ليست المرة الأول التي تلجأ فيه كلاب الثورة الوهابية إلى عض أذنابها ، لكن ما حصل صباح أمس في حلب على مستوى هذا النوع من العض الكلبي المسعور ، يستحق التوقف .
فقد أقدم أحد القادة الميدانيين لعصابة “النصرة” ، المدعو “أبو حفص”، والعشرات من مسلحيه الذين أقلتهم ست سيارات “حربية” ، على مداهمة مقر ما يسمى “مجلس القضاء الموحد” ، وهو تجمع من الزعران والأوباش الذين نصبوا أنفسهم (أو نصبهم المسلحون) قضاة على البشر في المدينة ليقيموا محاكم تفتيش إجرامية .
وقد عمد المهاجمون إلى اعتقال “القضاة” منتحلي الصفة واقتيادهم تحت وابل من اللبط والرفس والعض والضرب بأعقاب البنادق إلى مقر رئاسة أركان “النصرة” الكائن في مجمّع “مشفى الأطفال التخصصي” و “مشفى العيون” المحتلين في منطقة قاضي عسكر .
وإذ لم يعرف عدد المعتقلين ، قالت مصادر مطلعة إن العدد يتراوح ما بين 5 إلى 7 من الزعران الذين نصبوا أنفسهم قضاة ، علما بأن بعضهم كان من مافيات الجسم القضائي والحقوقي (محامين) قبل الثورة الوهابية .
كما وجرى اعتقال حرس المبنى من مسلحي “الجيش السوري ـ الإسرائيلي الحر” ، أما سبب حفلة السعار الكلبي هذه فهو الصراع على المبنى الذي يشغله هؤلاء الزعران ، والكائن في منطقة “المواصلات” بحي “الشعار” ، علما بأنه مبنى محتل من قبلهم وتعود ملكيته إلى الدولة . أي أنهم يعضون بعضهم على اقتسام المسروقات !
يشار إلى أن عصابات الثورة الوهابية كانت أنشأت ، على طريقة أمراء الحرب وقطاع الطرق وأصحاب الدكاكين ، ثلاثة دكاكين حقوقية هي “مجلس القضاء الموحد” و “مجلس القضاء المستقل” و “محامو حلب الأحرار” . وبحسب مصادر مطلعة فإن أصحاب الدكاكين الثلاثة كانوا يتفاوضون منذ أيام من أجل توحيدها في “سوبر ماركت قضائي” واحد !
يشار أيضا إلى أن المخابرات الفرنسية لعبت دورا أساسيا في تشكيل وتمويل هذه “المجالس القضائية” وغيرها من المجالس “المدنية” الأخرى في حلب وريفها وفي ريف إدلب . وقد وضعت هذه الخطة من قبل خبراء وزارة الخارجية الفرنسية بهدف إنشاء هياكل مدنية بديلة من هياكل الدولة القائمة كجزء من عملية شاملة تهدف إلى تفكيك الدولة السورية ، أو على الأقل احتلال سوريا من وراء القناع في حال سقوط النظام .
وقد استفاد هؤلاء الخبراء من أسلافهم في الوزارة إبان الحقبة الكولونيالية في سوريا و الجزائر وفيتنام ، ومن التجربة الإسرائيلية في جنوب لبنان و الضفة الغربية خلال الثمانينات ، والتي عرفت بـ”روابط القرى” التي داسها الفلسطينيون واللبنانيون لاحقا بأقدامهم قبل أن يتبولوا عليها وعلى من عمل فيها من العملاء والمرتزقة .
سيريان تلغراف