عندما يجتمع المال النفطي الخليجي مع شحنات السلاح ” الليبية” و تزيد أعداد الجماعات الإرهابية الوهابية المسلحة عن الآلاف و تسخر منظــومة إعلامية مضللة بهذا الحجم و يتحدث الجميع بلا استثناء عن تجمع أجهزة مخابرات من كل دول الجوار للعمل في سوريا و عندما يسخر القانون الدولي و تتلاعب به بعض الأطراف النافذة في مجلس الأمن و بعض الجمعيات التي تزعم رعاية حقوق الإنسان و عندما تقوم الإدارة الأمريكية و حلفاءها ” الأجانب” عربانا و عجما بإصدار قرارات تعيق الحياة الاقتصادية المعيشية للشعب السوري و عندما يصطنع كيان تتغطى به هذه الدول الأجنبية لتعطى لنفسها الشرعية الأخلاقية و العسكرية و الاقتصادية و السياسية للتدخل تحت عناوين مختلفة لإسقاط النظام السوري بالقوة فإننا حتما و دون شك أمام تدخل عسكري بصيغة ” مدنية” يختلف بعض الشيء عن المعارك العسكرية التقليدية و لكنه يمثل الشكل المبتكر الجديد التي خرج به الفكر الاستعماري الغربي المتلون بنكهة خليجية عميلة.
“نظرة السوريين إلى حرب يديرها الأجانب ” هذا ليس عنوانا لمقال أو دراسة أكاديمية نظرية بل هو عنوان لحقيقة بدأ يشعر بها كل السوريين الشرفاء من أن هناك من دفع بهم إلى الشارع و أستغل عفوية مطالبهم الاجتماعية و السياسية المحقة بل أكاد أجزم بقوة أن هناك من كان من الدول الخليجية المتآمرة و من الدول الأجنبية المجاورة و البعيدة على حد سواء على علم بكيفية تعاطي النظام السوري النمطي البيروقراطي و أجهزته الأمنية مع هكذا تحركات و كان مراهنا على أن النظام لم يكن قادرا لأسباب تتعلق بفكر بعض الشخصيات الحكومية ” المحافظة” الرافضة لأي تغيير أو تقديم تنازلات سياسية و لأسباب تتعلق بطبيعة النظام البعثى القائم على سلوكيات سياسية معينة لم تعد تصلح إن لم يقع تغير بعضها على مواكبة ما يحدث في الدول المجاورة أو في بعض دول ما يسمى بالربيع العربي التي رأى فيها البعض الحلم الجميل الذي يمكن رؤيته في سوريا.
من شاهد الفيلم الوثائقي ” نظرة السوريين إلى حرب يديرها الأجانب” من إخراج الصحفية أناستازيا بوبوفا و استمع بدقة إلى تصريحات بعض السوريين من مختلف المشارب و الأفكار يصل إلى قناعة شبه مؤكدة أن الشعب السوري قد وقعت مغالطته بالطول و العرض و بدأ يشعر بأن هذه الحرب لا تحمل شيئا من القيم الثورية النبيلة و لا تؤدى بالنتيجة إلى حلم جميل بواقع سوري مختلف و لا إلى استمرار ذلك الإحساس بسوريا المقاومة بل كل ما في الأمر أن هناك انقلابا “عسكريا” يحدث سيؤدى بالنتيجة إن انجح لا قدر الله إلى سوريا إسرائيلية خائنة عميلة ولا شيء غير ذلك لان الخلطات الغربية لا تعطى طعاما بمذاق و نكهة عربية مهما أجتهد الطباخ الأمريكي و إعلام الخداع الأخلاقي للإيحاء بهذا المذاق .
المشاهد المرعبة التي تضمنها هذا الوثائقي (متاح على اليوتيوب) و تصريحات بعض الإرهابيين الذين جاء بهم النظام الخليجي العميل ستجعل الكثيرين من الشعب السوري و من الأحرار عربيا و غربيا يعيدون ترتيب أفكارهم و صياغة خطابهم بل من المؤكد أن هذا الفيلم القصير سيعطى كثيرا من الأجوبة و يزيل كثيرا من التراكمات الفكرية التي غالطها الإعلام الخليجي المتآمر و بعض القنوات الأجنبية التي حادت عن قصد عن المهنية و المسؤولية الإعلامية لغايات لم تكن خافية على كل من كان يتابعها و يعرف هويتها السياسية و خط تحريرها المشبوه.
لا أقبل بأن يظن البعض أن نبيل العربي أو حكام الخليج أو هذه الرموز الفاشلة في تيار الحريري أو بعض من يقومون الدنيا و لا يقعدونها من شيوخ الظلامية الوهابية و من طبول الإعلام الخليجي الماكر و خاصة من وصل حديثا بكثير من الشبهات من الإخوان الإرهابيين في دول ما يسمى نفاقا بدول الربيع العربي هم يحملون هوية عربية إسلامية لمجرد أنهم يحملون أوراقا ثبوتية بهذا المعنى بل هم أذناب أجنبية بقلوب هائمة أجنبية بل أشد مرارة و قسوة على الشعب السوري من غيرهم و لهذا أقول أن هذا الشعب الذي رفض الاستعمار الفرنسي و قدم الدم و الشهداء لاستعادة استقلال قراره السياسي و تنفيذ فكره القومي المقاوم للاحتلال الصهيوني لن يقبل بثورة مسلطة عليه أدواتها الإجرام و العمالة و التطبيق السوء للمفاهيم الإسلامية يقودها نفر من الأجانب خاصة عندما يكون من بينهم أعداء عربان للعروبة و للقيم الإسلامية التي طالما شكلت العمود الفقري للعلاقات العربية.
“كل الذين ذهبوا إلى سورية يعرفون أنه بلد آمن و جميل وأن مثل هذه الأجرام غريب عن طبيعة السوري بل كان الجميع في سوريا تحت سقف واحد رغم كل الاختلاف المذهبي و تعدد الآراء غير أن ذلك لم يتسبب في مشكلة أبدا”…هذا هو لسان حال الأغلبية السورية التي أحست بكون ما يحدث هو عمل تخريبي بأياد أجنبية تتخفى وراء ستار مموه صنعه بعض العملاء من معارضي الصدفة الذين يعتبرون إسرائيل و كل أعداء سوريا حلفاء طبيعيين لا تستحق مصافحتهم إعادة الوضوء.
عندما تستمع إلى معاذ الخطيب يشترط تلك الشروط البيزنطية التعجيزية متناسيا أنه سبب من أسباب إهدار الدم و الطاقات السورية تدرك بداهة أنه يتكلم بلغة الأجانب الذين يصنعون المشكلة و يشعلون النار و يتساءلون عن أسباب الدخان و عندما تنظر إلى وجه حمد بن خليفة تدرك لا محالة أنك أمام كنز نفطي ظل طريقه ليجد نفسه بين أحضان تسيبي ليفنى و الفكر الصهيوني ليصنع منه كرة النار المتدحرجة التي تحرق الأخضر و اليابس على مساحة الوطن العربي و عندما يتهادى الشيخ سعود الفيصل بتلك الأطروحات على مسامع البعض مستعينا بأفكار عجز النظام السعودي عن تنفيذ واحد منها طيلة قرن من الزمن و عندما يقف نبيل العربي صغيرا مستصغرا هلفوتا متخيلا أن هذه الجامعة العربية ستصنع يوما انجازا قوميا للأمة العربية تدرك كما يدرك كل السوريين أن الأجنبي مهما كان عربيا أو صهيونيا أو غربيا يجب مقاومته حتى بفرشاة الأسنان لتطهير هذا الجسم العربي من الفطريات و الجراثيم.
هذا هو قدر سوريا… هذا هو تاريخ سوريا…هذا هو مصير سوريا.
احمد الحباسي | بانوراما الشرق الاوسط