Site icon سيريان تلغراف

خالد الهلباوي وحماس .. بين التزكية والترقيع واحضان حمد .. بقلم نمير سعد

رغم إقتحام غير ملفات ومواضيع للذهن واحتجاجها و” ثورتها ” في ساحاته معلنةً أنها الأحق بالإهتمام والأولى بالمتابعة كونها مفصلية ومصيرية ، إلا أن الذهن أبى إلا أن يكون ديكتاتورياً ، فقمعها وزجرها وأعلن أنه سينظر في شأنها قريباً جداً ، وبرر فعلته وموقفه قائلاً أنه لا يستطيع إلا أن يرد على الاستفزازات الحمساوية بدءًا من تزكية مشعل مروراً بما يختزنه كل من الماضي القريب والحاضر من مشاهد حمساوية مشينة ومخجلة وإنتهاءً بمحاولات الترقيع والتلميع والتشذيب التي يحاول بعض قادة حماس عبرها فك براغي العقول العربية وإعادة تركيبها بشكل تتقبل معه التموضع الحمساوي الجديد وتتفهمه … .

لا عجب أن يضع خالد الإسخريوطي يده في يد حمد الذي خان الرحم الذي احتضنه و ” البذرة ” التي زرعته في ذلك الرحم ، حمد الذي فاق غولدمائير صهينةً و تفوق على أبي لؤلؤة .. غدراً ، وعن حمد يطول الحديث إن بدأ  يطول لكنه سيكتفي اليوم بالحديث عن أحد المتمسحين  ببلاط حمد ، اللاعقين لكل ما يراد له حمد أن يلعق ، المنحين لقامة حمد الفيلية الهيئة ووجه حمد الذي يزداد كما صفحات تاريخه و عمره .. اسوداداً ، المشذبين لشارب حمد الذي قد يعني كل شيء عدا دلالات الرجولة . الحديث اليوم هو عن أحد الذين ابتهلوا بدل الله .. لحمد ، وركعوا في حضرة حمد ، وسجدوا لحمد وتلقوا الهبات الحمدية ريالاتٍ ودنانير وسلموا أنفسهم خاتماً في إصبع حمد وإرتضوا أن يتحكم هذا البعيري في عقولهم وقرارتهم ومواقفهم وتموضعهم وتحالفاتهم وخياراتهم المصيرية .. .

لا غرابة أيضاً أن يضع خالد الإسخريوطي يده في يد من باع دينه بدنياه ، وإسلامه بماله ، وربه بعبده ، ونبيه بأبا رغالٍ القطري الجنسية ، و إستبدل تقوى الإيمان ببضع حباتٍ من الفياغرا وعقد نكاح وجسد مراهقة بريئة ، ووزع فتاويه على تابعيه طبقاً للإرادة الصهيوحمدية ، فهذا الإخونجي  نافق على حلفاء الأمس من أصحاب ” غير ملل ” إلى أن وجد ضالته في الكفر القرضاوي الطابع والطعم والهوية ، وباع حلفائه بدنانير حمد ورفاهية قصور حمد وخان دماء المقاومين و تنكر لسنين أسرهم واعتقالهم وتعذيبهم ، وتناسى غصات الألم والقهر لدى عامة الفلسطنيين ، وفضل أن يمارس أحب الهوايات إلى قلبه … الإنحناء وتقبيل الأيادي الآثمة اسوةً برفيق دربه في ” النضال ” إسماعيل هنية .

 وهنا لا بد أن نقول أن البداهة تفترض هنا أن ينضم إلى فريق مشعل معظم رجالات حماس ” القادة ” ممن باعوا مواقفهم المبدئية وأحنوا رؤوسهم للأوامر الحمدية بتزكية مشعل فزكوه وكأنهم يؤدون فرضاً من فروض الدين ، وكان على رأس هذا الفريق هنية الذي لم ولن ينسى له الشعب السوري تموضعه المشين في الحرب على سوريا وتصريحاته الوقحة تجاه قيادتها و مواقفه التآمرية على الوطن السوري الذي كان له وللحركة التي ينتمي إليها سنداً ودعماً طوال عقود ، ولن يمحى من ذاكرة السوريين موقفه من الهتافات الإخونجية في مصر أثناء زيارته لها في بداية العام المنصرم ساعة بلع القط الطائفي لسانه ولجم التكفير المذهبي عقله ،، فتجمد عقلاً وفقد ملكة النطق و تحول إلى إسماعيل الأطرش أو إسماعيل الأخرس حين جعجع إخونجية مصر على مسمعه بهتافاتٍ معادية ومناهضة ووقحة وطائفية ضد الرئيس الأسد وإيران وحزب الله ، الحقيقة الوحيدة التي شغلت كل مساحات ذهن هنية آنذاك هي الإنتماء الطائفي الذي يجمعه وتلك الجموع التكفيرية تماماً كما يجمعه وإياها الولاء للقرضاوي وإتباع فتاويه الإلهية المنزلة  … .

وليس مدهشاً أن ترتد حماس مشعل وهنية عن مواقفها المبدئية وتهرب من حلفها الإستراتيجي المقاوم لترتمي في احضان موزة وزوجها . وأن تطعن حماس مشعل هنية الحليف الذي فتح لها كل الأبواب يوم كانت كل الأبواب في وجهها موصدة ، الحليف الذي إحتضن حماس يوم كانت مهددة بالتحول إلى قشة في مهب الرياح الإسرائيلية ، الحليف الذي فتح لحماس مسالك الإستمرارية والوجود وأعطاها فرصة إثبات الذات . من يخون هذا الحليف السوري المخلص وينكث بكل ” أقاويله ” عن التحالف الإستراتيجي المقاوم مع سيد المقاومة أمين عام حزب الله ومع الحليف الإيراني الذي قدم المال والسلاح بلا حدود لحماس ومشعلها ،، لن يكون فيه خيرٌ لكائن على وجه الأرض بدءًا من أهل بيته . وأما عن عدم وجوب الدهشة والإستغراب والعجب فمرده أن حماس ولدت أصلاً من نطفةٍ إخونجية وتربت في رحمٍ اخواني ولم يكن أي إنتماءٍ عندها يوماً أقوى من انتمائها الطائفي ، فمشعل الذي إرتدى على مدى عقود قناع المقاوم المتكاتف مع المسلمين من أبناء غير طوائف في وجه العدو المشترك ، هو منتمٍ رسمياً للإخوان طيلة أربعة عقود ومنذ سنوات أولى شبابه ، إنه الحمساوي  الإخونجي الإنتماء والعقيدة والتنشئة والهوى …. .

إذاً فالصفقة قد تمت برعايةٍ صهيوقطرية ومباركة أمريكية إسرائيلية ، والصفقة هنا ليست في فوز مشعل برئاسة المكتب السياسي لحماس وحسب ، بل في تثبيت وترسيخ التموضع الجديد لحماس ، الإرتماء الحمساوي في الحضن الذي يكونه فخذاً أعرابياً وآخر عثماني فيما تلتف يدٌ إسرائيلية على خصر حماس من ذات اليمين وأخرى أمريكية من ذات الشمال ، على أن يكون ما بين الفخذين حمدياً بإمتياز . والصفقة تعني فيما تعني أن نبارك للشيخ الإخونجي الطائفي خالد مشعل الذي إنضم رسمياً للفريق المذكور منذ رفعه على أرض غزة علم الإنتداب الفرنسي ورمز العصابات السلفية الإخونجية التكفيرية الإرهابية المنضوية تحت لواء ما يسمى ” جيشاً حراً ” ؟! .لكن الصفقة تعني أيضاً إعلان الموت السريري لحماس المقاومة لسنوات طويلة قادمة وتعني نعي كل المفردات النضالية التي تغنت بها حماس عبر سنوات نضالها ومقاومتها ، ذاك النضال الذي أسس له تحالفها مع محور المقاومة والإحتضان والدعم الذي تلقته من خلاله ،، سيما في دمشق ومن قيادتها … .

 وتعني أيضاً أن الحلقات القادمة من مسلسل العار الذي أخرجه برنارد ليفي وانتجه حمد القطري ولعب فيه مشعل أحد أدوار البطولة ، سوف تشهد بيعاً إضافياً للكثير من المكتسبات في سوق النخاسة الصهيوأعرابي ووأد مفهوم المقاومة ومصطلح الدولة الفلسطينية أو القضية الفلسطينية وتبني مخلوق مشوه إبتدعته قمة العار الأخيرة في دوحة حمد يدعى ” السلام مع إسرائيل ” وترسيخ وشرعنة هذا المصطلح ورعايته وتحويله إلى إتفاق سلام مذل بالشروط الإسرائيلية تنجزه حماس بالإتفاق مع فتح أبو مازن أو بدونه ، برعاية أعرابية ومباركة غربية واسلاموية ، لقد كانت أولى بوادر شرعنة هذا التوجه هي الفتاوى الحمساوية التي تحاول حماس من خلالها  فرض نفسها مرجعاً أساسياً ووحيداً للقرار السياسي والعسكري عبر النهج الديني التشريعي ، ومثال ذلك فتوى حماس التي تحرم العمليات الفدائية ” الجهادية ” ضد العدو الإسرائيلي فيما تتحول الهجمات الإرهابية في سورية في نظر حماس واعراب البادية وبعض ” رجالات ” الدين الإسلامي إلى عمليات جهادية ثورجية !! … .

حماس الجديدة تقدم اليوم فصلاً من الجحود غير المسبوق لسوريا .. لدماء أطفالها و شهدائها ودموع نسائها وغصات القهر في صدور ابنائها تماماً كما تخون البندقية السورية التي قدمت لها وتغدر برصاص ابطال هذا الجيش لترد خدماته الجليلة رصاصاً في صدور أبنائه عبر ميليشياتها التي انضمت بيدقاً في الحرب المستعرة على سوريا ، وما آخر الأنباء التي اوردتها صحيفة التايمز عن تدريب الجناح العسكري لمليشيات ” الجيش الحر ” سوى غيضٌ من فيضان الولوج والولوغ والغرق الحمساوي في بحر الدماء السورية ، وحماس تتنكر قبل هذا وذاك لنضالات شهداء غزة وصواريخ قسامها ورغيف خبز ابنائها وابنيتها العتيقة الفقيرة وأسقفها التوتيائية واسمها وتاريخها وماضيها ومستقبلها … .

 إنه خيار تحويل غزة إلى دنشواي يجلد أهلها خالد الهلباوي أو مستر إتش الحمساوي الذي لا يختلف في شيء عن هلباوي حادثة دنشواي المصرية الذي سلم رقاب المصريين لحبال مشانق الإحتلال الإنكليزي … جلاد غزة … مشعل الخيانة . إن خالد الهلباوي يعلن أخيراً عبر تموضعه الجديد حرقه لصفحات نضال الحركة المقاومة بمشعله المشبع بغازات حمد ونفطه ، المشعل المبارك قرضاوياً والمدعوم غربياً وإسرائيلياً ، لينال وسام إستحقاق من الدرجة البعيرية تكريماً لجهوده التآمرية على سوريا وقيادتها ، وينال صك براءة مدمغ بنجمة داؤود عن ما سبق وما سيأتي من خياناته للقضية الفلسطينية وجحوده لدعم حلفائها ومحتضنيها . أين سيجد حمد مشعلاً كمشعل يحرق به ما تبقى من مقاومة فلسطينية ويشعل من خلاله المخيمات الفلسطينية تحريضاً على الجيش السوري والقيادة السورية والرئيس الأسد شخصياً ؟؟ … .

رغم كل محاولات تلميع صورة حماس وقادتها عبر تصريحاتٍ متفرقة كالتي ادلى بها أسامة حمدان أخيراً لتشذيب موقف حماس وتسويق فهم خاص لتموضعها الجديد و ” حيادتها ” ، إلا أن الخيانة هي تماماً كشمس الحقيقة ..  كألهبة النار .. وقذائف البراكين .. تحس بها العين حتى لو كانت مغمضة لأنها تستشعر وهجها ، ولأن لهيب نار الخيانة تحرق ” خلايا ” الضمير والوجدان وترصدها العقول كما الأقمار الصناعية … .

سيريان تلغراف | نمير سعد

(المقالة تعبر عن رأي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)

Exit mobile version