الأخبار التي تتحدث عن إلقاء القبض على عشرات الأجانب من جنسيات مختلفة: فرنسية، بريطانية، وخليجية في حمص، ولا سيما في بابا عمرو، كثيرة، إضافة إلى مصادرة الأسلحة النوعية المتطورة جداً، وهي من صناعات أميركية وإسرائيلية وغربية..
وفي وقائع التطورات فإن الهجمة العدوانية الواسعة على سورية، دخلت مآزق كبيرة، وبدأت تنعكس ارتباكاً وتضعضعاً في الحلف الأميركي – الغربي وملحقاته التركية والخليجية، وهو ما انعكس في الصحافة الغربية التي أرغمتها الوقائع الميدانية، وما يرشح عنها من معلومات عن نجاح سورية في مجمل نهجها في مواجهة المجموعات الإرهابية المسلحة منها أو الإعلامية، سواء عبر تواصل وتصاعد العمليات الإصلاحية، أم عبر الحسم العسكري النوعي إلى الحديث عن كثير من التفاصيل.
وفي هذا الصدد يشرح خبير عسكري سوري المرحلة العسكرية والأمنية التي تمر بها سورية، والتي تشكل منطقة بابا عمرو والحسم فيها إحدى مراحلها بقوله: “الحرب لا تخيف سورية بأي شكل من الأشكال، بل تخيف الجبناء فقط، وهم لا يتواجدون في سورية، فكما استطاعت سورية استيعاب مرحلة الصدمة عبر الصمود الصلب، فهي قادرة على الانتقال إلى مرحلة الهجوم، والإمساك بزمام الحرب في اللحظة التي تراها مناسبة لخدمة المصلحة الوطنية”.
التقارير الواردة لغاية الآن تكشف عن حقائق مخابراتية لحرب كونية مذهلة تتصدى لها سورية بقوة وقدرة وحنكة بالغة، خصوصاً في بابا عمرو، حيث هناك أسئلة كثيرة يطرحها الشارع السوري حول ما إذا كانت هذه المعركة بداية الحرب الكونية أم نهايتها.. وحول تأخر الحسم العسكري والتباطؤ في تنفيذ العمليات الهجومية على الإرهابيين والمرتزقة، البعض رأى أن حجم المسلحين لا يستحق كل هذا التأخير، وأن القضية مجرد تمرد يمكن القضاء عليه خلال ساعات، في حين أن الخبراء الاستراتيجيين كانوا يرون في هدوء الجيش العربي السوري، وتعامله مع الموضوع على أنه حرب حقيقية كبرى، يخفي الكثير من الخفايا التي تؤكد حصول القوات العسكرية السورية على كنوز من المعلومات، تؤكد تورط قوى عظمى مباشرة في التحضير لعمل عسكري من نموذج الحرب الكونية.
فقد حصلت الأجهزة السورية المختصة على معطيات حول وجود مركز عمليات في منطقة حمص، يشرف عليها بشكل مباشر قادة عسكريون غربيون من أميركا وفرنسا، ترتبط مباشرة بأحد الأقمار الصناعية العسكرية الأميركية، والذي يرصد الحركة في المنطقة منذ عام 2008، ويتابع بشكل مباشر كل التحركات العسكرية السورية، إضافة إلى ارتباطها بالقمر الفرنسي MX3، الذي تم إطلاقه في 2009، ووضع مساره في مدار يستطيع تعقب كل حركة في المنطقة الوسطى في سورية ولبنان.
وكشفت الأعمال القتالية للمرتزقة، وجود تنسيق كبير جداً بين المجموعات الإرهابية، بخطط القتل والتدمير والتخريب والاغتيالات، وهذا يعني خضوعها لإدارة مركزية تتولى إصدار القرارات وحدها.
عمليات المراقبة الأمنية للحدود أكدت تهريب أسلحة متطورة جداً لايمكن استخدامها إلا من قبل اختصاصيين، لا ينتمون بالتأكيد إلى مرتزقة اسطنبول أو إرهابيي القاعدة، لأنهم لا يملكون الخبرات التدريبية والعلمية اللازمة لذلك.
في الأشهر الماضية ضُبطت أعداد كبيرة من المتسللين الغربيين، من رتب عسكرية مختلفة، يحملون شهادات علمية تخصصية عالية، وشهدت حمص حدثاً أمنياً كبيراً قبل أكثر من عشرة أيام، أعادنا بالذاكرة إلى الأيام الأخيرة لسقوط شاه إيران، حيث قامت القوات الأميركية، وبعد تأكدها من سقوط الشاه، بتدمير كل أجهزة التجسس المنصوبة باتجاه الاتحاد السوفياتي، وما جرى في حمص كاد يتطابق مع تلك العملية، لكن المخابرات الأميركية لم تتمكن من الدخول إلى المنطقة، والتعامل بحُرية مع تجهيزات التنصت والسيطرة الإلكترونية التي كانت قد أرسلتها إلى بابا عمرو، فأرسلت طائرات استطلاع إلكترونية بارتفاعات عالية، ونفذت من خلالها عملية ضخ كبير لفيروسات على شكل معلومات إلى مراكز معلومات التجهيزات الإلكترونية، بهدف تدميرها أو تعميتها.
التحدي السوري
لم تغفل القيادة العسكرية السورية عن احتمال كهذا، لذلك قامت بوضع حاجز كهرطيسي فوق مراكز التجهيزات في بابا عمرو، يمنع عملية تبادل المعلومات بينها وبين الخارج، وبالتالي فشلت الطائرة الإلكترونية في مهمتها، لكنها استطاعت ربط اتصال هاتفي مع قيادات العمليات الخارجية، ولم تعترض القيادة السورية هذه الاتصالات، إنما قامت بتسجيلها، للكشف عن هويتها ومعطياتها، حيث تم ضبط اتصال بين مسؤول قطري رفيع وقيادة العمليات في بابا عمرو، وقد أكد هذا الاتصال فشل المشروع العدواني ضد سورية، وتبين أن التركيز كان على ما يلي:
– عدم سقوط مركز السيطرة بيد القوات السورية مهما كان الثمن.
– تدمير كل مستودعات الأسلحة الموجودة تحت سيطرة المركز في المنطقة.
بعد فشل طائرة التجسس الإلكتروني بتدمير البيانات، تمت عملية دخول إليها من قبل القوات السورية، ليتبين أنها تحوي كماً هائلاً من المعلومات التي توضح حجم التدخلات الخارجية، كما تم اكتشاف مجموعة كبيرة من الأسرار التي تشكل خطراً على الإدارة الأميركية وقيادتها العسكرية والمخابراتية، بالإضافة إلى خطرها على قوات الحلف الأطلسي.
بعد أن علم الكيان الصهيوني باكتشاف القيادة السورية لمستودعات الأسلحة التي أُرسلت من الخارج، ولمكوناتها التفصيلية، أتاح لصحيفة “معاريف” أن تنشر معلومات عنها، ورمي الكرة في الملعب القطري، حيث أشارت إلى أن قطر استوردت من “إسرائيل” 750 طناً من الأسلحة، وأن قطر أعطت هذه الأسلحة إلى المعارضة السورية، واستنكرت “معاريف” بلسان عدد من الإسرائيليين ذلك، لأنه يعني بالنسبة لهم أن سورية ستحاربهم به بعد أن سيطرت عليه.
ما جرى يؤكد أمرين لا يمكن التغاضي عنهما:
أولاً: أصبحت الفضيحة الأميركية في المنطقة شبه مؤكدة، وهي تجرّ في ذلك كل أعوانها وأذنابها، من خلال الوثائق التي باتت بتصرف القيادة السورية.
ثانياً: أن كل قوى الإرهاب، بما فيها المرتزقة والمسلحون السوريون ومجموعة “بلاك ووتر”، أصبحت تحت مرمى نيران الجيش العربي السوري، الذي تستطيع قواته تدميرها في أي وقت تشاء، وهذا يعني أن لا مراهنة على الأرض أو على الداخل بعد الآن.
بشكل عام، إذا كان حلف الأطلسي غير قادر على دفع فواتير الحرب، فإن عملية بابا عمرو هي نهاية لحرب كونية.
وفي المعلومات، فإن المهاجر اليهودي من أصل مجري؛ نيكولا ساركوزي، الذي يحتل موقع رئيس دولة فرنسا، في موقف حرج جداً، أمام ما يتكشف عن تورط فرنسي مباشر في الحرب على سورية، خصوصاً المعلومات التي تأكدت عن اعتقال ضباط فرنسيين سواء من المخابرات أو خبراء ميدانيين، فهو من جهة لا يستطيع أن يعلن عن ذلك، وإن كان يحاول من تحت الطاولة إيجاد مخرج لهذه القضية، كما أنه لا يستطيع تجاهل الأمر وكأنه لم يكن.
وفي هذا الصدد، عُلم أن رسائل سورية وصلت إلى ساركوزي، تدعوه للاعتراف بذلك علناً، وحينئذ تعتبرهم السلطات السورية أسرى حرب، وتطبّق عليهم اتفاقات جنيف الدولية، أما إذا لم يحصل ذلك، فستوجَّه التهمة لهؤلاء كمجرمي حرب وقتلة، قتلوا مدنيين وعسكريين سوريين، وخربوا منشآت عامة وخاصة، وشكلوا عصابات إرهابية مسلحة، وبذلك تنفَّذ فيهم العقوبات السورية، وهي الإعدام، مما يجعل الإليزيه ودي كورسيه في حالة ارتباك شديدة، وخصوصاً أن الانتخابات الرئاسية أضحت على الأبواب، واليهودي المجري، بدأ يتحسس منذ الآن رقبته التي فيها الكثير الكثير من الفضائح الأخلاقية والسياسية.. والمالية التي وصفها أحد المهتمين بالشأن الفرنسي بأنها تضاهي فضائح شايلوك في قصة “تاجر البندقية”.