فرنسا قرّرت محاربة الإرهاب. هذا ليس تندرا. بالفعل قرر هولاند محاربة الإرهاب في مالي لأنه لايريد أن يتحول هذا البلد إلى مركز لتنظيم (القاعدة) كأفغانستان. من وجهة النظر الفرنسية منعت قواتها وعددها كان في البدايه حوالي 1500 جندي سقوط مالي في ايدي ارهابيي منطقة الساحل الذين يريدون تحويل هذا البلد الحليف لفرنسا الي معقل ارهاب تعد منه عمليات ارهابية ضد فرنسا في افريقيا وفي فرنسا. والرئيس الفرنسي اتصل بالرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقه الذي اكد له اغلاق الحدود وأذن بمرور الطيران فوق الاجواء الجزائرية. واتصل بالعاهل المغربي محمد السادس وتناول الموضوع في لقاءاته مع قادة الامارات.
تقدم الجهاديين في الساحل أرّق مضجع هولاند، ففي مالي جالية فرنسية مهددة قوامها ستة آلاف شخص، وهو يدرك أن حلفاءه في بلدان الربيع العربي سيرون في تصرّفه استعمارا فرنسيا، لكن هولاند رجل مبدئي وذكي يستطيع التفريق بين الحليف والإرهابي. القوى الإسلامية اليوم دارجة وهو مؤيد لديمقراطية الإخوان وحرية الجهاد لكنه لايسمح بقتال نظام حليف للغرب وله بالدرجة الأولى، ومن يخالفه فهو بلا شك إرهابي. بالطبع من يقاتل أي نظام لايخضع للغرب يكون معارضا وديمقراطيا وبالتالي حليفا، ولذلك لم تفكر فرنسا بمحاربة الإرهاب قبل قصفها لليبيا ولاتفكر اليوم أثناء دعمها للمعارضة السورية مع أن أعلام تنظيم (القاعدة) ظهرت في سورية كما ظهرت في ليبيا.
الولايات المتحدة حاربت الشيوعية في القرن الماضي فصنعت التكفيريين لمواجهة الاتحاد السوفيتي في أفغانستان وكل البلدان الأسلامية. ورغم تصنيفهم في فئة الأعداء بعد الحادي عشر من سبتمبر إلا أن التحالف لايزال قائما، وظهر واضحا في أحداث الربيع العربي لاسيما من خلال الدعم الذي يتلقاه الجهاديون في سورية من الولايات المتحدة والناتو وخاصة من حلفاء أمريكا في الخليج.
أما إعلان فرنسا الحرب على هؤلاء التكفيريين، فعملية إعادة توزيع للقوى. ففي مالي علاوة على السلفيين المحليين توجد مجموعات سلفية من المغرب العربي وجزء كبير منها يشكله جهاديون جزائريون قاتلوا النظام في الجزائر ثم هربوا الى مالي، والقسم الاخر جهاديون انتقلوا من ليبيا. باريس لاتحتاج إلى مساعدة سلفية للسيطرة على مالي، لكن التكفيريين يمكن أن يقوموا بدور لايستهان به لإضعاف بلد آخر ودفعه إلى التسليم، أي أن المجموعات الإسلامية التي ستتراجع أمام جبروت القوات الفرنسية يجب أن تعبر الحدود الجنوبية للجزائر، ولن أستغرب إذا تحولت المجموعات الإرهابية في مالي إلى معارضة جزائرية مدعومة غربيا وحتى فرنسيا بمجرد عبورها الحدود.
لاأعرف من التاريخ أي نزاع كان فيه الغرب إلى جانب الشعوب وحقوقها المشروعة، بل هو دائما إلى جانب مصالحه لايتورع عن أية ممارسات في سبيلها.
رائد كشكية
(المقالة تعبر عن رأي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)