Site icon سيريان تلغراف

بندر بن سلطان يطلب مهلة جديدة للحسم وحلفائه يقولون ” لو بدها تشتي غيمت” .. بقلم خضر عواركة

بين  المسؤولين الفرنسيين من تفرحه عودة العسكريتاريا الخارجية لدولة اول من نسي انها عظمى هم اهلها الذين يعانون من مشاكل حياتية  تشغلهم عن الاهتمام بترف السياسة.

وبعض المسؤولين وكثير من المراقبين الفرنسيين من طبقة المثقفين والعارفين يسألون : اين مصلحة فرنسا فيما يجري في سورية ومالي وليبيا وتونس ومصر والعراق ؟

منذ الحرب الاخيرة التي ربحها الكورسيكي نابوليون باسم الفرنسيين (وهم قوميات لا يعتبرها الكورسيكيون قوميتهم) وحتى اللحظة لم تربح فرنسا حربا واحدة خاضتها بقواتها .

تاريخ الهزائم في فرنسا طويل لذا كلما دخلت البلاد في مسار التورط في اعمال عسكرية خارجية عادت الذاكرة الجمعية الى ذاك التاريخ الذي لم تسلم منه حتى عاصمتهم، التي داس فخرهم بها النازيون ،الى ان جاء الاميركي وانقذها وانقذهم.

موظف كبير في مؤسسة فرنسية سياسية بحثية خاصة  يقول:

” شاركنا في الحرب على ليبيا ولم نقطف ثمار فعلتنا بل الاميركيون فعلوا، ونشارك في الحرب في سورية ، وسنقطف اشواكها فقط ،والاميركيون هم من يفاوضون الروس على مصالحهم ، دون ان يضعونا حتى في تفاصيل الاتفاقات السرية التي يجري تظهيرها في الاجتماعات العلنية لاغراض  سياسات العلاقات العامة لكل من الادارة الاميركية وموسكو .

نضرب في مالي وكأننا ” البلطجي ” الذي يرسله ” الازعر ” الاميركي ليؤدب بنا ضحايا ، فنحصل نحن على اللعنات وعلى فتات لا يسمن، ويقطف الاميركي جهدنا وتعبنا بشكل شبه مجاني ” .

ويتحسر محدثنا على فرنسا وعلى سياسات لن تفيد الفرنسيين بشيء سوى في وضعهم في موضع ” كيس الملاكمة “

فيقول:

” ارسلنا الى المقاتلين السوريين صواريخ مضادة للطائرات حصلت عليها استخباراتنا من مخازن الجيش الليبي السابق  لتسقط طائراتنا في مالي والصومال بنفس الاسلحة التي سلمناها في تركيا لمندوبين قطريين وسعوديين يتعاملون ماليا مع مصادرنا الليبية !!

يشبه الامر اطلاقنا النار على رؤس طيارينا”  ! يختم المصدر.

زميل صحافي من خط يمين الوسط المعارض للرئيس هولاند يوافق على تحليل الباحث الخبير ، ولكنه يضيف :

” كان علينا ان نتخلص من (الرئيس) بشار الاسد حين زارنا في باريس في ايام صداقتنا له ” !!

تصريح يظهر يأس المتعاطفين مع المعارضين السوريين من نهاية تسعدهم وتريهم ما يحلمون به وقد اصبح واقعا ….اسقاط الاسد .

الخطاب الاخير للرئيس السوري استفز مشاعر الاحباط لدى كل من يعتبر نفسه معنيا بمعركة الاوروبيين ضده في قلب الواقع السوري. يقول الصحافي الفرنسي اليائس :

” سنتان من الجهود ، ولا يزال الرجل  (الرئيس السوري ) يتحدث وكأنه يملك زمام المبادرة ” !!

خطاب  الرئيس الاسد في الاوبرا الدمشقية لم يسبب الحرج للمعارضين السوريين ، فقط فالنخب الفرنسية على سبيل المثال،  لم تفهم حتى اللحظة سبب انشغال حكوماتهم ورؤسائهم واعلامهم بـ(الثورة السورية ) وبمصير المدن السورية وبالمعارضة السورية ، ما دام الرئيس السوري قادر بعد سنتين من بدء الازمة  على الظهور وسط عاصمته ليلقي خطاب قوة وتحدي لا خطاب ولولة واستسلام (…)

ويتحدث مراقبون فرنسيون بغضب:

ماذا لو قرر حلفاء الاسد الاقوياء  نقل المعركة الى باريس والى مدن فرنسا ؟؟

وما هي الاثمان التي كسبناها في سورية  لكي ندفع في المقابل من امننا ومن سلامة حياتنا !!

تعود الذاكرة بهولاء الى الحرب الايرانية العراقية التي انتقلت الى شوارع باريس والى احيائها من خلال التفجيرات المتكررة التي حصلت خلال الثمانينات على يد تنظيمات جعلت من مساندة الفرنسيين لصدام حسين سببا  وتبريرا لممارسة العمل الارهابي في قلب المدن الفرنسية

نجحت روسيا في تهدئة ردود الافعال السورية الايرانية ضد باريس ولندن ووشنطن وتل ابيب ، فماذا لو توقف الحلفاء عن تلقي الضربات وقرروا رد الزيارات التي قامت بها الاستخبارات والقوات الخاصة الفرنسية الى الاراضي السورية حتى الان؟

حيرة النخب الفرنسية المهتمة بالسياسات الخارجية زادتها فضيحة فرنسية تتناقلها اوساطهم بكثافة ، فبعد  ظهور فضيحة للمخابرات الفرنسية في احدى المجلات الفرنسية العريقة و الرصينة في متابعتها لشؤون العالم الثالث (افريك ازي) يتسائل هؤلاء :

” هل في القصر الرئاسي دماغ يفكر في مصالح فرنسا ام يفكرون فقط في ارضاء الاميركيين ” ؟

الفضيحة وردت في تقرير مفاده ”  ان مصالح فرنسا الامنية تلقت ضربة قاصمة بتخليها عن تعاون امني ضد الارهاب كان قد وصل الى مستويات عالية مع سورية ” .

اضغط هنا للوصول الى رابط التقرير – الفرنسي

تقرير إنتقل تأثيره الى معظم المواقع الاخبارية الفرنسية المعارضة للتدخل الفرنسي الخارجي ضد سورية او ضد مالي ، وهو  يصف الغباء الفرنسي في التعامل مع مصالح الشعب. والمضحك المبكي هو تحول مضمون التقرير الى مادة للسخرية من السلطات الفرنسية . مقدم  اكثر العروض الكوميدية في القنوات الفرنسية تناول التقرير في برنامجه (لو فو دو فيلاج) فقال :

” اذا كنت ممن انقذ الشعب الفرنسي من عملية ارهابية كادت تودي بمئات الضحايا المدنيين الفرنسيين فعليك ان تحذر من المكافأة الفرنسية ….سوف يضعونك على لائحة العقوبات ويمنعونك من دخول فرنسا ”  !!

التقرير كان قد كشف عن ان جهات فرنسية امنية تابعة لشركات صناعة الدواء كانت قد ارسلت كتب شكر الى احد الشخصيات السورية الامنية المسؤولة عن تدمير مصانع ادوية مزورة تابعة لمافيات دولية مرتبطة بتمويل الارهاب في عدد من الدول العربية والشرق اوسطية ، كما كشفت عن دور تلك الشخصية في احباط هجوم ارهابي على مترو باريس وعلى السفارة الفرنسية في دمشق.  وبعدما ارسلت  كتب الشكر والعرفان وضعت فرنسا والاتحاد الاوربي امنيين سوريين بينهم العميد حافظ مخلوف على لوائح العقوبات بسبب مصالح اميركية تبتغي الضغط على سورية، مع ان مصالح فرنسا تفرض عليها التعاون مع سورية امنيا لا التصادم معها.

سيناريوهات بندر الفاشلة

هناك مثل بين منتشر بين صحافيي العالم الثالث المقيمين او الزائرين لباريس ،”  لا داعي للتجسس في العاصمة الفرنسية فيكفيك ان ترافق صحافي ثرثار على مائدة وكأس لتكشف الاسرار “.

الصحافي المطلع المهتم بسورية من منطلق حرصه على هيبة فرنسا التي يراها قد فشلت في الحفاظ على مصالحها في بلاد الشام يكشف بأن رجال الاستخبارات الفرنسيين والاميركيين ورجال بعض دول اوروبا والخليج يشاركون في اجتماعات تنسيقية دورية في عدد من العواصم لتحديد مسار العمل الميداني في سورية ويتابع :

” إن لدى الاطراف المذكورة انفا سلسلة من المهمات التي ينفذها كل طرف على مسؤوليته،  واغلبها ميداني مرافق للالوية الثورية التي تقاتل ” جيش الاسد ” (والوصف للمصدر).

في المقابل لدى الاستخبارات محللون استراتيجيون يتعاطون مع الشأن الميداني في سورية من منطلق الحقائق والوقائع وهم يميلون (من الجانب الفرنسي) الى قناعة اصبحت اكثر انتشارا حاليا تؤكد ” ان الحل العسكري لاسقاط الرئيس بشار الاسد هو خيار فاشل، لا بسبب الدعم الروسي الهائل ولا بسبب تسخير كل من ايران والعراق لمواردهما لدعم النظام الحاكم في سورية بكل ما يحتاجه للصمود والبقاء ، بل ان السبب الاول هو ان مزيجا من الخوف من المجهول عند بعض فئات (الشعب السوري) والولاء المطلق من اغلب العسكريين ( للرئيس )بشار الاسد جعلت من دعامتي النظام (الشعب والجيش) تمدان في حياته.

الصحافي الذي تحدث بتفاصيل يعرفها من مصادره الخاصة يتابع فيقول:

   ” الوقائع اظهرت ان انتصار الثوار واغلبهم متطرفون دينيا يدينون للقاعدة بالولاء يعني مستقبلا اسودا للاغلبية الدينية في سورية فكيف ستكون حال الاقليات؟! هذا الواقع اعاد فئات كبيرة من الشعب السوري الى المجاميع المحسوبة على انصار النظام ورئيسه”.

ويتابع المصدر: ”  سنتين من القتال لم تنهك الا جزءا من قوة (النظام ) العسكرية . وهو لم يستخدم كل القطعات الفاعلية عملياتيا واستغنى عن كثير من النقاط والثكن والمواقع لصالح السيطرة بالنار ، ووفر امكانيات ورجال كان يمكن ان تشارك في الحرب الآن ، ويبدو ان الهدف من ذلك هو التحضير لما اكبر من مقاتلة المسلحين المحليين المدعومين من الخارج.

وينقل الصحافي عن مصدرفرنسي مطلع على الشؤون الامنية في سورية فيقول:

يتعامل الرئيس السوري وكأن الحرب لم تبدأ بعد، لذا يظن الكثيرون انه يجهز لاشعال حرب اقليمية ويتوقع الجميع ان الوجهة ستكون اسرائيل وليس تركيا !!

ويؤكد الصحافي الفرنسي فيقول:

” كان الاميركيون جاهزون لقبول حل سياسي يلحظ بقاء الاسد حتى نهاية ولايته كما يطالب الروس ، منذ ما قبل الانتخابات الرئاسية الاميركية،  ولكن وعود السعوديين (بندر بن سلطان) بحسم عسكري في بعض المناطق الرئيسية مثل دمشق وحلب ، جعل الاميركيين يؤجلون الحل، لا بل إن بندر بن سلطان طلب مهلا محددة لاغتيال الرئيس السوري بهدف حسم الحرب بازاحته من الصورة، وقد مرت الوعود (البندرية) واحدا تلو الاخر،  وسقطت رهانات الامير الاسود السيرة والسلوك  يوم سقوط خلية كبيرة (تضم العشرات من العناصر المدعومة باختراقات خطيرة والتي تملك مقرات امنية في ابنية تحيط ب طرق اكثرها اهمية طريق المزة الرئيسي الموصلة الى قصر الشعب واخرى كانت تكمن في المالكي ) وكانت تلك الخلايا الارهابية النائمة  تسعىى لتنفيذ الاماني البندرية . صدى عملية القبض على تلك الخلايا وصل الى الولايات المتحدة فعدلت عن خطتها التي تعتمد المماطلة مع الروس في الوصول الى حل سياسي.

تأكد الاميركيون وكذا حلفائهم ان كثافة عدد المعتقلين من عناصر الخلايا النائمة التي زرعها بندر بن سلطان في اهم نقاط العاصمة السورية دمشق يجعل من انتظارهم لخطته المزعومة للحسم امرا غير ذي جدوى….لذا يعتقد الفرنسيون العارفون بالوضع السوري ان قطار الحل انطلق، وما قيل عن فشل في جنيف 2 ليس سوى الغبار الذي سيغطي الانسحاب الاميركي من التصلب.  والجعجعة الكلامية ليست هي المعيار بل ما يجري في الغرف البعيدة عن الاعلام ، وعن مشاركة التافهين الغير فاعلين في مسار الاحداث من امثال الاخضر الابراهيمي.

خضر عواركة | عربي برس

Exit mobile version