صُدمت “إسرائيل” يوم أمس الأول ، بتوقف إحدى أكبر شركات هاتفها الخلوي عن العمل إثر خلل مركزي وتعطل الخدمات المقدمة لحوالي ثلاثة ملايين مشترك .
وقد حدث ذلك لشركة «بيلفون» الصهيونية الشهيرة ، الأمر الذي أثر ليس فقط في الحياة اليومية لغالبية “الإسرائيليين” ، وإنما كذلك في مفاوضات تشكيل “الحكومة الإسرائيلية” الجديدة . ونظراً لوقوع هذا العطب على مقربة من الغارات على سوريا ، سرت مخاوف من أن يكون ما جرى ناجما عن حرب إلكترونية شنتها جهات موالية لسوريا ، وهو ما يقوم الجيش العدو الصهيوني بالتحقيق فيه .
وبحسب وسائل الإعلام صهيونية فإن خللاً واسعاً أصاب أمس الأول شبكة الهاتف الخلوي التابعة لشركة «بيلفون» الأمر الذي لم يسمح لمئات آلاف المشاركين في الخدمة من إرسال أو استقبال مكالمات أو رسائل نصية. ودام الحال ساعات طويلة قبل أن تتمكن طواقم الشركة من التغلب على الخلل في منتصف ليلة الأحد ـ الاثنين .
والواقع أن الخلل الذي أصاب «بيلفون» لم يقفز عن شركتي الهاتف الرئيسيتين الأخريين، «سيلكوم» و«أورانج»، اللتين لم تفلحا في تحمل الأعباء الناجمة عن غياب خدمات «بيلفون». وتأثرت كذلك شركات هاتف خلوي محلية أخرى أقل أهمية من الشركات الكبرى، لأنها تعتمد أساساً على البنية التحتية لـ«بيلفون» و«سيلكوم».
وبحسب الخبراء فإن الخلل وقع في مكون مركزي في الشبكة تجتمع عنده معطيات كل الزبائن، وهو المسؤول عن تحديد وتمييز الخدمات للمشاركين. وأعربت جهات فنية عن اعتقادها أن الخلل نجم عن عطب في احدى ركائز شبكة «بيلفون»، الأمر الذي لم يسمح لمنظومة الحواسيب بتشخيص أرقام الهواتف أو خطوط المشتركين، وبالتالي تحويل المكالمات منهم وإليهم.
وبدأت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أمس الأول، فحص ما إذا كان لانهيار شبكة «بيلفون» صلة بهجمات نفذتها من تصفها بالجهات الإرهابية. ومعروف أن في إسرائيل عدة جهات مسؤولة عن أمن الشبكات ومهمتها منع هجمات خارجية على إسرائيل ومنشآتها الحيوية. ويعتبر جهاز الأمن الداخلي «الشاباك»، وطاقم السايبر الوطني، ووزارة الدفاع والجيش الإسرائيلي بين الجهات الأساسية المسؤولة عن مكافحة هجمات السايبر. وبسبب حجم العطب الذي أصاب «بيلفون» والعجز طوال يوم بكامله عن اكتشاف موقعه، تزايدت الشكوك باحتمال أن تكون الشبكة قد تعرضت لهجوم إلكتروني معاد. ولم تكن هذه المرة الأولى التي تتعرض فيها إحدى شركات الهاتف الخلوي الإسرائيلية لمثل هذه الأعطال، إذ سبق وتعرضت شركة «سيلكوم» لعطل استمر أكثر من يوم في العام 2010.
وقاد العطل في الشركة الإسرائيلية إلى أن يتدخل مهندسو شركتي «أريكسون» و«إتش بي» (HP)، حيث قدمت الأولى أعتدة التصنيف وقدمت الثانية منظومات هندسة الرقابة الإلكترونية. وبعد إصلاح العطب أعلن المدير العام لـ«بيلفون» أنه «بقدر ما نعلم، الأمر لا يتعلق بتخريب أو باقتحام هاكرز وإنما بخلل هندسي. لكن تحليل المشكلة سيستمر الليلة. وستفحص الشركة أمر تعويض الزبائن».
والواقع أن المخاوف الإسرائيلية من أن يكون انهيار شبكة «بيلفون» نجم عن هجمات الكترونية لم تأت من فراغ. فخلال الساعات الـ48 التي سبقت الانهيار تعرض أكثر من ألف موقع الكتروني إسرائيلي لهجمات من هاكرز عرب رداً على الغارة الجوية على مركز البحوث العلمية السوري. وكتب الهاكرز في غالبية المواقع التي سيطروا عليها، أن «هذا هجوم سايبر على مواقع انترنت الكيان الصهيوني رداً على الهجوم الإسرائيلي على مركز البحوث العلمية. انتظروا المزيد».
وأشار دورون سيفان، الذي يدير شركة «ميدسك سكيورتي» لحماية المنظومات، الى أن هذه ليست المرة الأولى التي يهاجم فيها هاكرز سوريون مواقع إسرائيلية. وقال «هم في كل مرة يبحثون عن ذرائع مختلفة، وعلى ما يبدو وفرت لهم الغارة مبررا جيدا». ولاحظ خبراء الحماية الإسرائيليون أن الهاكرز السوريين ركزوا هجمتهم هذه المرة على مواقع صغيرة نسبيا، لا تمتلك مستوى حماية عاليا جدا. والتسلل إلى الخادم الذي يستضيف هذه المواقع «يفتح الباب» إلى بقية المواقع المستضافة هناك، كما في حجارة الدومينو.
وأشار الدكتور طال فابل، في مقالة له في «معاريف»، إلى أن إسرائيل موجودة على مرصاد «الجيش الإلكتروني السوري» وأن الأيام الأخيرة تشهد على أن الانترنت بات عالما موازيا للعالم المادي، وهو حلبة صراع بين الأطراف المتعادية. وكتب أن الصراع يدور أيضاً ضمن قواعد سرية وغموض وعناصر مباغتة، تشبه النشاط القائم في العالم «الحقيقي». وأشار إلى أنه بعد وقت قصير من الإعلان عن الغارة الإسرائيلية على سوريا وقعت عشرات المواقع الإلكترونية الإسرائيلية فريسة لهجمات أعلن مسؤوليته عنها «الجيش الإلكتروني السوري». وكتب أن هذا الجيش يعمل على ما يبدو لمصلحة النظام السوري أو على الأقل برعايته للمساس بأعداء سوريا الداخليين والخارجيين. وسبق لهذا الجيش أن هاجم خادم صحيفة «هآرتس» كما أعلن أمس الأول مسؤوليته عن اقتحام موقع وزارة المواصلات.
سيريان تلغراف