يمر النزاع في سورية بمرحلة حاسمة. ويخوض الجيش السوري معارك ضارية مع المقاتلين المسلحين المدعومين من الخارج. وتشير معطيات الأمم المتحدة الى وصول عدد ضحايا النزاع المسلح في سورية الى عشرات الآلاف. التقى مراسل الموقع الاخباري “ناكانوني. رو” بالبرفيسور مارات موسين استاذ الاقتصاد في جامعة موسكو الحكومية رئيس وكالة “ANNA” لتحليل الأنباء، الذي عاد مؤخراً من دمشق، وكان هذا الحديث معه عن الموقف والأوضاع في سورية.
يقول البرفيسور موسين: ” تدور في سورية حرب ضروس، ولكن خسائر الجيش السوري تبقى أقل بكثير من الخسائر في صفوف المقاتلين الأجانب. لقد قمت شخصياً بتصوير العشرات من جثثهم المحترقة على الأرض. ولاتسيطر السلطة دائماً على الطرق، وهذا ما يستغله المجرمون، فعصاباتهم تندفع الى الطرقات وتغلقها. ثم تهرب عند اقتراب قوات النظام. واذا حاول مقاتلو العصابات المسلحة الهجوم، أصبح الجيش في الفترة الأخيرة يحاصرهم ويقضي عليهم. وقبل ذلك كان يجبرهم على التراجع فقط، ولكن تكتيك الجيش النظامي تغير الآن – فهو يتبع سياسة القضاء التام على المجموعات المسلحة، أو الأسر لمن يستسلم منهم.
– ماهو سبب هذا التغيير في تكتيك الجيش السوري؟
السبب أن الأزمة السورية تشهد نقطة تحول حاسمة، تتعلق بالتغيير الجذري في السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية. فالصقور من أمثال رئيس الوزراء الاسرائيلي ناتنياهو أخلوا مواقعهم، وعين رئيس جديد لوكالة الاستخبارات المركزية يعارض بشكل جذري شن الحرب على ايران. حتى انه اقترح تقليص حجم الوجود العسكري الأمريكي في الدول الأخرى. ويشاركه وزير الدفاع الأمريكي الجديد نفس الرأي تقريباً. وعموماً يفضل الطاقم السياسي الجديد للرئيس الأمريكي التفاوض بدلا من الحلول العسكرية”.
– ولكن هل يمكن بالفعل التكلم بثقة عن تغيير فعلي في خطط واشنطن؟
– حصل تغيير في تكتيكات السياسة الخارجية الأمريكية، لكن الخطط الاستراتيجية بقيت على حالها. واذا كانوا في السابق يودون ضرب “غازبروم” عسكرياً، بإطاحة نظام الأسد وايصال الغاز الى اوروبا من الجنوب، فهم الآن يفعلون الشيء ذاته ولكن بشراء اتفاق مع ايران. هناك أنباء تفيد بأن اتفاقاً في هذا الشأن قد أبرم مع طهران، وفي المستقبل غير البعيد سيبدأ خط أنابيب نقل الغاز: ايران – العراق – سورية – اوروبا ، بضرب مصالح “غازبروم”. لقد كانت الادارة القديمة للرئيس اوباما قد منحت كلاً من فرنسا، وبريطانيا، وقطر ضوءاً أخضر لتنفيذ خطة عسكرية تطيح بنظام الأسد. وكان واضع تلك الخطة هو دافيد باتريوس الرئيس السابق لوكالة المخابرات المركزية. ولكن اتضح أنها غير قابلة للتنفيذ. فنحن نرى كيف يقوم الجيش السوري النظامي بكل هدوء وحرفية بالقضاء على المرتزقة الأجانب. ولذلك قامت وزارة الخارجية الأمريكية بوقف تمويل المجموعات الوهابية في سورية. ولم يبق لهم من يمولهم سوى قطر.
– ماهي توقعاتك بشأن تطور الوضع في سورية مستقبلاً؟
– يجب على سورية الصمود لمدة 6 – 9 أشهر. ستكون شهوراً قاسية جداً. تعتمد المعارضة الآن على العمليات التفجيرية، من أجل ارباك وتعطيل موسم التدفئة الشتوي، ومعاقبة الناس بحرمانهم من الخبزوتحميل وزر ذلك على السلطات الحكومية، من أجل أن يخرج الناس في الربيع القادم الى الشوارع. ولكن السلطات السورية تفهم هذه اللعبة جيداً.
– وجه بشار الأسد مؤخراً خطابا الى الشعب، كيف كان رد فعل السوريين على ذلك؟
– كان خطاباً متميزاً. لقد خطب من موقع القوة، كان ذلك واضحاً وجلياً للجميع. ان المواطنين يؤيدونه، لأن الكل يرى بوضوح حجم التدخل الأجنبي الخارجي في شؤون سورية الداخلية.
سيريان تلغراف | http://www.nakanune.ru