عندما كان العالم بأسره يحتفل بعيد رأس السنة الميلادية ، كانت رحى الحرب في سورية تواصل دورانها. ومن الجدير بالملاحظة أن الشهر الأخير من السنة المنصرمة كان حارا على غير المألوف، سواء لجهة الحرب الفعلية أم لجهة الحرب الإعلامية. وإذا قارنا معارك الأشهر الأخيرة وتلك التي جرت في الصيف الفائت، لبدت الفروق جلية حتى للعين المجردة. لقد ولى زمن التمشيط الدقيق ، وحل محله العمل حسب خطط تشبه تلك التي ابتدعها الجيش الروسي في الشيشان، إذ تتقدم مجموعات صغيرة من المدرعات أمام جنود المشاة لإسكات مصادر النيران التي يتم اكتشافها. وبالرغم من ذلك ، ومقارنة بما شهده الربيع الماضي، فقد تدهور الوضع البلاد. وتوضح الصحيفة أن مسلحين جددا يأخذون مكان آلاف القتلى والجرحى من المعارضة المسلحة. ويرى البعض أن رفد جيش المعارضين يأتي من تركيا، فالحدود مع هذا البلد طويلة جدا يصعب على الجيش السورية مراقبتها كما يجب.
ومن جانبها لا تقتصر روسيا على تقديم الدعم الدبلوماسي لحليفتها سورية ، فمنذ وقت غير بعيد يلاحظ حضور دائم لمجموعة من السفن الحربية الروسية على مقربة من الساحل السوري. ومن حين لآخر تتغير تشكيلة هذه المجموعة ، غير أنها لا تخلو ابدا من سفن قتالية، وأخرى كبيرة لقوات الإنزال.
وتوجد هناك الان مجموعة من 16 سفينة بينها طراد مزود بالصواريخ، وسفينتان كبيرتان مضادتان للغواصات، وسفينتا حراسة، و5 – 6 سفن إنزال كبيرة، وسفن إسناد، وعدد غير معروف من الغواصات التي تشكل قوة الأسطول الضاربة. وتحمل سفن الإنزال عسكريين من مشاة البحرية وقوات الإنزال. وتفيد بعض المعلومات أن هذه المجموعة قد تعزز خلال فترة قصيرة بقوى إضافية إذا اقتضى الأمر ذلك.
وثمة رواية شائعة جدا مفادها أن سفن الإنزال الكبيرة ضرورية لإجلاء المواطنين الروس من سورية، فعدد هؤلاء بلغ حوالي 140 ألفا قبل الحرب. ولكن لو افترضنا أن نصفهم غادروا البلاد خلال هذه الفترة، فإن كل الأسطول المتواجد هناك لن يكون كافيا لإجلائهم، ناهيك عن استحالة الإجلاء بواسطة سفن كبيرة مليئة بجنود الإنزال والمعدات الحربية، إلا إذا اقتصر الأمر على بضع مئات من الأشخاص، فربما كان ذلك ممكنا.
أما الرواية الأقرب إلى الواقع فهي التي تقول إن هذه الوحدة البحرية الروسية ضرورية للتدخل السريع في النزاع إذا تطور الوضع لغير صالح دمشق. وستتضح كيفية هذا التدخل من خلال المناورات الروسية – السورية المشتركة التي ستقوم بها هذه المجموعة، وعمليات الإنزال في مناطق مختلفة من سورية بدعم من السفن الحربية.
هذا وسيكون بوسع مشاة البحرية وقوات الإنزال السيطرة على مناطق تمركز ومطارات لنقل قوات إضافية، أو لإجلاء الناس.
إن تحركات هذه المجموعة قد تشكل عامل ردع يمنع تركيا، مثلا، من ارتكاب أخطاء فاحشة. ومن الجدير بالذكر أن وسائل الإعلام التركية والأذربيجاينة تتحدث عن تحذير صريح لنائب وزير خارجية تركيا سينيرلي أوغلو اثناء زيارته موسكو مؤخرا، من أن روسيا لن تسمح بالتدخل الخارجي في النزاع السوري، وسوف تتخذ تدابير صارمة ردا على ذلك.
سيريان تلغراف