لعبت الاجهزة الامنية المعادية لسورية على وتر طائفي نجح ، في العراق وفي لبنان ، في حشد التأييد لعملاء الاميركيين ، وقد نجح التحريض الاعلامي الطائفي ، وخاصة ذاك الذي شارك فيه رجال دين يعتبرهم المواطنون السنة مرجعيات ، في تأليب جموع السنة اللبنانية ضد المقاومة وضد سورية وفي الوقت عينه تحول اولئك المعادون بالفطرة لسياسات الادارات الاميركية المتعاقبة الى متقبلين لحلف غير وطني بين شخصيات يعتبرونها ممثلتهم مع شخصيات معروف عنها انها تمثل مصالح اميركا واسرائيل .
لا بل إن تيار المستقبل اللبناني لعب دورا يشبه دور جيش لحد في كثير من الاحيان وامر زعيمه المحلي فؤاد السنيورة في حرب 2006 بمصادر اسلحة المقاومة وصواريخا في خضم المعركة الفاصلة في لبنان دون ان يلقى اعتراضا من مؤيديه من السنة وهم اغلبية في اوساط الطائفة السنية في لبنان .
في سورية استخدمت الولايات المتحدة وحلفائها اسلحة طائفية ثقيلة على رأسها رجال دين من السنة (وإن كان اغلبهم صنيعة للاعلامين المعلب كما هو حال يوسف القرضاوي الذي لم يكن يتمتع بأي شعبية قبل ان تسوقه قناة الجزيرة طوال عقد ونيف من الزمن) لكن هؤلاء فشلوا فشلا ذريعا في زيادة شعبية المعارضين الموالين لحلف الناتو ولأميركا التي تعتبر اسرائيل ربيبتها وثابتة سياسية وامنية تعلو مصلحتها فوق مصالح اي حليف اخر للأميركيين .
النجاح في التحريض الطائفي في لبنان وفي العراق لم يجد له تؤأم سيامي في سورية ، التي تتعرض منذ سنتين لعملية امنية – اعلامية – عسكرية تصل مقدرات الدول التي تشارك فيها الى اضعاف اضعاف ما بذلته القوى المتحاربة في الحرب العالمية الثانية وفي الحرب الباردة من جهود .
ومع ذلك ما لم يفهمه حتى اللحظة خبراء العمليات النفسية في العالم الغربي هو التالي :
لما كانت كل الدعاية التي يمارسها الاعلام المعادي لسورية مستندا الى “التحريض” باسم اضطهاد اقلية علوية للأكثرية السنية ، فكيف لا يزال حتى الان اغلب السنة من مؤيدي الرئيس بشار الاسد ؟؟
وكيف فشل التحريض الاعلامي في تبديد شعبية الرئيس السوري في اوساط يفترض المعادون لسورية انها اوساط من المحتم لها ان تستجيب لدعوات الثورة والانتفاضة ؟
ولماذا سقطت كل مساعي الغربيين وعملائهم العرب في نقل ولاء السنة السوريين من موالاة الاسد الى موالاة عملاء الاميركيين كما حصل في لبنان وفي العراق ؟؟
في نفوس اهل السنة والجماعة في سورية كما في نفوس كل السوريين مشاعر طائفية ، ومن عادة الطوائف على مر التاريخ ان تعتبر نفسها صاحب الحق وغيرها صاحب الباطل ولكن في سورية حديث اخر عن الطائفية والطوائف ، حديث عنوانه ، دمشق وحلب والرقة والحسكة والقامشلي وغيرها من المناطق التي توالي النظام باغلبية سكانها وهم في الغالب من السنة .
واقع يجعل حيرة الغربيين امرا لا مفر من الاستسلام له ، وسؤالهم سيبقى بلا جواب …. “لماذا حتى الساعة يمكن التأكيد على ان اغلبية اهل السنة والجماعة في سورية هم من مؤيدي الرئيس السوري بشار الاسد” !!
امر يرى فيه الخبراء فشلا للسياسات الغربية والعربية ونجاحا للسياسات التي مارسها الرئيس بشار الاسد قبل حصول الازمة في بلاده فهو وعلى العكس من الدعاية التي تشنها ضده وسائل اعلام اعدائه ، شخص غير طائفي ولم يتعامل يوما مع السوريين من مبدأ طائفي ، وقد فرض على مسؤولي الدولة في بلاده التصرف بشكل غير طائفي ، لا بل أن كبار موظفي الامن والمخابرات الذين يعتبرهم الغرب مفتاح صمود الادارة السورية الحالية هم من “السنة” ، وكذا اكبر داعمي النظام السوري من الاقتصاديين ومن العسكريين .
حلب مثالا : ثلاثة ارباع السنة في حلب …. قائدنا للأبد بشار الاسد
في سوق مزدحمة في سوريا يتّجه زوجان متأنقان إلى مراسل أجنبي لدسّ ورقة في يده ، هذه هي طريقة الاستغاثة الصامتة في مواجهة خوف أصبح الصحافيون ، الذين يزورون سوريا ، معتادينه . في هذه الورقة شكوى من الفوضى التي أحدثتها الانتفاضة ، وآمال بأن يهزم الرئيس السوري بشار الأسد “الإرهاب” .
قال الزوجان “كنّا نعيش في سلام وأمان إلى أن وصلت إلينا هذه الثورة اللعينة.. ندعو الله أن يساعد النظام على محاربة الجيش الحر والإرهاب.. نحن مع سيادة الرئيس بشار الأسد للأبد” . ورغم أنّ البعض قد يظنّ أنّهما من جهاز الأمن الذي يريد أن يشوّه صورة مقاتلي المعارضة ، فإنّ هذه المشاعر ليست نادرة في حلب .
وبينما تواصل القوات الحكومية القتال في أجزاء من المدينة ، تتعالى الشكاوى في مناطق تخضع لسيطرة مقاتلي المعارضة منذ ستة أشهر أو أكثر من افتقار مقاتلي المعارضة إلى النظام وقيام بعضهم بالسلب ، وانعدام الأمن ومقومات الحياة .
وإدراكاً لهذه الريبة ، شكّلت وحدات مقاتلي المعارضة هياكل للقيادة والحراسة كنواة لمؤسسات قد تدير يوماً البلاد بأكملها . لكن بالنسبة إلى من يخشون ما هو أسوأ في سوريا ، فإنّ ما يظهر من دلائل في حلب على أن تلك المؤسسات الجديدة ليس لها أثر فعلي يذكر على فصائل المقاتلين المتناحرة لا ينبئ بخير .
ومن ناحية أخرى ، تزداد العلاقات توتراً بين مقاتلي المعارضة وسكان حلب . وأقرّ بعض قادة مقاتلي المعارضة بوجود مشكلات داخل الجيش الحر . لكنهم ألقوا بالقدر الأكبر من اللوم على “العناصر الفاسدة” والانتهازيين ، وقالوا إنّ خطوات تتخذ لوضع الأمور في نصابها .
أبو أحمد ، الذي يرأس وحدة من 35 فرداً من لواء التوحيد ، يقول : “هناك فساد كبير في كتائب الجيش السوري الحر… سرقة وقمع… لأنّ هناك متطفلين دخلوا هذا الجيش” . ويرى أبو أحمد ، الذي ينحدر من بلدة صغيرة على الحدود مع تركيا، أنّ أغلب سكان مدينة حلب غير متحمسين تجاه الانتفاضة السورية . ومضى يقول “ليس لديهم فكر ثوري” ، كما قدّر نسبة التأييد للأسد في حلب بنحو 70 في المئة بين سكان المدينة . وأكّد أنّ “الجيش السوري الحر فقد الدعم الشعبي” ، وأضاف أن لواء التوحيد يسعى الآن لتوفير خدمات مثل إعادة إمدادات الكهرباء ومواجهة نقص الخبز .
الملازم المنشق محمد طلاس ، قائد لواء “صقور الشهباء” المؤلف من 500 رجل ، يلقي باللوم على “بذور فاسدة” لا تخضع لأيّ تدقيق ، ويضيف : “هناك ألوية تنهب الناس… أيّ شخص يمكن أن يحمل بندقية ويفعل ما يريد ، ومع استمرار الحرب ، ورغم جهود بعض القادة لإحداث قدر من النظام ، بدأ صبر سكان حلب على الجيش السوري الحر ينفد” .
قال أبو ماجد ، 48 عاماً ، والذي كان يعمل في أحد مصانع النسيج في حلب ، “لا يهمنا شكل النظام… نحتاج إلى الأمن والأمان” ، وحمّل مقاتلي المعارضة مسؤولية الحال المزرية التي صارت عليه المدينة ، وقال “عدنا إلى العصر الحجري ، لا بدّ أن يكون للجيش السوري الحر قيادة منظمة ، في البداية احتشد الناس حولهم ، والآن أصبحوا مستائين من الثوار” .
بدوره، يروي الطيّار أبو مروان أنّ “صورة الجيش السوري الحرّ اهتزّت جداً” ، ومضى يقول “بعد أن اكتسب سمعة دولية باعتباره جيشاً يحارب من أجل الشعب السوري ومن أجل سوريا ، سبّبت كلّ هذه الأمور وكلّ هؤلاء الأشخاص اختلاف النظرة إليه” .
سيريان تلغراف | رويترز