لم يكن يعلم أنصار جوزيف ستالين، حين واكبوه إلى مثواه الأخير في العام 1953، أن هذا الطوفان البشري سيفيض في الجهة الأخرى من القارة ، ليمتد على كيلومترات ويلقي التحية الأخيرة على حامل الراية البوليفارية طوال عقد ونصف العقد.
نحو نعش هوغو تشافيز، تدفقت حشود «التشافيين» إلى الساحات المحيطة بالأكاديمية العسكرية في العاصمة الفنزويلية كراكاس، حيث نقل جثمانه، لإلقاء نظرة أخيرة على زعيم تمتع بجاذبية شعبية كبيرة، وغيّر وجه السياسة في أميركا الجنوبية، بعدما طاف به أنصاره في شوارع العاصمة.
وشيعت فنزويلا ، في جنازة مهيبة، تشافيز بحضور رؤساء نحو 30 دولة وحكومة، بينهم الرئيس الكوبي راوول كاسترو، والرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد، في غياب اي حضور للرؤساء او القادة العرب.
وفي بداية مراسم التشييع، عزفت «أوركسترا سيمون بوليفار السمفونية» النشيد الجمهوري الفنزويلي، ووضع نعش تشافيز المغطى بعلم البلاد في وسط قاعة الشرف في الأكاديمية العسكرية التي اكتظت بكبار الشخصيات والمسؤولين العسكريين.
ووضع نائب الرئيس نيكولاس مادورو نموذجاً للسيف الذهبي لمحرر أميركا الجنوبية سيمون بوليفار، على نعش تشافيز.
وأمام الحضور ألقى مادورو كلمة أخيرة لتشافيز، متعهداً بأن تبقى فنزويلا تحت قيادة الرئيس الراحل وعلى خطاه، مضيفاً «سنحترم الدستور الذي وضعه تشافيز وأقره الشعب». كما أكد أن «الاشتراكية والاستقلال الوطني مبادئ ستظل فنزويلا تسير عليها”.
ووجه مادورو تحية ولاء «تتجاوز الموت» إلى «الرئيس القائد»، مشدداً على مواصلة «المعركة من أجل الفقراء والتربية وعالم أكثر عدالة»، وهتف «النضال مستمر، يحيا تشافيز، يحيا تشافيز، دائماً حتى النصر أيها القائد”.
وبعدها ، دعي رؤساء الدول والحكومات إلى توديع الجثمان في مجموعات صغيرة متتالية.
وخصصت المجموعة الأولى لأقرب حلفائه في أميركا اللاتينية، ومن بينهم راوول كاسترو، والرئيس البوليفي إيفو موراليس، والإكوادوري رافاييل كوريا.
ثم جاء دور الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشنكو، والرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد الذي بدا متأثراً، وكأنه يتمتم بشفتيه الفاتحة، فيما كانت حشود المعزين قد وقفت تحية وصفقت تصفيقاً حاراً له، بينما انحنى مرتين ليقبل النعش.
وكان نجاد قدم، لدى وصوله إلى كاراكاس ، «أعمق التعازي للشعب الفنزويلي ولكل شعوب العالم، وخصوصاً شعوب أميركا اللاتينية»، مؤكداً أن «الرئيس تشافيز كان رمزاً لكل الباحثين عن العدالة والحب والسلام في العالم».
في المقابل، عادت رئيسة البرازيل ديلما روسيف، التي ألقت تحية الوداع على تشافيز أمس الأول، ونظيرتها الأرجنتينية كريستينا كيشنير إلى بلديهما قبل مراسم التشييع.
واكتفت الولايات المتحدة، التي كانت هدفاً مفضلاً لانتقادات تشافيز اللاذعة، وكذلك الدول الأوروبية، بإرسال وفود من الصف الثاني، باستثناء إسبانيا التي أرسلت، التزاماً بقواعد البروتوكول، ولي العهد الأمير فيليب.
ومع بدء مراسم التشييع، أعلن نواب «طاولة الوحدة الديموقراطية»، الائتلاف الرئيسي للمعارضة الفنزويلية، أنهم لن يحضروا مراسم أداء نيكولاس مادورو لليمين الدستورية كرئيس بالوكالة، والتي يعتبرونها «انتهاكاً» للدستور.
وكان من المفترض أن يؤدي مادورو، الذي كان نائباً لتشافيز واختاره لخلافته، اليمين ليصبح رئيساً بالوكالة مساء أمس، على أن يدعو إلى انتخابات رئاسية مبكرة في غضون 30 يوماً، حيث اعتبرت المحكمة العليا الفنزويلية أن هناك أساساً قانونياً لأداء اليمين كرئيس بالوكالة والترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة.
سيريان تلغراف