قامت إسرائيل بنقل منظومات الدفاع الصاروخي والطائرات الهجومية إلى شمال البلاد. أما الأردن، فقام بتوجيه دباباته ومدفعيته إلى الحدود مع سورية حيث من المحتمل أن تظهر “طالبان” جديدة، حسب ما صرّح به الملك عبد الله الثاني. وعلى وقع تصاعد حمّى الاشتباكات المسلحة بين نظام الأسد والمعارضة بدأت تل أبيب ودول الجوار بالتفكير مليا بتوجيه ضربة عسكرية إلى مخازن الأسلحة الكيميائية في سورية، درءا لوقوعها في أيدي الإرهابيين. من جانبها تحذر روسيا أنه في حال عدم اتخاذ تدابير عاجلة وفورية، فإن النزاع المسلح في سورية سيؤدي إلى زعزعة الاستقرار في كافة المنطقة ولزمن طويل.
هناك مخاوف إسرائيلية أن يقوم الأسد بتسليم الأسلحة الكيميائية إلى “حزب الله” اللبناني، أو أن يستولي عليه مسلحو المعارضة الذين من ضمنهم الكثير من الجهاديين المرتبطين بـ”القاعدة”. وحسب وسائل الإعلام الإسرائيلية، أكد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في السابع والعشرين من الشهر الحالي أثناء اجتماع مجلس الوزراء على ضرورة اتخاذ الإجراءات العاجلة لمجابهة المخاطر المحتملة للسلاح الكيميائي السوري. ومن المحتمل أن ما دفع إلى البدء بتلك التحضيرات العسكرية هي الأنباء التي وردت عن اشتباكات مسلحة ضارية تجري في منطقة السفيرة في ضواحي حلب حيث يوجد مخزن كبير للأسلحة الكيميائية، وكذلك قرب مرفق مماثل له في دمشق.
وعلى خلفية ذلك وردت أنباء عن تمركز طائرات تابعة للقوات الجوية الإسرائيلية في شمال البلاد. وإلى ذاك الموقع، وبالرغم من خطر القصف الصاروخي من غزة، تم نقل بطاريتين من نظام الدفاع الصاروخي “القبة الحديدية”، إحداها نصبت بالقرب من حيفا. ويرى مراقبون أن إسرائيل تستعد لتدمير ذخائر الأسلحة الكيميائية السورية من الجو، أما بطاريات الدفاع الصاروخي فدورها سيكون في التصدي لهجمات صاروخية انتقامية محتملة من “حزب الله” أو السوريين.
صحيفة “معاريف” تكتب أن جهودا دبلوماسية تبذل بالتوازي مع الاستعدادات العسكرية. فقد أرسل نتنياهو رئيس مجلس الأمن القومي ياكوف أميدرور إلى موسكو، لإجراء مباحثات مع سكرتير مجلس الأمن القومي الروسي نيكولاي باتروشيف، ووزير الخارجية سيرغي لافروف. ويأمل الإسرائيليون أن تقنع موسكو الرئيس الأسد بتشديد حماية العتاد الكيميائي، أو أن يتم إيجاد حل آخر لهذه المعضلة.
وفي مقابلة مع الصحيفة أشار البروفيسور ذكي شالوم من معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب أنه طالما بقيت الأسلحة الكيميائية تحت سيطرة النظام، فإن إسرائيل لن تتدخل في النزاع، ولكن إن ثبت أنه يُنقل إلى “حزب الله”، فسيتم توجيه ضربة عسكرية، لأن موازين القوى الإستراتيجية في المنطقة ستختل بشكل مفاجئ، ما سيعرض إسرائيل للخطر. ذلك أن تصرفات “حزب الله” يصعب التنبؤ بها خلافا لدمشق. ويوضح الخبير أن هناك معلومات تفيد بأن إيران تحاول إقناع القيادة السورية بتسليم تلك الأسلحة إلى “حزب الله”. وحتى الآن ترفض دمشق ذلك، ولكن من غير المعروف إلى متى ستستطيع الوقوف بوجه الضغوطات. وأضاف شالوم أن إسرائيل تأمل بأن يقوم نظام جديد في سورية قادر على تحمل مسؤولية حماية مخازن أسلحة الدمار الشامل، إلا أن العسكريين يراقبون الوضع عن كثب وسيتخذون الإجراءات اللازمة إن تم تسليم السلاح. الأوضاع الراهنة لا تقلق إسرائيل فقط، فالأردن كذلك ينشر قواته على الحدود مع سورية، حيث أرسل إلى هناك بضعة آلاف من الجنود، ومصفحات ودبابات ومدفعية. علاوة على ذلك جرت قبل فترة قريبة مناورات عسكرية دولية مشتركة على الأراضي الأردنية، تم خلالها محاكاة الاستيلاء على عتاد الأسلحة الكيميائية السوري في حال سقوط نظام الأسد. أما التهديد الآخر للمملكة الهاشمية، فهو تحول سورية إلى قاعدة للجهاديين.
أثناء كلمته في مؤتمر دافوس حذر الملك عبد الله الثاني من إمكانية نشوء “طالبان” جديدة في سورية في إشارة إلى المجموعات الراديكالية التي تسعى لإنشاء دولة إسلامية هناك. وأكد أن تبعات الأزمة الحالية ستستمر طويلا، وحتى إذا خلف نظام الأسد نظام جديد قوي ومتماسك، فسيحتاج، على أي حال، إلى سنوات عديدة للقضاء على الإرهابيين المتمركزين في البلاد. ويشاطر المسؤولون في موسكو العاهل الأردني هذا الرأي. فقد صرح رئيس الوزراء الروسي دميتري ميدفيديف في مقابلة أجرتها معه قناة “سي إن إن” أن موسكو أيضا قلقة مما يجري مثل دول الجوار السوري. وقال: “لا يمكن في أي حال من الأحوال السماح بإطاحة السلطة السورية الحالية عبر الوسائل العسكرية، وإلا ستستمر الحرب الأهلية في البلاد لعشرات السنين”.
وأكد رئيس الوزراء الروسي ميدفيديف أن مهمة المجتمع الدولي، بما فيها الولايات المتحدة والأوروبيون والدول الكبرى في الشرق الأوسط كالمملكة العربية السعودية وقطر وغيرهما، هي أن يجلسوا أطراف النزاع إلى طاولة المفاوضات، لا أن يطالبوا برحيل الأسد وحسب. وأشار ميدفيديف إلى أن فرص النظام السوري في البقاء تتضاءل يوماً بعد آخر، ولكن مصيره يجب أن يقرره الشعب السوري، وليست روسيا أو الولايات المتحدة أو أية دولة أخرى.
سيريان تلغراف