المليار ونصف المليار دولار التي “جمعتها” الأمم المتحدة من “مؤتمر المانحين” في الكويت لم يصل منها فلس واحد إلى المستحقين ، فهل نسأل عنها “جبهة النصرة” !؟
في السادس من الشهر الجاري ، وتعليقا على قرار “القمة الدولية في الكويت لجمع مساعدات للاجئين السوريين” ، التي أعلنت عن جمع مليار ونصف المليا دولار ( منها 600 مليون من الإمارات والسعودية) ، قلنا ما حرفيته إن هذه الأموال لن يصل منها شيء إلى اللاجئين السوريين ، واشرنا إلى أنها ستذهب للعصابات الوهابية من أجل شراء السلاح والاستمرار في حملة السعودية وقطر لدمير ما تبقى من سوريا . ودعمنا رأينا بمعلومات عن أن السعودية والإمارات قررتا توزيع الأموال بمعرفتهما ودون إشراف الأمم المتحدة !
اليوم ، وبعد أسبوعين على ذلك ، تخرج الأمم المتحدة لتؤكد ما ذهبنا إليه ، وإن لم تتحدثت بالطبع عن أن الأموال ذهبت للسلاح والمسلحين ، لكنها قالت بالفم الملآن : لم يصل وكالات الأمم المتحدة المعنية بالأمر ولا فلس واحد من أصل المليار ونصف المليار دولار !
أندرو هاربر ، ممثل وكالة غوث اللاجئين في العاصمة الأردنية ، أبلغ وكالة “أسوششيتد برس” بأن الأموال التي خصصها مؤتمر “قمة الكويت” لم يصل منها شيء ! وأضاف في اتصال معه من جنيف “إن النقص في الأموال يجعل من الصعب للغاية توفير المأوى والغذاء والملابس والبطانيات لآلاف السوريين الذين يعبرون يوميا إلى الأردن” .
لم يكن هاربر المسؤول الأممي الوحيد الذي فضح القصة . ففي نيويورك قال الناطق الرسمي للأمين العام ، مارتن نيسيركي ، لمراسل “الأخبار” نزار عبود عندما سأله عن مصير الأموال ، بارتباك «سؤالك مهم جداً . كثيراً ما قيل إن مؤتمر التبرعات هذا كان في غاية الأهمية . المبالغ التي تم التعهد بها كانت كبيرة جداً . بل إنّ المبالغ التي طلبت تمت تلبيتها ، وفوق ذلك تم التعهد بأكثر مما طلب . لكن العبرة بالطبع هي في ترجمة التعهدات إلى مبالغ نقدية . أعلم أن زملائي في مكتب الشؤون الإنسانية يتابعون ذلك ، وآمل أن يساعدوك في التفاصيل ، إذ ليس لديّ أي معلومات محددة” .
ولدى سؤاله عن صحة معلومات تحدثت عن أنّ السعودية والإمارات سحبتا تعهداتهما ، ردّ نيسيركي بأنه لا يملك إجابة عن ذلك . وقد حصلت «الأخبار» من مكتب تنسيق المساعدات الإنسانية التابع للأمم المتحدة (أوتشا) على قائمة بالدول المتبرعة ، ويستطاع عبرها فضح الدعاية الكاذبة التي روّجتها الأمم المتحدة ووسائل الإعلام العربية والغربية عن الكرم «الحاتمي» لدول الخليج النفطية ، وحتى لدول غربية تتباكى ليل نهار على السوريين المساكين . فحتى 11 شباط / فبراير، أيّ مساء الاثنين الماضي ، وصلت تعهدات الرياض إلى 78 مليون دولار ، وليس 300 مليون دولار كما روّج لها . وكم سدّد من هذا المبلغ العاجل لمنظمات الإغاثة مثل برنامج الغذاء العالمي ، ومنظمة الصحة العالمية ، واليونيسيف ، وغيرها من المنظمات الإنسانية بما فيها «الأونروا» المعنية بمساعدة اللاجئين الفلسطينيين ، الذين شردتهم الأزمة السورية ؟
وحسب تقرير «أوتشا» ، قدّمت الرياض مليونين ومئة وسبعة آلاف دولار (2.107 مليون دولار) فقط لا غير. هذا المبلغ دفع لمنظمة الصحة العالمية وليس للنازحين في مخيم الزعتري في الأردن ، أو للنازحين في لبنان . وفي معلومات من مصادر أممية موثوقة أنّ السعودية قالت مبرّرة تقليص المبلغ إلى 78 مليوناً ، إنها دفعت في السابق تبرعات ، ويبقى فارق الـ300 مليون مجرد 78 مليون دولار . متى تسدد المبلغ المتبقي ؟ لا أحد يستطيع تقدير ذلك ، لأنّه يحتاج إلى “مشيئة ملكية” .
البحرين زجّت اسمها بين الدول المحسنة ، وتعهدت بدفع مبلغ عشرين مليون دولار ، لكنها لم «تتصدّق» بدولار واحد منها حتى الساعة .
الإمارات العربية المتحدة كانت على رأس المتعهدين بالتبرع . من أصل 300 مليون دولار تبرعت حتى الآن بمبلغ 12 مليون دولار ، موزعة على النحو الآتي : مساعدات عينية من الهلال الأحمر الإماراتي بقيمة 200.381 ألف دولار للنازحين في مخيم اليرموك . هذه المساعدات كانت على شكل وقود وأغذية ، نقلت عبر مكتب الهلال الأحمر في الأردن . الشيء نفسه كرر وبالقيمة نفسها للنازحين الفلسطينيين من مخيم اليرموك ممن وصلوا إلى لبنان . ودفعت الإمارات خمسة ملايين دولار أخرى ، من أصل مبلغ 12 مليون دولار ، للنازحين السوريين الذين تضرروا من العاصفة الثلجية في الأردن . كذلك تم تقديم مبلغ 6.073 ملايين دولار للخيم والمساكن الجاهزة للنازحين في الأردن ، عبر مؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان بصكّ قدّم عبر سفارة الإمارات في عمّان .
الكويت تعهّدت بدفع 280 مليون دولار ، دفعت منها حتى الآن 20 مليوناً على النحو الآتي : مليونا دولار كأغذية عاجلة للمشردين السوريين داخل سوريا عبر برنامج الغذاء العالمي ، ومليون دولار لإيجاد مأوى لهم . المجموع ثلاثة ملايين دولار داخل سوريا . وهناك مبلغ عشرة ملايين دولار من ضمن مبلغ العشرين مليوناً دفعت إلى منظمات عديدة تحت بند «تخفيف المعاناة عن الشعب السوري» ، ولا يستطيع أحد معرفة كيف تُصرف ، بشراء مسكنات للصداع أم على الدعاية والإعلام ؟
بدورها، قطر لم تتعهد بشيء للسوريين في مؤتمر الكويت ! وبالطبع لم تساهم في أيّ من برامج مساعدات الأمم المتحدة ، بأيّ مبلغ حسب «أوتشا» .
فرنسا تعهدت بأقل من عشرة ملايين دولار ، لكنها لم تسدد شيئاً منها حتى الآن ، بينما لم تتعهد ألمانيا بشيء ، لكنها دفعت 5.3 ملايين دولار معظمها للنازحين السوريين في لبنان ولفلسطينيي مخيّم اليرموك النازحين ، أيضاً، إلى لبنان .
كندا، من جهتها ، تعهدت بالتبرع بـ25.2 مليون دولار ، ولم تدفع شيئاً منها بعد .
وفي المجموع العام لم يسدّد من المبلغ الإجمالي الموعود في مؤتمر الكويت سوى 350.847 مليون دولار . مع الإشارة إلى أنها لم تذهب عبر قنوات الأمم المتحدة ، وإنما عبر قنوات وزواريب جانبية ( جماعات الأخوان المسلمين والسلفيين وعصابات “المجلس الوطني” و”الائتلاف”) .
وهذا يعني أنه لا يمكن لأحد تأكيد وصولها إلى اللاجئين ، فالأرجح أنها وصلت لكلاب المعارضة الذين أصبح رائحة فسادهم تذكم الأنوف (هل نيستم الـ30 مليون دولار التي سرقها هيثم المالح وابنه وقاسمتهم عليها زوجة ابنه الأوكرانية !؟ وهل نسيتهم قصة الـ25 مليون دولار التي حولها مفتي الحيض والنفاس والعادة السرية معاذ الخطيب من المساعدات الأميركية إلى “جبهة النصرة” من وراء ظهر الجميع!؟)
بالمقابل ، لا تزال الصحف العربية والأجنبية تتحدث عن الكرم الخليجي الحاتمي في نقل المسلحين من شمال أفريقيا واليمن والسعودية والكويت والإمارات إلى سوريا عبر تركيا والأردن . فما زال هناك الكثير من الجسور والسدود والبنى التحتية التي تحتاج إلى تدمير ، والكثير من “أهل الذمة” الذين يحتاجون إلى الذبح على سنة الله ورسوله !
سيريان تلغراف