المتتبع لمسار ما سمي بالثورات العربيه و كما يحلو للبعض تسميتها بالربيع العربي وللعلم فإن هذه التسميه صناعة امريكيه سرعان ما انتشرت في مجتمعاتنا العربيه وبشكل خاص لدى قوانا السياسيه التى عجزت عن قيادة الشارع العربي اذ كانت حركة الجماهير اكبر من طاقتها وحجمها واسرع منها.
اما نحن استقبلنا الثورات بفرح شديد واغتباط كبير على امل ان يكون ربيعا زاهيا فيه ازهارا حمراء بعزم ثوري كبير، ونحن نرى الاف الشباب والشابات يقذفون انفسهم في لهيب معركة حامية الوطيس في شوراع تونس وميدان التحرير في مصر دفاعا عن انسانيتنا ولقمة عيشنا وحرية تفكيرنا وكرامة اوطاننا التى ديست بأقدام امريكيه من جهه،والعائلات الحاكمه من جهة اخرى مع انتشار الظلم والفساد بأبشع اشكاله وصوره، ولمقاومة التخلف والفقر والفاقه والبطاله كل ذلك دفع بالشباب بعد ان امتلىء الكأس واصبح الوضع لا يطاق خرجت المظاهرات العارمه لتقول للحكام كفى.
وعندما تحقق جزء من مطالبهم بإزاحة حكام تونس ومصر سرعان ما التفتت امريكا للسمات التى تميز بها الحراك الشبابي في تلك البلدان ويحمل في ثناياه اهداف سامية ونبيله سارعت الى تخليها عن عملائها، رؤساء تلك الدول اكان زين العابدين او حسني مبارك رغم انتقادات اسرائيل لها في سرعة تخليها عن حسني مبارك اذ تركته يواجه شعبه وحيدا وهكذا مصير العملاء.
وادركت امريكا كيفية التسلل الى تلك الثورات عن طريق عملائها من حكام دول الخليج ومعهم تركيا التى خدعتنا في اسطولها البحري الذى ارسل الى غزه وقتل فيه اتراك، الا انها كشفت عن وجهها القبيح.
لقد استخدمت هذه الدول حجة تقديم العون والمساعده، من مال الغاز والنفط الذى سخرته ضد المصالح العربيه، ولخدمة المصالح الأمريكيه، وكسب رضاها ورضى الغرب، وكرست نفسها ومقدراتها في خدمة الأهداف الغربيه في المنطقه، واستخدمت مال الغاز والنفط كسلاح في هذا الصراع القائم بين الشعوب العربيه من جهه وحكامها من جهة اخرى، فاختارت دول الخليج ان تكون في معسكر الغرب وامريكا معادية لأهدافنا الوطنيه العليا ومختلف مصالحنا القوميه
كما انها استخدمت السلاح فعمدت الى تسليح العصابات المجرمه في سوريا من جهه ولحماية الحكام الجدد في تونس ومصر من جهه اخرى،اذ يقال ان امير قطر دفع (250) مليون دولار لخالد مشعل لقاء ارسال مجموعات من غزه تساهم في اعمال التخريب على الثوره في مختلف الميادين في مصر،ثم غمرت ليبيا وسوريا بالسلاح اذ تمتلك العصابات المجرمه في سوريا سلاحا متطورا من صورايخ وغيرهل ، ومختلف انواع السلاح يورد للعصابات الإرهابيه عن طريق تركيا المسلمه وجماعة تيار المستقبل في لبنان فهم جزء من مشيخة السعوديه يبحثون عن الرضى مثلما تبحث مشيختهم عن رضى امريكا والغرب من جهة اخرى.
واستخدموا ايضا سلاح الإعلام ( الجزيره والعربيه ) ومهمته بث الشائعات المغرضه تحديدا في سوريا بهدف تقوية معنويات العصابات المتوحشه وبث الإحباط في صفوف الشعب والجيش السوري والصاق تهمة العمليات الإجراميه التى تقوم بها العصابات والصاقها بالجيش السوري للإساءة له ولسمعته وايضا من اجل استنزاف القوه العسكريه للجيش السوري وانهاك قواه وبعثرة صفوفه.
وحتى ينجح حكام قطر والسعوديه في اختراق الثوره بحثوا عن جهة منظمه وواسعة الإنتشار ولديها استعداد وجاهزيه للعمل معها بالأجره وليس بلا ثمن وتمتلك ايديولوجيه تمكنها من احتلال مكانة بين صفوف الشعب بلا منازع خاصه وان مختلف القوى السياسيه في تلك الدول ضعيفه اضافه الى انشغالها في صراعات داخليه لا تخدم تنظيماتهم ولا المصلحه الوطنيه العليا لشعبهم،فكانت حركات الإخوان المسلمين ضالتها التى اظهرت منذ لحظة سقوط الحكام في كل من تونس ومصر جاهزيتها للتعاون مع امريكا لقاء مساعدتها في استلام السلطه،من جهه وارسلت كل التطمينات التى تريدها امريكا من طمأنتها على امن اسرائيل وسلامتها وعدم مساسها لإتفاقات كامب ديفد من جهة اخرى،ولذلك طلبت امريكا من حكام قطر والسعوديه مد يد العون من مال وسلاح واعلام، لهذه الجهات التى ابدت استعداد للتساوق مع مشاريعها وحماية مصالحها في المنطقه وجاهزيتها لعدواة القوى الوطنيه يسارية كانت ام قوميه وليس هذا فحسب بل معاداة شعوبها ومصالحهم، وهم جاهزون لفتاوي تبرر سبب تعاونهم بل خيانتهم لشعوبهم وتعاونهم مع حكام الخليج وامريكا.
ومن المعلوم ان عناصر التيارات الإسلاميه نمت وترعرت على تكفير من هو غير اخونجي من جهه،ووجوب تطبيق القصاص فيه شرعا من جهة ثانيه، وذلك بقتله بدم بارد وبوحشية لم يسبق لها مثيل في التاريخ الإنساني حتى يضمن الجنه،ومن شاهد الطريقه التى قتل فيها القذافي سواء كنا معه او عليه مثلت الوجه القبيح والوحشي لهذه المجموعات الإرهابيه التى يدعمها حكام قطر والسعوديه، وبشكل خاص في سوريا من جز الرؤوس الى ارتكاب المذابح في التجمعات السكانيه كالجريمه التى ارتكبت بحق طلاب وطالبات جامعة حلب.
وفد اتضح من خلال التدخل الغربي تحت شعار حماية الشعب الليبي ان الحكام العرب وعلى رأسهم حكام قطر والسعوديه وما يسمى بالجامعة العربيه انهم كانوا الوسيله التى من خلالها مكنت امريكا ودول الغرب من استخدام مجلس الأمن لإتخاذ قرار التدخل العسكري بحجة حماية الشعب الليبي، والسبب معلوم ان ( ليبيا والعراق والسعوديه ) لديهم احتياطي نفطي يشكل ثلث الإحتياطي العالمي والسعوديه البلد الوحيد الذى يلعب دورا رئيسيا في تحديد اسعار النفط.
لهذا فالولايات المتحده وفرنسا لم يكن هدفهما من التدخل العسكري في ليبيا حماية الشعب الليبي بل حماية مصالحهما والسيطره على منابع النفط وسيطرة شركاتهما على هذه المنابع بهدف استنزافها،ولذلك اندفعت امريكا وفرنسا بحماسه شديده الى التدخل العسكري في ليبيا، وتكليف كل من قطر والسعوديه تمويل العصابات المسلحه ورعايتها،كما يتم تسليح العصابات المسلحه في سوريا عن طريق الحدود التركيه واللبنانيه،وبطبيعة الحال تركيا هي مورد السلاح ودافع المال قطر والسعوديه،وفي لبنان اتضح من هو ممول السلاح اتباع المشيخه السعوديه في تيار المستقبل.
ان تدخل حكام قطر والسعوديه في الثورات ودعمهم للعصابات المسلحه يستهدف اولا نشر الفوضى وافراغ الثورات من مضمونها بحرفها عن نهجها الثوري وربطها بالمخططات الأمريكيه الإسرائيليه في المنطقه واغراق البلد بحروب اهليه وعرقيه وطائفيه ومذهبيه بما يخدم اسرائيل في النهايه، ولأجل ذلك غمرت ليبيا بالسلاح الذى حتما سيهدد وحدتها الجغرافيه من جهه، ونسيجها الإجتماعي من جهة اخرى،اذ تنتشر اعمال القتل والنهب والسلب،وانعدام امكانية احياء الدوله او انتشار الأمن والأمان الشخصي والمجتمعي.
ان النعمة التى سخرها الله لخدمة دول الخليج من غاز ونفط اذ تبلغ العائدات السعوديه مع اوائل القرن الواحد والعشرين (200) مليار دولار، وتنتج السعوديه من النفط عائدات تفوق حاجاتها بسبب سياساتها النفطيه القائمه على اغراق السوق بالنفط لإرضاء حلفائها الغربين،فقد ابدت السعوديه استعدادها تغطية حاجة السوق من النفط في حرب الخليج الأولى التى شنها الحلفاء على العراق مما دفع العديد من الدول الدخول في التحالف بعد ان كانت خائفه من انقطاع النفط عنها ان شاركت في الحرب ضد العراق،كونها مستورده نفط العراق، وايضا استعدت لتغطية حاجة السوق من النفط في الحرب الثانيه التى شنتها امريكا وحلفائها الغربين على العراق، في الوقت الذى استخدمت امريكا القاعده العسكريه الأمريكيه ( العيديد) الموجوده في قطر لشن هجماتها على العراق وجيشها.ولا ننسى هنا ان دول الخليج هي التى مولت العراق في حربها ضد دولة ايران الإسلاميه.
ومن المعلوم ان السعوديه تقع تحت رحمة شركة ارامو الأمريكيه صاحبة الإمتياز في انتاج النفط والبحث عنه ( لأنها مسلوبة الإراده) وهي الأمر الناهي اذ انها تسيطر على كافة القطاعات الإقتصاديه،وتشكل قيادة الظل للسعوديه ولا تستطيع العائله الحاكمه في السعوديه اتخاذ اي قرار دون موافقة شركة ارامكو،اذ انها تدير (250) شركه،وتتعمد الشركة زيادة حجم انتاجها من النفط لزيادة حجم ارباحها من جهه واستنزاف نفط السعوديه من جهة ثانيه.
لقد حول ال سعود وزعماء الخليج نعمة الغاز والنفط الى نقمه يستخدمونها كسلاح في وجه شعوبهم وشعوب الدول الناميه ومن اجل لي ذراع الدول والحكومات في مجتمعنا العربي لصالح خدمة مصالح امريكا والغرب،ويفتخر حمد ابن خليفه شيخ دولة (قطر العظمىى ) بأن حكام تونس ومصر الجدد لا يستطيعون مقابلة اي مخلوق من زعماء العالم دون ان يستئذنوه،انهم لا يدفعون دولارا واحدا لأية جهه دون الحصول على ثمن فقد ابدا شيخ قطر استعداده لدفع رواتب موظفي السلطة الفلسطينيه ولمدة 10 سنوات وبراتب لا يقل عن (5000) شيكل اي ما يقرب 1350 دولار ثم تراجع عن استعداده السؤال لماذا تراجع،بالتأكيد لأنه لم يحصل على ما يريد من شروط سياسيه تستهدف لي ذراع الشعب الفلسطيني،بالموافقه على شروط نتنياهو في العمليه التفاوضيه او ربما عدم ذهاب السلطه الى محكمة الجنايات الدوليه والرضوخ الى شروط حماس في موضوع المصالحه.
ولا نظلم احدا من هؤلاء اذا قلنا بأنهم يدفعون مليارات الدولارات لعاهرات اوروبا وراقصاتها وعارضات الأزياء فيها في حين لا يدفعون دولارا واحدا للقدس ولا لأهلها، لقد دفع حمد ابن خليفه مبلغ 3 مليار دولار لحملة نتنياهو الإنتخابيه بإعتراف (تسيفي ليفني ) في حين لم يصل القدس منه دولارا واحدا.
في الختام فإن غاز ونفط دول الخليج يخدم حفنة من الناس في حين عشرات الألاف من شعبهم جائع وفقير،وقسم منه متسول.
وخلاصة القول ان غاز ونفط الخليج نقمة على شعوبنا العربيه وليس نعمه بفعل استخدامه السيء ضد مصالح الشعب العربي،وشعب تلك الدول،ولا يستخدم الا لمصلحة امريكا والغرب واسرائيل،لأن حكام هذه المشيخات يعتقدون ان مصلحتهم كعائلات حاكمه مرهونه برضى امريكا والغرب عنهم،وهم وحدهم القادرون على حماية مملكاتهم، متناسين ما صرح به البنتاغون من ان الاف الشباب السعودي مثلا الذين يتم تدريبهم في امريكا سيشكلون يوما الحركة التى تطيح بحكامهم الذين يعتبرون نفط وغاز الخليج ملكا لهم يوزعون عائداته على افراد عائلاتهم ويتركون شعبهم جائع،لهذا السبب تستنزف الشركات الغربيه نفط الخليج بكل ما اوتيت من قوه تحسبا من مستقبل هذه العائلات الواقع على كف عفريت.
محمود الشيخ | بانوراما الشرق الاوسط