ماذا يمكن أن نتوقع صدوره مما بات يعرف بخيمة الدول العربية لا جامعة الدول العربية لأن المؤسسة التي يهيمن عليها البدوي الصغير حمد بن خليفة امير دويلة قطر المجهرية ليطبق عليها قوانين بدوية ما عادت الا خيمة وان استبدلت النار بالمصابيح والقماش بالجدار, فتقليد معاذ الخطيب مقعد سوريا في الجامعة وتحويل قضية فلسطين الى قضية سلام مع “اسرائيل” لا أعتقد أنها من مواثيق ما يسمى بـ”الجامعة العربية” فهذه المؤسسة المترهلة والهزيلة وهذا المسرح العربي التقليدي الموسمي الذي ما أنتجت جعجعته إلا خطابات يكاد من يسمعها يشعر أن العرب هم عرابو الديمقراطية وحقوق الانسان وهم الذين قادوا ثورات التكنلوجيا وصدروها للعالم كله وليس هناك عصابة تحتل جزء من أرضهم المغتصبة في فلسطين تسمى “اسرائيل” قد اركعتهم وحكمتهم بالذل والعار منذ العام 1948 الى الآن وهي السبب في أغلب مآسيهم في حين لا تمتلك هذه الحفنة عُشر من نفط العرب وشجاعتهم وغيرتهم! التي ينبغي أن تكون حاظرة في أعمالهم لا في اقوالهم واشعارهم وخطاباتهم فقط .
فقد أثبتت أنها خيمة حين خرق فيها البروفيسور حمد ميثاق الجامعة يوم أمس بتقليده شيخ الجامع المتطرف معاذ الخطيب مقعد سوريا لسبب لا يخفى على أحد حيث لا يمكن أن يمثل الدولة ويحل محلها رسميا تيار او حزب سياسي معارض مادامت الدولة قائمة وموجودة مع العلم أن هذه الخطوة حسب محللين قد تكون جاءت ارضاءا للأخير بعدما اعلن قبل يوم من القمة التي اجريت يوم أمس في العاصمة الاسرائيلية عفوا العاصمة القطرية الدوحة استقالته من رئاسة ما يسمى بـ”الائتلاف الوطني السوري” ولكن يبدو أن الأجور جاءت متأخرة وهذا التأخير كاد يدفع به أن يكون على وشك الانقلاب على فكرة المعارضة بشكل كامل وهو ما كان واضحا في الكلمة المثيرة والغريبة التي القاها في يوم تنصيب ما سمي بـ”رئيس الحكومة المؤقتة” غسان هيتو حيث شن هجوما عنيفا على المسلحين المتطرفين وبالخصوص من غير السوريين ولمح بشكل لا يخفى على عاقل لدور قطر حيث قال أن هناك دولا تدعم المتطرفين بالمال والسلاح وترسلهم الى سوريا لكي تتخلص منهم , ولكن الذي شاهدناه في القمة معاذا آخر فظهر متحمسا وعاد الى لا رشده وتكلم بلهجة عنيفة مبررا فيها التطرف بانه “نشأ بسبب الظلم”! , وطلب تدخلا للناتو بنشر صواريخ باتريوت في الشمال السوري لخلق منطقة عازلة جوية لـ”تأمين عودة المهجرين”!(وهذا ليس بغريب طبعا فالمختص بامور الحيض والنفاس بالتأكيد لن يجيد العمل السياسي) فهنا يظهر أن أميره ضرب عصفورين بحجر واحد فقد نجح بارجاعه للائتلاف وهو المكسب باعتبار أن للخطيب حاضنة مؤثرة في سوريا لا يراد لها أن تتبعثر, وإرضائه برئاسة وفد سوريا بدلا عن الحكومة السورية في القمة العربية, وكذلك حين ظهر حمد بابتسامة في اللحظة التي شغل فيها الخطيب مقعد سوريا في الجامعة لا يمكن أن تفسر إلا بابتسامة من يشعر أنه حقق انجازا يغطي به فشله على الأرض في سوريا كما يقول البعض.
كل هذا المجال الذي سُمح به للصغار بلعب دور الكبار يعني أن هذه المؤسسة فعلا كما يصفها الرئيس بشار الأسد هي “انعكاس لحالة الانحطاط العربي” ,فقد وصل الانحطاط الى مرحلة أصبحت فيها الجامعة خيمة من خيام مشايخ النفط .
نعم كيف لا تكون خيمة وفيها يتحدث حمد وينظّر ويدعو الى تسليم السلطة سلميا في سوريا وهو المنقلب على حكم وسلطة أبيه ؟! والأدهى من ذلك أنك اذا ما سألت قطريا أو خليجيا يحكمه احد كلاب الصيد الأمريكي من مشايخ البترو_دولار عن كيفية انتقال السلطة في بلاده لن يجيبك بشي لأنه قد لا يكون هذا الموضوع محل نقاش في دول الخليج أصلا!!.
كيف لا تكون خيمة وفيها يتحدث حمد عن الديمقراطية وحقوق الأنسان وهو الذي حكم بالسجن المؤبد على شاعر انتقده بقصيدة ولم يحمل سلاحا ولا فكّر بانقلاب على الدولة؟!
كيف لا تكون خيمة وأنت ترى فيها ملك البحرين ملكا شرعيا للبلاد يجلس ممثلا لكل شعبه وكأن البحرين لا يوجد فيها أكثر من نصف الشعب يتظاهر يوميا ويطالب بتغيير أو إصلاح النظام؟! والنظام يقمعه وتساعده في ذلك أمريكا ودول الخليج بواسطة إرسالهم ما يسمى بـ”درع الجزيرة” الذي دخل ليساند قوى الأمن البحريني ضد هذا الحراك السلمي والعقلاني باعتراف القاصي والداني حيث يصفه هنري كيسنجر “إن الحراك الشعبي في البحرين يسير في الاتجاه الصحيح ” وقد سببت سلمية هذا الحراك إحراجا لسلطة البحرين لأنها لا تجد حجة تقمع فيها هذا الحراك.
كيف لا تكون خيمة وقد حكمتها المِنح التي تنثرها قطر هنا وهناك؟! وهذا بعينه حكم الخيمة حيث يُطعم هذا ويُكسى ذاك بأسلوب بدوي ان دل على شي فأنه يدل على مدى هزلية المنظومة الأخلاقية العربية والإسلامية ونكران المزيج العربي والاسلامي والحديث الذي يمكن أن ينتج مجتمع بمستوى عالي من الرقي والتقدم وخالي من النفاق السياسي.
اذاً ما هي المعايير التي تقاس فيها الأمور عند هؤلاء ؟ الجواب واضح فالمعايير قبلية بامتياز ومازال أبو جهل يحكم شبه الجزيرة العربية وهو مستعد للتضحية بكل ما هو عربي و إسلامي و أخلاقي يخص شعوب هذه المنطقة من أجل زعامته .
السؤال المهم والأهم والوحيد هو : ما الحل؟ صحيح أنه يحتاج الى وعي ونضوج وخبرة وممارسة وبالتالي وقت ولكنه يتمثل ويتوجب أن يكون بأخذ القرار والتصميم على أن من يمتلك زمام الأمور والقيادة في العالم العربي والإسلامي هي الشعوب والشعوب فقط, لأنها هي التي تستطيع أن تفرض أمرا واقعا حتى على الدول الكبرى فالدماء الطاهرة والنيات الصادقة وبالتخطيط والعمل والأخذ بالأسباب يمكن أن تصنع المعجزات وتخلق حكما له مزاج ينسجم مع طبيعة شعوب هذه المنطقة , فمن المضحك المبكي أن تجد أن الاستقرار الأمني أصبح حلما للشعوب العربية وهي التي تمتلك كل المقومات من الثروة حيث أغلبها نفطية ومن العقول والحس الوطني العالي والغيرة على ترابها , ناهيك عن الرفاهية واستقلالية القرار السياسي حتى أصبح الكلام في بلداننا عن هذه الأشياء كأنه كلام عن الديناصورات!.
سيريان تلغراف | هشام الشروفي
(المقالة تعبر عن رأي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)