Site icon سيريان تلغراف

حظيرة أصحاب اللحية والعمامة .. وقمة الحضيض والقمامة .. بقلم نمير سعد

ماذا يقول صديقنا التاريخ إن نحن توجهنا إليه اليوم وطلبنا أن يلخص المشهد بكلمة أو بضع كلمات ، ماذا تكون النتيجة ؟ لا شك أنه سيرتمي متعباً منهكاً على أريكة الواقع ويغمض عينيه خجلاً من تفاصيل قبحه وقذارته ، وستنشط ذاكرته في إستحضار تفاصيل مشاهد فصل العار على الأرض السورية من كتابه ويحدثنا عن بعض ما تواجهه عيناه من خزيٍ ويخبرنا تفاصيل الحكاية إن سألناه ورجوناه ألا يذهب بعيداً عن المكان وأن يثبت أقدامه في سوريا وحولها وتوسلنا إليه ألا ينسى قمة العار الأعرابي إن هو أراد تلاوة بعض الآيات من الواقع ، كأني أراه يستوقفنا ليقول : إسمعوني أيها البشر إن كان لديكم بعد وقت لسماع الحقيقة ، فالحديث طويل لا يعترف بالإختصار، لكم أن تعلموا أن كل الحكايا يمكن أن تختصر إلاها .. سوريا ، وكل المشاهد يمكن أن نوجز في وصفها عدا المشهد  السوري  وسيتابع مردفاً .. .

كم أشعر اليوم يا أصدقاء أن الحق حزينٌ مكتئب وكم هي الحقيقة مفجوعةٌ ومكلومة ، فسوريا تعيش أياماً لا مكان فيها للحق ولا وجود فيها للحقيقة . كم أشعر أن العدالة خجلى مطأطأة الرأس خفيضة الجبين من عار الظلم الواقع على سوريا ، وكم أشعر أن الإنسانية تبتلع في رحمها اليوم نطفةً نجسة بعضها كفرٌ وبعضها عهرٌ وجميعها .. خيانة . كنا نصف سابقاً فريقاً أعرابياً بعينه بأن أصحابه من رعاة الإبل والبعير وأنجاس البادية و خلان البغال والحمير ، لكننا اليوم مجبرون أن نقوم بتوسيع الدائرة لتضم باقي القطيع ولتحتضن الحظيرة الأعرابية أصحاب الدشاديش والغترات جنباً إلى جنب مع ” قوادي الثورات الربيعية ” في ليبيا ومصر وتونس ، وباقي الأمعات كعبدلله الأردني ومحمد السادس المغربي وباقي أعضاء الفريق الذي يحضر قمة القمامة لبيع صوته على هذا القرار أو ذاك غير عابئ إلا بما سيحمله في حقيبته لدى عودته إلى حظيرته البعيدة أو القريبة عن حظيرة حمد ، ذاك الفريق الذي يشترى ويباع في سوق النخاسة البدوية وبورصة العمالة الخليجية ،  فليس الغنوشي بأفضل حال من آل الصباح ولا هو مرسي أشرف من أنجاس آل سلول وليس زعماء السودان وجيبوتي وساحل العاج واليمن أرفع قدراً من كل من يعمل في خدمه زوج موزة وطبلها أو في بلاط خيال المآتة الآل سلولي … .

و اما عمن لم يبصم بحافره على القرار فأقول .. لا ينفع مع هكذا قرار تحفظٌ ولا نأيٌ للنفس ، فإما معنا وإما ضدنا  ” كما قال جورج بوش الإبن بعد أحداث الحادي عشر من أيلول ” . كانت فرصة لتسجيل موقف مشرف ، لكن الشرف كان جد بعيد عن الحظيرة . ما استوقفني هنا  حرص الرئيس الجزائري بوتفليقة على ” النأي بنفسه ” عن عار المشاركة الشخصية في القمة فيما تحفظ من نابه بالتنسيق معه بكل تأكيد ، لكن سليمان حرص على الحضور إرضاءً لأصحاب العباءات البدوية ، سليمان الذي تمنينا اليوم لو اعطانا إشارةً على بعض رجولةٍ تسري في شرايينه لكن الواقع للأسف أثبت أن للرجولة أهلها حقاً والواضح أن لا قرابه تربطه بأحدهم أو صلة دم ، وهو الذي حرص على التذلف والممالقة مستخدماً مصطلح النأي بالنفس الذي هو في العنوان لكل لبنان فيما للواقع غير كلام ، فبعض لبنان ضالعٌ حتى النخاع في حفلات طعن الجسد السوري وهدر دماء ابنائه ، لن تأتيك يا سليمان لا في الدنيا ولا في الآخرة فرصةٌ مشابهة لإثبات بعض الرجولة كفرصة اليوم . وأما العراق فله ولقيادته غير حكايا ، فمن يعرف يعرف .. ومن لا يعرف قد يقول أن العراق قد تحفظ وحسب … .

نحن اليوم أمام صفحتين قذرتين الأولى خط عليها الأمريكي تعاليم هرتزل وتفاصيل أحلامه وخططه للمنطقة ، وأقسم أوباما أن يكون لها مخلصاً ، وأن يصارع المستحيل ويعاند القدر ويجابه التاريخ الذي كان ولا زال أشهر صناعه من السوريين . وأما الصفحة الثانية فهي مملوكة لرعاة البادية  مغمسة بالدم ومنقوعة بالنفط ومشبعة بالغاز .. كتب فوقها على الجهتين ،، كلمة واحدة تختصر عشرات المفردات .. إنه العار ولا شيء سوى العار ، العار الذي يشمل النذالة والخيانة والعمالة و الدونية والإنبطاح ولعق المؤخرات الأطلسية و الإنقياد لمشيئة بني صهيون . عار الأعراب أيها السادة ، العار الذي فاق كل عار ، عارهم اليوم يفقأ العيون ويصفع الوجوه ، ينحني أمام تفوقه شنيع الأفعال وشائن الأقوال وقاتم الأحداث … .

أي كائنٍ أنت يا معاذ وأي مخلوقٍ يصم الجنسية السورية بالعار أنت . صادفني أحد السوريين البسطاء جداً وقال وهو غير المؤيد ولا المعارض : ” لو كنت مكانك يا معاذ ما جلست على ذاك الكرسي يداعب ناظري علم الإنتداب ولو رموا بين قدمي كنوز الأرض ” ، معه كل الحق هذا السوري فكنوز الأرض لن تساعد على محو هذه النقيصة التي فاقت كل نقائصه ، ما قرأته أنا في وجه معاذ في لحظات صمته واصغائه لثغاء وعواء باقي أفراد القطيع أنه كان يشعر تماماً أنه يرتكب حماقة وأنه كان ولا يزال وسيبقى دمية يتم إجلاسها حيث أراد اصحابها ، قرأت في وجهه أنه يعلم أن مقامه لا يرتقي إلى مستوى القادة السوريين الشرفاء ، ليس لأنه ليس مفوهاً أو متحدثاً أو ” مثقفاً ” بل لأنه ارتضى أن يجلسه حمد حيث أراد حمد وأسياد حمد ، وارتضى أن يتدخل رئيس وزراء حمد البعيري الملامح في فعله وقوله ورأيه وموقفه وتموضعه ، وأن يرسم  له حمد حدود حظيرته ومرعاه .. هنالك حيث جلس معاذ ، لطالما لقن الأسد الراحل كما الأسد البشار الامعات الأعرابية الدروس وحاضرا فيهم فيما لا يفهموه أو يفقهوه لفارق مستوى الفهم ولإختلاف الأبعاد فيما خص البصيرة وإختلاف نقاء دمائهما عن دمائهم النجسة … .

سمعنا جميعنا عن بيوت الدعارة والبغاء التي تنتشر في أنحاء الكون ، سمعنا عن شارع مونو البيروتي الذي بناه الحريري الأب بأموال اللبنانين وعرقهم ورعاه ولا زال ولده الناشط التويتري سعدو بذات الأموال ، وسمعنا عن أكواخ الدعارة في دلهي القديمة التي ما أن يدخلها زبون حتى تقفل الداعرة بابها حياءً ، وسمعنا عن شوارع الأضواء الحمر المنتشرة في العديد من العواصم الغربية وأشهرها أمستردام ، وهناك أيضاً تسدل المومس ستائر محلها بمجرد ولوج من أتاها لشراء المتعة . سمعنا الكثير ” وربما شاهدنا ” عن أفلام البورنو لكننا لم نسمع يوماً عن فيلم بورنو يطول لمدة عامين ويكون العرض فيه أحياناً على الهواء مباشرةً وعلى عينك يا مواطن  كما اليوم في حفل الأعراب الداعر في الدوحة . أجل أيها السادة لم يكن ما جرى بعيداً عما وصفت فهناك دعارة وهنا دعارة ، لكن مشاهد اليوم كانت أكثر قبحاً وقذارةً فقد كان العهر جماعياً وكان أكثره لواطاً وكان أشهر من لاط زوج موزة وأشهر من ليط به معاذ …. .

لم استغرب أنا القرار الأعرابي الذي كان مقروءًا لي كما لغيري ، وكنت قد كتبت عنه منذ تبني حظيرة الدواب للإقتراح الصهيوقطري بإعطاء مقعد سوريا للخشخيشة ” أي للإئتلاف المعارض ” ، وكتبت حينها أن الأمر سوف يتم بالسرعة القصوى عبر انشاء تلك الهيئة التنفيذية الخنفشارية التي اعطوا رئاستها لهيتو ، والتي فاخر حارس وخادم الحظيره نبيل الأعرابي بأنها شرط إتمام الصفقة العار ، تم الأمر اذاً بالسرعة القصوى استباقاً لقمة القمامة في الدوحة . بدا القطيع اليوم كما الأرحام النجسة التي تنجب ثمرة دعارة أصحابها وزناهم ، فما يزرعه ” الذكر ” الإسرائيلي أو الأميركي في أرحام عقولها وضمائرها تنطق به مولوداً مخزياً ونجساً كما هي . إدارة اوباما تتجه اليوم كما هو واضح للتصعيد إلى أبعد الحدود واقصاها ، تعطي الأوامر للعبيد الأذلاء والأجراء والأدوات فيصعدون بدورهم ، وما قرار إعطاء مقعد سوريا للإئتلاف والإقرار بحق كل الدول الأعرابية بتسليح المعارض سوى بعضٌ من هذا التصعيد .. .

 كنت قد قرأت اليوم جزءًا من مقال لكاتبٍ مصري يقول فيه أن مرسي المصري يرد اليوم لسوريا الصاع صاعين بتصويته على قرار عزل قيادتها ، فسوريا هي التي تزعمت وقادت قرار إخراج مصر من الجامعة وكانت عراب فكرة المقاطعة العربية لمصر بعد إتفاقية كامب ديفيد ، ورداً عليه أقول .. شتان بين من يحاول إقصاء العميل من بيته وبين من يحتل بيت الأصيل ، وأقول : كان الأولى بالراحل الأسد أن ينسحب ويسحب معه سوريا من تلك المزبلة ، لكنه كان كما الأسد الإبن محارباً لأجلها ، معانداً في سبيلها القدر والحقائق العلمية التي أثبت التاريخ ثوابتها وصوابيتها ” لا أمل يرتجى من جامعة الأعراب ” ، كان الأسد الراحل كما الأسد البشار مقاوماً في سبيل رفعتها وإصلاحها ورأب صدوعها ورتق ثغرات تكوينها وهيكلها ولم شمل أشلائها ، لكن حال جامعة الأعراب كان ولا زال ينطبق عليه المثل القائل .. ” فالج .. لا تعالج  ” … .

 هنيئاً لك يا شام وسام فخرك ، فأنت اليوم أطهر وأنت اليوم أنقى وأنت اليوم أبقى وأنت اليوم أروع كلمات القصيدة . ما يهمنا هنا في سوريا أن شامنا ستبقى شمماً يعانق شمم ،، لن يسقط علمها عن سواريها … ولن يعانق عرينها غير أبطالها . يا شام نقول لهم .. نعدكم أن العرين لن تصونه غير الأسود يا أمة البغال .. يا من أدمنت رقابكم ورؤوسكم دوس النعال … محالٌ أن تنالوا من عزيمتها .. محال … محالٌ أن تهزموا شعباً عند قدميه .. سقط المحال ..

سيريان تلغراف | نمير سعد

(المقالة تعبر عن رأي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)

Exit mobile version