كشف تقرير استخباري تلقته وزارة الخارجية الأمريكية في الأسبوع الماضي عن تزايد المخاوف من سيادة الفوضى المتنامية في المناطق التي تمتد من حلب حتى الحدود التركية. هذه الفوضى قد تحوّل البلاد إلى “دولة فاشلة” إذا لم تبدأ عملية انتقال سياسي منظم في القريب العاجل بديل لحكم الرئيس السوري بشار الأسد.
وذكرت صحيفة “واشنطن بوست” أن مصادر سورية تتعاون مع “الجيش السوري الحر” هي التي أعدت التقرير عن الوضع في تلك المناطق، حيث فقد الجيش النظامي أغلب سيطرته هناك. ويرسم التقرير صورة قاتمة للمسلحين غير المنظمين وجشع بائعي الأسلحة وأمراء الحرب الذين يسعون إلى تحقيق أرباح مالية.
ويذكر التقرير أنه في ظل هذه الحالة الفوضوية تكتسب “جبهة النصرة” التي تتبع للقاعدة شعبيتها. ويرى الكاتب ديفيد إغناسيوس في “واشنطن بوست” أن الفراغ الأمني في مدينة حلب يبدو وكأنه ساعد على بزوغ نجم “جبهة النصرة” ليس فقط من خلال أعمالها في ساحة المعركة، ولكن من خلال رفضها الانخراط في عمليات النهب، مشبها “الجبهة” الاسلامية في تنظيمها، بحركة “طالبان” في أفغانستان.
وتقول الصحيفة إن الفوضى العارمة في سورية تبرز مشكلة أخرى تتمثل في أنه في الوقت الذي تطاح فيه الدولة البوليسية من خلال الغزو الأجنبي أو الحرب الأهلية، فإن الإطار الأساسي للقانون والنظام يمكن أن يختفي أيضا، وهو ما حدث في العراق وليبيا، ويحدث في سورية الآن.
وأكدت الصحيفة حاجة الولايات المتحدة وحلفائها إلى دعم مراحل انتقالية أكثر استقرارا للسلطة، وتتضمن الحفاظ على المؤسسات الوطنية، مثل الخدمات الحكومية والجيش، مع نقل مسؤوليتها إلى قيادة جديدة أكثر ديمقراطية.
ويرى التقرير أن محاولات البيت الأبيض التي وصفها بـ”الفاترة” في التعامل مع عملية الانتقال السياسي في سورية، لم تحقق الهدف من تأسيسها، وهو تعزيز القيادة المنضبطة ووضع بعض الأسس لعملية انتقالية منظمة. إذ انتهى المطاف، كما يقول التقرير، بحل العديد من هذه المجالس، لأنها عجزت عن تحقيق أهدافها. وعزا التقرير ذلك جزئيا إلى أن الولايات المتحدة وحلفاؤها لم يستخدموا هذه المجالس بفاعلية لتقديم المساعدة إلى المسلحين.
وقال التقرير إن “هناك مئات من المجموعات المسلحة التي تتشكل كل منها من 10 إلى 20 مسلحا تنتشر في كافة مناطق حلب، وإن الجيش الحر قد تحول إلى مجموعات متمردة غير منظمة مخترقة بأعداد كبيرة من المجرمين، وإن كافة جهودنا مع المجالس العسكرية قد ألغيت، وأمراء الحرب هم الموجودون واقعيا على الأرض”.
ويؤكد التقرير أن انتهاكات المتمردين المسلحين أصبحت ظاهرة طبيعية لا سيما ضد المدنيين، بما في ذلك أعمال السلب والنهب للمعامل الخاصة والعامة، والمخازن، والمنازل، والسيارات مثل نهب مرافق شركة النفط السورية ومخازنها، وبيع الحبوب المهربة إلى وسطاء أتراك، ما فاقم معاناة المواطنيين”.وقال التقرير إن أسعار غاز الطهو قد ارتفعت ثمانية أضعاف، وزيت وقود التدفئة والبنزين ارتفع بنحو هائل، وارتفعت أيضا أسعار الخبز.
سيريان تلغراف