Site icon سيريان تلغراف

أردوغـــان وطابور الحمقـــى .. بقلم سمير الفزاع

أردوغان يعيش أكثر أيامه سواداً ، إنه يرى حلم بحجم إمبراطورية يتبخر أمام عينيه . إنه يشاهد طموح بحجم خلافة يتسرب من بين أصابعه ، وينتحر أمام أسوار حلب . لقد أصبح أردوغان مجرد منظم لمرور العصابات الإرهابية ، ووكيل مبيت لشراذم الإرهاب المنظم ، ووسيط بين قطاع الطرق وذوي المخطوفين . إنه اليوم لص بموقع رئيس وزراء ، يسرق قوت سوريا وصوامع قمحها ووقودها ومصانع حلب . لقد أسقطت حلب مشروع أردوغان في التمدد غرباً ، والتربع على كرسي خلافة يحكم مجموعة من نسخ حزب العدالة والتنمية الذي يقوده في تركيا . لم يعد قادراً على إحتمال هذا الصمود السوري ففقد صبره . فكان رده على مستويين : سياسي وآخر ميداني .

* ميدانيا :

يقال إن ” غزوة دمشق ” الأخيرة بنسختها الخامسة ربما ، إنما جاءت بأوامر تركية وقطرية مباشرة ، والهدف الأساسي منها الردّ على التهميش الأميركي ، ولحفظ مقعد – ولو بالصفوف الخلفية – على طاولة التسوية ، وتعطيل مفاعيل – الدعوة الخديعة – من قبل معاذ الخطيب ، وإرباك الساحة السورية بهجوم يستهدف قلب العاصمة وضواحيها ، وإستعادة مجلس إسطنبول بعد دفنه في الدوحة ، وشدّ عصب المجموعات المسلحة في حلب وريفها تحديداً … ولكن النتائج كانت كارثية . صحيح أن المجموعات الإرهابية المسلحة تمكنت من السيطرة على بعض المواقع لساعات ، ولكن الخسائر كانت ضخمة جداً ، إلى جانب خسارة هذه المواقع التي سيطروا عليها ، بل وخسارتهم لمناطق إضافية في الريف الدمشقي ، بعد فقدان عدد كبير من إرهابييهم ” يقدر المئات ” فلم يعودوا قادرين على الدفاع مطولاً عن قواعدهم السابقة لهذه ” الغزوة ” . في الوقت الذي أتخذ القرار على عَجل بتنفيذ هذه الغزوة ، كانت ” أجهزة أمنية ” سورية مطلعة على هذا القرار ، بل ويقال إن هذه الأجهزة كانت شريكة في وضع بعض تكتيكات ومحاور هذا الهجوم . فقادت هذه القطعان إلى كمائن محكمة أدت إلى مصرع ” 1000 ” إرهابي منهم تقريبا ، وهو رقم يوازي ثلث القوة المهاجمة تقريبا ، وإلقاء القبض على عدد معتبر من عناصر وقادة هذه المجموعات الإرهابية . فكانت بحق ” الملحمة الكبرى” ، ولكن على غير هوى أردوغان وصحبه والمجموعات الإرهابية المسلحة .

* سياسياً :

يحاول أردوغان وحزبه الهروب الى الأمام من مصير سياسي بات محتوما . مصير مفاده أن حزب العدالة والتنمية سيحكم تركيا لوحده للمرة الأخيرة . ولن يكون بعدها قادر على إحراز هذه الأغلبية المريحة والتفويض شبه المطلق الذي حصل عليه في انتخابات العام المنصرم . يعاني اردوغان من مشاكل داخلية كبرى ، مثل علاقته المتوترة مع الجيش والمؤسسة الأمنية . فقبل أيام إستقال ” 110 ” من ضباط القوات الجوية التركية إحتجاجا على إقالة المئات من زملائهم وحبس حوالي ” 10% ” من كبار قادة الجيش التركي بلا محاكمة منذ مدة طويلة . ومشاكله مع الإدارة الأميركية حول هذا الموضوع تحديداً ، ومشاكله مع الأكراد وتطلعاتهم القومية ، وأقليات دينية كبرى أخرى ، وعلاقته المتوترة مع كل جيرانه الأقربين ، وعدد مهم من البعيدين … وسوف يكون إنتصار سوريا في حربها على أعدائها ، وخروجها بقيادتها الحالية ، وخصوصا بقاء الرئيس بشار حافظ الأسد رئيساً للجمهورية ، الضربة القاضية لأردوغان وحزبه ، بل الضربة القاضية لكل ” الربيع الإخواني ” .

فبعد وزير خارجيته ” أوغلو ” الذي قال في اليوم الاخير للمؤتمر الدولي حول الامن في ميونيخ ” يقول البعض انه يجب ان يكون هناك حوار بين النظام والمعارضة ، لكن ذلك طريق خاطىء . لا يمكن ان يكون ذلك حلا ” . قال أردوغان بعد أن أصبح خبيراً في النوايا ، ومفسراً لمقاصد كلام معاذ الخطيب وأحلامه ، قال ” إن الخطيب أعلن استعداده للحوار مع النظــام من دون (الرئيس) بشار الأسد . لقد حرّفت التصريحات بطريقة توحي انه سيتــفاوض مع الأسد .

قطعا معاذ الخطيب لا يريد الحــوار مع الأســد . لا يوجد مثل هذا الشيء . لكن يمكن الجلوس مع مكوّنات أخرى في النظام السوري ، وهذا ما قالتــه لقاءات جنيف . وهذا ما توصلت إليه لقاءات جنيف . حتى الروس نظروا بإيجــابية إلى ذلك . بعد ذلك تم تحريف الموضــوع والقوى المعــارضة لا يمكن أن تقول نعم للحوار مع الأسد ” . حقاً لقد فقد الرجل كامل لباقته ودبلوماسيته ، يل وفقد أعصابه وعقله . فبعد ” التقريع والبهدلة ” التي أرسلت بها وزارة الخارجية إلى كلّ من أردوغان وأوغلو بسبب ” تحريض ” اردوغان سوريا لمهاجمة ” إسرائيل ” رداً على الغارة ” الإسرائيلية ” على موقع جمرايا ، وبسبب رفض داود اوغلو مبادرة الخطيب الحوار مع النظام السوري . حيث إعتبرت الناطقة بإسم الخارجية الأميركية ” نولاند ” أن مواقف اردوغان وداود اوغلو تحريضية ومعرقلة . إثر كلّ ذلك ، جاءت كارثة ” الملحمة الكبرى ” لتوسع من جراح أردوغان وزمرته ، ولتضيق الخناق على عنقه سياسياً أكثر وأكثر ، ولتجعل مصيره السياسي وكامل طاقمه ، بل وحزبه مرهوناً بسوريا وقراراها وإرادتها . ويل لك أردوغان ، إنك الآن تقف في طابور طويل تولت سوريا إرساله إلى التقاعد المبكر . طابور فيه بوش الصغير وكولن باول وشيراك وبلير وساركوزي ورايس وهيلاري … وصدقني لن تكون أنت آخر هذا الطابور ، فما زال للحمقى بقية .

سمير الفزاع | بانوراما الشرق الاوسط

Exit mobile version