أكد السيد الرئيس بشار الأسد في لقاء مع قناة الاخبارية السورية حول ما تتعرض له سورية من حرب كونية والتطورات في المنطقة أننا بحاجة أكثر بكثير للتمسك بمعنى الجلاء وبمعاني الاستقلال ليكون عيد الجلاء بالنسبة لنا ماضي العزة وحاضر الكرامة مشيرا إلى أن سورية تتعرض لمحاولة استعمار جديدة بكل الوسائل ومختلف الطرق.
وقال الرئيس الأسد.. هناك قوى كبرى وتحديدا القوى الغربية بقيادة الولايات المتحدة تاريخيا لا تقبل بأن تكون هناك دول لها استقلاليتها حتى في أوروبا فكيف بدول العالم الثالث.
وأكد الرئيس الأسد أن الشعب السوري هو شعب عظيم لا قلق عليه، ونستمد التفاؤل من المواطنين وبشكل خاص من عائلات الشهداء الجبارة ولا يوجد خيار أمامنا سوى الانتصار، مشيرا إلى أن الوضع في سورية الآن أفضل من بداية الأزمة.
وأشار الرئيس الأسد إلى أن أردوغان مستعد أن يقدم كل بلده مقابل نفسه لافتا إلى الخسائر التي مني بها سياسيا داخل تركيا على خلفية فشله بما سمي سياسة صفر مشاكل والتي تحولت إلى صفر سياسة وصفر أصدقاء وصفر أخلاق.
وحول زيارة كيري إلى المنطقة أكد الرئيس الأسد أن هذا يدل على أن العامل الخارجي هو عامل أساسي في ما يحصل في سورية منذ اليوم الأول وأنه كلما حققنا نجاحات فسوف نشهد المزيد من التصعيد.
وقال الرئيس الأسد إنه من غير الممكن أن نصدق أن الآلاف يدخلون مع عتادهم إلى سورية من الأردن في الوقت الذي كان الأردن قادرا على إيقاف أو إلقاء القبض على شخص واحد يحمل سلاحا بسيطا للمقاومة في فلسطين عبر السنوات الماضية.
وفيما يلي النص الكامل للقاء :
سؤال.. نحن نعيش أجواء عيد الجلاء.. ما الذي تودون أن توجهوه للشعب السوري في هكذا يوم وخصوصا في ظل ما تمر به سورية من أحداث…
السيد الرئيس: من البديهي أن يربط عيد الجلاء بانسحاب القوات الأجنبية من أي وطن ولكن أول سؤال نسأله في مثل هذه الظروف وفي الظروف العربية بشكل عام التي سبقت هذه الأزمة.. ماذا لو خرج المستعمر وأخذ معه السيادة والقرار… فلا قيمة للجلاء.. فالاستقلال الحقيقي والجلاء الحقيقي هو عندما يجلى المستعمر عن الأرض ونستعيد السيادة بكل ما تعني هذه الكلمة من معان.. فإذا كانت هناك أرض محتلة ولكن شعبها حر أفضل بكثير من أن يكون لدينا أرض محررة وشعب فاقد للسيادة ودولة فاقدة للقرار الوطني.. هكذا يجب أن نفهم الجلاء والاستقلال.. الجلاء والاستقلال بمعناه الشامل.. وأعتقد أن سورية في مثل هذه الظروف تتعرض لمحاولة استعمار جديدة بكل الوسائل وبمختلف الطرق.. هناك محاولة لغزو سورية بقوات تأتي من الخارج من جنسيات مختلفة ولو أنها تتبع تكتيكا جديدا يختلف عن التكتيك التقليدي للاستعمار الذي كنا نسميه الاستعمار الحديث الذي كان يأتي بقواته إلى المنطقة وآخره كان الاحتلال الأميركي للعراق ولأفغانستان.. وهناك أيضا محاولة لاحتلال سورية من الناحية الثقافية عبر الغزو الفكري باتجاهين.. إما من أجل أن تذهب سورية باتجاه الخضوع والخنوع للقوى الكبرى والغرب تحديدا أو بالاتجاه الآخر وهو الخضوع للقوى الظلامية التكفيرية. أنا أعتقد أنه بهذه المناسبة نحن بحاجة أكثر بكثير للتمسك بمعنى الجلاء وبمعاني الاستقلال.. منذ أن كنا أطفالا كان يعني لنا هذا العيد الكثير من العزة.. اليوم يجب أن يبقى هذا الموقع ويرتقي لكي يكون عيد الجلاء بالنسبة لنا ماضي العزة وحاضر الكرامة.
سؤال.. سيادة الرئيس.. على ذكر ما تمر به سورية من أوضاع.. الأحداث تطورت في هذا البلد من أزمة مرت بأحداث أمنية ثم بعد ذلك ما سميتموه يوما وقلتم عنه بأنه حرب.. اليوم بالضبط ما هو الحاصل في سورية كيف توصفه…
السيد الرئيس: الحقيقة ما يحصل هو حرب.. هي ليست أحداثا أمنية.. ربما ظهرت في البداية على شكل أحداث أمنية والبعض مازال يتعامل معها حتى هذه اللحظة ويطرح التساؤلات والتقييمات من خلال كون ما يحصل هو أحداث أمنية. الحقيقة هي حرب بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى.. هناك قوة كبرى وتحديدا القوى الغربية بقيادة الولايات المتحدة تاريخيا لا تقبل بأن يكون هناك دول لها استقلاليتها حتى في أوروبا.. تريد أوروبا خانعة فكيف بدول العالم الثالث.. كيف بدول صغيرة… لا بد أن تكون خانعة لكي تعمل من أجل مصالح تلك الدول. بنفس الوقت سورية هي في موقع جيوسياسي مهم جدا فالرغبة في السيطرة على سورية أيضا شيء تاريخي وتقليدي في سياسة الدول الاستعمارية.. هذه الدول تلعب دورا في هذه المعركة من خلال تقديم الدعم السياسي والإعلامي في البداية.
وانتقلوا علنا مؤخرا لتقديم الدعم المادي واللوجستي ونعتقد بأنهم يدعمونهم أيضا في مجال التسليح.
هناك دول إقليمية عربية وغير عربية كتركيا على سبيل المثال.. هذه الدول باعت واشترت الكثير وأوجدت لنفسها موقعا على الساحة العربية والإسلامية من خلال الدعم الظاهري للقضية الفلسطينية وعلى ما يبدو أن هذا الدور ذهب بعيدا بشكل يتجاوز ما هو مسموح لهم من قبل الأسياد.. أي الدول الكبرى فكان لا بد من التراجع عن هذا الدور.. هنا الدور السوري الشفاف تجاه القضايا المختلفة ومنها القضية الفلسطينية ومنها قضية الحقوق والكرامة يفضح هذه الدول.. فبقاء الدور السوري كما هو محرج لهم.. لذلك أصبحت القضية السورية أو الموضوع السوري أو الأزمة السورية مثار إحراج لهم وقضية حياة أو موت من الناحية السياسية بالنسبة لهذه الدول فزجوا بكل قوتهم من أجل ضرب سورية وطنا وشعبا. هناك العوامل الداخلية.. هناك مجموعة من اللصوص.. هناك مجموعة من المرتزقة التي تأخذ الأموال من الخارج مقابل أعمال تخريبية معينة.. وهناك التكفيريون أو القاعدة أو جبهة النصرة.. كلهم يقعون تحت مظلة فكرية واحدة.
الحقيقة ما يحصل الآن أننا نواجه بشكل أساسي تلك القوى التكفيرية.. العنصران الأول والثاني عمليا أصيبا بضربات قاسية جدا فإما أنهم انتهوا في بعض الأماكن أو أنهم انتقلوا قسرا للعمل تحت مظلة القاعدة رغما عنهم لكي يكونوا جزءا منها.. فعمليا نحن الآن نحارب القوى التكفيرية.
سؤال.. لطالما قلتم سيادة الرئيس بأن سورية باتت تشكل إحراجا.. فهم دائما يجدون وترا جديدا ليعزفوا عليه كلما فشلوا في مرحلة.. الآن بات الحديث كثيرا عن أن سورية تشهد اقتتالا طائفيا وربما مذهبيا والبعض تحدث عن ظواهر هنا وهناك.. بصراحة.. سيادة الرئيس.. ألا تخشون من طائفية باتت تطل برأسها أحيانا في سورية..
السيد الرئيس: في كل مجتمع هناك مجموعات من الأشخاص تحمل فكرا محدودا وأفقا ضيقا وتحمل شعورا وطنيا ضعيفا.. وهذه المجموعات تظهر في كل الأزمات.. تظهر على الساحة بفكرها وبأدائها الضار.. قد لا يكون ضارا على المستوى الواسع ولكنها تظهر على شكل بؤر.. وهذا ما حصل في سورية في الثمانينيات خلال أزمة الإخوان المسلمين الذين استخدموا أيضا الفكر الطائفي بالرغم من عدم توفر الإنترنت والفضائيات في ذلك الوقت.. مع ذلك تمكنوا من تسويق الفكر الطائفي وظهرت تلك البؤر.. ولكن عند هزيمة الإخوان المسلمين عاد الوضع في سورية إلى طبيعة المجتمع السوري.
الشيء الوحيد الذي نراهن عليه في هذه الحالة هو وعي الشعب.. والشعب السوري أثبت فعلا خلال عامين غير مسبوقين أنه شعب واع.. ولولا ذلك لكنا رأينا الوضع مختلفا جدا في سورية لذلك لو دخلت مباشرة إلى الجواب على السؤال أستطيع أن أقول دون مبالغة أن الوضع الآن في سورية أفضل منه في بداية الأزمة.. في بداية الأزمة استخدم الخطاب الطائفي وظهرت هذه البوءر بقوة وكان هناك قلق وفقدان توازن لدى الكثيرين حول هذه النقطة.. مع الوقت كان هناك زيادة في الوعي لمخاطر ما يحصل وفهم للتزوير الحاصل في الإعلام ووعي لمعنى سورية التي كنا نعيشها ولكن ربما لا نلمس أهمية ما كنا نعيش فيه من الأمن والأمان والتجانس.. ولا أقول التعايش فهذه كلمة غير دقيقة. لذلك أستطيع أن أقول انه بعد سنتين من صمود الشعب السوري بهذه الطريقة في وجه تلك الهجمة الإعلامية مع فضائيات تسعى لنشر التكفير والتفرقة والطائفية.. أقول ان هذا الشعب السوري هو شعب عظيم لا قلق عليه.
سؤال.. وبهذا المعنى سيادة الرئيس لا يبدو قلقا أبدا من هكذا أحاديث باتت تروج وربما ترسخ…
السيد الرئيس: على الاطلاق.. أنا أقول العكس تماما.. على مبدأ اللقاح.. اللقاح هو جرثوم ضعيف.. إن لم يقتل فسيعطيك مناعة.
لدينا أمثلة كثيرة مررنا بها وأظهرت الوحدة الوطنية.. ولكن آخر مثال هو استشهاد الدكتور البوطي.. استشهاد البوطي أحزن الجميع من دون استثناء بمختلف الطوائف ورأينا ذلك في مجالس العزاء العفوية.. الدولة ليس لها دور في هذا الموضوع..والدكتور البوطي لم يكن يتواصل مع الكثير من هؤلاء.. مع ذلك رأينا مجالس عزاء ورأينا الحزن لدى الأخوة من المسيحيين.. ليس فقط المسلمين.. فهذا يعني أن هناك وحدة وطنية حقيقية.. وهذه البؤر الطائفية لدى الاشخاص محدودي الفكر لا تخيفنا.. أنا لست قلقا منها على الاطلاق.
سؤال.. سيادة الرئيس.. بصراحة.. نسمع كثيرا مؤخرا في وسائل الإعلام وعبر متحدثين عرب وأجانب أن هناك مناطق محررة.. أي خارجة عن سيطرة الدولة.. ونرى الوضع في حلب وفي الرقة وفي حمص أحيانا.. هل هناك بالفعل مناطق خارجة عن سيطرة الدولة اليوم في سورية…
السيد الرئيس: أحيانا نتعامل مع هذه الحالة من الناحية العسكرية بشكل مشابه للتعامل مع عدو تقليدي.. عندما يأتي عدو بالطريقة التقليدية ليحتل جزءا من الأرض فتقوم القوات الوطنية بمهاجمة هذا العدو والدفاع عن الوطن وطرد العدو خارجا.. لا يهم إذا كانت قضت على العدو أم لم تقض عليه.. ربما يخرج فقط من دون القضاء عليه.. ولكن المهم في تلك الحالة هو تحرير الأرض.. أما في هذه الحالة فنحن نتعامل مع وضع مختلف تماما.. حرب جديدة.. أسلوب جديد.. نحن نتعامل مع مجموعات تدخل في المدن.. البعض منها غير سوري.. أجنبي وعربي.. والبعض منها سوري تدخل في المدن وفي الأحياء وتقوم بأعمال تخريب.
في بداية الأعمال العسكرية التي قامت بها القوات المسلحة كانت تطرد الإرهابيين من المدن.. أحيانا يستغرق العمل بضع ساعات.. فنرى أن هؤلاء الإرهابيين خرجوا من مكان وذهبوا إلى مكان آخر هروبا أو مناورة.. فهذا يعني أن تقضي الزمن كله بعملية تحرير أراض من دون نهاية.
لكي نكون دقيقين حول هذه النقطة.. نحن الآن لا نقوم بعملية تحرير أرض لكي نتحدث عن مناطق محررة.. نحن نقوم الآن بعملية قضاء على الإرهابيين.. والفرق كبير بين الأولى والثانية.. إن لم نقض على الإرهابيين لا معنى لتحرير أي منطقة في سورية.
إذا فهمنا هذه النقطة نفهم ما الذي يحصل على الأرض.. هناك جانب آخر عندما تقوم القوات المسلحة أو الدولة بوضع خطط عسكرية فهي تضع أو تبني خططها على عدد من الأسس منها مثلا أهمية الموقع من الناحية السياسية والإعلامية.. ومنها الجانب الإنساني أي معاناة المواطنين والجانب العسكري.. التفاصيل العسكرية اللوجستية.
الأولوية دائما بالنسبة لنا هي الناحية الإنسانية.. حماية أرواح المواطنين ورفع المعاناة عن المناطق التي يدخل إليها الإرهابيون.. الناحية الإعلامية والسياسية لا نعطيها الأولوية.. أحيانا يستفيد منها الطرف الآخر.. لا يهم.. المهم الواقع.. أحيانا نهمل الجانب الإعلامي فيقومون بعملية “تطبيل وتزمير” لإظهار انتصارات.. هذا لا يعنينا ولكن في كثير من الأحيان تفرض طبيعة المعركة ألا يكون هناك توافق بين الأولوية العسكرية والأولوية الإنسانية.. طبعا بشكل مؤقت وبشكل جزئي في بعض المناطق.. هناك أشياء تفرضها المعركة ولكن بالنسبة لنا الأولوية هي للناحية الإنسانية.
سؤال.. المشكلة أن هناك أحاديث كثيرة يروج لها.. هناك أناس يتحدثون عن تقسيم جغرافي وتقسيم طائفي وحتى مذهبي.. سيادة الرئيس.. هل هذا حقيقة فعلا.. أم هو يدرج في إطار الترهيب والحرب النفسية التي لا تزال ركنا أساسيا من أركان هذه الحرب الدائرة على سورية.
السيد الرئيس: طالما أننا لا نخشى من الطائفية.. فلا أعتقد أن هناك أسسا حقيقية للتقسيم. التقسيم لا بد له من حدود دينية أو طائفية أو عرقية.. عمليا هذه الخطوط غير موجودة لأن المجتمع السوري مندمج تقريبا في كل منطقة من سورية.. وأحيانا في كل قرية من القرى الصغيرة.. أحيانا على مستوى ما نسميه “مزارع” وهي أصغر من قرية وغير موجودة على الخريطة الإدارية.. نرى هذا الاندماج على مستوى التزاوج والعائلات فمن الصعب أن يكون هناك تقسيم من دون خطوط من هذا النوع.. لكن أعتقد بأن ما ينشر من خرائط أو يسوق بطرق مختلفة ويسرب للسوريين بمختلف المستويات هو جزء من الحرب النفسية وجزء من الهزيمة التي دائما أتحدث عنها والتي أسميها الهزيمة الافتراضية أو الهزيمة المجانية.. أي أن يرسلوا رسالة للسوريين ويقنعوهم.. بـ “أنكم لن تكونوا قادرين بعد الآن على أن تعيشوا كما كنتم في السابق.. بلدا موحدا..، أنتم غير قادرين أن تعيشوا مع بعضكم البعض.. أنتم شعب مقسم بطبيعته” عملية إيحاء الهدف منها تكريس هذه القناعة لدى السوريين.. أيضا هذا الطرح لا يقلقني طالما أن الطرح الأول وهو الطرح الطائفي..وهو الأكثر خطورة قد فشل.. ولم يعد هناك عمليا من أسس لكي تبنى عليها هذه الخرائط.. أو أي تسريبات وأفكار يمكن أن تنقل إلينا بشكل مشابه.
سؤال.. لكن سيادة الرئيس يتم الحديث عن أن هناك فصلا ربما بين بعض المدن الرئيسية والأرياف.. مثلا في حلب فصل حلب عن ريفها.. وفي المناطق الشمالية والشمالية الشرقية أيضا يتم الحديث عن موضوع الرقة وكذلك القامشلي.. يحكى أيضا أن هناك خطوطا باتت فعلا تقسمها وقد تكون خارجة عن سيطرة الدولة وربما بركن مستقل ومعزول عن سورية.. حتى هذا الأمر ينطبق عليه التوصيف الذي قدمته قبل قليل..
السيد الرئيس: لا.. هذا ليس في إطار التقسيم.. هو أساسا لا يبنى على خطوط عرقية أو طائفية.. يبنى على أماكن فيها إرهابيون.. وعمليا إذا أردنا أن نتحدث حتى عن سيطرة الدولة بمعنى تواجدها فلا يوجد مكان حاولت أن تدخل إليه القوات المسلحة إلا وتمكنت من دخوله.. إذا لا يوجد خطوط ثابتة.
ذلك أنا أقول.. انه بالنسبة لنا الأولويات الإنسانية والعسكرية هي التي تفرض أماكن التواجد والتكتيك العسكري.
لا بد أن ننظر إلى سورية ككتلة واحدة على طريقة الأواني المستطرقة.. إذا وضعنا سوائل في عدد من الأوعية ووصلنا بينها بأنابيب فتغير منسوب الماء في مكان يؤثر في كل الأوعية الأخرى.. الشيء نفسه بالنسبة للإرهابيين.. عندما يضربون في مكان يوءثر إيجابا على الأماكن الأخرى.. فالتكتيك العسكري أحيانا يفرض على الدولة أن تتدخل في مكان قبل اخر وأن تتواجد في مكان قبل أن تتواجد في مكان آخر.. هو تأجيل زمني لأهداف عسكرية بحتة.. لكن لا يرتبط على الاطلاق بموضوع التقسيم.. ولا بموضوع المناطق العازلة.
سؤال.. تركيا على ما يبدو سوف تصل إلى أزمة مع مشكلة الأكراد وهناك كلام عن أن أردوغان ربما سيعطي دولة للأكراد.. وكذلك ربما التنازل عن بعض المطالب وربما الوصول إلى تقسيم تركيا.
إذا هناك دولة سوف تقام مقابل الوصول إلى سدة الرئاسة.. ماذا عن الوضع في سورية وبالتحديد وضع الأكراد…
السيد الرئيس: بالنسبة لأردوغان.. طبعا هو مستعد أن يقدم كل بلده مقابل نفسه.. هذا صحيح.. هذا بالنسبة للجزء الأول من السؤال وأنت أعطيت الجواب.
ولكن بالنسبة للأكراد في سورية.. أنا أريد أن أكرر ما أقوله دائما عندما يطرح هذا الموضوع.
الأكراد في سورية هم جزء طبيعي وأساسي من النسيج السوري وهم موجودون في هذه المنطقة منذ قرون عديدة مثلهم مثل العرب والأتراك والفرس وآخرين موجودين في هذه المنطقة. ليسوا ضيوفا او طارئين.. معظم الأكراد في سورية هم وطنيون سوريون.. ولكن دائما في أي مجتمع.. هناك أشخاص انتهازيون يسعون لاستخدام عناوين معينة من أجل مصالحهم الشخصية.. لذلك رأينا عددا من التجمعات التي أطلقت على نفسها اسم أحزاب كردية في سورية وكانت دائما تزايد على ما يسمى القضية الكردية أو اضطهاد الأكراد في سورية.. وهذا الكلام غير صحيح على الإطلاق.. كانوا يتحدثون عن موضوع تجنيس الأكراد.. نحو 110 آلاف وهو ما تم منذ نحو عامين.. كانوا يعتبرون ذلك قضية.. تم التجنيس.. انتقلوا لكلام آخر..عن موضوع اللغة.. الآن أقرت الدولة منذ أشهر موضوع اللغة الكردية والأدب الكردي كمادة تدرس في كليات الآداب في سورية.. وغيرها من الإجراءات.. ولكن دائما سيبحثون من وقت لآخر عن شيء يستخدم من أجل إيجاد موقع لهم على الساحة الوطنية.. هذه الحالة نراها من وقت لآخر.. هذا شيء لا يقلق لأن الغالبية هم مع الوطن السوري.. ولكي لا نقول كلاما إنشائيا.. لن أعود لدور الأكراد في الثورة السورية وفي مراحل مختلفة من النضال ضد الاستعمار.. بل سأتحدث عن الأحداث الحالية.. كثير من عائلات الشهداء التي التقيت بها هم من الأكراد.. أنا لا أعرف أنهم أكراد أو عرب لأنني لا أهتم بهذا الموضوع.. ولكن من خلال حديثهم يقولون لنا نحن أهل الشهيد.. ونحن من الأكراد.. هل يمكن لشخص لا يؤمن بالوطن ويسعى للانفصال.. كما يطرح من وقت إلى آخر.. أن يقدم حياته أو حياة أبنائه من أجل هذا الوطن.. هذا الكلام غير منطقي.
سؤال.. لكن سيادة الرئيس عندما نتحدث عن هذه النقطة الحساسة جدا.. نحن تابعنا من خلال سياسة الحكومة التركية مؤخرا أنها استخدمت الكثير من الأوراق.. لكن يقال أن هذه الورقة الكردية هي ربما آخر الأوراق بيد أردوغان على وجه التحديد ولن يتم الاستغناء عنها ببساطة.. وسيكون أكثر شراسة حتى تحقق له نتيجة في سورية على الأقل.. وفي هذا التوقيت بالذات يتم السعي لإحداث تسوية.. إلى أي حد تراقب القيادة السورية بشكل دقيق هذه النقطة.. وماذا تعد في حال تم أي شيء في مواجهة هذه الدولة..
السيد الرئيس: هذا موضوع هام.. ولا يمكن تبسيطه.. ولكن أردوغان له هدف داخلي وهدف خارجي.
الهدف الخارجي هو سورية.. أي لإحراج سورية في هذا الموضوع مع الأخذ بالاعتبار أن الظروف بالنسبة للموضوع الكردي في سورية تختلف تماما عن تركيا من ناحية تاريخ العلاقة.. نحن لم نقم بمجازر تجاه الأكراد ولم نضطهدهم كما حصل معهم منذ مرحلة تفكك الدولة العثمانية.. الوضع مختلف تماما..هناك تجانس في سورية وهناك تآخ حقيقي.. وما طرح في الموضوع الكردي طرح في سورية منذ عقود قليلة فقط من خلال بعض القوى الانتهازية.. وعلاقتنا بالاكراد هي دائما علاقة جيدة.. حتى مع الأحزاب الكردية التي كانت تناضل من أجل حقوقها في تركيا.. أما الهدف الآخر لأردوغان فهو هدف داخلي.. فبعد الخسائر التي مني بها سياسيا داخل تركيا على خلفية فشله بما سمي سياسة صفر مشاكل والتي تحولت إلى صفر سياسة وصفر رؤية وصفر أصدقاء وصفر مصداقية وصفر أخلاق.. أصفار بكل الاتجاهات الأخرى ما عدا صفر مشاكل.. فخسر الكثير حتى من الموالين له.. فكان لابد من الاستعانة بالموضوع الكردي من أجل الاستفادة من الكتلة الكردية الكبيرة في تركيا بهدف الحصول على أصوات ربما في الدستور المقبل الذي يفكر من خلاله أن يكون رئيسا للجمهورية بصلاحيات واسعة.. لذلك نحن نهتم بهذا الموضوع لأن ما يحصل في أي بلد مجاور سيؤثر فينا سلبا أو إيجابا ولكن من دون أن نكون قلقين.. عدا أنه لا توجد مصداقية لأردوغان في مثل هذا الموضوع تجاه الأكراد وهذا ما وردنا مؤخرا من القوى الكردية الصديقة التي تعمل على الساحة التركية والسورية.. بأنهم لا يثقون بأردوغان.
سؤال.. هناك أيضا نقطتان متناقضتان باتت تتهم بهما الدولة السورية مؤخرا.. رأي يقول ان الدولة السورية هي علمانية تحارب الدين.. والبعض الآخر يقول إن سورية تراجعت عن علمانيتها مسايرة للأحداث الأخيرة بل على العكس باتت أكثر تدينا.. ما حقيقة الموضوع سيادة الرئيس..
السيد الرئيس: نحن دائما نغرق بالمصطلحات ولا نناقش المضمون.. نغرق بالمعنى اللغوي.. ولكن المهم هو الممارسة.. فمثلا كان هناك اشتراكيات.. ولكن كلها كانت تسمى اشتراكية.. فهناك من يمارس العلمانية على أنها اللادينية وتتحول كما كانت في تركيا في مراحل مختلفة ضد الدين وتحارب الدين.. وهناك العلمانية التي نفهمها نحن.. البعض يقول علمانية بفتح العين وهي بالنسبة لنا حرية الأديان.. نحن مجتمع متنوع.. فكل أتباع شريعة أو طائفة لهم الحرية في أن يتبعوا الشعائر ويمارسوها بالطريقة التي يرونها مناسبة.. أيضا هذا يعني بألا نتعامل نحن كدولة على أساس الدين.. عندما يأتي عدد من الأشخاص ليتقدموا إلى وظيفة على سبيل المثال.. لا نسأل إلى أي دين أو عرق ينتمي هذا الشخص.. لا يجوز أن نميز لا على اساس الدين ولا على أساس العرق.. هذا هو المفهوم.. وأعتقد أن هذا المفهوم هو مفهوم إيجابي و جيد للمواطنين.. وطالما أنها ليست العلمانية اللادينية فهذا يعني بأنها لا يمكن أن تكون ضد الدين.. طالما نتحدث عن حرية الأديان فهذا يعني أن هذه العلمانية تدعم الأديان ولا تقف في وجهها.. بالعكس تماما الدين هو أخلاق ونحن بحاجة للأخلاق وبالتالي نحن بحاجة للدين.. عملية التطوير على سبيل المثال.. كان الكثير من الأشخاص يسألون لماذا تتعثر هذه العملية في أماكن مختلفة.. أقول لهم.. لأنكم تنظرون إلى عملية التطوير في سورية على أنها مجموعة قوانين.. بينما هي قوانين تبنى على الأخلاق.. عندما لا تتواجد الأخلاق في مجال ما لا يمكن أن يتطور المجتمع.. فأن أكون علمانيا يعني ألا أفرق بين الأشخاص.. لكن هذا لا يعني ألا أكون مسلما ومؤمنا أو مسيحيا ومؤمنا.. بالعكس تماما فهذه الصورة هي صورة خاطئة.. كالصورة التي وضعت في السابق حول التعارض بين العروبة والإسلام.. إما أنك قومي أو إسلامي.. لا.. أنا عربي ومسلم.. عربي ومسيحي.. فإذا التناقض بين الاثنتين هو كلام غير صحيح.. أما أن يقال اننا انتقلنا من العلمانية باتجاه الدينية.. ففي سورية بني منذ عام 1970 حتى اليوم ثمانية عشر ألف مسجد.. فلو كانت العلمانية ضد الدين أو نمارسها ضد الدين.. كيف نسمح ببناء 18 ألف مسجد.. بني 220 مدرسة شرعية وثانوية شرعية وغيرها.. بني العشرات من المعاهد لتأهيل الدعاة.. إذا الجانب الديني في سورية كان دائما جانبا مهما.. الأهم من ذلك إذا أردنا أن نقول إن العلمانية هي اللادينية كما يحصل في عدد من الدول أو كما تفسرها دول أخرى فهذا مستحيل.. لأن الدولة هي مرآة المجتمع.. وإذا كان المجتمع ملتزم بدينه فلا بد أن تكون الدولة مبنية على الأسس الدينية حتى وإن كانت علمانية.. لا يمكن أن تكون الدولة لا دينية والمجتمع متدين.. والعكس صحيح.. لا يمكن أن تكون دولة ذات شكل ديني والمجتمع غير ملتزم بدينه.. فإذا نحن مرآة للمجتمع.. وبالتالي الطرح الأول والطرح الثاني كلاهما غير صحيح وغير دقيق ويعبر عن عدم فهم لحقيقة ومعنى الدولة السورية ومعنى علمانية الدولة السورية.
سؤال.. لكن سيادة الرئيس نحن نتحدث هنا عن إجراءات وقرارات اتخذت خلال الأزمة.. منها الموافقة على إنشاء قناة دينية.. السماح للداعيات بالعمل الدعوي العلني…
السيد الرئيس: طرح هذا الموضوع سواء بشكل شخصي ومباشر معي في حوارات مع أشخاص أو من خلال بعض الكتابات.. وهذا يدل على جهل من يكتب عن هذا الموضوع.. لأن هذه الأشياء ليس لها علاقة بالأزمة على الإطلاق.. الحقيقة أن البوادر الأولى أو علامات الإنذار للخطر بدأت بعد غزو العراق.. وتحديدا في عام 2004 عندما بدأت تظهر بوادر التطرف على الساحة السورية ولكنها كانت في ذلك الوقت في معظمها حركة أشخاص وفكرا متطرفا عابرا لسورية.. العراق بداية ولاحقا لبنان.. وبدأ يحاول أن ينتشر في سورية.. في ذلك الوقت تمت مكافحته بشكل أساسي بالطريقة الأمنية.. أول حادثة مقلقة كانت هي حادثة الهجوم على مبنى الإذاعة والتلفزيون في عام 2006 من قبل بعض المغرر بهم الذين قال لهم الشيخ الوهابي المتطرف إن هذا المكان هو بؤرة فساد وكفر.. فقاموا بالهجوم عليه.. ولكن الإنذار الأكبر عندما حصل التفجير الانتحاري الأول في سورية في عام 2008 وفي شهر رمضان من قبل أشخاص سوريين.. كان هذا علامة إنذار كبرى.. على خلفية هذا التفجير قمت بالاجتماع مع عدد من كبار علماء الدين في سورية وناقشنا الموضوع وقلنا ان المعالجة الأمنية لم تعد تكفي.. فهذا الإرهاب هو إرهاب فكري بالدرجة الأولى ومنشوءه فكري ولا بد من محاربته.. ولا يمكن أن يحارب الإرهاب أو التطرف الديني إلا بالدين الصحيح.. هذا أول العلاج.. وتأتي الوسائل الأخرى كوسائل مكملة.. فطرحت عدة أفكار كانت واحدة منها قناة نور الشام.. في ذلك الوقت لم تكن تسمى قناة نور الشام.. لكن كنا بحاجة لطريقة لمواجهة الأقنية التكفيرية التي بدأت تغزو الفضاء في العالمين العربي والإسلامي.. لماذا تأخرنا من عام 2008 لعام 2011 أي مدة ثلاث سنوات.. لأن الفكرة كانت في البداية أن تطلق هذه القناة من قبل القطاع الخاص.. ولأسباب مختلفة تأخرت.. فأخذنا القرار أن نطلقها نحن كدولة كي تكون قناة إسلامية جامعة لا تعبر عن فكر ديني معين أو تيار ديني معين.. بالنسبة للداعيات أيضا في عام 2008 كانت واحدة من الإجراءات نفسها.. خاصة أن العمل الدعوي للنساء في ذلك الوقت كان عملا سريا يحصل في البيوت.. أو كي لا أقول سريا على الأقل ليس تحت أعين الدولة لأنه غير رسمي.. فكانت الفكرة بأن هذا ليس عملا سياسيا.. نحن مع الدعوة.. الدعوة للدين هي شيء إيجابي.. لكن عندما تكون هذه الدعوة تحت أعين الدولة والدولة هي المسوءولة عن كل قطاعات المجتمع بما فيها القطاع الديني فهذا يحمل الدولة المسؤولية وفي نفس الوقت إذا كان هناك محاولة لاستغلال الدعوة لأهداف خارج إطار جوهر الدعوة الدينية فيمكن للدولة أن تصحح هذا الانحراف.. وأثبتت هذه التجربة أنها تجربة جيدة ومفيدة.. فهذه الإجراءات وغيرها لم يكن لها علاقة بالأزمة مطلقا.. بل على العكس.. الأزمة أتت لتثبت منذ اليوم الأول بأن المؤسسات الدينية كانت الأكثر انضباطا.. ولتثبت بأن الملتزمين بدينهم في سورية سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين هم الأكثر وطنية خلال هذه الأزمة.. ومن تحدث بالطائفية ليس من هذه الشرائح.. إنما من فصيلتين.. إما من فصيلة المنحرفين عن الدين باتجاه التطرف الديني.. أو من فصيلة المزايدين بالعلمانية.. أما المعتدل والملتزم حقيقة فكان وطنيا.. لذلك هذه الإجراءات ليست مرتبطة بالأزمة.
سؤال.. سيادة الرئيس.. إذا أردنا أن نبقى بالشأن الداخلي.. لو سمحتم سيادتكم أن نتحدث عن الحل السياسي.. ومنذ أن كلفت الحكومة تنفيذ المراحل الثلاث لهذا الحل بدأت بتنفيذ المرحلة الأولى المتعلقة بإنهاء العنف والتمهيد للحوار.. حاليا ما يتم هو مشاورات.. لكن سيادة الرئيس حتى الآن الشارع ربما لا يدرك ما هي محظورات الحوار ومحددات هذا الحوار بما يتعلق بالموضوعات وكذلك الأشخاص.. وهذا الحوار مع من في نهاية المطاف…
السيد الرئيس: هناك خلط كبير حول ما يحصل الآن بالنسبة للحوار بالنسبة للمواطنين.. هناك أولا مؤتمر الحوار الوطني الذي هو جزء من الحل السياسي الذي تحدثت عنه في “خطابي الأخير” في شهر كانون الثاني.. هذا الحوار ليس حوارا بين الدولة وطرف آخر.. هو حوار بين كل مكونات المجتمع السوري.. وخاصة المكونات السياسية.. حول مستقبل سورية.. ما هو النظام السياسي المطلوب.. نظام برلماني.. أم رئاسي.. نصف رئاسي.. أي شيء آخر.. ماذا عن الدستور.. ماذا عن القوانين السياسية والإعلامية وغيرها.. أو أي موضوع آخر.. والدولة هنا تنفذ ما يتفق عليه المؤتمرون.. هناك ما يحصل الآن من خلال لقاء اللجنة الوزارية برئاسة رئيس الوزراء مع الجهات المختلفة في سورية.. البعض يعتقد أن هذا هو الحوار.. هذا ليس حوارا.. هذه جلسات مشاورات لكي تحدد كيف نبدأ الحوار.. إذا أردنا أن نذهب إلى مؤتمر الحوار الوطني.. من يدعى إلى المؤتمر وعلى أي أساس يدعى… وكيف يمثل… هل نمثله بشخص أم بعشرة أشخاص.. هل يرتبط التمثيل بعدد الأعضاء في حزب معين.. كيف ندعو.. عشائر أم فعاليات.. من ندعو.. لا يوجد أي تصور ولا نريد أن نبني هذا المؤتمر فقط على تصورات الدولة.. نريد أن يشارك الجميع فنحن نقوم بهذه المشاورات بعملية إنضاج للحوار.. كيف يطرح الموضوع.. كيف يصوت عليه… وأشياء وتفاصيل كثيرة.. إذا ذهبنا إلى مؤتمر الحوار الوطني ولم ننضج هذه الأسس فهو مؤتمر فاشل قبل أن يبدأ.. هناك جانب آخر له علاقة بحوار الدولة.. الآن نحن بغض النظر عن هذه المبادرة يمكن أن نتحاور مع أي جهة.. نحاور من يغار على سورية.. ومن لم يتعامل مع إسرائيل سرا أو علنا.. وكل من لم يغازل إسرائيل.. كل من لم يقبض الأموال من أجل أن يبيع الوطن.. وكل من يؤكد على استقلال سورية.. هذه هي الاسس.. هذه أعتبرها أسسا وطنية.
سؤال.. يعني معارضة وطنية..
السيد الرئيس: المعارضة الوطنية بالمعنى المستخدم أصبحت شيئا مختلفا.. مع كل أسف منذ بداية الأزمة.. البعض لديه عقدة نقص.. والبعض يشعر بالانهزامية من الداخل فأصبح يوزع الوطنية مجانا على الجميع.. الكل يسميه معارضة وطنية.. لنأخذ أمثلة.. هناك من يظهر على شاشات التلفزيون ويتحدث في كل شاشة بلغة مختلفة.. ويتحدث في كل مرحلة بلغة مختلفة.. فهل هذه معارضة وطنية… أم معارضة متذبذبة… لا يمكن أن تكون وطنية إلا إذا كانت مستقرة.. نحن في الدولة منذ اليوم الأول للأزمة تحدثنا بلغة واحدة.. قلنا نكافح الإرهاب.. نكافح من يحاول التدخل بالشؤون الداخلية من الخارج.. نرفض الهيمنة.. وبنفس الوقت الأبواب مفتوحة للحوار.. هناك قوى رفضت الحوار في البداية.. ولاحقا وافقت عليه.. إذا كانت هي أخطأت فليتفضلوا ويقولوا نحن أخطأنا.. كان تقييمنا خاطئا.. عندما خرجنا من لبنان ألقيت خطابا في عام 2005 وقلت نحن أخطأنا.. كانت لدينا أخطاء في لبنان.. في بداية الأزمة ألقيت خطابا وقلت إنه كانت هناك أخطاء.. أما هؤلاء فيقومون فقط بتغيير كلامهم.. هل يغير الكلام ..أنا لا أحدد من.. لأنه قبض أموالا وهي التي تحدد اتجاه الكلام… أتحدث بكل صراحة ووضوح.. هل لأن هذا الشخص أو تلك الجهة كان يراهن على رهانات محددة بأن الدولة ستسقط خلال أسابيع أو أشهر وبالتالي هو لن يحاور من سيسقط.. سيجد لنفسه مكانا مع القادمين كما كان يفكر البعض.. بعض هؤلاء كان صامتا عندما بدأت العمليات الإرهابية.. لم يستنكر الإرهاب الذي بدأ.. بل أوجد تبريرات للإرهابيين.. بعض أولئك لم يدعم الجيش.. وكل الدول كل الشعوب في العالم تفتخر بقواتها المسلحة لأنها تعبر عن وحدتها وعن الوطن بكل مكوناته.. بعض هؤلاء كان يهاجم الجيش بدلا من أن يقف معه في أزمة استهدفت الجيش قبل أي شيء آخر لأنه عنوان وحدة الوطن وعنوان الصمود.. كل هذه التذبذبات والتلون كالحرباء لا يمكن أن أضعه تحت عنوان الوطنية.. علينا أن نسأل أسئلة بديهية.. شخص لم يكن أو بالكاد يحصل على قوت يومه.. نراه اليوم يتنقل بالطائرات من مكان إلى آخر ويجلس في الفنادق الفاخرة.. من يمول هذه الشخصية وتلك الجهة.. نتحدث بعيدا عن الدبلوماسية.. لا مكان للدبلوماسية الآن.. من يموله.. إذا كان هناك تمويل وهذا مؤكد.. فهذا يعني أن قراره مرهون بقرار من يدفع.. فكيف يكون وطنيا إذا كان قراره في الخارج.. إضافة إلى ذلك.. كل معارضة تجلس في الخارج طوعا هم سيقولون لك قسرا.. لكنهم في الحقيقة يجلسون في الخارج طوعا.. لا يمكن أن يكون هذا الإنسان وطنيا.. خاصة في الأزمات.. فإذا كنت مغتربا في الأحوال العادية فيجب أن تأتي لتقف مع بلدك.. خاصة عندما تعطي دروسا في الوطنية على شاشات التلفزيون.. كيف يمكن أن تدعي الوطنية وأنت هارب في الخارج.. أين هي الوطنية… تطلب من الناس أن يتحركوا و تعطيهم دروسا في الوطنية وهم يعانون كل يوم داخل سورية وأنت مرتاح في الخارج.. ومن أين هذه الراحة الله أعلم.. هناك أسئلة كثيرة يجب أن نسألها لذلك أنا أتوسع في هذا الموضوع.. أسئلة كثيرة يجب أن نسألها قبل أن نكون معارضة وطنية.. لذلك في هذا الموضوع لا مكان للمجاملة ولا مكان للنفاق.. لن ننافق اي أحد.. يجب أن نقول للخائن خائنا وللعميل عميلا وللانهزامي انهزاميا.. وللاوطني نقول له لا وطني.. غير صحيح أن كل المعارضة هي معارضة وطنية.. أما بالنسبة للمعارضة فمن هي المعارضة بالتعريف.. إذا كان لدينا مليون شخص سوري يعارضون سياسات الدولة.. فهل يعني أن هؤلاء يسمون معارضة.. لا يمكن أن نحاور مليون شخص.. لا يمكن أن نشارك مليون شخص في الحكومة.. مثلا المعارضة عمليا بالمعنى السياسي في كل دول العالم هي معارضة منتخبة لها قاعدة شعبية.. إذا.. من يعرفون أنفسهم بأنهم معارضة أين هي الانتخابات التي حددت حجم هذه المعارضة.. هناك أسئلة كثيرة يجب أن نسألها قبل أن نحدد من هؤلاء.. لذلك إذا كان السؤال مع من نتحاور… فلدينا أحزاب في سورية الآن.. هي مازالت أحزابا ناشئة لكنها أحزاب وطنية لا تتلون.. لم ترهن نفسها للخارج.. هناك قوى وطنية في الداخل.. هناك كثير من السوريين الوطنيين.. لا تتوقف القضية على قضية من أطلق على نفسه أو نصب نفسه بموقع المعارضة الوطنية التي تمثل الشعب.. ونحن نعرف أنهم لا يمثلون سوى أنفسهم.
سؤال.. إذا المحددات اتضحت وكذلك أساسيات الحوار هل سيبقى النظام في سورية برلمانيا أم سيكون هناك برلمان رئاسي…
السيد الرئيس: المحددات طبعا مفتوحة.. أي شيء يمكن أن يناقش.. لا توجد خطوط حمر سوى شيئين.. استقلال سورية.. وهذا يعني عدم وجود تدخل خارجي بأي شأن داخلي.. هذا موضوع محسوم بالنسبة لنا.. والوقوف مع الإرهابيين.. إذا لا تساهل مع الوقوف مع الإرهابيين عدا عن ذلك لا يوجد مشكلة في مسألة كيف ستكون سورية.. نظاما برلمانيا رئاسيا… هذا يحدده الشعب.. بالنسبة لنا ما يحدده الشعب نوافق عليه.
سؤال.. بما في ذلك منصب رئيس الجمهورية… يعني أقصد حتى أنتم سيادة الرئيس…
السيد الرئيس: المنصب شيء وأنا شيء آخر.. أقصد المنصب مرتبط بالنظام السياسي.. والنظام السياسي يحدد صلاحيات كل منصب.. وعندما يتغير النظام السياسي لا بد من أن تتغير صلاحيات المنصب بأي اتجاه كان.. وهذا شيء بديهي وطبعا هذا يشمل كل شيء حتى صلاحيات الرئيس.. أما الرئيس وما يطرح عنه فهذا الموضوع مرتبط بالشخص وهذا يختلف عن الصلاحيات.. وكل شخص يسعى إلى المنصب يحتقر.. هكذا أرى الأمور.. إذا المنصب هو مجرد أداة وليس هدفا.. الهدف هو المشروع الذي يقدمه الشخص للمجتمع ودعم الشعب لهذا المشروع.. وصولا إلى حالة أفضل بالنسبة لسورية.. ما قامت به وسائل الاعلام المعادية بشكل عام.. العربية وغيرها.. هو أنها حاولت أن تظهر أن المشكلة ليست في مشروع خارجي ولا قوى تأتي من الخارج ولا في التطرف.. المشكلة هي رئيس مرفوض من قبل الشعب وهذا الرئيس متمسك بالكرسي وهو يقتل شعبه من أجل الكرسي.. هذا ما يطرح بشكل مستمر.. لذلك طرحوا قضية التنحي.. الحقيقة أن المنصب ليس له قيمة.. إن لم يكن هناك دعم شعبي فالمنصب لا يقدم شيئا للشخص.. فما يجب أن يقاتل المسؤول من أجله هو الدعم الشعبي والرضى الشعبي.. لذلك أقول أن ما يقرره الشعب في هذا الموضوع هو الأساس بالنسبة لبقاء الرئيس أو ذهابه.
سؤال.. البعض أطلق مصطلح التفاوض مع النظام.. وليس الحوار مع النظام.. وفهمنا من بعض المسؤولين السوريين بأنهم قد رفضوا هذا المصطلح.. ما الذي فهمتموه من مصطلح التفاوض مع النظام والمفاوضات…
السيد الرئيس: أنا دائما أشبه البلد أو الدولة أو المجتمع أو الوطن بالعائلة.. عندما يجلس رب العائلة أو ربة العائلة مع الأولاد أو يجلس الأولاد مع بعضهم أو تجلس العائلة مع بعضها.. فهي لا تتفاوض بل تتحاور.. فعندما نجلس مع بعضنا كسوريين نتحاور.. فنقول الحوار بين السوريين ولا نقول التفاوض بين السوريين.. أما إذا افترض الشخص نفسه بأنه غريب “فيستطيع أن يسميه تفاوضا”.. وإذا افترض نفسه بأنه يتبع لقوى خارجية كما هو الحال بالنسبة للبعض فيمكن أن يطرح كلمة التفاوض.. ولكن أن نقبل بها أيضا فلذلك أسس ومحددات.. أنت تفاوض نظراءك.. فإذا كنت دولة فأنت تفاوض دولة.. فالدولة لا تفاوض أشخاصا.. إذا كنت حزبا تفاوض أحزابا.. ولكن لا تفاوض أشخاصا.. إذا كنت حزبا لك قاعدة فلا تفاوض أشخاصا يطلقون على أنفسهم اسم حزب أو تيار أو أي شيء لكن لا يوجد لديهم قاعدة.. هناك نوع من التناظر عندما تطرح التفاوض.. فعلى من يطرح التفاوض أن يحدد نفسه.. هل هو سوري يتحاور مع سوريين.. أم أجنبي.. ومن يمثل.
سؤال.. جولة سريعة على المنطقة.. نجد زيارة لكيري.. كذلك اعتذار إسرائيل من تركيا.. استقالة حكومة لبنان وتكليف تمام سلام بحكومة جديدة.. اللافت للنظر هو الوضع في درعا وما قيل عن دور للأردن بهذه الأحداث.. هل ما يجري من أحداث دبلوماسية وسياسية ترافق أحداثا على الأرض هي محض مصادفة في سورية اليوم..
السيد الرئيس: أعتقد بأن هناك إجماعا أن ما حصل مؤخرا ليس مصادفة.. أعتقد بأنه لو سألت أي إنسان بهذه المنطقة وفي سورية تحديدا.. غير مطلع وغير متابع للسياسة.. فسيقول لك ان هذه الأمور مترابطة زمنيا.. وعمليا السيد الذي يديرها هو سيد واحد.. واضح هذا الموضوع إعلاميا.. هو ليس عملا سريا.. أتى أوباما ويأتي كيري إلى نفس الدول المعنية بهذا التصعيد.. وخاصة ما يحصل في درعا.. لو ربطنا الأمور مع بعضها فهذا يدل على شيئين.. أولا يدل على أن العامل الخارجي هو عامل أساسي فيما يحصل في سورية منذ اليوم الأول.. وهذا كان من الصعب إقناع الناس به.. ثانيا أنه كلما حققنا نجاحات فسوف نشهد المزيد من التصعيد.. لأن تلك القوى الخارجية لن تستسلم.. فأنا معك بأن العملية ليست مصادفة ولكن من الخطأ ألا نتوقعها مسبقا أو ألا نراها واضحة.
سؤال.. سيادة الرئيس.. يتزايد الكلام كثيرا في الآونة الأخيرة بأن الأردن بات لاعبا اساسيا في الحرب الدائرة على سورية.. يعني معسكرات تدريب.. مقرات اجتماعات.. وقياد ات حتى عسكرية للجماعات الإرهابية على الأرض.. وربما دخول أعداد كبيرة من المسلحين والسلاح عبر الحدود هذا ربما يفسر أيضا عودة الأمور في درعا إلى المربع الأول بعد فترة من الهدوء.. ما الدور الذي يلعبه الأردن..
السيد الرئيس: وصلنا الكثير من هذه المعلومات بشكل رسمي.. البعض منها طبعا عبر الإعلام وقرأناها وسمعناها جميعا.. البعض منها عبر الأقنية الدبلوماسية.. والبعض الآخرعبر الأقنية الأمنية.. وكلها تصب في نفس الاتجاه.. قمنا مباشرة بإرسال مبعوث سياسي من وزارة الخارجية بشكل غير معلن إلى الأردن منذ أقل من شهرين لكي يطرح هذه المعطيات مع المسوءولين في الأردن ويحذر من أن مخاطر ما يحصل لن تمس سورية فقط.. طبعا سمع كل ما من شأنه أن ينفي هذه المعطيات.. ثم حصل التصعيد في درعا.. ورأينا أن الآلاف من المسلحين والإرهابيين مع سلاحهم وذخائرهم يأتون من الأردن.. فقمنا بإرسال مسوءول أمني منذ نحو الشهر أو أقل بقليل أيضا والتقى مع نظرائه الأمنيين في الأردن وشرح لهم المعطيات الموجودة لدينا وأيضا سمع نفيا كاملا من قبلهم حول تورط الأردن بكل ما يحصل.. هذا غير منطقي.. لنفترض أولا بأنه لا توجد معسكرات.. لأن ما طرح حول معسكرات للتدريب معلومات غير مدققة بالنسبة لنا.. لكن ما هو مدقق ومؤكد ومن اعترافات الإرهابيين ومن مشاهدتنا هو قدومهم من خلال الحدود الأردنية.. من غير الممكن أن نصدق أن الآلاف يدخلون مع عتادهم إلى سورية.. في الوقت الذي كان الأردن قادرا على إيقاف أو إلقاء القبض على شخص واحد يحمل سلاحا بسيطا للمقاومة في فلسطين عبر السنوات الماضية.. هذا الكلام غير مقنع.. نتمنى من بعض المسؤولين الأردنيين الذين لا يعون خطورة الوضع في سورية وما يعنيه بالنسبة للأردن.. كما يعني بالنسبة للدول الأخرى.. أن يكونوا أكثر وعيا في تقدير هذا الشيء لأن الحريق لا يتوقف عند حدودنا والكل يعلم أن الأردن معرض له كما هي سورية معرضة له.. نتمنى أن يتعلموا من الدروس التي تعلمناها من مرحلة الإخوان المسلمين.. تلك المرحلة الخطيرة.. نتمنى منهم أن يتعلموا مما تعلمه المسؤولون العراقيون الذين يعون تماما أهمية الاستقرار في سورية.. بغض النظر عن بعض الخلافات التي كانت موجودة بيننا وبينهم في سنوات سابقة.. ولكن نتيجة هذا الوعي ونتيجة الدروس المستفادة تعلموا أن الحريق في سورية لا بد أن ينتقل إلى دول الجوار.. هذا ما نتمناه.
سؤال.. سيادة الرئيس.. الأردن وقطر والسعودية.. معظم دول الخليج.. طبعا نتحدث هنا عن فصيل من لبنان.. هنالك أيضا حكومات في تونس ومصر وليبيا واليمن.. نتحدث عن حكومات هنا ولا نتحدث عن شعوب هل من المعقول أن يكونوا جميعا على خطأ وأنتم على صواب..
السيد الرئيس: دعنا نطرح السؤال بطريقة أخرى.. هذه الدول كانت تجتمع ونحن كنا جزءا منها في القمم العربية.. على الأقل منذ أول قمة عربية في عام 2000 على خلفية الانتفاضة الفلسطينية الثانية.. وبعدها في حرب العراق وبعدها مع طرح مشروع الشرق الأوسط وخارطة الطريق على خلفية انتصار أمريكا بغزو العراق كما كان يسوق في ذلك الوقت.. والقمم على خلفية الحرب الإسرائيلية على لبنان في 2006 وبعدها في 2008 في الحرب على غزة.. في كل هذه المفاصل.. أنت كمواطن عربي وأنت كمواطنة سورية هل كان لديكم الثقة بأي قمة من هذه القمم.. ألم تسمعوا من كل المواطنين العرب كل أنواع الذم لهذه القمم ولنا كمسؤولين عرب نجلس في تلك القاعة.. هذا يجعلنا نسأل سؤالا انطلاقا من سؤالك.. هل من المعقول أن يكون 300 مليون عربي على خطأ وبضعة عشرات من المسؤولين في القاعة على صواب.. هذا يعطينا الجواب بشكل واضح.. النقطة الثانية..هذه الدول التي نتحدث عنها يجب ألا نلومها كثيرا لأنها غير مستقلة.. القرار ليس بيدها.. البعض منها موجود بقوة السيد الأمريكي.. والبعض منها أتى مؤخرا عبر الناتو.. والآخر على كف عفريت وهو يعيش في بلد مضطرب وشعبه غير راض عنه.. فهم بحاجة لشرعية قبل أن يعطونا الشرعية.. كما قلت قبل أيام.. الجامعة العربية كلها بحاجة لشرعية.. ولكن دعنا نضع كل هذا الكلام جانبا ونلقي به في سلة المهملات لسبب بسيط لأن كل هؤلاء لا يعنوننا.. من يحدد إذا كنا على خطأ أو على صواب هو الشعب السوري أنا شخصيا وكل مسؤول سوري مسؤولون أمام الشعب السوري.. فالشعب السوري فقط هو الذي يقول نحن أصبنا أم أخطأنا.. نحن على حق أم على خطأ.. وأي جهة أخرى لا تعنينا.
سؤال.. أيضا إذا ذهبنا من هذه الدول إلى الجوار العراقي.. القاعدة في العراق أعلنت مؤخرا أن جبهة النصرة تابعة لها ..وجبهة النصرة بالمقابل بايعت زعيم القاعدة أيمن الظواهري.. سيادة الرئيس.. من نقاتل في سورية الآن.. نقاتل القاعدة ام جماعات إرهابية مسلحة أم نقاتل مقاتلين معتدلين..
السيد الرئيس: كل من يحمل السلاح ويعتدي على المواطنين هو إرهابي.. سواء كان ينتمي للقاعدة أم غيرها.. إذا أردنا أن نقسم الإرهابيين لقاعدة أو غير قاعدة فهذا ممكن وهذه حقيقة.. ولو أن القاعدة هي الطاغية الآن في سورية تحت عنوان جبهة النصرة.. أما مصطلح “المقاتلون المعتدلون” فهو أسلوب أمريكي للتبرير أمام شعوبهم.. حاربت أمريكا طالبان بعد أحداث 2001 وبعد سنوات عديدة اكتشفت أنها لم تحقق أي انجاز في أفغانستان.. فالخسائر الأمريكية كثيرة والكره لأمريكا يزداد والإرهاب ينتشر أكثر في العالم.. لذلك أرادت أن تبرر الحوار مع هذه المجموعات واستخدامها ضد بعضها.. أو ربما لأهداف أخرى سياسية.. فقالت انه هناك طالبان جيد وطالبان سيئ.. الآن يتحدثون عن الإرهابي المعتدل.. لا يوجد إرهابي معتدل.. هو إرهابي.
يسمونه مسلحا.. يسمونه معارضة مسلحة.. هذا المصطلح يقدم لشعوبهم إعلاميا لأنهم ذهبوا بعيدا في تصوير الوضع بأنه صراع بين حاكم ومحكوم مظلوم.. هكذا كانت الصورة.. ظهر الإرهاب ولاحقا ظهرت هوية هذا الإرهاب وهو إرهاب متطرف ولم يتمكن الإعلام الغربي من إخفاء هذه الحقيقة..فبماذا يبررون دعم المعارضة.. بماذا يبررون إرسال أموال وسلاح ودعم لوجستي تحت عناوين مختلفة.. دعم غير قاتل.. مساعدات غير قاتلة.. مساعدات مدنية.. في النهاية لا يمكن تبريرها إلا تحت عنوان “مسلحون معتدلون”.
سؤال.. ولكن قلتم قبل قليل ان القاعدة هي العنصر الغالب في سورية حاليا من حيث العدة والعتاد.. إذا بهذا المعنى الغرب يسلح القاعدة ويمولها.. كيف نفهم ذلك..
السيد الرئيس: الحقيقة أن الغرب دائما يستخدم أي عنصر يظهر في الساحة حتى ولو كان هو ضد هذا العنصر.. والدليل أنهم يحاربون القاعدة في مالي ويدعمونها في سورية ويدعمونها في ليبيا.. نفس المجموعات المتطرفة التي قاتلت في سورية كانت مدعومة في ليبيا وهي نفسها التي تدعم مالي وقاتلوها في مالي.. هذا ما يسمى ازدواجية المعايير وأنا اسميه ثلاثية المعايير ورباعية المعايير.. وإذا كان هناك ألف معيار فلا مانع لديهم.. هم يستخدمون أي ورقة تضر أي بلد لا يرضون عنه.. وبالتالي في حالة سورية هم سعداء بأن تأتي القاعدة.. فهم أولا يتخلصون من هؤلاء العناصر في مناطق مختلفة سواء كانوا يحاربونهم في ليبيا أو في مالي أو في أفغانستان أو في أي مكان.. هذه العناصر تأتي إلى سورية وهذا يخفف الضغط في مناطق أخرى.. من جانب آخر هذا يؤدي إلى التخريب في سورية بغض النظر عمن ينتصر.. انتصرت الدولة أو انتصرت القاعدة أو غيرها.. بالمحصلة سورية ستدفع الثمن وسيكون الثمن غاليا.
ونحن نرى الآن نتائج التخريب بالنسبة للبنى التحتية وبالنسبة لتخريب الفكر في سورية.. فهذا يعني حتى لو ربحت الدولة فستكون دولة ضعيفة.. هذا ما يهدف إليه الغرب من هذا الدعم.. ولكن بنفس الوقت هذا الغرب لا يعرف أو ربما يعرف ولا يعي الآن بأن هذا الإرهاب سيعود إليه وقد بدأت الصحافة الغربية تتحدث عن مخاطر عودة هؤلاء.
في الحقيقة.. كما مولوا القاعدة في أفغانستان في بدايتها ودفعوا الثمن غاليا لاحقا.. الآن يدعمونها في سورية وفي ليبيا وفي أماكن أخرى ويدفعون الثمن لاحقا في قلب أوروبا وفي قلب الولايات المتحدة.
سؤال.. مصطلح آخر نسمع عنه منذ فترة وهو التدخل الإنساني.
السيد الرئيس: مؤخرا طرح مصطلح التدخل الإنساني ورأينا نماذج عملية لهذا التدخل الإنساني.. رأيناه في وقوف الغرب مع الشعب الفلسطيني منذ ستين عاما ضد الإسرائيليين لصالح الشعب الفلسطيني.. رأينا التدخل الإنساني في فيتنام.. رأيناه في الحرب الكورية.. في الحرب الكورية قرأت عدة أرقام.. في الحد الأدنى قتل ثلاثة ملايين.. وهناك من يقول ان عدد القتلى بالنيران الأميركية تسعة ملايين في كوريا الشمالية وحدها.. ورأيناه في العراق وأنت تعرف أكثر من أي شخص نتائجه.. ورأيناه مؤخرا في ليبيا.. ورأيناه في سورية.. وطرح بالتوازي مع التدخل الإنساني مصطلح آخر الآن وهو المسؤولية الأخلاقية.. أنا أعتقد أن التدخل الإنساني هدفه الوحيد تدمير الإنسان السوري بكل بساطة والمسؤولية الاخلاقية التي يتحدثون عنها مؤخرا هي مسؤولية في سحب الأسس الأخلاقية وفي تدمير الأسس الأخلاقية التي يقوم عليها المجتمع السوري وفي مقدمتها الكرامة والتمسك بالحقوق.. يعني أن نكون شعبا خانعا ونعترف بأنه لا يمكن هزيمة القوى الكبرى.. تكريس هذه الفكرة وتكريس مبدأ الخنوع.. يجب أن نعرف أن هذه المصطلحات تكرس بالنسبة لنا شيئا معاكسا.. أن نقول دائما لا للخنوع ولا للتبعية ولا للاستسلام ولا للانهزام.
سؤال.. سيادة الرئيس.. منذ سنتين ونيف والأزمة مستمرة.. برأيكم ما الذي أطال أمد الأزمة السورية..
السيد الرئيس: عوامل مختلفة.. هناك عوامل خارجية وعوامل داخلية.. العوامل الخارجية تحدثنا عنها.. أما العوامل الداخلية فعندما تقوم بعمل على الساحة المشكلة لابد لك من إجماع وطني.. فلا شك بأنه كان لدينا مشكلة في البداية بإقناع الكثير من السوريين بحقيقة ما يجري.. وأنت تذكر خطابي الاول في مجلس الشعب والانتقادات التي وجهت له.. عم يتحدث.. أي مؤامرة.. كلما حصل شيء تقولون انها مؤامرة.. مع أنني تحدثت عنها بشكل بسيط وقلت في نهاية الخطاب نحن مستعدون للمواجهة.. وقالوا إن القضية قضية عاطفية.. أي انني لو ذهبت إلى درعا لكانت حلت المشكلة.. وقلت للكثيرين في ذلك الوقت ان القضية لم تبدأ بعاطفة لكي تنتهي بعاطفة.. هذا مخطط.. صحيح أن هناك مشاكل وعوامل وثغرات داخلية يبنى عليها..لكن القضية في جوهرها مخطط خارجي.. فكنا أمام مشكلة في إقناعهم بأن ما يحصل في الإعلام الخارجي تزوير وبأن من يقتل المتظاهرين ليست الدولة.. وبأن هناك جهات أخرى تقوم بإطلاق النار على الطرفين من أجل تأجيج المشاعر.. كان من الصعب لاحقا إقناعهم بأن هؤلاء المسلحين ليسوا جيشا حرا.. فهو جيش مرتبط وليس حرا.. يعمل بالأموال ويقتل من خلال الأموال.. كان من الصعب إقناعهم بأن الجزء الأكبر من المظاهرات مدفوع.. انظر إلى المراحل.. عندما ظهرت القاعدة.. كان من الصعب أن نقنع الكثيرين بأن القاعدة دخلت على الخط حتى رأوا كل هذه الأشياء بأعينهم.. مع كل أسف لدينا شرائح ترى الأمور متأخرة عندما يكون الأوان قد فات.. فالإجماع الوطني في كثير من الحالات ضروري.. وهي نقطة مهمة.. كم من الوقت نحتاج حتى نقنعهم بأن الدولة لا تهدم المساجد.. وآخر حادثة في الجامع العمري.. رأينا على اليوتيوب وعلى شاشة التلفزيون كيف قاموا بتفجير المئذنة.. بالنسبة للمجازر.. كل مجزرة كانت توضع برسم الجيش العربي السوري.. مع كل أسف لدينا شريحة كانت تسير بالعكس.. ما خلق قاعدة للفوضى في سورية.. إن لم يكن بالسلاح فبالفكر.. هناك من وقف مع الإرهابيين دون أن يشعر.. أنا لاأتهمه بسوء النية ولكن عن جهل ودون أن يشعر.. بالقلم والفكر والحديث وبالمنطق الخاطئ.. هؤلاء عرقلوا.. البعض منهم أو لأقل الغالبية اكتشفت أنها على خطأ ولكن البعض حتى الآن لم يكتشف الحقيقة.. هذا هو العائق الأكبر.
سؤال.. هذه مقومات استمرار الأزمة سيادة الرئيس.. ولكن ماذا عن مقومات صمود الدولة حتى الآن.. على الرغم من كل هذا التجييش..
السيد الرئيس: أنا لا أقول الدولة صمدت.. أقول الشعب صمد.. هذا الشعب العظيم صمد في هذه الحرب عامين.. حتى الشعب نفسه لا يعرف ما هو حجم الهجمة.. كثير من الناس لا يعرفون ما هو حجم الهجمة.. ولكن هو يلامس تداعياتها.. ومع ذلك صمد.. هذا حقيقة.. شعب عظيم.. وهذا يؤكد على جوهر سورية.. ولولا هذا الشعب لانهار كل شيء ليس بأسابيع كما سوقوا.. بل بأيام.. فأنا لا أقول صمدت الدولة.. الدولة قوتها من قوة الشعب وضعفها من ضعف الشعب.. والمقاومة في لبنان انتصرت في 2006 بشعبها قبل مقاتليها.. ولولا الشعب الداعم لها والصامد معها لا يمكن أن تصمد.. وهذا هو الوضع في كل دولة.. وسورية ليست استثناء.
سؤال.. سيادة الرئيس.. تحدثنا عن كل ما هو سياسي وميداني.. لكن دعني أنتقل قليلا إلى الشق الإنساني.. أنتم أب ..ماذا تشرحون لأولادكم عن الحاصل في سورية.. ماذا تقولون لهم…
السيد الرئيس: بالمناسبة.. أنا عندي ثلاثة أبناء وليس خمسة كما يسوق البعض.. بالعودة إلى السؤال.. هذا الموضوع موضوع عام.. وأنا أتشارك فيه كأب مع كل الآباء.. لا شك بأن الأحداث التي مرت بها سورية وتداعياتها وآثارها الاقتصادية والنفسية والاجتماعية وما رأيناه على شاشات التلفزة وما يسمعه الأطفال في المدارس من حوارات ونقاشات تختلف عما اعتادوا عليه قبل الأزمة سيترك تأثيرات خطيرة وسلبية على مستقبل سورية لأنهم سيكونون الجيل المقبل.. وهذا أحد أهداف الهجمة.. وهو كما قلت قبل قليل تدمير الإنسان.. الشيء الأول الذي علينا أن نركز عليه هو أن يخرج هذا الطفل السوري من الأزمة وهو أكثر إيمانا بالله.. لأن أكثر عبارة استخدمت في عمليات التخريب هي “الله أكبر”.. كيف يمكن أن نشرح لهذا الطفل بأنه لا يوجد أي ربط بين عبارة “الله أكبر” وبين مطلق الشر وهو قتل إنسان بريء.. هذا الموضوع لن يكون سهلا.. علينا أن نشرح لهم كم تعني هذه الكلمة من خير ومحبة ووحدة وطنية.. وكل الخير المطلق فيها.. يجب أن يفهم الطفل هذه النقطة.. لأنه انطلاقا من هذا الإيمان عندها يمكن أن ننطلق للإيمان الآخر وهو الإيمان بالوطن وبقوة الوطن ووحدة الوطن.. وإذا آمن بالله والوطن يكون إيمانه بنفسه صلبا ومتمكنا.. عندها نطمئن لسورية.. أنا أعتقد أن المسؤولية تأتي في هذا الإطار إذا أردنا أن نحافظ على وطننا وأن نعمل على الأطفال فلأننا نحن أمام جيل تشرب الكثير من المفاهيم الخاطئة والسيئة والشريرة.
سؤال.. كم تبدو متفائلا في نهاية المطاف سيادة الرئيس..
السيد الرئيس: لو لم يكن هناك تفاؤل في سورية بشكل عام وخاصة من يضعون أرواحهم.. كما نقول بالعامية.. على أكفهم ويقاتلون من أجل أن نحيا جميعا.. لو لم يكن هناك تفاؤل لما قاتلنا بالأساس ولما صمدنا كسوريين.. ولكن هذا التفاؤل نستمده كمسؤولين وكدولة من الشعب.. وأستمده أنا شخصيا باللقاء مع المواطنين.. ولكن بشكل خاص من عائلات الشهداء.. هذه العائلات جبارة.. جبارة بكل ما تحمل الكلمة من معنى.. عندما تجلسين مع أم أو أب واخوة وأبناء ويقولون قدمنا الشهيد الأول ومستعدون لأن نقدم الثاني والثالث والرابع.. هذه وطنية لا حدود لها.. هذا ما يدفعنا للتفاؤل.. ولا يوجد خيار أمامنا سوى الانتصار.. إن لم ننتصر فسورية تنتهي.. ولا أعتقد أن هذا الخيار مقبول بالنسبة لأي مواطن في سورية.
المذيع.. شكرا جزيلا.
السيد الرئيس: أنا أيضا أريد أن اشكركم مرة أخرى وأحيي كل العاملين في قناة الإخبارية السورية وأنقل عبركم التحية لكل مواطن سوري في هذه المناسبة الغالية والجامعة.. مناسبة عيد الجلاء.. التي أتمنى إن شاء الله أن تأتي في العام القادم وتكون سورية قد تجاوزت أزمتها وضمدت جراحها.
سيريان تلغراف