لم تعد الثورة المجنونة تخيفني .. ولا الربيع الأخرق ..لأ…نني حرثت أرضهما حرثا بالقلم .. وبذرت أرضهما بملح اللغة.. وسقيت تربتهما الفاسدة بالنار والقطران .. ولأنني جرفت بجرافات البيان كل الرمل الثوري .. وحرقت كل الأدغال الكثيفة للمتثاقفين بأعواد الكبريت حتى أحالتها الحرائق الى رماد ..
كيف للربيع بعد اليوم ان يلقي بذوره في أرضنا؟؟ .. وكيف للثورات الغبية بعد اليوم أن تمد رأسها تحت مقاصل الفكر والقلم؟؟ ..
عامان تعب فيهما الكلام من مبارزة الكلام ولم أتعب .. عامان وكلامي يحفر وجه الزمن .. ويحفر وجه الخيانة .. وأزرع الزيتون وأقطع الصبار .. تعبت المعاول والفؤوس من رحلة المهاوي نحو الجذوع .. ولم يتعب ساعداي اللذان يحملان الفؤوس ويهويان على الجذوع المنخورة..
بعض الكلام بدا وقد ضاق ذرعا وأنا أحمله من مواطنه في القواميس على متن الخواطر والمقالات كل ليلة ليقوم بنوبات الحراسة على العقول والأعصاب .. وأستدعيه على عجل ليقوم بالغارات وأعمال الكوماندوس على الثورة والثوار .. ضج الكلام وأنا أرمي بمفرداته في عمليات استشهادية .. بعض الكلمات التي تفجرت لم تعد الي الا أشلاؤها ووصاياها بأن أستمر .. بعض الكلام تبرم من أنني لم امنح اجازة لأية كلمة .. ومنعته عامين كاملين من السفر والاستجمام وأن يمضي عطلته على شواطئ القواميس الكبرى ..وبين تراث الكلام .. وأعمدة الرخام … فكيف أعتذر من الكلام؟؟
عذرا أيها الكلام .. عذرا ايها الكلام ..
واغفر لي أيها الكلام ان أخذتك من جديد في رحلة الرفض وبيانات العصيان والتمرد .. واغفر لي أنني سأكرر بأنني لم أستح يوما من المجاهرة بعدم اعجابي بالربيع العربي واحتقاري للبيت الوضيع الذي نشأ فيه والمرضعة التي أرضعته .. وتقززي من الماء الذي شربه والوعاء الذي أكل فيه .. ولن أتهيب من القول أنه لم يعجبني أبناء عمومته ولاأخواله .. ولم تعجبني صلاته ولازكاته ولابيته الذي حج اليه المؤمنون في استانبول وايباك .. لم تعجبني أخته ولاأخوه ..ولاأمه ولاأبوه..
كل مافي هذا الربيع مشبوه ووجوه القادمين عبره بلا ملامح .. وأصواتهم كأنها أصداء في دهاليز كهوف عميقة .. ولم تعجبني حتى نشأته الغامضة الملفوفة بالأسرار والخفايا .. ولاتعاويذه وحجاباته التي كتبها اتحاد علماء المسلمين .. وعاظ السلاطين ..
لن تحرجني شهقات الأحرار وعشاق الديمقراطية وهي تستغرب ازدرائي لأهل الربيع .. ولن أعير تلك العيون المندهشة من تجرؤي على الثوار أي اعتبار وسأسير في طريقي لاألوي على شيء .. وأنا أقول في سري: صدق من قال “من رأى باطلا فليغيره بيده” .. فماذا عمن رأى ربيعا؟؟وهذا الربيع جيش من الباطل؟؟ هل هناك باطل فوق باطل الربيع؟؟
انني سأقول منذ اليوم: من رأى ربيعا فليغيره بيده .. وليخفقه بسيفه خفقا .. ومن رأى ثورجيا فليغيره بيده .. ومن رأى حكم عدالة وتنمية فليغيره بيده .. ومن رأى حكما اخوانيا فليغيره بيده .. فكلها باطل في باطل .. بل هي جذور الباطل بذوره..
*****************************
هذا الباطل يتغير في بلاد الشام .. وهذا العام يجب أن يكون عام الفيل في قواميسنا!!.. ففي كل مرة يقع الثورجيون السوريون في حيرة انتقاء أسماء لانفعالاتهم واندفاعاتهم ومعارك الهواء .. يسعفهم مكتب الحريري الاعلامي عبر عقاب صقر بانتقاء الأسماء الطنانة التي تلقي الرعب في القلوب .. فانتقي اسم ساعة الصفر .. ثم البركان .. ووصل آخر المواليد العنترية الينا وهو “ملحمة دمشق الكبرى” .. ولكن المواجهة مع الجيش العربي السوري أعادت للحقائق احترامها وللمعارك عقلها .. فلم تكن نتيجة ساعة الصفر الا صفرا ثوريا مكعبا .. وأما البراكين الثورية فقد تم اغلاق فوهاتها وكتمت أنفاسها وجشاءاتها وعطاسها .. واليوم يتكرر المشهد في ماسمي ملحمة دمشق الكبرى ..والتي تستحق اسم الخراب الثالث لهيكل الثورة .. وربما اسم “معركة عام الفيل” ..
أذكر هنا ماروجه الورعون المجانين من الغاوين في حرب عاصفة الصحراء عندما اشتبك الأمريكيون بقوات الجيش العراقي ايام الراحل صدام حسين .. اذ ذكرونا بسورة الفيل (ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل؟؟) .. وكانوا يقصدون الحزب الجمهوري الأمريكي والرئيس بوش الأب حيث أن شعار الحزب الجمهوري هو الفيل .. وبشرونا بأنها تقصد هذا الزمان .. وأن الله تنبأ بهزيمة اصحاب الفيل على يد الرئيس صدام حسين الذي كلفه الله بتنفيذ الآية.. !! ولكننا لن نقع في التخرصات والأمنيات ولن نتبع الغاوين .. ولكن أصحاب الحمار سيكونون اضافة جميلة الى تراثنا اللغوي اذا عرفنا أن الحمار هو شعار الحزب الديمقراطي الأميريكي والرئيس أوبام