تشهد كواليس الاتحاد الأوروبي مداولات ونقاشات وسط خلافات بين أعضائه على رفع الحظر المفروض شكليا وإعلاميا على تزويد المجموعات الإرهابية في سورية والتي تشكل “جبهة النصرة” التابعة لتنظيم القاعدة عمودها الفقري بوسائل القتل والإجرام المتطورة ما يشكل انقلابا فاضحا على قوانين مكافحة الإرهاب الدولية التي أقرها مجلس الأمن وتنص بشكل لا لبس فيه على تجريم الإرهاب وداعميه ومموليه باعتباره جريمة عالمية تستوجب ردا عالميا.
وتشكل الخطوة الأوروبية في حال إقدام وزراء الاتحاد على إقرارها دليلا إضافيا على الدور الأوروبي الداعم للإرهاب في سورية والمؤجج للعنف فيها والمانع لأي شكل من أشكال الحل السياسي للأزمة كما ترسخ انتقائية الاتحاد الأوروبي واستنسابيته في التعامل مع ملف الإرهاب وتقسيمه إلى إرهاب حلال يجب دعمه عندما يحقق مصالحه كما هو الحال في سورية وإرهاب حرام يجب محاربته والتدخل المباشر ضده عندما ينقلب عليه كما هو الحال في مالي.
وكشف مصدر مطلع في المجلس الوزاري الأوروبي لوكالة آكي الإيطالية أن الخطوة الأوروبية تأتي لإتاحة المزيد من التوازن في القوى بين القوات الحكومية ومسلحي المعارضة بما يعني أنها محاولة لممارسة الضغط السياسي والتهويل الإعلامي على سورية وشعبها من جهة ورفع معنويات المجموعات الإرهابية العاملة على الأرض السورية وقياداتها السياسية القابعة في الفنادق الغربية من جهة ثانية وخاصة بعد تصريحات وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس التي أقر فيها بفشل مشروع الانتداب الغربي الجديد على سورية بعدما كان يتغنى لشهور بمقولة الأيام المعدودات التي تفصل جوقته عن تحقيق أهدافها في سورية.
وقال المصدر الأوروبي إن الأمر لا يزال في مراحله التقنية ولابد من تأكد دول الاتحاد من وجهة السلاح والمجموعات المستلمة له مع اتجاه عام برفع حظر جزئي يقره وزراء خارجية الاتحاد في بروكسل ويحولونه إلى القمة الأوروبية المقررة في السابع من شباط القادم.
وتعتبر مجرد مناقشة الفكرة إخلالا فاضحا من قبل الاتحاد الأوروبي بالمسؤولية الملقاة على عاتقه بموجب بيان جنيف الذي كان طرفا أساسيا فيه لجهة إلزام البيان للدول الموقعة عليه بتحمل مسؤولياتها بوقف تهريب السلاح إلى سورية وممارسة الضغط على الأطراف المختلفة لوقف العنف والبدء بعملية سياسية يقودها السوريون بأنفسهم.
وتشكل الخطوة الأوروبية مخالفة واضحة وصريحة لقواعد القانون الدولي وقرارات مكافحة الإرهاب الصادرة عن مجلس الأمن تحت الأرقام 1267 و1989 و1373 والتي تنص على تجريم تمويل الإرهاب والتحريض عليه أو توفير الملاذ الآمن للإرهابيين أو تقديم الدعم والمساعدة لهم وتؤكد على ضرورة تجميد أموال من يشاركون في ذلك وضرورة تبادل المعلومات مع الحكومات الأخرى عن المجموعات التي تمارس الأعمال الإرهابية.
وتجعل الموافقة العلنية للاتحاد الأوروبي على دعم الإرهابيين في سورية من دول الاتحاد مشاركا فعليا في سفك دماء السوريين ومسؤولا بشكل مباشر عن الدماء التي تراق على الأرض السورية وما يستلزمه ذلك من مساءلة ومحاكمة على الجريمة الموصوفة وتفترض من مجلس الأمن الدولي التحرك السريع والاضطلاع بمهامه من أجل تنفيذ مضمون قراراته حول مكافحة الإرهاب.
وامتنعت الدول الأوروبية حتى الآن عن إدانة الجرائم الإرهابية الوحشية التي ترتكبها “جبهة النصرة” والتي طالت المدن والأحياء السكنية وتسببت باستشهاد المئات من المواطنين الأبرياء كما تحول دون إصدار مجلس الأمن الدولي أي إدانة لهذه الأعمال الإرهابية بما يعني أنها تصر على توفير الغطاء السياسي والإعلامي للمجموعات الإرهابية ومباركة جرائمها وتشجيعها على الاستمرار فيها.
سيريان تلغراف