دمشق تعيش اليوم الأكثر عنفا وسخونة منذ بداية الأزمة .. سقوط عدد كبير من الشهداء والقتلى ، وعصابات “الائتلاف” ترتكب مجزرة مروعة بحق عشرات العمال في حماة ..
عاشت دمشق يوم أمس ، والأحرى ريفها القريب ، ما يمكن وصفه باليوم الأكثر عنفا منذ بداية الأزمة السورية ، حتى ظن أهالي العديد من مناطقها بأن المعارك باتت تدور في قلب العاصمة ، بينما لم يحصل شيء من هذا بالفعل ، فقد كانت أصوات الانفجارات على تخوم المدينة ، لاسيما الجهة الجنوبية والشرقية .
ويبدو أن الأمر كان يتعلق بعملية استباقية قام بها الجيش ، برا وجوا ، ضد مواقع العصابات الوهابية والأميركية من “جبهة النصرة” و “الجيش الحر” ، الجناحين العسكريين لعصابات “الائتلاف” و “المجلس الوطني” اللذين تديرهما وكالة المخابرات المركزية الأميركية وحلفاء واشنطن في المنطقة .
وقالت وكالة الصحافة الفرنسية إن الجيش “يشن هجوما شاملا واسع النطاق على مواقع المسلحين في ريف دمشق ، في إطار عملية استباقية تقرر القيام بها على أثر معلومات استخبارية أفادت باستعدادات جبهة النصرة لدخول دمشق” . ولم يتأخر التأكيد ليأتي من الطرف الآخر ، حيث أعلنت “جبهة النصرة” عما أسمته “القصاص العادل” ، بينما أعلن “الجيش الحر” عن “الملحمة الكبرى” للاستيلاء على دمشق !
وقالت مصادر مختلفة إن الجيش السوري بدأ منذ ساعات الصباح عملية واسعة ، ولم تبدُ نهايتها قريبة حتى آخر الليل ، ووفقا لمصادر رسمية متابعة للوقائع الميدانية ، فإن قوات الجيش قامت بعملية عسكرية «متزامنة ومنسقة» على طرفي العاصمة الجنوبي والشرقي ، هاجمت خلالها بمساهمة من فصائل «جيش الدفاع الوطني» بلدات وقرى ومزارع متاخمة لكل من داريا والقدم والعسالي وصولا الى حي التضامن من جهة ، ومناطق حرستا والقابون وجوبر وزملكا وعربين وصولا إلى مزارع دوما ومناطق الغوطة الشرقية المتصلة بها ، من جهة أخرى .
ورغم أن فضائيات الإعلام النفطي أعلنتها عبر متحدثين باسم «الجيش الحر» ساعة الصفر لـ«الملحمة الكبرى» ، وهو اللقب الذي أطلقته فصائل المعارضة على معركة تشتهيها لـ«الاستيلاء على دمشق» ، إلا أن نفيها تم لاحقا ببيان من «المجلس العسكري الثوري الأعلى للحر» ، منوهاً بالمعارك التي تجري في مناطق مختلفة من محيط العاصمة .
ولاحقا نقلت مواقع تابعة لـ«الجيش الحر» إعلان «كتائب» أخرى تابعة له المشاركة «في نداء الجهاد» آتية من مناطق أخرى من سوريا ، وبينها منطقة النبك التي تقع بين دمشق وحمص .
واستخدمت في المواجهات المدافع والطائرات الحربية ، كما السلاح الخفيف وقذائف الهاون من قبل الجيش ، فيما استخدمت المعارضة الوهابية ـ الأميركية بكثافة قذائف الهاون ومضادات الطائرات كما مدافع الدوشكا والسيارات المفخخة التي يقودها انتحاريون ، ولا سيما في محيط جوبر وفي مخيم اليرموك .
ووفقا للمعلومات المتوفرة ، فإن الخطوة العسكرية التي جرت كانت «استباقية» لمخطط يستهدف دمشق ، وبيّن مصدر رسمي بلهجة «هادئة ومطمئنة» لمراسل «السفير» في دمشق زياد حيدر أن الهجوم كان منسقا وجرى بالتزامن بين منطقتين ، حيث تكمن التجمعات الكبرى للمسلحين ، وهما داريا ومنطقة جوبر المتاخمة لساحة العباسيين ، ولكن من دون أن يكون هناك توقيت واضح لإنهائها ، رابطا ذلك «بقدرة الجيش على تمشيط المناطق بعد انتهاء المواجهات”.
وهي مواجهات لا تخبو حتى تندلع من جديد ، على ما يبدو ، فما زالت العملية العسكرية مستمرة في مدينة داريا وفي محيط بلدة معضمية الشام المتجاورتين ، والمحيطتين بمطار المزة العسكري ، كما تستمر عمليات عسكرية يقوم بها الجيش في الزبداني وعدرا على مدخلي دمشق الشرقي والغربي ، وجرت عمليات عسكرية قرب مدخل دمشق الجنوبي في الكسوة أيضا .
وأعلنت الصفحات الموالية ، ولا سيما «صفحة الدفاع الوطني» على شبكة «فايسبوك» ، عن قتلى «بالمئات» لدى المسلحين ، وأوردت صفحات أخرى أسماءهم . وتزامن هذا مع إعلان صفحات للمعارضة عن أسماء قتلاها «من المجاهدين» ولا سيما في زملكا ودوما وبأعداد مرتفعة .
وخلافا لما ذاع إعلاميا ، بقيت الحركة في مدينة دمشق طبيعية ، وإن كانت على بعد عشرات الأمتار في بعض المناطق من أماكن المواجهات ، كما جرت اعتقالات في مناطق كركن الدين وكفرسوسة والميدان في وسط دمشق ، وشوهدت سحب الدخان الأسود من مناطق مختلفة أبرزها جوبر ، فيما ظلت أصوات المعركة تشير على استمراريتها طوال النهار .
ولاحقا أعلن الجيش السوري سيطرته الكاملة على بلدتي حران العواميد وكفرين بعد اشتباكات عنيفة مع ميليشيات مسلحة أسفرت عن تدمير مقارّهم بالكامل ومقتل كل من كان داخلها .
سيريان تلغراف