظهرت تلك المجموعات كفاءات عالية في تنفيذ أعمال إرهابية بعدما تمدّدت في العمق السوري، الأمر الذي يدلّ على أنها جماعات متمرسة ومتدربة على المواجهات في المدن”، لافتة إلى أن “أجهزة استخبارات غربية وعربية قد رصدت وصول أعداد كبيرة من الأجانب والعرب إلى سوريا بذرائع مختلفة وبأشكال ملتوية، لتظهر فيما بعد ضمن مجموعات مسلّحة باتت اليوم تؤدي الدور الرئيس في المواجهات الحاصلة بين الجيش السوري النظامي والمعارضة المسلّحة.
وأشارت المصادر إلى “معلومات دقيقة ومؤكدة كانت تشير إلى أن خطة ما يعرف بـ”الجيش السوري الحر” كانت السيطرة على المناطق الحدودية، وتحديدا مع تركيا، بهدف إنشاء منطقة عازلة للانطلاق منها في اتجاه دمشق، وذلك لتأمين غطاء دولي على المستوى السياسي، والسماح في الوقت نفسه بفتح باب إمداد المعارضة المسلحة بالأسلحة والعتاد، لكن عناصر “جبهة النصرة” كانت لديهم خططهم الخاصة، فهم مَن فتح معركة تحرير دمشق إثر سلسلة تفجيرات في المناطق الآمنة نسبيا في العاصمة وريفها، بعدما تسلل المئات منهم إلى تلك المناطق وتمكنوا من تجنيد آلاف السوريين تحت لواء “الجهاد”، مؤكدة أن “جبهة النصرة” بدأت معركة دمشق أوائل تشرين الأول 2012 عند تفجير مبنى الأركان، في محاولة لاستغلال الوضع الميداني، إذ إن الجيش النظامي ينتشر في كل المحافظات السورية ويواجه المسلحين، واعتبرت قيادة “جبهة النصرة” أن بإمكانها السيطرة على العاصمة السورية، وبذلك تكون المنتصر الأكبر في سوريا ما يسمح لها بفرض وجودها على الخارطة السياسية السورية والمنطقة عموماً، لكنّ الخطة هذه اصطدمت بقدرة الجيش على المواجهة في المدن، وهذا ما لم تتوقّعه”، لافتة إلى أنها “منذ ذلك الحين تركز النشاط العسكري للجبهة في محيط الثكنات العسكرية والمراكز الأمنية، وذلك بهدف السيطرة على مستودعات الأسلحة المتطوّرة، لا بل فإنّ “جبهة النصرة” تحاول السيطرة على الأسلحة الكيميائية، الأمر الذي يمكنها من فرض شروط اللعبة على المستويَين العسكري والسياسي، لأن معركتها لا تنحصر في سوريا فقط، بل ستحاول الجبهة لاحقاً التمدّد باتجاه دول أخرى في منطقة الشرق الأوسط”.
وكشفت المصادر أن “روسيا قدّمت ما لديها من معلومات حول “جبهة النصرة” للجهات الخارجية المعنية بالأزمة السورية، الأمر الذي دفع الغرب إلى التريث في تسليح المعارضة خوفاً من وصول تلك الأسلحة إلى “جبهة النصرة”، وخصوصا أنّ الغرب يدرك فعلياً أن في حال سيطرت الجبهة ميدانيا في سوريا، فإنّ معركتها المقبلة لن تتوقف عند الدول المجاورة، بل ستصل إلى ما وراء المتوسط”، لافتة إلى أن “كل المعلومات المتوافرة تشير إلى وجود أعداد كبيرة من العرب والأجانب من الذين يقاتلون في صفوف الجبهة، وهم على اتصال دائم بقيادات سرية في “القاعدة” ببلاد المغرب، الأمر الذي يجعل من “جبهة النصرة” الذراع الأخطر والأنشط للتنظيم حاليا”.
سيريان تلغراف